أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نائل الطوخي - البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية















المزيد.....

البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1434 - 2006 / 1 / 18 - 10:17
المحور: الصحافة والاعلام
    


عندما نقلت كاميرات العالم كلها أخبار الحالة الصحية المتدهورة لشارون و احتجازه في مستشفة هداسا, لازمت أعين كل مشاهدي الكوكب التليفزيون. أراد الكثيرون موتا مدويا له و أراد البعض عجزا دائما يكافئ جرائمه السابقة. لم يخل الأمر كذلك بالطبع من الكثير من الدموع التي ذرفها إسرائيليون عليه, فيما يشهد على المرض النفسي الذي لم يكن أبدا من نصيب شارون وحده و إنما من يجعلونه إلها لهذه الدرجة, سواء كانوا يبكون عليه أم يتمنون عودته لسابق عهده, كما في البيت الأبيض, هو سفاح صبرا و شاتيلا و من أشعل دائرة الدم الأخيرة في الشرق الأوسط كله بزيارة مسلحة قام بها للمسجد الأقصى. هذا الاهتمام غير العادي, التأليه و المرض النفسي يلاحظه الشاعر و الصحفي الإسرائيلي بني تسيبار في نص ساخر له بعنوان "البورنوغرافيا التي تقف وراء قصة الاهتمام بشارون", و المنشور في موقعه الخاص بصحيفة هاآرتس, و الذي يتمتع كجميع مقالاته و نصوصه السابقة بدرجة لا يستهان بها من الاستفزاز للجمهور الإسرائيلي الذي يحب رؤية نفسه في حالة روحانية نقية من الاهتمام الحنون بالرجل الذي قدم الكثير و الكثير للشعب, و حان وقت رد الجميل, و يحب كذلك رؤية اهتمام العالم بمرض رئيس وزرائه على أنه حب دافق لإسرائيل التي تحتل مكان القلب في العالم. يفحص تسيبار هذا الاهتمام و يرده إلى عوامل جنسية منحرفة لدى الشعب الذي ينتمي إليه. يقول:
"انتظرت طويلا أن يقول أحد غيري هذا بدلا مني, و لكن لأن لا أحد قال هذا حتى هذه اللحظة, فلسوف أقوله أنا. نعم, استنتاجي فيما يتعلق بالاهتمام العالمي بصحة أريئيل شارون و التفصيلية المضحكة التي يخرج بها الأطباء إلى ساحة المستشفى, كالساحرات في الأساطير, أو الكهنة في قصص غامضة من العصور الوسطى يتمتمون بكلمات على طريقة هوكوس بوكوس على آذان الشعب الملتاث الذي يستمع لهم فاغر الفم – و يتم بث هذا فورا إلى كل أنحاء العالم. استنتاجي هو, إذا كان الأمر كذلك, فليس هناك من حب مفاجئ من العالم لهذا الرجل, أو لإسرائيل. دعنا لا نخدع نفسنا بهذا الأمر.
الحديث هنا, من وجهة نظري, عن الانشداه الأكثر بدائية للناس أمام ظواهر هجينة أو شاذة, مثل عنزة برأسين أو توأمين سياميين برأسين ملتصقتين, في الماضي البعيد كانوا يعرضونهما في معارض جوالة و يربحون منهما أموالا. رئيس الحكومة – إن كان لا يزال ممكنا مناداته بهذا اللقب في وضعه الحالي – ينتمي, من وجهة نظري, إلى تلك النوعية من الشذوذ الممسوخ, إلى نوع الميت – الحي, و التي كانت منذ الأزل شخصية جذابة في قصة رعب .هم يعرفون جميعا من الأفلام هذه اللحظة التي تجمد الدم في العروق, التي ينجح فيها الشرير, و الذي تمت تصفيته بالفعل, و بدا أن أي خطر لن يلوح منه بعد الآن, بقوة عليا, في أن يرسل يده ببطء إلى المسدس, و أن يطلق طلقة أخيرة قبل أن يطلق طلقة ثانية, و هذه المرة بشكل نهائي. في هذه الحبكة القديمة كان المسخ متعدد الرؤوس, و البطل الأسطوري, و الذي يتهيأ له كل مرة أنه تغلب عليه, يرسل رأسا جديدا يطلق عليه النار.
ليس من اللطيف قول هذا, و لكن كل إيقاع الإثارة الذي يصنعونه في الأيام الأخيرة حول أريئيل شارون المريض يشبه معرضا قرويا بدائيا ينتمي لعصور سابقة, أتي فيه ساحر حاذق, في داخل قفص كبير, بمسخ على هيئة تنين ذي سبعة رؤوس, و ينادي: انظروا, سأقطع له رأسا و ستبقى سائر الرؤوس حية! انظروا, بل إن هذا الرأس ينمو من جديد! و شخص ما مبعوث من قبل الساحر يمر بين الجمهور و معه قبعة يجمع فيها العملات.
