أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - هرمز كوهاري - الدولة الحديثة بين العلمانية والدين والمجتمع















المزيد.....


الدولة الحديثة بين العلمانية والدين والمجتمع


هرمز كوهاري

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 11:01
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


يمكن أن نعرّف الدولة الحديثة بمجموعة من البشر يعيشون في منطقة محددة ، لها حدودا سياسية معترف بها من قبل المجتمع الدولي ، لهم نظاما وإدارة أو كيانا سياسيا تدير شؤونهم اليومية ، والادارة تمتلك السلطة للمحافظة على الامن والاستقرار والدفاع عن الشعب تجاه العدوان الخارجي ، بذاتها أو الاستعانة بإصدقائها ... الخ ،وهذا التعريف ليس قانونا ، أو ديباجة متفق عليه الساسة أو الاداريين ، ولكن يمكن أن نعتبره أقرب الى مفهوم الدولة .

أما الدولة القديمة أو الدينية ، وثنية كانت أم سماوية ، كانت تؤسس على فرض الدين ونشره ، ولنأخذ ، الدولة الاسلامية مثلا ، فمنذ نشأتها عند ظهور الاسلام ، لم يكن لها حدودا معينة ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي ، حيث لم يكن آنذاك منظمة دولية لهذا الغرض ، الدولة الاسلامية كانت حدودها تتوسع وتمتد كل ما تقدمت جيوش المسلمين في الحروب والاستيلاء على أراضي الغير وبلدان جديدة ، فتضمها اليها وتعتبرها جزءا من الدولة الاسلامية ، ، وكانت الادارة فيها مقتصرة على الحاكم المطلق بإسم الدين ، ، حيث أصبح الدين وسيلة للحكم وبسط النفوذ ، أوبالعكس بسط النفوذ لنشر الدين .

وهناك مجتمعات ، تكونت وتجمعت نتيجة الهجرات البشرية المكثفة ، إما بسبب العوامل الطبيعية كالجفاف أو الكساد مثلا ، أو هروبا من الحروب والاعتداءات ، والدول في الامريكتين أسست نتيجة الهجرات ، وكثيرا من الدول الاوروبية كانت قبائل رحل وإستقرت كل مجموعة في بقعة معينة وأسست مجتمعا خاصا بها ثم تطورت الى نظام إداري ثم الدولة العصرية الحديثة .

وللتمييز بين الدولة الدينية والدولة العلمانية ، علينا أن نعرّف العلمانية ولو بصورة مختصرة ، وبرأي ، يمكن أن نسميها الدولة العصرية أو الحديثة او الواقعية أو المدنية ، وأقصد بالعصرية أنها تعيش وفق متطلبات عصرها الذي تعيش فيه ، تدير شؤونها إدارة مدنية لها قوانين مدنية وضعية ، أي موضوعة من قبل البشر وفق ما تقتضيه أو يتطلبه حال ذلك المجتمع وقت وضع تلك القوانين ،بدلالة أن تلك القوانين أو الدستور قد إحتوت مواد تشير الى طريقة التعديل إذا أريد لها وفق تقدم وتطور ذلك المجتمع ، أي بمعنى أن تلك القوانين ليست ثابتة أوأزلية أو منزلة كما هو لا يمكن المساس بها ، الحال في الكتب أو القوانين الدينية المقدسة ، فلم يكن يوجد عاقل أن يتصور أو يطالب بمبدأ فصل الدين عن الدولة ! أو بدولة علمانية وقت ظهور الاسلام لأن الدولة أساسا أسست لنشر الدين وتثبيته والسير على هدى قوانينه وهو الكتاب والسنة .كما لا يمكن لأحد في أوروبا الآن أن يطالب بإعادة سلطة الكنيسة عوضا عن السلطة المدنية المنتخبة من قبل الشعب .

إن تأسيس الدولة الدينية الآن ، يناقض مبادئ الدين أصلا ! قبل أن يناقض مبدأ العلمانية والديمقراطية ! وذلك عملا بالمبدأ الديني القائل: " لا إكراه في الدين " لأن الدين إيمان وقناعة ، ومتى ما صار الدين إكراها ، دون قناعة ولا إيمان صار مجرد مظاهر أو تمثيل وبعبارة أوضح يصبح تحايلا على الدين وعلى الذين فرضوه ، وبالتالي يفقد قدسيته وهي أهم صفة من صفات الدين ، .كما أن الدين يعبر عن تاريخ ومكان نشوئه ، فالاسلام مثلا نشأ في زمن لم يكن فيه وسائل تحديد الوقت ، فقيل عن وقت الامساك في أيام الرمضان ،عندما يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود ، ووصفت الجنة ما يفتقده ويشتهيه البدوي في طبيعة أراضيه ومكان عيشه ، بأنها جنات تجري من تحتها الانهار فيها مختلف الفواكه والاثمار ..الخ ولو ظهر الدين الاسلامي في شمال أوروبا ، حيث تغيب الشمس قريب الساعة العاشرة مساءا ويبقى الضياء الطبيعي طوال الليل وحتى الشروق ، وفي أقصى الشمال بعض الليالي تبقى مضيئة وتسمى بالليالي البيضاء ، وفي دائرة القطب ينزل قرص الشمس في الافق الى النصف ثم يعود ليرتفع ثانية !! وبالعكس في الشتاء تغيب الشمس حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر وتشرق بعد الثامنة !!وفي أقصى الشمال تكاد لاتشرق الشمس ستة أشهر !! لوصفت الجنة هناك بالشمس الدافئة على طول النهار ورمال على شواطئ البحر تصلح للبلاجات لأنهم يعيشون في أراضي تكسوها الثلوج أكثر أيام السنة ويفتقدون الشمس الدافئة !!
أما الديانة المسيحية ، فنشأت في فلسطين ، حيث المياه والبساتين ومختلف الفواكه والزيتون ، وكذلك الديانة اليهودية ، وبذلك لم يكن يغري أتباع الديانتين لو قيل لهم الجنة ، هي جنات تجري من تحتها الانهار فيها مختلف الفواكه والاثمار .ولم تكن الجزيرة العربية كما هي حاليا فيها البساتين والمياه والفواكه والاثمار ، حيث تحولت بفضل المال والجهود الى جنات عدن ، ويستعملون الساعات الالكترونية والكمبيوتر لتحديد وقت الامساك والفطور والتلسكوبات الضخمة لإكتشاف هلال رمضان ..
نستنتج من هذا أن الديانات التي ظهرت ونشأت في زمان غير زماننا هذا ، جاءت تعليماتها وفق متطلبات ذلك الزمان وذلك المجتمع ، وشتّان بين المجتمعين والزمانين ،بين عصرنا وزماننا هذا وعصرهم وزمانهم الذين سبقون بعشرات القرون ؟، إذا فكيف تصلح القوانين التي صيغت وفق متطلبات ذلك المجتمع مع متطلبات هذا المجتمع مع هذا البون الشاسع .؟؟
هذا لا ينكر أن أكثر أحكامها عبارة عن حكم وارشادات ونصائح تصلح لمدى الدهر ولكل فئات المجتمع ، كتحريم القتل والزنى والسرقة وشهادة الزور والاعتداء على أعراض الغير ...الخ.

ونعود الى الدولة العلمانية ، التي لها قوانينها الخاصة بها ، ملزمة لكل فرد من أفراد الشعب مثل " الدستور " ، وطبعا عدا القوانين الخاصة التي تصدر لتنظيم شؤون فئة معينة ، هذه القوانين ليست إيمانا أو قناعة مثل الدين الذي يخص فئة من الشعب كبيرة كانت أو صغيرة ، بل ملزمة لكل فرد يعيش ضمن حدود سياسية وهذه القوانين لا تتخطى تلك الحدود السياسية ، وهي إكراهية حفاظا ا لحقوق الغير ، عملا بالمبدأ القائل " حقوقك أو حريتك تنتهي عندما تبدأ حقوق الغير " ، أما الدولة الدينية ، فتفرض الدين الذي تدين به السلطة ،مثل عدم الفطور العلني في رمضان وفرض الحجاب على النساء مثلا على كل النساء حتى على غير المسلمات ! وهذا يناقض المبدأ الديني الذي أشرنا اليه أعلاه وهو " لا إكراه في الدين " هذا من جهة ومن الجهة الثانية أن أية سلطة لا يمكنها أن تدعي أنها تمثل الدين دون غيرها ، أو لها " فرمانا " بالحكم من السماء يقر بها الجميع دون غيرها ، بل إنقسمت الى مذاهبِ وشيعِ و والآن لا تفرض من قبل رجال الدين بل من الحكام بإسم الدين مثل السلطة السعودية ، وهذه السلطات تمنع أي رجل دين سعودي يفتي ، بعدم أحقية الملك تولي الحكم بإسم الدين أو إحتكار الدين من قبل عائلة أو عشيرة . فيكون مصيره الاضطهاد أو السجن أو القتل ! وقبلها كانت المسيحية .

نستنتج مما تقدم ، بأن ليس هناك دولة دينية بالمعنى القديم للدولة الدينية لأن الدولة الدينية في زمن الخلافة كانت الجهة الوحيدة تمثل الدين ولا تزاحمها جهة اخرى بهذا الادعاء ، أما الأن فهي سلطات علمانية وحكام يسخّرون الدين لبسط سلطانهم والسيطرة والحكم على الشعب بالاسلوب الذي يريدونه بإسم الدين ، ولم يكن رجال السلطة إلا رجال الدين ، والخلفاء المسلمين كانوا بمثابتة خلفاء للرسول وبهذا حقّ لهم الحكم بإسم الدين ، ومن الشورى إنتقل الحكم الى الوراثة .

