أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6677 - 2020 / 9 / 15 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


ديبو، كان ثمرةَ زواجٍ غير موفّق بين رجل على قدر من الثقافة وامرأة على شيء من العته. ما لبثت المرأة أن أقدمت على الانتحار، برمي نفسها في بئر البيت، وذلك على أثر اقتران رجلها بإحدى قريباته؛ وهيَ سلطانة، شقيقة صالح. هذه الأخيرة، كانت مثال امرأة الأب في التعبير الشعبيّ، الذي يقدّمها كإنسانة شريرة وقاسية القلب. لكننا علمنا، سلفاً، أن عمة بطلة سيرتنا كانت معروفة باللؤم منذ صغرها حدَّ أن تُلقّب ب " الهارون ". على ذلك، يُمكن تصوّر طريقة معاملتها لأولاد الزوج. الأكبر فيهم، ديبو، كان في سنّ الثامنة حينَ دخلت تلك المرأة إلى حياة الأسرة. طبعه القريب من طبع امرأة الأب، لم يمنعه من مواجهتها بجسارة في كل مرةٍ تتعرّض فيها لأحدٍ من أشقائه. لحُسن الحظ، أن الأب انتقل بعد سنوات قليلة إلى الريف؛ هناك، أينَ خدمَ الإقطاعيّ حسين بك الإيبش، كوكيل لأعماله. الابن البكر، وكان قد نال قسطاً من العلم عند الخوجا، انتسبَ لاحقاً إلى سلك الدرك، وربما بوساطة من معلّم أبيه.
من غير المعروف، يقيناً، ما لو كانت خطبة بيروزا من بنات أفكار ديبو أو أبيه. هذا الأخير، لعله شاءَ تعويضَ خيبته الشخصية عن طريق هذا الزواج، هوَ مَن رُفضَ حينَ تقدّم لخطبة خالة الفتاة. ولا شك أنّ السيدة ريما، التي رأينا ما عانته أثناء فترة احتجاز ابنتها في ماردين، كانت قد فكّرت بدَورها في إشكالية العلاقة مع أسرة الخطيب. لذلك أدهشت زوجها، لما رأت أن طالبَ القرب شخصٌ مناسب، فيما أعترضَ هوَ عليه مشفقاً على الفتاة من شراسة طبعه، المُحالة إلى لوثة في العقل لا بد وورثها عن الأم. هكذا زفّت بيروزا ذات الأربعة عشرة عاماً إلى ديبو، الذي يكبرها بنحو ثلاث سنين. انتقالها من منزل زوج أمها، الموصوف بالفخامة، إلى منزل الزوج الأشبه بالخرابة، كان شبيهاً بما جدَّ على حياتها من تغيير. لكنها لم تستقر في ذلك المنزل، ولا في أيّ من الأمكنة الأخرى، المتعيّن فيها على رجلها الدركيّ الانتقال إليها بحُكم وظيفته أو بسبب غضب رؤسائه عليه.

***
سرغايا، كانت أولى محطات خدمة الدركيّ العتيد، وهيَ فضلاً عن سحر طبيعتها تقع بالقرب من الزبداني، بلدة جدّته لأبيه. بالنظر لطبعه الصعب، تميّزَ عن باقي أقرانه في الخدمة وأضحى اسمه مرهوباً في عموم المنطقة. على خلاف ذلك كانت امرأته، ما حببها إلى الجميع، سواءً نساء زملاء رجلها أو جاراتها وغيرهن من نساء القرية. في مبتدأ اقامتها هناك، دُهشت لمعرفة أن العديد من تلك العائلات كانت من بني جلدتها وبعضهم بقيَ محتفظاً بلغته الأم. كون المنطقة ذات خيرات وفيرة، فإن الخضارَ والفواكه انهمرت على منزل صف الضابط بغزارة مطر السماء؛ كهدايا بالطبع. وبنفس هذا الاعتبار، كان الرجلُ يفتح درجَ مكتبه للأوراق المالية لقاء خدمةٍ أو وساطة. على أثر نقل خدمته إلى حوران، كان من الممكن أن يكون قد احتفظ بأعذب الذكريات عن سرغايا، لولا حادثة مأسوية، دامية.
" كَوليستان "، ابنةُ كبرى عمَّتيه ( يختصرون اسمها إلى: كَولي )، نشأت مع ديبو كونهما من سنّ واحدة تقريباً. في أوان المراهقة، أحسّ أن قلبه يميل إليها بشدة. صار يبث شجون القلب لعمه مستو، دونما تحديد ماهيّة الفتاة. لكن فيما بعد ساءت علاقته بقريبته، حتى أن مجرد ذكر اسمها كان يُذكي نار البغضاء في قلبه. هذا التحوّل، كان سببه تعيير الفتاة له ذاتَ مرةٍ بلقب " قاتل أمه "، وكان من التأثر عندئذٍ، أنه كاد يرتكب حماقة كبيرة. هذا برغم أن التهمةَ سخيفةٌ ومتهاتفة، كون عُمره لم يبلغ الثامنة حينَ ماتت والدته برمي نفسها في البئر ليلاً. وعلى الأرجح أن جرحه نُكأ مجدداً، لما راجت أقاويلٌ في العائلة عن تكرر ذهاب كَولي إلى صالة السينما، بالنظر لذكرها على الملأ تفاصيلَ الأفلام العاطفية. هذا، كان أمراً مُستنكراً ومُستطيراً في العائلات المحترمة. بقيَ ديبو يتحين الفرصَ، لحين أن استدرجَ قريبتَهُ ذات صيفٍ إلى الفخ القاتل، موهماً إياها أنه سيأخذها إلى منزل جدتها في الزبداني. هكذا أحضرها إلى زريبة قريبة من مقر خدمته، وما لبثَ أن قتلها خنقاً. الحادثة على بشاعتها، لم تكن هيَ وحدها من بقيت تبلبل سلامَ روح القاتل، وإنما بالخصوص دفاعُ الفتاة عن نفسها قبيل كتم أنفاسها: " حفظي لتلك الأفلام، راجعٌ لأنها تُذاع في الراديو وليسَ لأنني حضرتها في التاترو ".
إدمان ديبو على الكحول، لعله تأثراً بتلك الحادثة، وكان سبباً في هلاكه قبيل بلوغه الحلقة السادسة من عُمره. كذلك الأمر فيما قيل عن نزعه الطويل، المستغرق فيه من مساء أحد الليالي الشتوية وحتى ساعة متأخرة من الليل، حيث كان يختنق رويداً بفتات كبده، الدامي: قيل أنهما يدا كَولي، من أطبقتا وقتئذٍ على عنقه وبنفس الطريقة، التي ماتت فيها ظلماً وجهلاً.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثاني
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 2


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس/ 3