أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - كيف اختفى القبطي؟ و لماذا لم نشعر به عندما ظهر.. صورت الأقباط في الأدب و الدراما















المزيد.....

كيف اختفى القبطي؟ و لماذا لم نشعر به عندما ظهر.. صورت الأقباط في الأدب و الدراما


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1551 - 2006 / 5 / 15 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


لم تكمن الذروة الدرامية لأحداث الإسكندرية الأخيرة في اقتحام شاب لكنيستين و طعنه بعض المسيحيين هنالك بسكين, ففعلة الشاب, مختلا كان أو غير ذلك, لم تنبت من فراغ علي أية حال. أعتقد أن ذروة الحدث تكمن في جملة حوارية أدلت بها أم الشاب عندما تحدثت عن زميله المسيحي الذي سقاه عصيرا مسحورا مما أفقده اتزانه النفسي منذئذ. فالأم, غير المختلة بالتأكيد, مثل الغالبية في مجتمعنا اليوم, تنظر إلي الأقباط باعتبارهم سحرة, محبوسين داخل كنائسهم للتمتمة و إلقاء التعازيم, و فوق هذا, هم من يمدون المسلمين بأسباب طعنهم إياهم. هذا الغموض حول صورة الأقباط سربه الإعلام, و معه كثير من الأعمال الأدبية, منذ فترات طويلة, عندما احتكر البطولة دوما لشخصيات مسلمة, ما عدا نماذج معدودة, تختصر المسيحي في صورة الشخص الذي يؤكد دوما أن الهلال مع الصليب, , أي أنها تنفي عنه حياته الخاصة, حبه و كراهيته و مميزاته و نقائصه. في المقابل, فعندما يدفع عمل سينمائي بالأقباط إلي صدارة المشهد و يتحدث عنهم من وجهة نظر أكثر إنسانية, يثور عليه أفراد من داخل الكنيسة بالتحديد, و ينظر بعض المسلمين إلي الموضوع كله بنوع من الشماتة فيما يشهد علي عمق الجهل الذي وجدنا أنفسنا كلنا نغرق فيه علي مهل. سألنا عددا ممن عملوا في السينما و الدراما و الأدب حول المسئول عن هذا الجهل الذي وصلنا إليه و عن خبراتهم الشخصية في معالجته.

هذا هو العادي !
في البداية تحدث السيناريست أسامة أنور عكاشة, و هو واحد من أوائل من اقتحموا المنطقة القبطية في كتابتهم للتليفزيون, فقال أنه في أعماله لم يكن يؤكد فقط علي متانة العلاقات بين المسلمين و الأقباط إنما كنت اقول أن هذا هو العادي. لماذا يتحاشون وجود أقباط؟ أنا كنت أشعر بأن هناك تجاهلا للأقباط فأحببت كسره, و انتبه لهذا البعض و بدأوا يقومون به. كان هذا يلقي الضوء علي منطقة هامشية, حيث كتبت عنهم باعتبارهم بشر يحبون و يكرهون, فكمال خلة مثلا كان ضابطا في ليالي الحلمية و عمل مع المقاومة و دخلت زوجته مستشفي أمراض نفسية. سألته عن موقف الكنيسة الرافض لفيلم بحب السيما برغم أنه واحد من الأفلام القلائل التي قدمت عالما قبطيا متكاملا, فقال لي أن هناك توجسا و حذرا من طرف يشعر بأنه مستهدف. الأقباط مثلا راودهم الشعور بأن الولد الذي اقتحم الكنيسة قد يكون مدفوعا من أي شخص, أنها ذهنية الانغلاق الفكري بالنسبة للمسيحيين و المسلمين.
أما الروائي إدوار الخراط, و الذي تدور أغلب عوالمه في مناطق قبطية فقال, و قد بدا متفائلا: ليس هناك تجاهل لوجود الأقباط في الأدب. بالعكس, فمثلا من ابرز الأعمال الأدبية المرموقة رواية اوراق زمردة أيوب للراحل الكبير بدر الديب و رواية المهدي لعبد الحكيم قاسم و هماروايتنا تدوران في مناخ قبطي. أعتقد ان صورة القبطي لم تعد مشوهة الآن. ربما في السابق كانت هنالك صورة نمطية, حيث تكلم البعض في الأدب عن الأقباط باعتبارهم بخلاء, ضيقو الأفق, و متزمتون. لكن الكتاب أصحاب الموهبة الحقيقة تجاوزا النمطية و تكلموا عن القبطي باعتباره مصريا له فضائله و نقائصه ككل. سألته عن الاحتقان القائم و إلام يرجعه. فقال أنه لا يعتقد أن هناك دورا للأدب في مسألة الاحتقان القائم, و انما تصوري ان هذا ناتج عن ظروف اجتماعية و أسلوب خاطئ في التعليم و في الإعلام. هناك مشاكل طبعا و اعتقد ان الادب الي حد ما تناول هذه المشاكل.و لكن لا يزال مطلوبا ان يكون هناك تناول اكبر و اكثر صراحة في تحليل الأمور.
كما سألنا السيناريست وحيد حامد, و هو ذو تجربة متميزة في هذا الصدد حيث عرض لقصة حب تدور بين مسيحية و مسلم في مسلسله أوان الورد و الذي أثار لغطا كبيرا وقتها, فقال يجب معاملة القبطي مثل المسلم, حيث يكون هناك اخيار و أسوياء و لصوص و ما إلي ذلك. هم, أي الأقباط, عندهم حساسية شديدة, فلا يقبلون إلا بالشخصية المثالية مائة في المائة, و هذا غير ممكن, لأننا بشر نخطئ و نصيب. سألته عن اختزال دور القبطي في شخصية صديق البطل الذي يؤكد دوما علي شعارات الوحدة الوطنية فقال لي أنه لم يعد أحد يفعل هذا. ثم أردف أن وجود الشخصية المسيحية لابد أن تكون له ضرورة درامية. نحن لسنا مجلس شعب, تقول لي فيه لابد من وجود نسبة للأقباط. المسئول عن غياب الشخصية القبطية في الأعمال الدرامية هم الأقباط أنفسهم الذين بيزعلوا إذا قدمت مسيحيا بما له و ما عليه, ففي مسلسل أوان الورد مشهد تدعو فيه امرأة مسيحية مسلما إلي كأس نبيذ. غضب الأقباط وقتها من هذا المشهد و قالوا أن المسيحيين لا يشربون الخمر, في حين أننا عندما نقدم المسلم يشرب خمرا لا يغضب أحد.

