أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نائل الطوخي - كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائيلية, نساء يستبعدن أنفسهن من المجتمع















المزيد.....

كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائيلية, نساء يستبعدن أنفسهن من المجتمع


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1396 - 2005 / 12 / 11 - 10:11
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


صدر مؤخرا في إسرائيل كتاب "النزعة العسكرية و التعليم: نظرة نقدية" و الذي يضم عدة مقالات تفحص تجليات النزعة العسكرية في التعليم الإسرائيلي من خلال ربطها بالتوجه الذكوري الفظ فيه. الكتاب صادر عن دار نشر بابل, و هو عبارة عن تجميع لدراسات نسوية من ندوة أقيمت في الجامعة العبرية بالقدس عن نفس الموضوع. حررت الدراسات في الكتاب الناشطة الإسرائيلية حاجيت جور.
يبدأ الكتاب بمقدمة للمحررة حاجيت جور تتحدث فيها عن الظاهرة العسكرية في المجتمع الإسرائيلي و التي تدهش الزائر الأجنبي لهذا المجتمع, حيث يسيطر العسكريون على الشارع, السياسة, الاقتصاد و التعليم. و يترافق هذا مع ظاهرة أخرى, فعندما تسيطر النزعة العسكرية على المجتمع تصبح السيادة فيه للرجال بلا منازع, و يتبنى كل من الرجال و النساء رؤى ذكورية تعتمد على القوة. يبدو هذا بشكل أكثر مفارقة عندما يتم ترك وظيفة التعليم للنساء, و هي واحدة من الوظائف النسائية في مجتمع ذكوري مثالي, مثل الحياكة و الطبخ و الاهتمام بالصحة و الثقافة. و عندما يكون الجيش متسللا في لا وعي المجتمع الإسرائيلي و تصبح وظيفة التعليم هي فقط تربية الأطفال على حب الجيش و تقديسه, تغدو وظيفة النساء هي استنساخ المقولات العسكرية/ الذكورية ذاتها التي تمتهنهن في المجتمع. هنا بالتحديد يكون غلاف الكتاب مفارقاً: مجندة إسرائيلية, امرأة طبعا, تدرس لمجموعة من الأطفال, أي تنمي فيهم طبيعية الجيش في المجتمع, و الموجهة طبعاً ضدها بوصفها امرأة. لا يفوت المحررة أن تحكي عن تجارب من عائلتها لنساء دفعن إلى هامش المجتمع بسبب كوهن نساء, و لرجال يحتلون قمة الهرم الاجتماعي بسبب عسكريتهم, بينما كلاهما يحملان للجيش تقديسا خاصا. كانت أم الكاتبة تقول عن زوجها الضابط الذي توفى قبل حرب 67 بأشهر: "خسارة, لقد أضاع عليه الحرب, لو كان فقط قد مات في الحرب!". حتى هنا, يظل الموت العسكري أفضل من الموت على الفراش, أفضل من الموت المدني.
للمؤلفة عائلة عسكرية بامتياز, كأغلب العائلات الإسرائيلية, و خوفا عليها من القتل في الحرب, اعتادت أن تقضي عمرها مع الحبوب المهدئة, الحبوب المهدئة التي يقول إعلانها, على لسان أم: "ابني في المعركة", و تلوح بعلبة الحبوب المهدئة. يكون هذا سببا لرواج الدواء. تقول الأم هذا في الإعلان و تكشف عما يسقطه الإسرائيليون على الفلسطينيين, حيث الإسرائيليون بالتحديد هم من يلقون بأبنائهم في "معاركهم", لا الفلسطينيين, كما تلاحظ الكاتبة. في هذا المجتمع, الذي يجبر نساءه على الانتظار طول حياتهن, باكيات أو متناولات للحبوب المهدئة, تتزايد حالات التحرش ضد المجندات من قبل القادة الأعلى رتبة, و عندما تتجرأ مجندة واحدة, و هي دانا موعيد, على الشكوى من تحرش تعرضت له من قبل قائدها, تقابل ببلادة و لا مبالاة, في نفس الوقت الذي يرجع فيه جزء كبير من الكاريزما التي يحوزها عسكريون كبار إلى مغامراتهن النسائية, و موشي ديان ليس المثال الوحيد.
