أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نائل الطوخي - ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكاتيرات المعادية لليهود















المزيد.....

ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكاتيرات المعادية لليهود


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1517 - 2006 / 4 / 11 - 10:41
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بين الجد و الهزل أقيمت في الأيام الماضية مسابقة لأفضل الرسوم الإسرائيلية المعادية للسامية, أقامها الناشر أميتي ساندي و الممثل أييل زوسمان, و هما يهوديان إسرائيليان. يبدو عنوان المسابقة غريبا و استفزازيا, بالنسبة للإسرائيليين و اليهود, و بالطبع, يبدو مرتبطا بشكل قوي بالرسوم الكاريكاتيرية عن الرسول, إذ لا يتحرك إلا في إطار رد الفعل على تلك الرسوم. يمكن التساؤل عن الهدف من هذه المسابقة, المسابقة التي أعلنت عن منح جائزتها لأفضل الرسوم التي تصور اليهود بشكل مشين, مما حظى به رسم غريب, للرسام آرون كيتس, اليهودي المقيم في لوس أنجلوس, يصور يهوديا (ذا قبعة أوروبية و سوالف طويلة.. فيما يعني ليس فقط تدينه و لكن انتماءه إلى أوروبا, أي أنه يهودي "منفوي" و ليس إسرائيليا) يعزف على قيثارة و في الخلفية يرتفع الدخان من برجي مركز التجارة العالمي, إشارة إلى نيرون الذي يحرق روما. و ليس هذا فقط, بل أن شعار المسابقة شكله أميتي ساندي من ثلاث كاريكاتورات نازية, تظهر يهوديا قبيحا يبسط يديه فوق الكرة الأرضية التي تحترق. وقد ظهرت واحدة منها على حد قول أميتي ساندي في صحيفة يهودية تصدر بلغة الييدش.
و عن دوافعه يقول أميتي ساندي في حوار مع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: "نعتقد أنه من السهل جدا السخرية من الآخرين, غير أنه أكثر إثارة للتحدي أن تعثر على نقطة ضعفك, و قررنا أن نعطي نموذجا شخصيا. معاداة السامية هي أمر واقعي, و لذا فبعد أن سخر الدانمركيون من المسلمين و بدأ المسلمون في إطلاق نكات عن الهولوكست قررنا فحص حدودنا. قمنا بدعوة رسامي الكاريكاتورات و المصورين لتقديم رسوم كاريكاتيرية معادية لليهود. إننا سعداء لتجديد مخزون أشكال معاداة السامية."!!
و قد قدم للرسام الفائز, آرون كيتس, جائزة مالية قدرها ستمائة دولار, أعلن هو أنه سيتبرع بنصفها إلى منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" و النصف الآخر لوكالة مساعدة يهودية لضحايا المذبحة الجماعية في دارفور, هذا بعد أن كان قد أعلن عن أن جوائز المسابقة ستكون عبارة عن رسوم كاريكاتيرية و قصص كوميدية قصيرة تعبر عن "كراهية اليهود بالشكل الأكثر قوة." و من بين الجوائز الفخمة بالطبع كما أعلن أميتي ساندي بسخرية: "فطائر مخبوزة بدم الأطفال المسيحيين". في إشارة إلى التهمة التي التصقت باليهود فترة طويلة و هي قتلهم الأطفال الصغار و الرهبان لكي يخبزوا على دماءهم فطائر عيد الفصح.
و قد عبر أميتي ساندي عن سعادته بنجاح المسابقة قائلا: "أضحكنا ملايين البشر و جعلناهم يفكرون. في المقابل نجحنا في تحريك بعض المحافظين و كان هذا رائعا."
***