كان بإمكاني إيراد أمثلة لا حصر لها عن هذا الانشداه الساذج, المخلوط دوما بخوف ما, للناس أمام شخصيات الميت الحي. أكثر من مرة ينظر أطفال بانشداه خائف إلى طائر جريح و متشنج سقط من عشه, أو إلى قطة ديست تتلوى بألم. ليس من خلال دافع لإنقاذهما و إنما من خلال تعجب نقي أمام لحظة الهجنة تلك بين الحياة و الموت.
الموضوع هو أنه عندما يكبر هؤلاء الأطفال السذج, لا يتخلصون أبدا من الانجذاب الأساسي نحو مشاهد سكرات الموت, أريد القول أن هذا الانجذاب البدائي نحو ساحة مستشفى هداسا عين كرم ينتمي من الناحية السيكولوجية – و أنا آسف لقول هذا لكم – إلى غريزة المص, البورنوغرافية تماما, لديكم, أنتم من تستمتعون برؤية عمليات الإعدام أو الصور المخيفة من الهولوكست النازي. أو صور رامبراندت, "حصة التشريح" التي يقف فيها مجموعة من الأطباء العابسين حول جثة تم تشريحها لأغراض تعليمية, و بدت أعضاءها الداخلية لكل ذي عيان.
ما هو مشترك في كل هذه الحالات هو أن الناس قد منحوا فجأة تصريحا قانونيا بأن يكونوا, للحظة, منحرفين جنسيا, أن يتمرغوا, للحظة, في القرف المحرم. فلا يحكي لي أحد قصصا عن الاهتمام بصحة هذا الرجل من هداسا عين كرم. القصة الحقيقية التي تقف وراء هذه التقوى هي, مثلما هو الحال دوما, البورنوغرافيا."
هنا ينتهى نص تسيبار, لتبدأ الردود التي استفزها للرد, بالمعنى الإيجابي أو السلبي, هذا النص, الردود التي تحاول البحث عن جذور أخرى للاهتمام الإعلامي الواسع بصحة شارون, أو ببساطة تسب الكاتب و تدعو لمقاطعة موقعه و لرفده من الصحيفة التي يحرر بها الباب الثقافي, لأنه كشف عن الانحراف الجنسي الذي يجتاح الإسرائيليين, و قبلهم ممثلهم, شارون. استطاعت بعض الردود التجاوب مع الشذوذ و الهجنة التي أراد عرضها تسيبار للجسد الهائل المحبوس بين الحياة و الموت. يقول قارئ عربي:
"هذا إنسان بين الحياة و الموت. غير أن اسمه لم يرتبط سابقا إلا بالموت و ليس بالحياة. ربما يكون الشفاء السريع مأمولا لكل إنسان, و بلغتنا العربية نقول أنه لا تجوز على الموتى سوى الرحمة. و لكنه لا يزال بين الأحياء, بينما آخرون من بني شعبي هم بين الأموات."
يكسر قارئ كهذا قليلا صورة الملائكة الرحيمين التي يحب الإسرائيليون رؤيتها في اهتمامهم بصحة شارون الضعيف و الرقيق, يكسرها لصالح الفهم,و التحليل, الذان تجاهلتهما آراء أخرى كثيرة, اتسمت بخفتها, اتهمت الأطفال الفلسطينيين الذين وزعوا الحلوى ابتهاجا برحيل شارون, بالهمجية, و هي الآراء التي أضفت قداسة لاهوتية على قصة بشرية من أولها لآخرها. تفكك قارئة أخرى مقولة أساسية في نص تسيبار عن التدخل الإعلامي, البورنوغرافي, في جسد شارون, و كأنه الجسد الضحية لمشارط الصحفيين, أو كأن تسيبار يقول "حلوا عنه و دعوه يتنفس قليلا حتى يعيش", تقول:
"و ماذا عن البورنوغرافيا التي استخدم بها شارون الشعب على طول 5 سنوات مكوثه في السلطة. استغلاله البارد لحياة البشر بحريتهم و كرامتهم. تحويل الشعب لوقود المدافع لصالح العاهر على التلة, لعبيد رأس المال و الأمن و في النهاية لمدمني الفورمالين. الآن يهتم الشعب بالوثن, بخيال المآتة, بالعجل المصنوع من الذهب. الاهتمام المتطفل من الشعب هو بديل عن تحنيط الفراعنة, تخليد الجثة, الجثة التي حتى عندما كانت على قيد الحياة و الوعي تم النظر إليها كإله و كقوة ليس من حاجة لفهم أفكارها و رؤيتها. الفارق عن الفراعنة هو أنهم أخذوا معهم عبيدهم إلى العالم الآخر, بينما شارون أخذهم مقدما. و بالطبع لا يمكن تجاهل تشابه هذا مع إخفاء عرفات (عن الأعين), و هو الغريم الشخصي لشارون, الإخفاء الذي نجح الإسرائيليون في فهمه , في التعاطف معه و المشاركة في هذه البورنوغرافيا العكسية."