و تنقلنا جاليا زلمنسون ليفي بعد ذلك إلى جانب ذكوري آخر في التعليم, يتصل بتدريس قصة يشوع في العهد القديم, ذلك النبي الذي قام باحتلال فلسطين قائما بأفظع الأعمال الوحشية ضد سكان المدن الفسلطينية, حسب وصف العهد القديم. فأثناء احتلال أريحا من قبل بني إسرائيل, يقوم جاسوسان إسرائيليان بتجنيد راحاب الزانية من أريحا لكي تدلي بمعلومات عن مدينتها وقومها. تسأل كل الكتب المدرسية, التي اعتمدت عليها الكاتبة في تحليل منظومة التعليم الإسرائيلية, تلاميذ الصف الرابع عن سبب اختيار الجاسوسين لراحاب , غير أنه يتم التطرق أبدا لا لمهنتها "عاهرة" و لا لمكانتها في المجتمع. أي أن الكتب, التي كتبتها نساء بالمناسبة, تجاهلت شرح نظرة الرجال الذكورية للمرأة العاهرة, المتصلة بكونها دوما هي المرشحة الأولى لخيانة شعبها. تتجاهل المقررات الدراسية كون اختيار الجاسوسين لها إنما جاء بسبب مكانتها المتدنية في المجتمع, هذه هي النظرة الذكورية التي يقدمها سفر يشوع و من ثم التي يقدمها التعليم الرسمي الإسرائيلي غير النقدي لهذا السفر.
لسبب ما أو لآخر, أحب الصهيونيون الأوائل وصف الصهيونية و عملية غزو فلسطين التي تمت في القرن الفائت و كأنها مطابقة للغزو الأول لفلسطين على يد يشوع. لا تكتفي الكتب المدرسية الإسرائيلية بعدم التشكيك في أخلاقية فعل يشوع , أي في أخلاقية الإبادة الجماعية تنفيذا لأوامر الرب, و إنما تحيطها بهالة قداسة و تربط بينها وبين أفعال الجيش الإسرائيلي, و هو موطن كل تقديس في المجتمع الإسرائيلي, ثم كذلك تربط أرض إسرائيل وقتها بأرض إسرائيل اليوم, و هو الخلط المفيد بين مفهوم الأرض و الدولة, فلا تصبح لإسرائيل حدود دولية معترف بها و إنما حدود توراتية هي المرغوبة, و بالتالي يتم إخفاء حقيقة أن إسرائيل تحتل أراض عربية منذ ما يقرب من أربعين عاما. هكذا يتساءل كتاب مدرسي "ما هي حدود الأرض – الموعودة"؟, أي التي وعد بها الرب بني إسرائيل, و لأجل تجسيد الحدود يتم إيراد صور لدولة إسرائيل اليوم و صورا تضم مستوطنات الضفة الغربية و كذلك صوراً لجبل لبنان , في دولة لبنان. و لا يتم الإشارة مطلقا إلى وقوع هذه الأماكن في أراض محتلة, أو حتى مستقلة كلبنان, هذا ما يحدث في تعليم يفترض فيه العلمانية. في كتاب آخر يتم سؤال أطفال الصف الرابع عن حدث ينتمي لفترة يشوع: "لماذا لم نحتل خط الساحل؟" ثم يفسر الأمر في نفس الصفحة بأن الفلسطينيين القدامى امتلكوا مركبات فولاذية لم يستطع شعب إسرائيل التعامل معها ولذا لم يحتل خط الساحل, بينما في نفس الفصل يتم تعريف المركبات الفولاذية كالتالي: "هي اسم للدبابة. تنتج دولة إسرائيل دبابة متطورة تدعى مركبة – مركافاه" أي أن الإسرائيليين تغلبوا على العوائق القليلة التي واجهت يشوع, و أصبح الطريق ممهدا لاستمرار الاحتلال.
للاحتلال و لمحو العرب, في هذا الشأن تقدم لنا ديانا دولاف وجها آخر لعسكرة التعليم الإسرائيلي, مع مفهوم واسع للعسكرة يتركز على الإقصاء و الاحتكار و تأكيد السيطرة. هذا الوجه هو تصميم موقع مركزي من مواقع التعليم الإسرائيلي: الجامعة العبرية المقامة بالقدس على جبل المشارف أمام جبل البيت, و التي بنيت ساحتها بعد عام 1967, و بسبب احتلال الضفة الغربية بالتحديد, حيث قدمت إدارة الجامعة طلبا إلى المهندس ديفيد رزنيك لأجل تجديد ساحة الجامعة العبرية. فكر هو في الموقع المقترح و في مغزاه, كما قال بعد ذلك: "فكرت في موضوع النبوءة.. إحياء الثقافة العبرية التي يرمز إليها جبل المشارف". كذلك قال حاييم كيتسيف الذي انضم إلى رزنيك في عمله المعماري: "كان في عملي شيء ما صهيوني, موضوع النهضة اليهودية في مقابل جبل البيت", جبل البيت الذي يرمز للمسلمين بالطبع. لم يكن هذا مجرد كلام, فمعمار الجامعة بالفعل يؤكد على هدفين أساسيين, 1- تأكيد سيطرة إسرائيل على القدس, مما يظهر من إقامة الجامعة على ساحة عملاقة كتلك و جبل هو الأعلى من كل ما حوله. يقول دافيد رزنيك: "يمكننا من أبواب نابس رؤية حضور الجامعة, ليس فقط كأنها قلعة المدينة, و إنما يهدف ذلك أيضاً لخلق حضور قوي, يعني أنا هنا و لن يحركني أحد من هنا". -2- حجب جبل البيت عن الأنظار, و هذا من على جبل المشارف "هار هاتسوفيم بالعبرية .. أي جبل المشاهدين" أي حجب جبل البيت من على جبل يفترض فيه أن ترى القدس كلها من فوقه, هو أعلى نقطة في محيطه.
