أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريدة النقاش - التضامن قيمة عليا














المزيد.....

التضامن قيمة عليا


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 6655 - 2020 / 8 / 23 - 15:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعرف الشعوب على طاقاتها الفعلية، وكنوزها المعنوية، ومخزونها الحضاري لدى وقوع الكوارث الكبرى، ولا تتوفر لها مثل هذه المعرفة في الأوقات العادية التي يسيَّرها الروتين اليومي والتفاصيل كبيرها وصغيرها مشفوعة غالباً باللهاث وراء الرزق، والبحث المضني عن طرائق لمواصلة العيش بكرامة، والتطلع إلى الستر، وذلك كله يتم في ظروف صعبة تواجه الطبقات الشعبية، وبالأخص الأسر كبيرة العدد وشحيحة الموارد .
وحين تقع الكوارث من زلازل وبراكين، أو فيضانات كاسحة أو حرائق كبيرة، أو أي شكل من أشكال غضب الطبيعة العاتي، أو انتشار فيروس تعجز البشرية عن مواجهته كما هو حالنا الآن مع فيروس كورونا … حين يحدث ذلك يبادر الوعي الجمعي للمواطنين إلى إجراء ما يشابه رد الفعل التلقائي فيعيد ترتيب الأولويات الحياتية ليتقدمها إدراك الخطر على المصير المشترك للشعب، وتتولد في هذا السياق عملية استنهاض جماعي للهمم، إستنهاض يساوي الشعور بالخطر الذي يهدد بتدمير كل شيء في طريقه، وهو يكشف أولاً بأول عن تداعيات الهيمنة على الثروة والسلطة، والشكل الأبرز لها، وهو احتكار النجاة في حالة الكوارث، وهو ما يثير غضب الجماهير التي استيقظت .
ومن أبرز ما يحدث من تداعيات الكوارث لجوء ملايين البشر إلى دور العبادة من مساجد وكنائس، وهو ما يؤدي عادة إلى مضاعفة نشاط وعمل الجماعات المتاجرة بالدين، والتي تسارع إلى نشر تأويلاتها لأسباب الكارثة، وغالباً ما تلعب على الشعور بالذنب لدى المواطنين البسطاء حين تبرر لهم ما حدث بسبب ابتعادهم عن الدين .
ويتذكر جيلي كيف أن هذه الجماعات ضاعفت من نشاطها وفتاواها بعد هزيمة 1967، وكيف وجدت استجابة واسعة من جماهير مصدومة بعد انهيار حلمها، وتصدع أركان عالمها الذي كان مستقراً .
وفي المقابل تتقدم الجمعيات الخيرية والأهلية لتسهم في تضميد الجراح، وهي تسعى إلى شغل الفراغات التي تتركها الدولة لأي سبب، ويسعى بعضها أيضاً لإزاحة التراب الذي عفرت القوى الرجعية به وجهها أي وجه هذه الجمعيات طعنا في مصداقيتها ومصادر تمويلها وتوجهاتها الفكرية .
ويبقى أن التضامن الجماهيري الواسع هو من أهم الإيجابيات التي تنتجها الكوارث، فالتضامن هو القيمة العليا الأساسية التي تكسبها الجماهير في هذه الحالات، وهي أيضاً تعبير عن التوجه الجمعي، والوعي العام حين يكتشف المواطنون ما هو مخفي وكامن من مواهبهم ومشاعرهم وإمكانياتهم المخزونة .
ويقدم لنا آلاف المتطوعين الشباب والشابات من اللبنانيين بعد الكارثة التي وقعت في مدينتهم الجميلة بيروت ـ نموذجا ـ ساطعاً لقوة وفعالية وتلقائية هذا التضامن، وهو ما كذب الصورة الرائجة عن الشباب اللبناني اللاهي المشغول بنفسه واللامبالي، وهم يعملون الآن يحدوهم شعور قوى بالمسؤولية لا فحسب تجاه أسرهم، وأنما أيضا بل ربما أساسا تجاه وطنهم المنكوب .
ويبعث مشهد الشابات والشبان وهم يزيلون أنقاض إنفجار بيروت بحماس ودأب على الاطمئنان والفرح رغم الأهوال، إذ اننا نكتشف في الواقع العملي حقيقة ما رددناه دائماً من أن البشر هم أثمن ثروات الشعوب، وتتجلى هذه الحقيقة عند الملمات .
وبوسع المهتمين بهذا الموضوع أن يجدوا مادة خصبة بلا حد من الوقائع التي تبين عمق وجمال استجابة الجماهير لنداء التضامن .
فمن ذا ياترى يتذكر تفاصيل ماحدث لدى وقوع الزلزال في مصر في مطلع تسعينيات القرن الماضي، حين استضافت أسر بسيطة أسراً إنهارت منازلها وأصبحت عرضة للتشرد .
وقبل ذلك بعقود أثناء حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيوني حين جرى إخلاء مدن القناة الثلاث التي كانت عرضة للقصف الإسرائيلي، واستقبلت الدلتا مئات الآلاف من سكانها حتى قامت حرب 1973، وهناك مئات الحكايات المشرفة عن استقبال هؤلاء تحتاج إلى توثيق، توثيق يذكر المصريين بعطائهم ويُنعش أرواحهم .
أعرف جيدا هذا الاتهام الجاهز بأن من يفرحون بفضائل الشعب هم جماعة من الرومانسيين الذين يتجاهلون الجانب المظلم من القمر، وهناك رد جاهز أيضا على هؤلاء يرى أن فضائل الشعب هي الأقوى والأبقى في زمن الملمات دون إنكار لوجود الجزء المعتم في سيكولوجية الجماهير يستقوى به الظالمون .
فلو إنتقلنا من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي سوف نجد أمامنا النماذج المضيئة لما أنجزه التضامن الشعبي العالمي مع الشعوب المكافحة من أجل حريتها وإستقلالها ضد الاستعمار والإمبريالية والعنصرية .
ولعل الالتفاف العالمي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حول نضال الشعب ” الفيتنامي ” ضد الإمبريالية الأمريكية أن يكون هو الدرس الملحمي الأبرز لفعالية مثل هذا التضامن العالمي، الذي برز مرة أخرى ضد عنصرية نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا وحرر” نيلسون مانديلا ” أيقونة هذا الكفاح من سجن طويل .
ولم يبق في العالم الآن إلا إحتلال واحد تمارسه “إسرائيل” الصهيونية ضد الشعبين الفلسطيني والسوري، وإن كنا نحن العرب لم ننجح بعد في توظيف التضامن العالمي الواسع مع قضايانا .
وعلينا أن نتعرف جيدا على الشروط التي ينبغي توافرها لكي نواصل السير على طريق الأمل، والانتصار، ومن المؤكد أننا سوف نتوقف أمام الشرط الديموقراطي الذي يؤدي تغييبه إلى طمس معالم المخزون الحضاري والكنوز المعنوية التي تمتلكها الجماهير لتواصل عبر إطلاقها مسيرة التحرر من قيود التبعية والاستغلال.



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد إعتبار للإشتراكية
- نوال السعداوي .. مرة أخري
- الإفراج عن نوال السعداوي
- الدين وحرية التفكير
- بين العظمة والسفالة
- قضية للمناقشة: بين هنتجتون و تشومسكي
- مسودات عن الاشتراكية
- ليس إسلاميًا فقط
- رسالة إلى حسين عبد الرازق من السجن
- العلمانية المفترى عليها
- لماذا تركت الحصان وحيداً ؟
- الدولة والسلفيون
- بعض ملامح تطوير الفكر الاشتراكي منذ ماركس ولينين وحتى الآن
- مخاطر الدولة الأمنية
- الليبرالية تخون نفسها
- عيد الثورة الاشتراكية
- سوف نبتكر الأمل
- إنصاف النساء
- دكاكين الفتوى .. المسخرة !
- فلسفة التحالفات


المزيد.....




- مصر.. تعرض فيلا وزير للسرقة والأهالي يضبطون أحد المتهمين
- لم يظهر فيها المُذيع، كيف كانت أول نشرة أخبار تلفزيونية لبي ...
- إسرائيل تبحث عن مخرج من غزة.. استنزاف عسكري وإعلامي يضغطان ع ...
- -مهمة مقدسة- - حملة البابا ليو ضد الانتهاكات الجنسية لرجال ا ...
- حسن الفد: -الشهرة هي من الأعراض الجانبية للفن-
- شاهد.. جماهير أرجنتينية تتضامن مع فلسطين وترفع يافطة -الموت ...
- مصر: تداول منشور بقيام أسرة بالقفز من فوق أحد الكباري والداخ ...
- بولندا تضع شرطا للتخلي عن التفتيش على حدودها مع ألمانيا
- قتيل وعدة جرحى في غارات إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان
- ذبح الحمير وتهريبها للصين يفاقم معاناة الأُسر بأفريقيا


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريدة النقاش - التضامن قيمة عليا