ترون إذن كم أن الموضوع مستفز, فالأمر لا يتعلق بإدانة إسرائيل أو الصهيونية و إنما بإدانة اليهود جميعا, و هو صادر ليس فقط من قبل يهود آخرين و إنما من عمق الدولة التي اعتبرت نفسها ممثلة لليهودية, إسرائيل. لنلاحظ أن ثمة أمور تجعلنا نأخذ هذه الرسوم بحذر, أولها قبح التندر على أتباع دين كامل كاليهودية, (هذا أمر إنساني يعرفه المسلمون جيدا, فهم ضحايا لعنصرية شبيهة ليست ببعيدة), و ثانيا, النية المبيتة في إظهار التفوق. يقول صانعا المسابقة, أميتي ساندي و أييل زوسمان: "هكذا سيرى العالم كم أننا أناس عقلاء". هذا هو المطلوب: أظهار أن اليهود أناس يتندرون على أنفسهم بلا حساسية كالتي يعاني منها المسلمون. هذا هو أصل المسابقة. دعونا نرى إذن هل نجح هذا الهدف؟
لنلاحظ أنه على طول الردود على مقالين منشورين عن المسابقة في يديعوت أحرونوت, و التي وصلت لمئة و خمسين ردا, كان ما لا يزيد على خمس ردود فقط هي المتعاطفة مع المسابقة, أما الباقي فتراوح بين السباب و الغضب, يساريا أو يمينيا, بل إنه حتى الردود المتعاطفة كانت من قبيل: انظروا كم أننا أفضل من العرب. نحن نسخر من أنفسنا. أي أنه هنا كانت السخرية من الذات تهدف لتمجيدها, كانت سخرية مشروطة و واعية بنفسها إلى درجة مسممة.
لنبدأ بالردود القادمة من اليسار, التي رأت في مسابقة كتلك قفزا على ما هو جدير بالنقد حقا. يقول قارئ: " أن ترسل سهامك تجاه اليهودي المنفوي فهذا أمر يومي قبيح في الثقافة الإسرائيلية. اليهودي المنفوي يُعامل معاملة تقارب المعاملة التي يتلقاها العربي. ها نحن رأينا أن هناك يهود ذوي روح سخرية معادية للسامية, أما السخرية الذاتية من اليهودي العلماني المتخم و المحتل فلم نرها!!" هذا يخدم هدفا صهيونيا طريفا, كأن موضوع الانتقاد هو اليهودي الذي لا يعيش في إسرائيل, أي كأن الدولة الإسرائيلية هي ما تمنح اليهودي حصانة من السخرية, هي المنجاة لليهودي المعاصر. في نفس الوقت اقترح قارئ آخر, بدلا من التندر على اليهود, إقامة مسابقة يكون محورها السؤال عن أغبى رئيس وزراء إسرائيلي.
على العموم فلقد أتى أغلب الغضب على هذه المسابقة من مكان يبعد عن الرغبة في عقلنة الصراع, أي العنصرية. و بدون هذا, كيف يمكننا أن نفهم هذا الرد من قارئة: " يبدو أنكم لا تفهمون ما تفعلونه! أنتم تلعبون مباشرة بجوار الشياطين المسلمين. في مقابل هذا أقترح أنا إقامة مسابقات في كل دول العالم يكون محورها هو الرسوم الكاريكاتيرية ضد الإسلام. هذا ليس دينا و إنما آيات شيطانية, بالضبط كما كتب سلمان رشدي أطال الله عمره."
هكذا فُهمت هذه الرسوم على الفور باعتبارها دفاعا عن الإسلام, مما استلزم معه مهاجمة دين الشيطان هذا!! بل و خطوة أخرى, فلقد تم اعتبار المسابقة شيئا ما ينتمي إلى اليسار, المكروه لهذه الدرجة في الثقافة الإسرائيلية. يقول قارئ آخر: " ليس من حدود لكراهية الذات لدى اليسار الإسرائيلي. في البداية قام بتبرير الإرهاب الفلسطيني. بعد ذلك جاءت هذه المسابقة الغبية. بهذا الإيقاع, أتوقع أن يبرز من بيننا من ينكرون وجود الهولوكست. هذا مخيف."
أي أن هذه المسابقة لم تكن فقط دفاعا عن الإسلام بل إنها تشكل درجة قصوى من تبرير "الإرهاب" الفلسطيني!! و بالمثل, و كما في كل نقاش من هذا النوع, لا يتأخر الهولوكست في الدخول طرفا في النقاش, متبخترا بدلاله! يقول قارئ مخاطبا صانعي المسابقة: "اذهبوا إلى القدس, إلى قبر جدي لتحكوا له كيف تعرضون الهولوكست و كيف تجعلون منه هراء. لقد نجا هو من الهولوكست الذي جاء في أعقاب دعاية شيطانية من العدو. الآن عدو اليهود هو أنتم. من وجهة نظري فأنتم لستم جزءا من الشعب. أتمنى أن يكسروا أرجلكم و أيديكم في كل مرة تعرضون فيها الهولوكست كوسيلة فنية أو دعائية." لنربط هذا التصريح من هذا القارئ برغبته في "تكسير الأيدي و الأرجل" بتصريح صانعي المسابقة عن قدسية حرية التعبير و أنه لا ينبغي منع الرسوم الكاريكاتيرية, و الذي كان مقصودا به بالطبع المظاهرات التي حدثت في العالم الإسلامي ضد الرسوم الدنماركية, هذا فشل و درس مرير تتلقاه المسابقة: اليهود ليسوا ملائكة, و على النقيض من التصريحات, فجزء كبير منهم ليسوا عقلاء أيضا. هم يريدون كسر أيدي من رسموا الكاريكاتيرات.
لم يكن البعض يريد للغضب أن يصل لهذا المستوى, ليس لأجل تنمية الحس الصافي بالسخرية و إنما للهدف الأوضح للمسابقة: إظهار التفوق على المسلمين. و يعلم الله أية سخرية من الذات تنتج في ظل رغبة في إثبات التفوق! يقول قارئ : "ماذا يضر إذا أظهرنا إحساسا بالدعابة؟ من ناحية ربما يستغل العالم هذا الموضوع و يستخف بالهولوكوست, و لكن من ناحية ثانية: سوف نزداد نحن قوة و نتعلم أنه يصعب كسرنا, نحن شعب قوي و مرن يمكنه التعاطي مع كل شيء , و سوف نظهر للعالم العربي ما قبل التاريخي أنه يعيش قبل التاريخ و يبعد عنا بسنوات ضوئية. "
و آخر: " غريب أن كل الردود هنا تظهر اكتئابا كهذا. الفكرة جميلة و تشهد على القدرة العجيبة لليهود على الضحك من أنفسهم و هذا أحد أسباب بقاء هذا الشعب. إذن تعالوا نضحك و نكون أصحاء, و لنترك الاكتئاب و المرارة للإسلام الأصولي إذا أصر. "
غير أن الاكتئاب و المرارة لم يكونا من نصيب الإسلام الأصولي هذه المرة, و إنما من نصيب قارئ إسرائيلي لم يستطع كبح انفعالاته, قارئ إسرائيلي يقول بأسى, برغبة صريحة في إبعاد أي حس ساخر, ضاحك و مرح, عن القضية التي لا يجوز تدنيسها و لو بابتسامة واحدة: "هذا ليس مضحكا. إنه شيء محزن. إننا نجعل من أنفسنا مهزأة."



