أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نائل الطوخي - الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأظهرت شيخوختها و بؤسها














المزيد.....

الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأظهرت شيخوختها و بؤسها


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 09:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


أثق في أن كثيرين من إسرائيل و العالم قد استمتعوا, كل واحد لأسبابه, برؤية الفلسطينيين الذين خرجوا يوم الثلاثاء رافعين الأيدي من داخل سجن أريحا, و أجبروا على خلع ثيابهم و على البقاء بالسراويل الداخلية فقط, مكشوفين في طابور طويل أمام أعين الكاميرات العالمية. نبعت البورنوجرافيا في الموضوع من حقيقة لا يمكن التشكيك فيها. العرب العراة هم جزء من فانتازيا الرجال و النساء الغربيين, هنا يسود القالب الذي يقرر أن العرب قد وُهبوا ميولا جنسية عاصفة. كان لهذا سوابق في السجن إياه في العراق, حيث صور جنديان أمريكيان عربا عراة في أوضاع منحرفة مختلفة.
لنقل أن نوايا من أمروا الفلسطينيين بخلع ملابسهم كانت نوايا صافية, أي: فعلوا هذا حتى يتأكدوا من أنهم لا يحزمون أجسادهم بالأحزمة الناسفة. و لكن الموضوع هو إن الحديث عن استهانة عميقة بالبشر, التدخل في خصوصيتهم, و بعد هذا أيضا يتواجد من يتلصصون عليهم و يصورونهم.
السؤال الذي أحاول الإجابة عليه هنا هو إن كان ثمة صلة بين هذا السلوك, تعرية الفلسطينيين و تركهم في سراويلهم الداخلية فريسة للنظرات المنحرفة جنسيا, و بين شيء ما سيء يمر به جيش الدفاع الإسرائيلي. وصل هذا الأمر في رأيي لذروة ما, ليس في أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد أجبر الفلسطينيين على خلع ملابسهم, و إنما في كونه جعل من نفسه أضحوكة عبر هذا الفعل بشكل تام. لأنه بيننا, كان هذا فعلا مشهديا يتشبه بالأعمال البطولية, حيث ما الحكمة من الخروج لحبس من يعتقد أنهم قتلة رحبعام زئيفي, الذين كان في المحصلة حبيسي زنزاناتهم و لم يكونوا يحاربون أو شيئا ما كهذا؟
أعتقد أن جيش الدفاع الإسرائيلي, بشكل عام, فقد حياءه. و لأجل إظهار هذا النصر العظيم, و الذي لم يكن نصرا أبدا و إنما مجرد عرض, حاول أن يعرض علينا النصر عن طريق إذلال الناس و إجبارهم على التعري علنا. أي, حاول جيش الدفاع الإسرائيلي إجبار الفلسطينيين الذين كانوا هناك على أن يفقدوا حياءهم هم كذلك معه. كأنما قال لهم: من أجلكم نصبح نحن أكثر إجراما, أكثر غباء, إذن تعالوا نسير في الطريق حتى النهاية: اخلعوا ملابسكم و سيروا بالسراويل الداخلية و لتروا كيف سيحرركم هذا من حياءكم, و سيحررنا من حياءنا.
أي, بشكل مفارق, ربما يصبح الطريق للدولة الفلسطينية أقصر عن طريق الصور العارية البورنوجرافية التي عرضت على الشاشات و في الصحافة العالمية يومي الثلاثاء و الأربعاء. لأنه على النقيض من الصور التي تنتمي للحرب العالمية الثانية و التي صور فيها اليهود عراة يسيرون إلى موتهم عاجزين تماما, فالفلسطينيون العراة الذين خرجوا من سجن أريحا بدوا و كأنهم لم يفقدوا ذرة من احترامهم الإنساني و ساروا منتصبي القامة معتزين بأنفسهم, كأنما يقولون لكل من يتلصصون عليهم: جيشكم وشاباككم كله على قضيبنا.
في صورة تكررت أكثر من مرة على الشاشة بدا ظهر رجل فلسطيني مقيد عصبوا عينيه بخرقة بيضاء, يقف في سرواله الداخلي الأزرق مستنداً على سيارة عسكرية إسرائيلية. ليس لدي أدنى مشكلة لأن أقول علنا أنه بدا كالحصان, كما يقولون اليوم, و أنه كان بإمكانه العمل كعارض أزياء في شركة للسراويل الداخلية. كذلك لم يكن ينقص أغلب الفلسطينيين الآخرين الواقفين في الشمس أي شيء, و لولا هذا الوضع الغبي لأمكن القول أنهم يقفون هناك في امتحان على خشبة المسرح.
عندما صدر كتابي الثالث, عرضت علي المجلة الشبابية "360 درجة" أن يتم تصويري عاريا في صورة ستعرض مع حوار أجروه معي هناك. لم تكن لدي أدنى مشكلة في الموافقة. تم تصويري و أنا أغطي عورتي بنسخة من الملحق الأدبي لهاآرتس. اعتقدت أن هذا أمر جريء بشكل جذاب, حتى و لو لم يكن بعض أقربائي مرتاحين من هذا الانكشاف. علي أن أشير إلى أني لا أملك جسدا رياضيا, إذ أستحي من كشف جسدي علنا, و لذا فلم أستحم لسنوات في حمام سباحة أو في البحر, بل و أستحي من الذهاب إلى صالة ألعاب و أقول لنفسي أنه علي أن أفقد عدة كيلوجرامات قبل أن أتخذ خطواتي نحو صالة الألعاب, و يتطلع إلى كل الرجال الأشداء الذين يتدربون هناك.
ما أريد قوله أن كل شيء يتعلق بالوضع. و أن الوضع الذي أجبروا فيه الفلسطينيين الخارجين من سجن أريحا على خلع ملابسهم علنا بدون أن ينتبهوا أنه يتم تصويرهم, هذا الوضع يجسد في نظري حقيقة ن من انتصروا في الواقع في هذه المعركة الغبية و المنقولة إعلاميا كانوا هم الفلسطينيين, إذ بدا مظهرهم أجمل كثيرا و مثيرا للاهتمام من مظهر جيش الدفاع الإسرائيلي, و كانت قوات الأمن الإسرائيلية هي من قدمت لهم هذا النصر على طبق من ذهب.
هذا هو الأمر: كان جيش الدفاع في ذروة شعبيته عندما تجسد في هيئة الجندي الصبار ذي الجسد الشديد. الآن بلدوزورات ثقيلة, قبيحة و غير إنسانية هي ما تجسد صورته, و ليس البشر أبدا. أما الفلسطينيون, فهم يبرزون صباهم, رجولتهم, أي كل ما تنازلت عنه إسرائيل و شاخت, أخذت في الخجل من نفسها و في تغطية جسدها بالمدرعات و السيارات التي لا يمكن أبدا رؤية الإنسان الذي يديرها. أعتقد أنه لا يمكن هزيمة الشعوب الجميلة. و لقد أثبت عرض العري الفلسطيني في أريحا بدون أدنى شك أن الفلسطينيين هم شعب جميل.
بني تسيبار*
* شاعر إسرائيلي
ترجمة: نائل الطوخي



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط
- عن إنكار الهولوكست.. القيم الغربية , إذا كان هناك ما يسمى با ...
- على ضوء الرسوم الدانمركية: عفاريت العنصرية الإسرائيلية تنطلق ...
- عن عملي كتايبيست حقير.. عالم بلا حبر أو دم
- إسرائيل, الجيتو اليهودي المحاط بالرومان و النازيين و العرب
- سوق الكتاب الاسرائيلي.. شكوى من انخفاض النوزيع لعشرين الف نس ...
- في النقاش حول رسام الكاريكاتير الدانماركي: العقم المطلق لحري ...
- عن الأدب الموصوف بأنه عبري. عن الجامعات المصرية و الإسرائيلي ...
- لماذا لا أدلع نفسي؟ لماذا لا أكتب مقالا عني؟
- البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية
- الأديب الإسرائيلي دافيد غروسمان يمزق الضمادات بين الهولوكست ...
- فيلم الجنة الآن للفلسطيني هاني أبو أسعد.. إزاحة الستار عن ال ...
- أن يصبح الجنود الإسرائيليين جنودنا, أبناءنا الوسيمين
- سؤال في هاآرتس: لماذا لا يكون المطرب محمد منير قد مجد الإرها ...
- حوار مع نائل الطوخي في السفير اللبنانية: كلمة السر عندي إربا ...
- تموت أمي فتحيا الكتابة
- كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائي ...
- مجلة ميتاعام الإسرائيلية.. التعاطف مع المعاناة الفلسطينية لم ...
- المسلمون و الأقباط.. من يملك الصوت المصري؟
- الطرف الأقصى للكابوس


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نائل الطوخي - الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأظهرت شيخوختها و بؤسها