ابتسامات القديسين
و بعيدا عن إلقاء التهمة علي الطرف المغيب من الدراما, أي الأقباط, لا علي من غيبوه, فإن الروائي إبراهيم فرغلي, صاحب ابتسامات القديسين و التي تتناول كذلك قصة حب بين مسلم و مسيحية, يتحدث عن تجربة كتابة الرواية معه: بزغت فكرة كتابة الرواية من رفضي لمظاهر الاحتقان الطائفي. هناك في الرواية مونولوج عن تقسيمة نحن و هم التي كانت مزعجة بالنسبة لي. و مع كون كتاب الجيل الجديد ليسوا مشغولين بقضايا اجتماعية إلا أن هذه كانت أزمتي الخاصة, فقررت البحث عن الحداثة في الشكل في مقابل طرح الموضوع الاجتماعي الذي كان ضاغطا علي. أردت معرفة لماذا تقسيمة نحن و هم هذه فكانت فكرة قصة الحب هي النموذج المثالي حيث المشاعر فيها لا تعرف التمييز. سألته هل يمكن أن يقدر حساسية الأقباط من تقديم دوما الرجل هو المسلم و المرأة هي القبطية؟ فقال لي: طبعا. فأنا لا اعتقد أن الرواية مرضية للطرفين. طبعا فكرت كثيرا في العكس, أي أن يكون الرجل مسيحيا و المرأة مسلمة, لكنك في النهاية تكتب عما تعرفه. هناك حساسيات كثيرة تغيب عننا تفاصيلها, فاختيار نموذج المسلم و المسيحية ربما يتم بلا وعي لكن إذا عملت الدراما علي هذا, أعتقد ان النموذج العكسي حينها, أي المسيحي و المسلمة, سيظهر. و لا ننسي أن الكتاب حتي لو كانوا علمانيين هم جزء من أزمة المجتمع. و علي الطرف المقابل ستجد العكس, أي الشباب المسيحي اقرب للكنيسة, فالتطرف موجود لدي كلا الطرفين. قلت له أن الطرف الإسلامي هو الطرف المسموح له بالتعبير عن تطرفه بشكل مطلق, فأجابني بأن هذا صحيح و لكن مع الوقت الطويل قد تظهر ردود الفعل المطمورة لدي الأقباط حيث هناك أوراق قوة لديهم مثل أقباط المهجر و الفضائيات التبشيرية.
بحب السيما
أما السيناريست هاني فوزي, صاحب فيلم بحب السيما فقد سألناه عن الخوف من إظهار الأقباط علي الشاشة فقال:
أتي هذا الخوف من كون فكرة الوحدة الوطنية فكرة جميلة و لكنها غير حقيقية, فحتي تحدث وحدة بيننا لابد أن يعرف الواحد منا الآخر المختلف و الذي يتم النظر إليه علي أنه عدو. المؤسسات الدينية تعمل علي هذا حيث تعطي الانطباع بأن الآخرين هم أعدائنا الذين علينا تحسين علاقاتنا معهم. من هنا فعندما يكتب شخص فيلما عن الأقباط يشعر علي الفور بأنه يقدم شيئا غير واقعي لان المجتمع القادم يقل فيه الاندماج. أنا كتبت عن المسيحيين لأنني رأيت ان هناك جديدا في هذا من الممكن أن يقدم, غير أن الاتجاه العام ليس فيه حب الاكتشاف, و السينما كصناعة تجارية تفضل الأشياء المألوفة,
سألته عن رد فعل الكنيسة الغاضب علي شكل وجود المسيحيين من خلال فيلمه فقال:
اول تفسير لرد فعل المسيحيين الرافضين من الكنيسة أن لسان حالهم كان يقول إما أن تقدمونا مثلما نريد أو لا, و هم يريدون أن يظهروا باعتبارهم ملائكة بأجنحة, بما يعني أن أكذب, و هذا شيء بائس بغض النظر عن كونه غير ممتع. كذلك من الأشياء التي أثارتهم إظهاري عيوبا واضحة في حياة المسيحيين فالفيلم يتناول فكرة الحرية, و يبرز جميع أعداء الحرية مثل سلطة الأب و عبد الناصر, و كذلك السلطة الدينية التي تقوم بشيء اخطر لانها تزرع مفاهيم مخيفة عن الله تجعل الناس تعيش في رعب و هذا ينعكس علي الناس. سألته هل التصورات المريضة عن المسيحيين ترجع للجهل بهم, و هل هذا يعود إلي تغييبهم في السينما فقال لي أنه ليس هذا فقط بل إنهم كذلك لا يشتركون في الحياة اشتراك كافيا و إذا صنع أحد فيلما عنهم يغضبون, و هذا يفتح باب الجهل بهم. سألته عن شماتة بعض المسلمين في الأقباط بعد الفيلم فأجابني : المجتمع القائم علي هذا التربص لا يمكن أن يتقدم. للأسف كل شخص منا يخبئ سكينا حتي يطعن الآخر. هناك بعض المسلمين مثلا يعتقدون أن المسيحيين يقبلون بعضهم الكنيسة و عندما أتي مشهدي في الفيلم عن ولد وبنت يقبلان بعضهما في الكنيسة أكد هذه الفكرة المغلوطة للناس, و من هنا كذلك ثار البعض علي الفيلم.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاسم حداد و فاضل العزاوي في القاهرة, إلهان, واحد للحكمة و ثا ...
- الاستقلال اليهودي و جراح النكبة
- ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكا ...
- الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأ ...
- أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط
- عن إنكار الهولوكست.. القيم الغربية , إذا كان هناك ما يسمى با ...
- على ضوء الرسوم الدانمركية: عفاريت العنصرية الإسرائيلية تنطلق ...
- عن عملي كتايبيست حقير.. عالم بلا حبر أو دم
- إسرائيل, الجيتو اليهودي المحاط بالرومان و النازيين و العرب
- سوق الكتاب الاسرائيلي.. شكوى من انخفاض النوزيع لعشرين الف نس ...
- في النقاش حول رسام الكاريكاتير الدانماركي: العقم المطلق لحري ...
- عن الأدب الموصوف بأنه عبري. عن الجامعات المصرية و الإسرائيلي ...
- لماذا لا أدلع نفسي؟ لماذا لا أكتب مقالا عني؟
- البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية
- الأديب الإسرائيلي دافيد غروسمان يمزق الضمادات بين الهولوكست ...
- فيلم الجنة الآن للفلسطيني هاني أبو أسعد.. إزاحة الستار عن ال ...
- أن يصبح الجنود الإسرائيليين جنودنا, أبناءنا الوسيمين
- سؤال في هاآرتس: لماذا لا يكون المطرب محمد منير قد مجد الإرها ...
- حوار مع نائل الطوخي في السفير اللبنانية: كلمة السر عندي إربا ...
- تموت أمي فتحيا الكتابة


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - كيف اختفى القبطي؟ و لماذا لم نشعر به عندما ظهر.. صورت الأقباط في الأدب و الدراما