يخلق التصميم المعماري للجامعة, إحاطتها بالجدران العالية, حاجزا بينها و بين المحيط من حولها, أما القادمون إليها في مواصلات عامة فيدخلون في أنفاق تحت الأرض إلى داخل مبانيهم المحاطة بالجدران كذلك, و التي لا توجد بها نوافذ, شرفات, أو أفنية مفتوحة على الخارج. تقول الكاتبة: "تمنع الجامعة العبرية, و المعاد بناؤها بهدف خلق أمر واقع على الأرض, عن الجمهور داخل الجامعة رؤية السكان الفلسطينيين و رؤية الأرض المحتلة. هل يمكن أن تثير هذه الرؤية أسئلة صعبة, أو تأملات عن شرعية الاحتلال؟". هذا الحجب يمنع رؤية قبة الصخرة داخل سياقها الطبيعي: و المتضمن للفلسطينيين الذين يصلون فيه و بجانبه, و حياة الفلسطينيين في بيوتهم و مدينتهم. لهذا استثناء: فقوات الأمن وحدها هي التي يمكنها الصعود إلى أعلى برج المراقبة و رؤية المشهد كله من فوق, لا يكون هذا طبعا لأجل التعرف على الثقافة الأخرى و إنما لمراقبتها, من فوق برج المراقبة, يقدم هذا دعما جديدا لسيادة النزعة العسكرية في إسرائيل: وحدهم الجنود من يمكنهم الرؤية, أما المدنيون فمحجوبون عنها. و استثناء آخر: فالحائط الغربي للمعبد في الجامعة يتوجه إلى القدس, موضع تابوت العهد. تطل نافذة ضخمة على الموضع المفترض لتابوت العهد, الذي تعتقد اليهودية بوجوده أسفل المسجد الأقصى. يرى المصلون في القاعة المركزية قبة الصخرة عبر النافذة. هكذا تظهر قبة الصخرة في سياق المكان المفترض للهيكل و التابوت, و هكذا يحتكر تصميم الجامعة العبرية, معقل العلمانية و الثقافة للشعب اليهودي, كما تقول الكاتبة, واحداً من مقدسات الإسلام, عن طريق إقحامه في سياق يهودي, ديني وقومي. هذا هو المكان الوحيد الذي يمكن من خلاله رؤية الإسلام و المسلمين: المعبد اليهودي. فقط هنا يسمح بوجودهم. و فقط عبر دراسة غزو يشوع المبارك لفلسطين يسمح بمعرفة شيء عن المدن الفلسطينية و عن أهاليها الذين لم يعد لهم ذكر.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلة ميتاعام الإسرائيلية.. التعاطف مع المعاناة الفلسطينية لم ...
- المسلمون و الأقباط.. من يملك الصوت المصري؟
- الطرف الأقصى للكابوس
- silence
- خفض إضاءة العالم
- سيدة السواد
- بمناسبة عدم حصوله على نوبل! أي حظ! لن نسمع دفاعا عن شارون يل ...
- ما لم يفعله وزير الثقافة المصري فاروق حسني.. سلطات تحتمي ببع ...
- هل هناك -هوية يهودية-؟ .. قراءة في مقالة للأديب الإسرائيلي أ ...
- خطايا فيروز الكبرى... لماذا لا يسمع المصريون فيروز
- سرير الجيش.. السرير المحمول
- إمكانية السرطان
- الأمن المركزي المصري.. القاهرة المتشحة بالسواد و جدار السجن ...
- إعلان حسني مبارك ترشحه لانتخابات الرئاسة..الإفلاس البليد لبا ...
- رواية مرآة 202 لمصطفى ذكري.. هوس البدايات غير المكتملة.. الت ...
- نوال علي و سوزان مبارك.. كيف تستخدم -نسوية- النساء في مظاهرا ...
- - مجلة ميتاعام الإسرائيلية: الصهيونية كفر تعجز اللغة عن احتو ...
- سوزان مبارك.. الجبلاوي وقصر البارون.. كيف احتفلوا بمرور مائة ...
- ثلاث صفحات فارغة
- عبد مجوسي الذاكرة و قال كلمات


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نائل الطوخي - كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائيلية, نساء يستبعدن أنفسهن من المجتمع