أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك














المزيد.....

لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا لا توجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك
آنا فرانك تلك الصبية اليهودية الصغيرة التي كتبت مذكراتها ، فكانت الشجرة التي أثمرت الأضواء ، ففي الصفحات والأسطر والحواشي كانت بقايا عائلة تلهث في ظل الخوف ، تعيش بين الجدران السرية لكي لا تقع في أيدي النازيين ، وفي النهاية لم تكتب الصبية في المذكرات كيف كانت نهايتها ، لكن ما بعد ذلك أمطرت السماء ، وجوهاً ، وأفلاماً ، واغنيات ، وتذكاريات ، وصورا ورسومات جميعها ترتدي أثواب العطف والحنان ، تتقمص الانسانية التي أكلها الوحش النازي ولم يرحم طفولتها.
" مذكرات فتاة صغيرة " العنوان الذي وجدت فيه الصهيونية السلالم المتحركة للوصول الى ممالك التعاطف ، حيث لفت تلك المذكرات بروائح الموت ، والتعذيب ، والاختباء ، والخوف ، وحملت السطور كالسجاجيد الممزقة فوق الاكتاف ، لكي تمشي الضمائر فوقها وتصاب بعقد التأنيب والانتحاب واللوعة ، تنفض عنه غبار التجاهل الذي نثروه آنذاك.
وكانت مواسم الندم التي لم ولن تنتهي ، وطقوس اللطم التي تجسدت في الافلام والمسرحيات والاغاني والرسومات والمسلسلات ، أول فلم كان سنة 1959 " يوميات آنا فرانك " تم انتاجه في أمريكا ، ونال جائزة اوسكار .
رغم أن آنا فرانك ولدت في هولندا سنة 1929 الا أنها عاشت في المانيا ، وقد اضطرت الى الاختباء مع عائلتها في غرف سرية تحت البيت بعد أن بدأ النازيون في اضطهاد اليهود ، وبعد عامين من الاختباء تم القاء القبض عليها مع شقيقتها وتم ارسالهم الى معسكرات الاعتقال وماتت سنة 1945 – حسب ما يقال نتيجة الحمى – وبعد انتهاء الحرب عاد والدها الناجي الوحيد من الاسرة وقام بنشر مذكرات ابنته عام 1947 ، منذ ذلك الحين ترجمت الى العديد من اللغات ، واتخذ الشعب اليهودي من قصتها مثالاً للبطولة والقوة وأيضاً للخوف الكامن في انتظار الموت ، ودائماً مذكراتها موجودة في كل المناسبات اليهودية فهي شعلة الاضطهاد.
لكن دائماً اتساءل لماذا حتى اليوم لم تستطع فتاة فلسطينية كتابة مذكراتها بجرأة ، في كل المذابح والحروب والحصار ، لم تقف فتاة صغيرة مسجلة مذكرات خوفها وانتظار الموت المفزع ، رغم أن الصور سجلت المذابح ضد الفلسطينيين ، من جثث منتفخة الى جثث مقطعة الى دماء نازفة ، رغم الكاميرات التي ما زالت تسجل يومياً المطاردات والاعتقالات والحواجز والهدم ، لكن لم نصل الى هذا الذهول ، الى لمعان الحدث الذي يسابق الاحزان والمنافي واللجوء ، لم نصل الى هز الضمير العالمي عبر استراتيجية اعلامية ، يجب أن تقوم بها السفارات الفلسطينية في الدول التي تتواجد فيها ، تقوم بها وزارة الاعلام الفلسطينية – اذا وجدت - .
هل نحن في واد ومطبخ الاحزان في واد آخر ، لا يكفي الفلم الفلسطيني الذي يرفع هامته بين وآخر ، حتى نسجل به قضيتنا وتطوراتها .
مثلاً لماذا لا نلقي الضوء على الفتاة الفلسطينية " استبرق " التي تبلغ 14 عاماً – مثل عمر آنا فرانك – التي قبل أن تصل الى بوابة مدرستها في نابلس أوقفتها سيارة عسكرية وأطلقت عليها النار ، وبقيت " استبرق " ملقاة حتى نقلتها سيارة الى مستشفى شنايدر في اسرائيل ، لم يرافقها أحد ، لا أب لا أم ، وبعد علاج دام ثلاثة أيام نقلت استبرق الى السجن ، لكن السجن لم يقبلها بسبب صغر سنها ، حتى سجن شارون النسائي أعلن أنه أصبح مزدحماً ولا مجال لاستيعابها ، تم أخيراً قبولها في غرفة منفردة في سجن عسقلان حيث تغيب عنها كل المقومات الانسانية ، هذا ما نشرته هيئة الاسرى الفلسطينيين كأنها تنقل خبراً عابراً ، وليس حياة طفلة لم تجد أحداً حولها ، تخيلوا وقع السجن عليها.
استبرق التي أخذ اسمها من خيوط الذهب لم يلفها الذهب والحرير والنعومة يوماً، لا تدري ماذا فعلت ؟ ولماذا هي أسيرة ؟ وعائلتها تبكي غيابها ولا تعلم كيف تواجه سجن ابنتهم ..!! وقد مثلت استبرق عدة مرات أمام المحكمة الاسرائيلية ، وما زالت قابعة في السجن ، ولكن قصتها التي قد تبدو بسيطة هي موازية للفتاة آنا فرانك التي لم يترك العالم أوراقها إلا وقام بلمسها وشم عبق عذابها وطارد خوفها .
حكايات الأطفال الفلسطينيين مع الموت والخوف والاعتقال والرعب والملاحقة والمواجهة اليومية مع الجنود قد تحوي مئات المذكرات والمجلدات، لكن التسجيل والتوثيق والنشر هي أطواق نجاة للذاكرة .
لم تكتب عائلة الدوابشة قصة موتها الليلي المخيف ، حكاية اصطياد أنفاسها البريئة .. لم تكتب لأن أصابع الحرق والنار كانت أقوى من الحبر ، لكن حين تتنفس تلك الليلة مرة أخرى فوق الورق وتنشر وتوثق قد تعيش مرة أخرى .
ينقص القضية الفلسطينية ذلك الصراخ العالي .. ينقصه اقتحام الحكاية اليومية ليس عبر نشرات الأخبار المملة ، بل عبر استراتيجية يجب أن تتبناها المؤسسة الفلسطينية ، فليس بالتصريحات والمفاوضات يحيا الفلسطيني .
اذا كان عندهم صفحات آنا فرانك .. فنحن نملك آلاف الفرنكات الفلسطينية .. هل هناك من يلملم الحكايات عن أهداب التثاؤب ..



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحر لنا والشاطىء لنا
- الأنوثة تباع بالكيلو في الأسواق العربية
- ام كلثوم غني لشوارع التطبيع
- الجماجم ليست للغفران
- زمن فهد الكورونا
- في زمن حسن شاكوش
- الوجه الآخر الذي عرفته وداعاً للنجمة نادية لطفي
- نعمة تعانق جثة القانون واسراء عانق جثة النسيان
- عندما يسرق الأسير الفلسطيني ابنه من وراء القضبان
- نرفع العلم فيموت الأسير
- لا تتزوجوا إلا الجميلات
- يا عنب الخليل كن سماً على المحتل
- القبلة الزجاجية
- استقالة ورقة التوت - قصة قصيرة
- الثيران الهائجة والعجول المذبوحة وبينهما ابن نتنياهو
- حين يسرق الموت صندوق الاسرار
- الحفيد يشنق ساعة الجد
- العامل الأسود في الوطن الأبيض
- حدث في يوم العيد
- فنجان التطبيع ودف الرفض


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك