أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -فاتح أكين- يكشف جرائم منظمات النازيين الجدد وكراهية الأجانب في فيلمه - في التلاشي -















المزيد.....


-فاتح أكين- يكشف جرائم منظمات النازيين الجدد وكراهية الأجانب في فيلمه - في التلاشي -


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


يتزايد الجدل في ألمانيا هذه الأيام ، حول فرض رقابة على التيارات اليمينية المتطرفة ، ومنها حزب البديل من أجل ألمانيا (أية.أف دي). والذي يتمتع بالغطاء الشرعي تحت قبة البرلمان الألماني ، وهو تحدي كبير تشهده ألمانيا في الوقت الحاضر، وهذا التحدي يكمن في قدرة واستعدادات الحكومة ومدى إمكانيتها بتقديم الشواهد والأدلة إلى المحكمة الدستورية للحصول على الموافقات. يذكر أن الهجرة والإسلام هما الموضوعان الرئيسيان بالنسبة إلى الأحزاب اليمينية في ألمانيا وأوروبا إذ يطالب بتقليص تأثير الاتحاد الأوروبي وتفعيل دور الأوطان الأوروبية . وضمن ردود الأفعال السريعة طالب وزير الخارجية الألماني بتنظيم احتجاجات ضد الإرهاب اليميني على خلفية مقتل السياسي فالتر لوبكه رئيس مجلس مدينة كاسل مطلع شهر يونيو من عام 2019 . في المانيا بالتحديد يتخذ العنف الذي يمارسه النازيون الجدد في المانيا ابعادا مأساوية وخطيرة فهناك ما لا يقل عن 58 منظمة وحزبا وجماعة تمارس العنف في شتى المدن الالمانية ضد الاجانب بلا استثناء منهم فقط 4 منظمات معروفة والباقي منظمات سرية تعرفها اجهزة الامن لكنها لا تداهم مواقعها ولا تحاول كشف أو تتبع اعمالها الاجرامية لاسيما ضد الاتراك الذي يبلغ عددهم في المانيا حوالي 2 مليون تركي والذين يعاملون باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية اوالثالثة رغم حصول معظهم على الجنسية الالمانية ، ويستفحل مرض العنصرية والتعصب ويكبر لاسيما بين الاجيال الجديدة والذي تمثل في ابشع صورة في حرق عدد من الفتيات التركيات بمعرفة صبي يبلغ من العمر 16 عاما!. وبعد ان كانت المانيا ملاذا للاجئين والمهاجرين الذين ساهموا في اعادة بنائها بعد الحرب العالمية الثانية وحتى السبعينيات اصبحت منذ اواخر السبعينيات تقود اوروبا لحرب المهاجرين بل وتصدر اليها تنظيمات النازيين الجدد. لدرجة ان الالمان يجوبون اوروبا لعقد الندوات والمؤتمرات التي تدعو لتشكيل تنظيمات متطرفة تؤمن بالعنف كسياسة لطرد المهاجرين والتخلص منهم دون انتظار القوانين الحكومية . ولم تكتف المنظمات النازية بالتعديلات التي ادخلت على المادة 16 من الدستور الالماني التي اقرت طرد الاجانب من المطارات والموانىء وعدم السماح بدخولهم المانيا ، بل طالبت بطرد الاتراك الموجودين والمقيمين حاليا بصورة مشروعة اوغير مشروعة وحينما عبرت بعض النساء الالمانيات المتزوجات من اتراك عن معارضتهن لهذه الحملة ردت المنظمات المتطرفة: (لابد من ترحيل هؤلاء النساء الخائنات قبل ترحيل ازواجهن لانهن خن سياسة المحافظة على بقاء الجنس الالماني) ، الى هذا الحد المخيف تبلغ حجم الكارثة في المانيا بعد ان خرج زمام الامور من الحكومة الى ايدي الجماعات والمنظمات اليمينية المتطرفة والتي اصبحت تفرض توجهاتها على الحكومة لاسيما شعار (اطردوا الاجانب) . ولا يخفي زعماء هذه الجماعات النازية أمثال (جيرهارد فراي) و(فرانز شوتهويد) اعجابهم بـ (جرينوفسكي) زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي في روسيا وهو رجل متطرف ومتعصب وعنصري بدرجة كبيرة، نجح في الحصول على 25% من اصوات الروس في الانتخابات التشريعية ، وقد ثبت وجود تنسيق وتعاون مستمر بين التنظيمات اليمينية المتطرفة في المانيا وجرينوفسكي، حيث قدموا له مساعدات مادية ضخمة لتساعده على الفوز . وقد صدر عام 1994 كتاب في