يحول شارون شعبه إلى صورة بورنو, و يتفهم الشعب الحصار البورنوغرافي لعرفات في مقره وإخفائه عن الأعين, كما يشارك في تأليه شارون. من منهما يستعمل الآخر, شارون أم من يبكون عليه, الآن, الوثن أم من يقدسونه. يقول قارئ آخر:
"فلأقل أن بورنو شارون القائم على أمواج الدم يتم حكيه, رسمه, على يد شعبه, و الذي كان في تناسخ سابق هو صورة البورنو الخاصة بشارون نفسه. أي أننا كنا سابقا, قبل هذا, في المرحلة الأولى, أبطال سيناريو البورنو الذي كتبه شارون هنا."
شارون يكتب سيناريو البورنو لشعبه, يصنع تراجيديا كاملة تمزج المأساة بالانحراف الجنسي و يكون أبطالها هم الإسرائيليين, الإسرائيليين الذين ينظروه الآن بانشداه للزعيم كلي المقدرة, المخرج, شبه الإله, و هو الانشداه الذي يرتبط بتصور مسيحاني عن المخلص الذي سينقذ الشعب, هنا بالتحديد تكون النظرة المذهولة إلى المخ الجبار ينزف, مع العمى عن رؤية أمواج الدم التي نزفت سابقا بسبب هذا المخ نفسه. يقول قارئ:
"السبب وراء هذا التوحش, هذا الإخلاص الجمعي للحادث الخبري, هو العلاقة التي تربط الصحافة بالأشخاص القادرين. الأقوياء هم موضوع الصحافيين, و هم يحترمونهم و يتحاشونهم في نفس الوقت. على أية حال, فهذه القدرة المطلقة, للجمال والمال و المركز, المتلازمة مع الموت النهائي في حادث طريق, هو الأمر الذي يجنن الصحفيين و يثيرهم إلى هذه الدرجة. نفس الأمر يجذب الصحفيين الآن أيضا, القدرة غير العادية لشارون, الملازمة للإصابة الرهيبة و المخيفة بمخه! هذا المخ الذي حرك الجسد الشجاع, و الذي خلق الأسرار المحفوظة في البطن, و الذي جعله ساحرا, و الذي أدار حول العالم أموال حملته الانتخابية من النمسا إلى جنوب أفريقيا!!!".
يمكن وصف هذه اللحظة بأنها لحظة الانهيار الأخير, نزيف المخ الرهيب, هنا بالتحديد يمكننا العودة إلى مقالة قديمة لبوعز عفرون في يديعوت أحرونوت بعنوان "أنا, أنا فوق كل شيء", مقالة ترجع ل1984, حاول فيها, كما هو الحال الآن تفسير سر إعجاب الجمهور بشارون, و كما هو الحال الآن, توصل لأسباب لم تبعد كثيرا عن المرض النفسي و البورنوغرافيا من قبل الجمهور الإسرائيلي, غير أنه على النقيض من الآن, كان القطار مازال سائرا بعنف بقوة مخه "الذي يحرك الجسد الشجاع", وقد ارتكب لتوه مذبحة صبرا و شاتيلا, على إيقاع تواطأ مستثار من الجمهور, الجمهور الذي لا يحترم إلا : ""العدوانية الهمجية...الخداع, إنعدام أي إحساس بالاحترام تجاه الآخر, أنا, انا, أنا فوق كل شيء. هذا الخرتيت الجامح – يعني شارون - و الذي ترغب في الركض معه و في دهس كل من يقف في طريقك".



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأديب الإسرائيلي دافيد غروسمان يمزق الضمادات بين الهولوكست ...
- فيلم الجنة الآن للفلسطيني هاني أبو أسعد.. إزاحة الستار عن ال ...
- أن يصبح الجنود الإسرائيليين جنودنا, أبناءنا الوسيمين
- سؤال في هاآرتس: لماذا لا يكون المطرب محمد منير قد مجد الإرها ...
- حوار مع نائل الطوخي في السفير اللبنانية: كلمة السر عندي إربا ...
- تموت أمي فتحيا الكتابة
- كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائي ...
- مجلة ميتاعام الإسرائيلية.. التعاطف مع المعاناة الفلسطينية لم ...
- المسلمون و الأقباط.. من يملك الصوت المصري؟
- الطرف الأقصى للكابوس
- silence
- خفض إضاءة العالم
- سيدة السواد
- بمناسبة عدم حصوله على نوبل! أي حظ! لن نسمع دفاعا عن شارون يل ...
- ما لم يفعله وزير الثقافة المصري فاروق حسني.. سلطات تحتمي ببع ...
- هل هناك -هوية يهودية-؟ .. قراءة في مقالة للأديب الإسرائيلي أ ...
- خطايا فيروز الكبرى... لماذا لا يسمع المصريون فيروز
- سرير الجيش.. السرير المحمول
- إمكانية السرطان
- الأمن المركزي المصري.. القاهرة المتشحة بالسواد و جدار السجن ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نائل الطوخي - البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية