أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - - لاشئ سوى الحقيقة - فيلم يناقش حرية الصحافة في الولايات المتحدة ألامريكية ..!!















المزيد.....


- لاشئ سوى الحقيقة - فيلم يناقش حرية الصحافة في الولايات المتحدة ألامريكية ..!!


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 18:49
المحور: الادب والفن
    


تعتبر السينما من أكثر الوسائل الاتصالية تأثيرًا في جميع الفئات المُختلفة في المجتمع، حيث أنها تحولت من أداة لمُجرد التمثيل إلي أداه لتعليم ومُحاكاة الواقع ، وإحداث تغيير في مسار الدول ، ومن هذا المُنطلق تعتبرالسينما من أكثر الوسائل تأثيرًا في المجال السياسي لكونها تؤدي رسالة إتصال إيجابية أوسلبية ذات تأثير كبير، فمنها ما هو موجه ومنها ما يُراد منه توصيل رسالة الى المشاهد أو تقديم الأفكار والاراء ، ومنها ما يسعي الى البهرجة والابهار من أجل تحقيق الربح المادي.
يعتبرالمجال السياسي مركز جذب للعديد من الأعمال الفنية السياسية في كل مرحلة مختلفة، حيث ُيتيح الفن لنا من خلال مرونته الكشف عن العلاقة بين الفنان والنظام السياسي، وبالتالي تأثيره علي الوعي السياسي . ونجد إن الأزمات والنكسات التي يُمر بها المجتمع يستطيع الفن ببعده السياسي أن يكون انعكاساً لها، ويترتب علي ذلك إنها تؤثرعلي صانع القرار بإعتباره ممثل عن المجتمع، وبالتالي نجد إن العلاقة بين السينما والسياسية من الإشكاليات التي ُطُرحت مُنذ العقود للنقاش والتي مازالت حتي اليوم؛ وذلك بفعل التجديد والتطورات المُتسارعة والتي تُميز السينما والسياسية . وظهرت مؤخراً مجموعة من الأفلام التي تعالج هذه القضية الجدلية بين الإعلام والسياسة من ناحية تلميع الوجوه السياسة أو التواطوء أوألتصادم معها وهذا هوالغالب في أحيان كثيرة. هذه الافلام تكشف في معظمها وهَم حرية الإعلام حتى في أهم الديمقراطيات المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية . وقدمت السينما العالمية الكثير من النماذج والامثلة التي تبرز دور الصحفي مرارا سواءاً في أفلام تعتمد قصصا حقيقية تبين دور الصحافة في كشف الفساد وتحدي الساسة ، أو من خلال قصص واقعية تصور الصراع داخل المؤسسات الصحفية ومهام الصحفي ، ولطالما ألهمت هذه الأفلام الملايين حول العالم ممن يحلمون أن يمتهنوا مهنة الصحافة ، أو ألهمت الصحفيين أنفسهم للمضي في مهامهم الجسيمة ، ومن هذه الافلام فيلم ( اللعبة العادلة ) . والذي سبق أن تمت تناوله في مقالة لنا نشرت في موقع الحوار المتمدن (العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 وكانت بعنوان (-اللعبة العادلة - فيلم يكشف زيف الادعاء الاميركي بوجود أسلحة دمار شامل بالعراق ) وتعود الوقائع الحقيقية للفيلم إلى عام 2003 حين تم الكشف عن هوية العميلة ( فاليري بليم )، واقتيدت على إثر ذلك صحفية من "نيويورك تايمز" إلى السجن، الفيلم مقتبس عن مذكرات الجاسوسة الأميركية السابقة "فاليري بليم" الصادرة عام 2007 والتي كانت بعنوان "لعبة عادلة ، حياتي كجاسوسة وخيانة البيت الأبيض لي" . ويسرد الفيلم تفاصيل ما عرف بالـ"بالم جيت" أوالفضيحة السياسية التي هزت الرأي العام الأميركي ، عام 2005 حينما رفع ريتشارد أرميتاج نائب وزير الخارجية الأميركي وبأيعاز من "ديك تشيني" نائب الرئيس الامريكي في حينها ، وأحد صقور إدارة جورج بوش الابن، الغطاء عن فاليري بالم، العميلة في جهاز الاستخبارات الأمريكي ، حين استيقظت عميلة الـ ( سي. أي .أيه ) ، في أحد الأيام على مقال في الـ"واشنطن بوست" بقلم الصحف" روبرت نوفاك لتجد" ، أن العالم كله أصبح يعرف هويتها السرية ، وهو رد انتقامي من زوجها السفير السابق جوزف ويلسون الذي نشر مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "ما لم أجده في أفريقيا" متهما إدارة بوش بالتلاعب بالمعلومات الاستخبارية عن برنامج صدام حسين النووي . وتم سجن الصحفية ( جودي ميلر) ، والتي أثار سجنها جدلا في هيئة تحرير الصحيفة التي تضامنت معها اثناء اعتقالها غير انها انتقدتها علنا فيما بعد وشككت في مهنيتها . وكانت ميلر رمزا للمعركة من اجل حرية الصحافة عند اعتقالها في اطار التحقيق حول تسريب اسم العميلة بليم زوجة السفير جوزف ويلسون الذي كان من اوائل المشككين في وجود اسلحة دمار شامل في العراق قبل الاجتياح الاميركي لهذا البلد في اذار/مارس 2003. غير انها وصفت فيما بعد داخل صحيفتها بانها (امرأة الدمار الشامل) ، واعتبرت الصحافة ومؤسسات الدفاع عن الصحافيين في الولايات المتحدة الحكم بسجن الصحافية في "نيويورك تايمز" جوديث ميلر بانه "يوم اسود" لحرية الصحافة وانحراف للقضاء . ومن الواضح أن الفيلم ( لاشئ سوى الحقيقة) ، مستوحى من قضية جوديث ميلر مراسلة نيويورك تايمز التي قضت 85 يومًا في السجن لرفضها ذكر مصدرها في قضية فاليري بليم . كانت تلك هي الحالة التي قام فيها كبير مساعدي نائب الرئيس تشيني بتفجير غطاء عميل وكالة المخابرات المركزية من أجل تشويه سمعة زوج العميل ، الذي حقق في تقارير تفيد بأن النيجر باعت اليورانيوم لصدام حسين ولم يجد مثل هذا الدليل. كانت قصة اليورانيوم جزءًا من شبكة أكاذيب بوش وتشيني حول أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت لتبرير حرب العراق ، أما في فيلم " لاشئ سوى الحقيقية" السؤال الابرز بعد مشاهدة هذا الفيلم : هل يكشف الصحفي مصادره للسلطات، وهل يمكن أن يضحي بكل شىء من أجل إبقاء مصدره سريا؟ ، القضية معقدة ، ولكن إذا كنت تعرف الخطوط العريضة العامة ، يمكنك بسهولة تفسير قصة الفيلم التي كتبها المخرج " لوري " على أنها موازية مباشرة لميلر / فاليري بليم / جوزيف ويلسون على الرغم من تغيير الأسماء والتفاصيل المحددة . في الحياة الواقعية ، كانت تقارير ميلر ودقتها وموضوعيتها موضع تساؤل حاد ، وتجنب لوري التاريخ بحكمة للتركيز على السؤال الأساسي : أيهما أكثر أهمية ، مبدأ السرية ، أم الأمن القومي؟ . إن محاولة التعامل مع قصة ميلر الحقيقية كانت ستحاصر الفيلم مع الكثير من التعقيدات . فيلم " لاشئ سوى الحقيقة " هي قصة مثيرة عن الصحفية السياسية راشيل أرمسترونج ، التي تحصل على وثائق تدين الرئيس الأميركي ، وتكتب قصة عن فضيحة حكومية محتملة تكشف عن هوية عميل سري لوكالة المخابرات المركزية. دفعت قصتها الحكومة إلى اتخاذ إجراء للمطالبة بالكشف عن مصدرها بسبب تسريب معلومات سرية . وبسبب إعتقاد الصحفية (راشيل) بأنها محمية وحقوقها كمراسلة مصانة وهذا أعتقاد خائب وهذه هي النتجة التي تصل اليها الصحفية في النهاية، ترفض راشيل التخلي عن اسم مصدرها وتجد نفسها خلف القضبان تناضل من أجل المبادئ التي أسست عليها حياتها المهنية . الفيلم من بطولة الممثلة " كيت بيكسل " و من كتابة وإخراج "رود لوري"، وإنتاج 2008 . راشيل أرمسترونج (كيت بيكنسيل) مراسلة سياسية لصحيفة "الكابيتول صن تايمز " بواشنطن ، ولدى رئيسة التحرير، بوني بنيامين (أنجيلا باسيت)، ثقة كبيرة في مهاراتها . بعد فشل محاولة اغتيال الرئيس الامريكي تشن الحكومة هجوما عسكريا على فنزويلا متهمة أياها بأنها وراء تلك المحاولة. وتكشف الصحفية راشيل أن إيريكا فان دورين وتقوم بدورها الممثلة (فيرا فارميكا) هي عميلة سرية في وكالة المخابرات المركزية تم إرسالها إلى هذا البلد الواقع في أمريكا الجنوبية لمعرفة المزيد عن الإرهابيين . وبدلاً من ذلك ، أبلغت رؤسائها بأنها لم تجد أي دليل على أن أي شخص في فنزويلا مسؤول عن الهجوم على الرئيس . رئيسة التحرير ( بوني بنيامين ) ، مقتنعة بأن مراسلتها لديها معرفة كافٍية للقصة وذات مصداقية كبيرة ، مما جعل كبير مستشاري الصحيفة (نوح وايل) يوافق على نشرها . تثير الأخبار ضجة كبيرة عندما تصل إلى الرأي العام . الإدارة الامريكية تغضب وتغلي بشدة وترسل باتون دوبوا (مات ديلون) ، المدعي العام الوطني وهو شخصية وقحة وعنيفة ، لإقناع راشيل بالكشف عن مصدرها ، وعندما ترفض ، تحيلها الادارة ألامريكية إلى المحكمة . يتبنى المحامي ألبرت بيرنسايد (آلان ألدا) قضيتها وهو واثق من أنه يمكنه كسب بعض الوقت لها . ولكن عندما تصرّ على رأيها وترفض إعطاء اسم مصدرها ، يقررالقاضي (فلويد أبرامز) بازدراء حبسها ، ويرسلها إلى السجن للتفكير في تغير موقفها ومحاولة للضغط عليها في تغير رأيها . وتستند الادارة الامريكية في قرارها على قانون ينص (على إن كل من كشف هوية أحد عملاء وكالة المخابرات المركزية قد ارتكب خيانة وأن التسريب حول تقرير العميلة فان دورين يعرض الأمن القومي للخطر) ، ولذا يجب ان تحاكم الصحفية " راشيل أرمسترونغ". لكن المخرج لوري يدور في ذهنه أكثر من حكاية سياسية . الفيلم قبل كل شيء دراما سياسية حول الأشخاص المعنيين ، وممثليه يلعبون الشخصيات المؤثرة وليس الرموز. كيت بيكنسيل هي "راشيل أرمسترونج "، مراسلة "كابيتول صن تايمز". فيرا فارميجا هي العميلة "إيريكا فان دورين" ، ويلعب مات ديلون دور المدعي العام" باتون دوبوا "، الذي من الواضح أنه قصد منه أن يكون المدعي العام للولايات المتحدة باتريك فيتزجيرالد ، و بصفته مدعيًا فيدراليًا ، قاد عددًا من التحقيقات رفيعة المستوى ، بما في ذلك تلك التي أدت إلى إدانة حكام إلينوي رود بلاجوفيتش وجورج رايان ، وقطب الإعلام كونراد بلاك ، والعديد من مساعدي عمدة شيكاغو ريتشارد إم دالي في برنامج الشاحنات المستأجرة . ومن شخصيات الفيلم ألبرت بيرنسايد (آلان ألدا) ألدا وهو المحامي الذي عينته الصحيفة للدفاع عن راشيل . أنجيلا باسيت رئيسة التحرير، التي تتعرض لضغوط لرفع غطاء الحماية عن الصحفية راشيل في محاولة للوقوف بحزم ولكن تساندها في محنتها وتقف معها حتى النهاية وهذا مثير للاهتمام ، هناك أداء رائع لفلويد أبرامز كقاضي فيدرالي . ويكون اللقاء الأول للصحفية" راشيل أرمسرونغ "مع عميلة المخابرات المركزية (سي.أي.أيه) "اريكا فان دروين" في باحة المدرسة التي تجمع كل من الكفل ( تيموثي ) أبن الصحفية راشيل والطفلة ( اليسون) أبنة العميلة أريكا ، حين يتابعن أطفالهن في نفس المدرسة ويكون لقاءهما بالصدفة ، دوبوا ، المدعي العام ، يدعو أرمسترونغ كشاهدة في تحقيقه في التسريب ، وترفض ذكر مصدرها. ومن هنا تبدأ محنتها المروعة في السجن حيث بقيت خلف القضبان لفترة طويلة . على الرغم من أن إتخاذ ها مثل هذا القرار سوف يؤدي الى أن ينفر زوجها (ديفيد شويمر) ، ويبتعد عنها ابنها الصغير والذي يرسم له الاب صورة لها على أنها "أم بلا قلب وتضع الوظيفة فوق الأسرة ". في البداية ، سمحت راشيل لزوجها راي (ديفيد شويمر) بإحضار ابنها تيموثي (بريستون بيلي) البالغ من العمر سبع سنوات لزيارتها في السجن . ولكن عندما ترى مدى خوفه ، قررت عدم عودته مرة أخرى . مع مرور الوقت تشعر" راشيل "أنها تدفع ثمن موقفها وأصرارها حين تكتشف أن زوجها " راي أرمسترونغ " يخونها ويبدأ علاقة غرامية مع امرأة أخرى . وكذالك تفقد حضانتها لابنها ، وفي محاولة لإعادة تسليط الضوء على قضيتها ، وافقت راشيل على مقابلة تلفزيونية . العزاء الوحيد لها هو أنها ترشحت الى جائزة (بوليتزر) ووصلت إلى مرحلة النهائيات ، بعد أن ظلت في السجن لمدة عام تقريبًا ، دخلت في شجار مفتعل مع نزيلة عنيفة بسبب أحتلالها لسريرها وتعرضت لضرب مبرح و نقلها الى المستشفى على اثرها . حبكة الحكاية التي صاغها الكاتب والمخرج رود لوري عن الادارة الامريكية المجنونة بالسلطة بعد 11/9 ممتازة ومقنعة بالرغم انها مستوحاة من تجربة فاليري بليم مع وكالة المخابرات المركزية في واشنطن بوست عام 2003 . والتي أثارت ضجة حول ما إذا كانت إدارة بوش لم تكن مدفوعة بالانتقام من زوج بليم ، السفير الأمريكي الذي ناقض ادعاء الحكومة بأن صدام حسين كان يصنع أسلحة دمار شامل . استبدل الكاتب"رود لوري" في هذا الفيلم العراق بفنزويلا وأسلحة الدمار الشامل بمحاولة اغتيال الرئيس الأمريكي .
يبدأ الفيلم ، بالمعنى الحرفي للكلمة بضجة بينما ينجو الرئيس من محاولة اغتيال و تعلن الإدارة الحاكمة أن المتآمرين من فنزويلا هم من قاموا بتلك المحاولة ، وتبدأ على الفور في قصف هذا البلد ، في محاولة من الادارة الامريكية في أيجاد غطاء لهذا الاعتداء ، ولكن عندما تنشر المراسلة راشيل أرمسترونج (كيت بيكنسيل) مقالًا يشير إلى أن الرابط الفنزويلي مزيف وكاذب ، فإنها تثير غضبً ألادارة ألامريكية ، لأسباب ليس أقلها أنها استشهدت بإيريكا فان دورين بصفتها عضوة في وكالة المخابرات المركزية ، ترسل المدعي العام الفيدرالي باتون دوبوا (مات ديلون) ، الذي يطالب بمعرفة من هو الذي أبلغ أرمسترونغ وكشف عن هوية العميلة فان دورين. لكن أرمسترونغ ترفض الكشف عن مصدرها ، ولذلك اتهمتها المحكمة بالازدراء ، وأرسلتها إلى السجن حتى تقرر الاعتراف بينما كان محاميها الدفاع آلان برنسايد (آلان ألدا )، يعمل بجد ومثابرة مع ورؤسائها في التحرير (أنجيلا باسيت ونوح وايل) ويحاولون تجنب أسوأ العواقب القانونية لكل من الصحفية راشيل أرمسترونغ وصحيفتها . يتعقب الكاتب و المخرج " لوري " الخسائر الفادحة التي تدفعها راشيل أرمسترونج وعائلتها وفان دورين والبلد ، وبالتالي ، للدفاع ليس فقط عن ميثاق شرف الصحفيين ولكن أيضًا عن حقوق الصحفيين الأحرار في نقل الحقيقة ومهما كان الثمن ، وكذالك الصلابة في الموقف والاصرارعلى المبدأ ل( راشيل أرمسترونغ ) يبعدها عن زوجها راي (ديفيد شويمر) ، الذي تظهر ردود افعاله وموقفه ضعيفًا أخلاقيًا في الفيلم ، بينما هي تتحمل الحرمان (ناهيك عن الركل والسحل الوحشي) وألاهانة في السجن . وفي النهاية يتم تصفية عميلة المخابرات المركزية (سي.