المانيا بعنوان (تصفية حسابات) لمؤلفه (امنجوها سيلباخ) احد زعماء النازية الجديدة سابقا حيث قص فيه تجربته مع النازية الجديدة التي اصبحت تجذب الشباب الالماني من كل صوب بدءا من الاعتناق والانبهار بها الى اكتشاف وجهها القبيح وصدمته بما رآه فلقد تسلق هاسيلباج سلم منظمات النازية الجديدة بقناعة ودأب واستمرارية ليصل في سن 26 عاما الى منصب قيادة حركة نازية في المانيا الشرقية تعرف باسم (البديل الالماني) ثم كون حزبا باسم (البديل الوطني) فيذكر في كتابه انه استطاع ان يصل الى عقول وقلوب الشباب لان المدرسة لا تتحدث مع الصغار عن النازية بشكل مستفيض فلا توضح حقيقة هذه الحركة المتطرفة من جذورها وهو ما يعطي النازيين الفرصة والمساحة الزمنية لكي يجذبوا الصغار الى الجوانب الايجابية التي يشملها نظام (الرايخ الثالث) وبدون الاشارة الى جوانبه السلبية المدمرة. ويوضح ان النازية كعقيدة وفكرة اصبحت ذات جاذبية خاصة بالنسبة للشباب المقبل من شرق المانيا ويبحث عن هوية فوجد فيها اشباعا لاحتياج عميق للانتماء ثم يضيف هاسيلباخ التدريبات العسكرية الدورية التي كانت الحركة تنظمها وكيف كان كبار المحامين والاطباء واساتذة الجامعات يتبرعون بأموال طائلة للاحزاب اليمينية المتطرفة. وعندما قام المتطرفون في عام 1992 بالتحدد في مدينة روستوك، واحرقوا منازل المهاجرين وسرقوها لمدة خمسة ايام بدون أي تدخل من البوليس ادرك لاول مرة مدى انحراف الحركة النازية الجديدة وانها اطلقت العنان لاشباح مخيفة. ويضيف: (لقد جاءت اخيرا نقطة التحول الحاسمة عندما صاح (حليقوا الرؤوس) النازيون الجدد (هايل هتلر) ثم نجروا منزلا يعيش فيه مهاجرون اتراك وقتلوا طفلة تركية في العاشرة من عمرها مع جدتها) . هنا لم يحتمل هاسيلباخ الاستمرار وقال: (لقد شعرت بحزن بالغ عندما رأيت جثة الطفلة وهم يخرجونها من المنزل وادركت انني احد المسئولين عن هذا الحادث البشع) ، فذهب بعد ذلك الى فرنسا حيث اختفى لفترة حاول التخلص فيها من تأثير النازية التي انتشرت في جسده وعقله تسمم افكاره واحاسيسه وحتى يقطع على نفسه كل خط رجعه اصدر كتابه الذي اعلن فيه موقفه من الحركة النازية وكشف فيه النقاب عن النازية كعقيدة وممارسات هدامة واظهر حقيقتها التي وصفها بأنها (فكرة شاذة وسخيفة وخطيرة ومجنونة) ، وقد طالب بعض الناشرين بتدريس هذا الكتاب في المدارس الالمانية حتى يساعد الشاب على مواجهة بعض مشاكلهم الخطيرة التي انبعثت من الازمة النفسية والاجتماعية التي تعيشها المانيا بعد الوحدة والتي كانت سببا في ضياع هوية جيل من الشباب. الوضع الذي استغلته الاحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة بأن ربطت بين تزايد عدد المهاجرين ونوعياتهم واحوالهم الاقتصادية والاجتماعية السيئة وبين قضيتي عدم الامان وتهديد الهوية القومية وبذلك تقدم التيار اليميني المتطرف على الساحة السياسية في دول اوروبا بصورة جديدة تماما جذبت اليه تلك النسبة العالية من المؤيدين الذين هم في حقيقة الامر لا ينتمون ايديولوجيا الى اليمين المتطرف ولكنهم يئسوا من الوضع الاجتماعي والسياسي وارادوا ان يعبروا عن احتجاجهم وعدم رضائهم عن المسئولين السياسيين سواء من اليمين او اليسار بالتصويت لصالح اليمين المتطرف . الكثير من التساؤلات الجدية والجذرية باتت مطروحة على ساحة ومائدة النقاش، ولا سيما بعد ما جرى في الفترة ألاخيرة في مدينة كيمنتس الألمانية، حيث نزل إلى الشوارع آلاف عدة من مواطنيها، ملوحين بالأعلام الألمانية ومؤدين التحية النازية، ومطاردين للمارة من أصحاب البشرة الداكنة ، وهي خطوة يعاقب عليها القانون الألماني بالحبس، ورغم ذلك وقف رجال الشرطة عاجزين عن التدخل في المشهد لقلة عددهم، وخوفاً من الاشتباك معهم .
فيلم " في التلاشي" استوحي قصته من سلسلة جرائم ارتكبها نازيون جدد. وهو يدور أيضا حول عملية نفذتها جماعة يمينة ‏متطرفة في ‏هامبورج بألمانيا قبل سنوات، حيث تنفذ جماعة الحركة السرية القومية الاشتراكية في ألمانيا، وهي ‏حركة للنازيين الجدد، عدة جرائم بين عامي 2000 و2007 بحق ‏مجموعة من المهاجرين إحياءً لفكر النقاء العرقي ولرفضهم سياسة ‏بلادهم الداعية لاستقبال اللاجئين والمهاجرين، بينما تحاول البطلة أن تفهم ‏حقيقة ما حدث بعد غموض وبطء التحقيقات، حيث تلتقي وجها لوجه بقتلة ‏زوجها الذين يدافعون عن أفكارهم بكل شراسة.‏ فيلم المخرج التركي الألماني "فاتح أكين "الذي رُشح لجائزة "غولدن غلوب" وأُدرج في اللائحة القصيرة لجائزة أوسكار أفضل عمل بلغة أجنبية ، يغوص في عالم النازية الجديدة ، والهجرة، والشك ، والأسئلة المربكة عما إذا كانت امرأة تستطيع العثور على الراحة في الانتقام بعدما قتلت قنبلة إرهابية زوجها وابنها الصغير . يتناول المخرج "أكين" في فيلمه القوي والمؤثر"من التلاشي" ما يجمعنا ويفرقنا في زمن التطرّف وظهور مقاتلي اليمين البديل . تغرق بطلة القصة الزوجة كاتيا (ديانا كروغر) في حالة من الغموض المقلق، متأرجحةً بين معضلة أخلاقية وخسارة مؤلمة ، حِكاية الفيلم تدور في مدينة " هامبورغ " الألمانية ، نُطل من خلالها على حياة زوجين وإبنهما ، الزوج " نوري "الكردي – التركي الاصل والذي قام بتأدية دوره الممثل التُركي "نعمان آسار" ، وزوجته " كاتيا" التي قامت بدورها الممثلة الرئيسية " ديانا كروغر " والطفل"روكو" الذي قدمه المُمثل الصغير "رافاييل سانتانا ". صورةعائلة جميلة وكما هي العادة تعيش سلاماً داخلها " نوري " هو كُرديَ الأصل و يعمل في مكتب للضرائب ومُترجم ، حيث كان قبل ذلك كله تاجر مُخدرات ، أما " كاتيا " فهي أم مُربية تعتني بزوجها وطفلها ، جمعتهما علاقة غرامية أيام الدراسة فأودت بهم إلى الزواج بعد فترة من حُكم " نوري" بالسجن على خلفية الإتجار بالمخدرات ، سيناريو الفيلم الذي قام بكتابته " فاتح آكين " بالاشتراك مع المُؤلف "هارك بوم " يروي الفيلم ، الذي أراد المخرج أن يُسرد القصة في ثلاثة أجزاء، الجزء الأول بعنوان (العائلة ) والجزء الثاني أعطاه عنوان (العدالة) أما الجزء الثالث فقد حمل عنوان(البحر) ، قصة كاتيا ، هي قصة إمراءة محطّمة ويائسة في منزلها المظلم بعد مقتل إبنها وزوجها وبداية التحقيقات التي كانت تشير في البداية بكونها تصفية الحسابات للمافيا التركية او الكردية حسب مزاعم ضابط التحقيق ،على ضوء ماضي الزوج نوري الذي كان تاجرا للمخدرات ، لكن الزوجة تؤكد ترك زوجها لهذا النشاط وإهتمامه بالعائلة ، تنتقل إلى المحكمة ، ومنه إلى سواحل اليونان الحارقة حيث تلاحق المتطرفين الذين قتلوا عائلتها، أحداث قليلة ومشاهد رائعة شرحت ورصدت المشاعر وحالة الفقدان و الخسارة ، في المشهد الافتتاحي للفيلم، وهو مشهد زواج ( كاتيا) وهي إمرأة المانية من الذي تحبه وهو (نوري ) الكردي – التركي ، رغم وجوده خلف القضبان بتهمة تجارة المخدرات تتم مراسيم الزواج ، فحملت وأنجبت منه طفلهما الوحيد ، وعندما خرج إلى الحرية أراد أن يبدأ حياة جديدة لذا عمل في إدارة شركة مستقلة ، وعاش الثلاثة في سعادة وراحة بال ، في أحد الأيام وبعد قليل من ترك الإبن مع والده في المكتب ، تفاجأ كاتيا بأن إنفجاراً دمّر المكان على من فيه ، فخسرت "كاتيا" (دايان كروغر) زوجها "نوري" (نومان أكار) وطفلها، وبقيت بعد الحادث في حالة من إنعدام التوازن ، تعيش على ذكريات لأيام جميلة قضتها مع زوجها المحب و طلفها وتتذكر كل اللحظات الطيبة في حياتها العائلية ، وكان الخبر الرائع هو معرفة الجناة وإعتقال الفاعليْن ، ثم تحديد موعد لمحاكمتهما . ولجأت الزوجة كاتيا الى صديق زوجها المحامي الصديق "دانيل فافا" (دينيس موشيتو) الذي ساندها ووقف إلى جانبها وعمل بكد ليل نهار من أجل إنزال القصاص ومعاقبة المتهميْن بالإعدام، إلاّ أن محامي القتلة النازيين وصلته معلومة تقول بأن "كاتيا" تتعاطى المخدرات ، وهي حقيقة لأنها لم تستطع تحمّل عبء فراق الزوج والإبن على هذه الصورة الميلودرامية فسعت إلى النسيان عن طريق المخدرات ، وهذا الأمر طرح شكوكاً عديدة في توازنها وتركيزها وهي الشاهد الرئيسي في تحديد صورة المراة التي وضعت القنبلة في البناية التي التي يعمل بها زوجها وكان من تداعياته أن جاء الحُكم لصالح القاتلين وهو البراءة!!. جُن جنونها ولم تصدّق ما حصل ، فإنعزلت وباشرت التفكير ثم التنفيذ ، إشترت مكوّنات صنع عبوة ناسفة أضافت إليها مسامير كبيرة ، ثم وضعتها في حقيبة ورصدت مكان وجود الشاب والفتاة المتهمين اللذين نالا البراءة، في قاطرة عند شاطئ البحر في اليونان، وإستغلت ممارستهما الرياضة الصباحية ودسّت العبوة تحت القاطرة وإبتعدت عشرات الأمتار تراقب الوضع حتى تصطادهما بتفجير العبوة عن بعد ، لكنها بعد إنتظار، لمحت طائرا جميلا حطّ على القاطرة جعلها تغير رأيها وتستعيد العبوة ولم تنفذ عمليتها . ولكن غياب العدالة وأحساسها بالظلم وكثرة إلحاح حضور إبنها وزوجها على ذهن "كاتيا" جعلها تقرر اللحاق بهما فعادت وحزمت حقيبة العبوة وإستيقظت باكراً وقصدت مكان إقامة القاتلين وإنتظرت حتى دخلا إلى القاطرة فتبعتهما ليدوّي إنفجار يحطم القاطرة ويشعل حريقاً في المكان ، كآخر مشهد في الفيلم ، الذي يتسم بروح شفافة، حساسة ، ومتدفقة بالمشاعر، والأهم في الحيثيات أن (كاتيا) تلك السيدة البريئة المسالمة إضطرت لأن تواجه المجرمين بسلاحهم نفسه ، وإعتبرت الموت طريقاً لها لبلوغ عنوان أعز الناس عندها الزوج والإبن ، في رحلة متشعبة، بلغت الذروة عندما دفع القاتلان ثمن فعلتهما ميدانياً . أحداث الفيلم التي جسدت واقعا مأساويا ، تبدو شبيهة بما جرى من قبل في ‏نيوزيلندا والنرويج ، ففي النرويج ، كان هجوما شبيها حدث فيها عرف باسم "مذبحة النرويج"، المذبحة التي حدثت في تموز من عام 2011، وظهر اليميني المتطرف "اندرس براييفك" على الشاشة وهو يحاول أن يقنع ‏بخطابه جماهير أخرى بالتضامن مع وجهة نظره، حيث كان يجلس ‏بتفاخر في أثناء التحقيقات والمحاكمة بعد أن حظى بواحد من أشهر ‏المحامين في البلاد ليترافع في قضيته ، مؤكدا أن توجهه العنصري سيسهم في تغيير المجتمع إلى الأفضل بعد أن يتم الاستيلاء على السلطة، ‏حيث كان ينتمي إلى حزب يميني شهير، حرص كثيرون من صناع الأفلام التسجيلية على تناول المأساة من جوانب مختلفة تتعرض إلى تفاصيل الحادث والأسباب التي دفعت بريفيك إلى ارتكابه، ومسؤولية الحكومة ومدى كفاءتها في التعامل مع الأعمال الإرهابية ، إلى جانب توثيق روايات الناجين وأسر الضحايا وكذالك أصدقائهم . تم إنتاج فيلمين روائيين عن الحادث لكل منهما أسلوب ووجهة نظر مختلفة، الفيلم الأول يحمل اسم" 22 يوليو" عرض في عام 2018 للمخرج البريطاني بول كرينكراس ، وكان بين أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ75. والثاني للمخرج النرويجي إريك بوبا، بعنوان (أوتويا) وقدم باللهجة النرويجية . نجح مخرج فيلم "في التلاشي" أن يتطرق من خلال أحداثه إلى أحد الملفات الساخنة في ألمانيا وهي ضحايا جرائم العنف والكراهية ، التي تمارس ضد الأجانب من المهاجرين واللاجئين في عدد من الدول ومن بينها ألمانيا، وهي أحداث مستوحاة من قصص جرائم حقيقية لإحدى الحركات الألمانية اليمينية المتطرفة ، وتم الكشف عنها عام 2011 ، بعد ارتكاب أكثر من 9 عمليات قتل وبخاصة بحق الأتراك والمهاجرين في أنحاء متفرقة في ألمانيا، وقصة الفيلم بالتحديد مستوحاة جزئياً من وقائع الكشف عن إحدى جماعات النازيين الجدد (اشتهرت إعلامياً باسم "خلية تسفيكاو" في عام 2011 بعد قيامها بتنفيذ عمليات قتل بحق مهاجرين ومواطنين من أصول غير ألمانية في أنحاء متفرقة من ألمانيا خلال الفترة بين 2000 و2007 . يقدّم الفيلم ومخرجه ( فاتح آكين) إدانة صريحة لخطابات العنصرية وكراهية الأجانب، ضمن حكاية عن المهاجرين وصعود اليمين المتطرف ، ويثير من خلالها تساؤلات حول عدالة النظام القضائي وواقع الجالية التركية في ألمانيا . حكاية الفيلم بسيطة ومؤثرة حول امرأة ألمانية متزوجة من ألماني مسلم من أصل كردي(تماماً مثل أكين) ، تنقلب حياتها بمقتل زوجها وابنها الوحيد في انفجار قنبلة أمام مكتب زوجها. وفي سعيها لمحاكمة القتلة وتحقيق العدالة، تتكشّف أمامها حقائق مفزعة ترتبط بعمليات البحث المملة وإجراءات التقاضي البطيئة التي ستمثل ضغطاً مضاعفاً على أرملة لن تبقى هادئة أمام رؤية حقها يضيع ، لتلجأ في النهاية إلى حلٍّ سيبدو مثل الصفعة في نهاية فيلم يرى مخرجه أن "الأفلام عليها أن تكون مثل ضربة ملاكم قوي. فيلم "من التلاشي" للمخرج "فاتح أكين" إنتاج ‏عام ‏‏2017 يركز بشكل أساسي على خطر النازيين الجدد في ألمانيا ، فاز بالكرة الذهبية كأفضل فيلم أجنبي، كما فازت بطلة الفيلم " ‏ديان ‏كروجر" بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي، وحفل الفيلم ‏الألماني ‏إشادة كبيرة . وتجسد ديانا كروجر دور "كاتيا" التي تعيش في مدينة "هامبورج" مع زوجها الكردي وابنها (5 أعوام)، وعكست بإتقان وابداع الحياة الحزينة التي تعيشها الزوجة والأم التي بدورها كانت ‏تتلهف على أخبار التحقيقات، ثم تحاول فيما بعد أن تحصل على العدالة ‏هي بنفسها ، ثم تنهار حياتها فجأة رأساً على عقب، بعد مقتل زوجها وابنها الصغير، إثر انفجار قنبلة، وتحاول أن تتماسك بطريقة أو بأخرى إلا أن البحث الطويل والمضني عن مرتكبي الحادث، بهدف كشف الأسباب الخفية التي تقف خلفه ، يصبح شيئاً فشيئاً بلا معنى، مما يعمق من جروحها وأحزانها ، المخرج أكين أكد أن بطلة العمل النجمة "ديانا كروجر" كانت من ضمن العوامل التي ساهمت في إنجاح هذا الفيلم، فقد حصلت بطلة العمل على جائزة افض ممثلة من مهرجا كان السينمائي في دورته السبعين، أما عن إختياره للممثلة ديان كروغر، خصوصاً أنها المرة الأولى لها في الظهور في فيلم ألماني، علل ذالك قائلا : "حين قررت أن هذا الدور ستقوم به ممثلة ألمانية ، جاء ببالي الأسماء المألوفة والمعتادة، لكني لم أشعر أن أياً منهم يتناسب مع ما أريده. ثم تذكرت ذلك اللقاء الذي جمعني بديان في العام 2012 في مهرجان كان السينمائي. قالت آنذاك إنها تريد أن تعمل معي. فكرت أن هذا سيكون مختلفاً، لأنها لم تعمل من قبل في ألمانيا. أرسلت إليها السيناريو، وردت على الفور بالموافقة. التقينا، وفي اللحظة التي التقينا فيها، شعرت أنها الاختيار المثالي للدور ". اللافت في الأمر أن ألمانيا رشحت الفيلم في مسابقة أوسكار فئة أفضل فيلم غير ناطق بالانجليزية . يخبرنا المخرج"فاتح أكين " البالغ من العمر 44 سنة ، ويقول : شهدتُ طوال حياتي اعتداءات نفّذها نازيون جدد في ألمانيا. بدأت في ثمانينيات القرن الماضي مع الحليقي الرأس. ولطالما شعرتُ بأن هذه اعتداءات شخصية ضدي . لذلك احتجت إلى عملية تطهير. لذا أعددت هذا الفيلم. ولكن تحوّل مشروعي إلى عمل يلائم العالم بأسره، بما فيه الولايات المتحدة) . في عام 2004، قال أوزكان موتلو، نائب البرلمان عن حزب الخضر والذي ينحدر أيضا من أصول تركية: "مع نجاح فاتح أكين، بدأ عهد جديد بالنسبة لنا نحن الأتراك في ألمانيا". يقاوم أكين، الذي ولد في عائلة تركية مسلمة ، وترعرع في هامبورغ، الذوبان في المجتمع على غرار أتراك كثر . نتيجة لذلك، حقق تقدماً فنياً جريئاً أهدافه تتداخل مع الطيفين السياسي والديني، لم يتوان أكين عن الخوض في قضايا مثيرة للجدل ، سواء بالنسبة لأصوله التركية أو لحاضره الألماني، بما في ذلك الإبادة الجماعية للأرمن والنازيون الجدد . في فيلمه "القطع" عام 2014 الذي يدور حول إبادة الأرمن على أيدي القوات العثمانية في شرق تركيا عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى والذي تزامن عرضه مع الذكرى المئوية لهذه المأساة الإنسانية والذي أغضب أتراكاً كثراً بسبب هذا الفيلم ، لأن هذه المجزرة تشكّل موضوعاً محرماً بالنسبة إلى الحكومة التركية . يقول المخرج "فاتح أكين": " في تسعينيات القرن الماضي لم أعتبر نفسي ألمانياً ، لم أكن جزءاً منهم ولم أرغب في أن أكون كذلك، لكن صناعة الأفلام جعلتني ألمانياً ودعمت الدولة إنتاج الأفلام وعملي كفنان، لم أكن فناناً آنذاك، لم أولد فناناً، بل ولدت في حي فقير. لكن الفن لا أمة له ولا هوية، بل يعبر الحدود كافة". المخرج ( فاتح أكين ) تعرّض للتمييز العرقي طوال حياته، فقد استهدفته تلك المجموعات (النازية الجديدة) بعد أفلامه السابقة . يمزج آكين من خلال أفلامه أصالة الشرق بموضوعاته وسيره وعاداته ورؤاه مع المعاصرة الغربية وتقنياتها وشخصياتها، ويركز على الموضوعات التي تجتاز الجغرافية والتاريخ، وخلق رؤية تتناغم مع تعدد الانتماءات الثقافية والاجتماعية، ويقول نقاد سينمائيون إن أكين نجح من خلال تميزه في عرض مواضيع أفلامه أن يصوغ عبر السينما علاقة جديدة بين الشرق والغرب، وأن ينقل حركية المجتمعات الشرقية ممثلة في المجتمع . وهو من مواليد مدينة هامبورغ الألمانية عام 1973، وينتمي إلى عائلة تركية قدمت من منطقة البحر الأسود ، انتسب إلى كلية الفنون الجميلة بهامبورغ في سن 21 عاماً حيث درس السينما وفنونها وشارك أثناء الدراسة بدور متواضع في مسلسل تلفزيوني. في عام 2000، أخرج أكين فيلم "في يوليو" الذي أهداه إلى المرأة التي أصبحت زوجته لاحقا. وكالعادة، حقق الفيلم نجاحا مبهرا وأشاد به الكثير من النقاد الذين أغدقوا بالثناء على أسلوب التصوير والحبكة التي تتمحور حول قصة حب نمت على طول الطريق في رحلة عبر أوروبا إلى اسطنبول . ولكن الفيلم الذي وضع أكين حقا على خريطة السينما العالمية كان "وجها لوجه" الذي أخرجه عام 2004 ولعبت فيه دور البطولة الممثلة سبيل كيكيلي مع النجم متعدد المواهب بيرول أونيل. تابع أكين مسرته الفنية والإخراجية بمزيد من الأفلام مثل فيلم (في تموز) (2000) و(غفلنا عن العودة) (2001) و(سولينو) (2002) الذي صور فيه سيرة عائلة إيطالية هاجرت إلى ألمانيا الاتحادية حاملة معها البيتزا والباستا، وهو فيلم عن الحنين والنجاح المهني متعدد الجوانب ذي فكرة جديدة، وفي فيلمه الحائز على الدب الذهبي في مهرجان برلين "ضد الجدار" (2004)، يناقش موضوعاً جديداً ويتعرض ببساطة إلى المشاكل التي تواجه الجيل الثاني من المهاجرين الأتراك في ألمانيا. وقد حصل هذا الفلم المتميز بأداء تمثيلي مبدع على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي . وفيلم "مطبخ الروح" الذي أخرجه أكين عام 2009 . نالت أفلامه إشادات النقاد حول دول العالم حتى اختير فيلمه "في التلاشي" لتمثيل ألمانيا في ترشيحات جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي . تم عرض " في التلاشي " بدايةً في مهرجان " كان " السينمائي خلال دورته الـ70 للعام الماضي ، وحاز على إعجاب شريحة واسعة من النُقاد ولجان التحكيم ، مُتقلداً بدوره جائزة أفضل ممثلة رئيسية التي حصلت عليها المُمثلة الألمانية " ديانا كروغر"عن الفيلم نفسه ، مما أفضى إلى جذب الأنظار تجاهه وساعد بذلك إعتماده من قِبل بلده عن طريق تمثيله لباقي المهرجانات الكبيرة ، ومنها "الغولدن غلوب" ، الذي فاز عنه أيضاً بجائزة أفضل فيلم أجنبي لعام 2017 . وخرجت لجنة التحكيم لتشيد علنا بالفيلم وقالت عنه إنه جمع بين عناصر أفلام الدراما والإثارة وكذلك الأفلام التي تدور أحداثها حول المحاكمات . وأضافت لجنة التحكيم "يسلط فاتح أكين الضوء على العلاقة بين مفهومي القانون والعدل ومشاعر الألم والسعي إلى الانتقام في إطار من التعقيد والأحداث السريعة والمثيرة التي تتوالى على طول الفيلم دون هوادة. كما يمنح الفيلم بعدا إنسانيا لقضية سياسية يأسر من خلاله المخرج انتباه المشاهدين من بداية الفيلم إلى نهايته". وفي الختام ، يمكن إعتبار التجربة السينمائية للمخرج الألماني والتركي الأصل" فاتح آكين" من أهم التجارب السينمائية في أوروبا، حيث تستمد سماتها و خصوصيتها من خلال طرح إشكالية العلاقة بين الشرق والغرب، ومقاربة هذه العلاقة فنياً وإنسانياً، من خلال معالجة الموضوعات التي تتقاطع فيها مصائر الشخصيات وأحلامهم وحياتهم مع بعضها البعض . هذا الفيلم لا يستكشف سبب حدوث ذلك، لكنه يحلِّل طريقة معالجة الألم وكيف يتحول العنف إلى عنف مضاد. فيلم "في التلاشي" يمكن وصفه بالفيلم الغاضب، ونهايته صادمة، لكني متفائل بشكل شخصي .



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ماء الورد- فيلم يفضح قمع النظام الإيراني للمحتجين عامةً وال ...
- الفيلم الامريكي ( هالة ) - تجربة مراهقة مسلمة في المجتمع الغ ...
- فيلم - الثورة الصامتة - يلقى بظلاله على الانتفاضة الشعبية ال ...
- ( أنا ديفيد) فيلم يرصد رحلة روحية واستكشافية للصبي ديفيد
- - شبكة واسب - فيلم يعكس جانب من التوترات الكوبية -الأمريكية
- فيلم - ألف مرة ليلة سعيدة -حيرة أم بين واجبها كأم وزوجة وإيم ...
- -ماتشوكا- فيلم يجسد لحظة إنكسار براءة الاطفال أمام عنف السلط ...
- (العودة الى البيت ) فيلم صيني يعري مرحلة عاصفة من تاريخ الصي ...
- - الشاب أحمد- فيلم يناقش تأثير الجماعات الاسلامية المتطرفة ع ...
- -موفق محمد - الراوي لشاعرة إسمها ( الحلة)
- -فرط التطبيع- فيلم وثائقي يؤرخ لمرحلة قلقة من تاريخنا المعاص ...
- (المنصّة) فيلم يتمحور حول الجشع البشري وإساءة إستخدام الموار ...
- -سيرجيو- قصة مثيرة للاهتمام لمن يريد متابعة حكاية مندوب الأم ...
- معتقلوا الراي في السجون العربية في خطر وباء كورونا .؟؟؟
- فيلم -مراثي السماوة-...مرثية وطن
- الراحل حامد الهيتي قامة بابلية وعراقية شامخة، ورمزا من رموزه ...
- -اللعبة العادلة - فيلم يكشف زيف الادعاء الاميركي بوجود أسلحة ...
- -الأوديسة العراقية- - فيلم يروي قصص العراقيين وهجرتهم
- فيلم - نأسف، لم نجدكم - صرخة بوجه النظام الرأسمالي وتحذير من ...
- (عدوى) - فيلم صدر قبل 9 سنوات لكنه يحاكي ما يعيشه العالم مع ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -فاتح أكين- يكشف جرائم منظمات النازيين الجدد وكراهية الأجانب في فيلمه - في التلاشي -