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأ ...
- أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط
- عن إنكار الهولوكست.. القيم الغربية , إذا كان هناك ما يسمى با ...
- على ضوء الرسوم الدانمركية: عفاريت العنصرية الإسرائيلية تنطلق ...
- عن عملي كتايبيست حقير.. عالم بلا حبر أو دم
- إسرائيل, الجيتو اليهودي المحاط بالرومان و النازيين و العرب
- سوق الكتاب الاسرائيلي.. شكوى من انخفاض النوزيع لعشرين الف نس ...
- في النقاش حول رسام الكاريكاتير الدانماركي: العقم المطلق لحري ...
- عن الأدب الموصوف بأنه عبري. عن الجامعات المصرية و الإسرائيلي ...
- لماذا لا أدلع نفسي؟ لماذا لا أكتب مقالا عني؟
- البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية
- الأديب الإسرائيلي دافيد غروسمان يمزق الضمادات بين الهولوكست ...
- فيلم الجنة الآن للفلسطيني هاني أبو أسعد.. إزاحة الستار عن ال ...
- أن يصبح الجنود الإسرائيليين جنودنا, أبناءنا الوسيمين
- سؤال في هاآرتس: لماذا لا يكون المطرب محمد منير قد مجد الإرها ...
- حوار مع نائل الطوخي في السفير اللبنانية: كلمة السر عندي إربا ...
- تموت أمي فتحيا الكتابة
- كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائي ...
- مجلة ميتاعام الإسرائيلية.. التعاطف مع المعاناة الفلسطينية لم ...
- المسلمون و الأقباط.. من يملك الصوت المصري؟


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نائل الطوخي - ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكاتيرات المعادية لليهود