أي.أيه) "اريكا فان دروين" وأغتيالها ـ وبعد أن قضت الصحفية "راشيل" في الحجز أكثر من ( 366) يوما ، أفرج عنها القاضي ، وقبل ان تصل الى البيت توفقها الشرطة الفيدرالية ، ويعيدها الى المدعى الخاص( دوبوا) الى السجن بتهمة ألازدراء ألاجرامي للمحكمة ، وعرقلة العدالة ، تقدم للمحاكمة و يحكم عليها بالسجن لمدة سنتين ، وفي نهاية الفيلم يعود بنا المخرج الى المشهد الافتتاحي ، وفي باص المدرسة كي يكشف لنا مصدر الصحفية راشيل وهي الطفلة "اليسون "أبنة عميلة المخابرات الامريكية " أريكا فان دروين". وبما أن الحقيقة هي ما تسعى إليه دائما السلطة الرابعة ألا وهو المصطلح الذي يطلق على الصحافة، وهو ما يعاكس عمل السلطة الفعلية التي تتسلم مقاليد الحكم والحكومة ونصابها فإن التصادم ما بين السلطتين أمر واقع لا محالة، حتى وإن كان بأعظم ديمقراطيات العالم، الولايات المتحدة الأمريكية. ولطالما تغنى الأمريكيون بصحافتهم الحرة إلا أنهم استيقظوا على واقع مرير إبان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جورج بوش الابن والتي استمرت ثمانية أعوام متتالية ، استيقظوا على أن ما كانوا يفاخرون به بدأ يتحطم على صخرة "الأمن القومي" والذي قد ترتكب جميع التجاوزات تحت ذريعته. فكيف يتم التمييز ما بين حرية تدفق المعلومات الصحفية وبين حماية الأمن القومي ومتطلباته من أسرار وقيود، هذا الهلع الجديد بالمنظور الأمريكي هو موضوع هذا الفيلم الشيق الذي أخرجه رود لوري ، وقامت ببطولة الفيلم النجمة البريطانية كايت بيكينسل والنجم مات ديلون إلى جانب أنجيلا بيسيت وظهور مميز للممثل القدير والمحبوب آلان ألدا .
يدخلنا الفيلم بقضية مدى حرية الصحافة وعدم تقييدها حتى لو وصلت لأعلى المستويات وتطرقت لأمور "الأمن القومي" لا سيما أثناء الأزمات والحروب أو الصراعات المحدودة النطاق ومدى تأثيرها على الرأي العام الأمريكي . ثم يعرج بنا العمل نحو الدهاليز القانونية والدستورية بتأثيرات قضية تقييد الحرية الصحافية على مجتمع اعتاد على مثل هذا المناخ من الحرية الاعلامية . لا شك أن الفيلم وظف العديد من الأحداث الحقيقية التي وقعت سابقا بالولايات المتحدة ولكن بشكل غير مباشر مثل الفضائح السياسية التي كشفتها الصحافة كفضيحة (ووترجيت) 1972 التي كشفت فساد الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون وأدت لإقالته من سدة الرئاسة الأمريكية بعد لجان تحقيق واستجوابات مريرة. ويشير الفيلم كذلك إلى سوء استخدام القوة والبحث عن مبررات واهية للقيام بعمليات عسكرية "انتقامية "، وقد رأينا العديد من الأمثلة الواقعية بالتاريخ الأمريكي الحديث، مثل ضرب مصنع بالسودان ردا على تفجيرات نيروبي ودار السلام عام 1998، وكذلك ضرب أفغانستان جويا بنفس ذلك العام. أما المثال الأبرز فهو غزو العراق عام 2003 بناء على مبررات غير حقيقية كما صرح بذلك وزير الخارجية الأسبق كولين باول الذي أقر بأنه قد خُدع من الذين قدموا له تلك المعلومات والبيانات التي ثبت عدم صحتها بعد احتلال ذلك البلد . فهذه كلها عبارة عن وقائع حاول مخرج الفيلم البناء عليها دراميا وبقالب من الإثارة والتشويق النفسي . الفيلم يؤكد على حرية الصحافة ، إن الصحافة الحرة تندرج في صميم الحق في حرية التعبير، وتوفر خط الدفاع الأمامي عندما يتعلق الأمر بحماية حق الوصول إلى المعرفة والمعلومات وفقا لما هو محدد في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الصحافة الحرة توفر نافذة يمكن من خلالها كشف كافة انتهاكات هذا الحق الأكثر أهمية بين الحقوق الأساسية . إنها تؤكد أن انتقاد أولئك الموجودين في السلطة وإخضاعهم للمساءلة واستدعاءهم أمام العدالة هو حق الأكثرية من الناس وليس حق فئة قليلة . باختصار وبكلمات بسيطة ، حرية التعبير هي الحق الذي يدعم كل الحقوق ، ويعمل على تعزيز دعمنا لقضية أرمسترونج . حيث إن الصحافة الحرة تندرج في صميم الحق في حرية التعبير، وتوفر خط الدفاع الأمامي عندما يتعلق الأمر بحماية حق الوصول إلى المعرفة والمعلومات . ومع ذلك ما زال العاملين في وسائل الإعلام حول العالم يتعرضون للعنف الجسدي والاضطهاد والمضايقات من كل صنف، سواء كان ذلك من موظفين رسميين في السلطة أو المجرمين أو الإرهابيين . والاعتداءات يومية - وكثيرا ما تكون قاتلة - على أولئك الذين يتحدّون الحكومات أو يعدون تقريرا عن صراع أو يحققون في الفساد والجريمة ، هؤلاء هم الناشرون والمحررون والصحفيون الشجعان الذين يواصلون مواجهة القمع من أجل نقل وتوصيل الأخبار وتوعية الجمهور بحقه في المعرفة .
تحرر الكاتب و المخرج " لوري "، ومن خلال الخيال للقيام بأمرين مهمين للغاية، أولاً : يعرض الفيلم القضايا ذات الصلة بوضوح كبير ، ثانياً : يظهر أن أسباب المراسل لإخفاء المصدر قد تكون أكثر إقناعًا مما نعتقد . ما يرضي بشدة حول "لا شيء سوى الحقيقة" هو أن الاستنتاج ، الذي سيكون مفاجأة لجميع المشاهدين تقريبًا ، ليس خداعًا ، وهو معقول ، عندما يصطدم المشاهد بان مصدر المعلومة للصحفية راشيل هي الطفلة أليسون أبنة عميلة المخابرات و رفيقة أبنها في المدرسة وربما هذا احد الاسباب القوية في عدم الكشف عن مصدرها . وبسبب أصرارها دمرت حياتها بعد أن رفضت ذكر مصدرها للحكومة الفيدرالية . من بين الإنجازات العديدة في نص لوري هو نجاحه في كسب تعاطف المشاهد تجاه الصحفية "راشيل آرمسترونغ "، وفي دفاعً المحامي " برنسايد" عن راشيل أرمسترونغ ، وفي جلسة استماع للمحكمة العليا ، يوضح محامي الصحفية برنسايد ما الذي سيعنيه لمصداقية الصحافة الحرة إذا خسرت أرمسترونغ قضيتها . يصبح خطاب برنسايد العمود الفقري في الفيلم . حين يطلب المحامي أنسايد – محامي الصحفية راشيل وفي جلسة الاستماع من القاضي الاختلاء بالصحفية راشيل ويصارحها " الصحافة توفقت أن تكون الفارس الابيض ، بل بدأت تتحول كالتنين ، هكذا يراها الناس". هل تريدين معرفة لماذا لاتوجد صحافة في هذه البلاد بما فيه صحيفتكِ والتي لم تستمر بتغطية قصتك ؟ ، وتخبره الصحفية راشيل" الحقيقة لوكنت أدري أن كتابة هذا التقرير اللعين كانت ستبعدني عن إبني ( تيمي ) ، فربما ماكنت قد كتبته ! ، ولكن ها نحن القصة أنتشرت ، والطريق أخترناه وليس هناك طريق للعودة ، وفي النهاية إبني سيكون بخير، وراي والد عظيم وسيكون تيمي بخير ، ولكن لن اكشف مصدري ، لانه سيغتال مثما إغتالوا العملية إيريكا فان دورن " . يتناول المخرج لوري بعض الموضوعات الصعبة في فيلمه" لا شيء سوى الحقيقة"المواضيع السياسية ، تهديد الأمن الداخلي ، والدورالاستقصائي والرقابي لوسائل الإعلام ، وكذالك إنتهاك الحريات المدنية ، وألاساليب اللانسانية التي استخدمها المدعي العام ووكالة المخابرات المركزية للحصول على ما يريدون . تقوم كيت بيكنسيل بعمل رائع في تصويرها كمحاربة شجاعة تعاني بشدة من أجل حماية مصدرها . أبطال الفيلم ، كيت بيكنسيل بدور الصحفية راشيل أرمستونغ ـ لصحيفة كابيتال صن تايمز ، وهي صحيفة في واشنطن. وكذالك الممثل مات ديلون بدور المحقق ( باتون دوبوا) وأيضا الممثلة فيرا فارميكا بدورعميلة المخابرات إيرك فان دورم ) عميلة وكالة الاستخبارات المركزية ألامريكية، والممثلة إنجيلا باسيت في دور رئيسة التحرير "بوني بنجامين"، المخرج: رود لوري كاتب السيناريو: رود لوري ، الموزع مجموعة ياري مدة العرض: 108 دقيقة ، قدمت مجموعة ياري الفيلم ، ولكن بسبب دعوى الإفلاس في عام 2008 ، وأصبح في طي النسيان منذ ذلك الحين . " لا شيء سوى الحقيقة" هو فيلم مصنوع بدقة لأشخاص وأفكار ، من النوع الأكثر شيوعًا إنه فيلم إثارة سياسي . في النهاية ، تصور أنك نعيش في عالم لا يُسمع فيه صوتك وتُرفض فيه وجهات نظرك وتتجاهل مصالحك . عالم يُستهدَف فيه أولئك الذين يدافعون عن الحقيقة وينشرون الحقائق ويتكلمون جهارا ضد الاستبداد ، هؤلاء يُسجنون ويُعذَّبون ويُترَكون وحدهم ينهارون في صمت . عالم سيطر عليه الخوف ، خوف من العقاب علي الحرية، خوف يطارد كل كلمة حرة.. ويتغلغل تدريجيا في كل سطر .



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم -مسيو لزهر- درساَ في التربية والتعليم
- الكذبة الجيّدة فيلم سرد لأثار الحروب الاهلية ولمعاناة اللجوء ...
- الفيلم الاسباني ( آدو) – يكشف لنا جانب من الهجرة البشرية في ...
- فيلم -سنونوات كابول - دعوة إلى نشر الحب والحرية في مواجهة ال ...
- الفرنسي فرانسوا أوزون يكشف الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال داخ ...
- فيلم - أشباح گويا - يوثق حقبة سوداء فى تاريج اسبانيا ، ونقدا ...
- -فاتح أكين- يكشف جرائم منظمات النازيين الجدد وكراهية الأجانب ...
- -ماء الورد- فيلم يفضح قمع النظام الإيراني للمحتجين عامةً وال ...
- الفيلم الامريكي ( هالة ) - تجربة مراهقة مسلمة في المجتمع الغ ...
- فيلم - الثورة الصامتة - يلقى بظلاله على الانتفاضة الشعبية ال ...
- ( أنا ديفيد) فيلم يرصد رحلة روحية واستكشافية للصبي ديفيد
- - شبكة واسب - فيلم يعكس جانب من التوترات الكوبية -الأمريكية
- فيلم - ألف مرة ليلة سعيدة -حيرة أم بين واجبها كأم وزوجة وإيم ...
- -ماتشوكا- فيلم يجسد لحظة إنكسار براءة الاطفال أمام عنف السلط ...
- (العودة الى البيت ) فيلم صيني يعري مرحلة عاصفة من تاريخ الصي ...
- - الشاب أحمد- فيلم يناقش تأثير الجماعات الاسلامية المتطرفة ع ...
- -موفق محمد - الراوي لشاعرة إسمها ( الحلة)
- -فرط التطبيع- فيلم وثائقي يؤرخ لمرحلة قلقة من تاريخنا المعاص ...
- (المنصّة) فيلم يتمحور حول الجشع البشري وإساءة إستخدام الموار ...
- -سيرجيو- قصة مثيرة للاهتمام لمن يريد متابعة حكاية مندوب الأم ...


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - - لاشئ سوى الحقيقة - فيلم يناقش حرية الصحافة في الولايات المتحدة ألامريكية ..!!