فهذه الدول مثل السعودية والخليج وإيران ، لاهي دولة دينية بكل معنى الكلمة للدولة الدينية ولا هي دولة علمانية بكل معاني العلمانية ، فهي خليط تجمع بين النوعين و وفق ما يتطلبه مصلحة حكامها ليس إلا .

وما أريد قوله هنا ، هو لايمكن لدولة أن تؤسس نظاما دينيا بالكامل شبيها بالدولة الاسلامية وقت الرسول والخلفاء الراشدين ، لأنها حتما ستصطدم بالقوانين الدولية التي تنظم حياة المجتمع الدولي ، وبخلافه تتعرض على التهميشمن من قبل المجتمع الدولي ، وقد يؤدي الى إزاحتها بالقوة إذا ما طبقت الغزوات في سبيل نشر الدين التي سميت بالفتوحات الاسلامية . و أخيرا بدأ الارهاب بتسخير الدين في الجرائم مدعيا أنها الجهاد في سبيل الله !! ، فإنبرى رجال الدين من كل الاديان والطوائف بمحاربة هذا الارهاب قبل غيرهم .

قال أحد رجال الدين العراقيين يوما من على شاشة فضائية " الفيحاء " العراقية في برنامج " في رحاب الدين !: " أن الاسلام يقسّم العالم الى عالمين عالم السلام أي الاسلام ، وعالم الحرب أي عالم الكفار! أو غير الاسلام ، وأضاف : وبموجب الشريعة الاسلامية أن من واجب المسلمين أن يحولوا كل العالم إسلاميا ً!! أي بواسطة حروبا إسلامية التي تسمى بالجهاد في سبيل الله " وبإعتقادي أن أي شخص أو مجموعة تحاول تطبيق هذا المبدأ يضع نفسه في صف الارهابيين ، لأنه لا يوجد من يجرأ على شن تلك الحروب إلا عصابات الارهاب . بل إن قول رجل الدين هذا من على شاشة تلفزيون جمهورية ديمقراطية ! ليس إلا تبريرا و تشجيعا للارهابيين بتكفير غير المسلمين ، أو من لا يقوم بالجهاد ! قصدَ ذلك أم لم يقصده .

وأعتقد أن الدين الاسلامي إنفرد عن غيره بنص " الاسلام دين ودولة " والسبب واضح لا يحتاج الى كثير التفكير والتعليل ، فالاسلام ظهر في مجتمع قبلي ، تحكمه عشائر متناحرة متنازعة فيما بينه ، تعيش على الغزوات ، وتمجد الفروسية والشجاعة ، وتقاليد وعادات لايمكن نتصورها الآن وهي عادة وأد البنات خوفا من وقوع البنات أسرى عند قبيلة أو عشيرة أثناء الغزوات فيتلطخ شرف تلك القبيلة اوالعشيرة ، كان مجتمعا لا ينظمه قانون ولا نظام ولا إدارة غيرمبدأ " القوي يأكل المستوي " كما يقال ، فلم يكن بالامكان نشر الدين أي دين في تلك الظروف ألا بتأسيس أدارة ، ولهذا وجب إقامة كيان يجمع الكل تحت قانون واحد هو الكتاب ، أي القرآن
أما المسيحية ، فلم تقل بانها، دين ودولة ، لأنها أصلا نشأت في ظل الامبراطورية الرومانية المتطورة نسبيا آنذاك ، فيها إدارة وسجون ومحاكم و كما قرأنا الحكم بالموت على السيد المسيح وكذلك على اللصوص ، ولم يكن المجتمع بحاجة الى تأسيس إدارة جديدة أو وضع أسس لتفاصيل الحياة بصغيرها وكبيرها كالنظافة والوراثة لأن المجتمع كان متطورا قياسا على المجتمع في الجزيرة العربية، ولأن الامبراطورية كان لها قوانينها الخاصة ،ولم يكن في ذلك المجتمع غزوات والسطو على الغير ، بل كانوا يعيشون حياة مدنية ولديهم عملة وكانت الديانة اليهودية هي السائدة ،كما أنها لم تتبع إسلوب القتال لنشر الدين الجديد بل إسلوب التبشير . ولا حتى تدخلت في خصوصيات الحياة ولا حتى بعدد الصلوات اليومية ولا في طريقة الصلاة ،بل ترك المسيح تحديدها وتنظيمها لمن يمثله ، وقال المسيح جئت لأكمل وأعدل النظام لا لألغيه ، وفي القضايا الدنيوية أو الاجتماعية ركز على الوصايا العشرة التي قيل أن الله أعطاها الى موسى ،وهي " الايمان بالله الواحد ، لا تقتل ،لا تزني ، لا تكذب ، لا تشهد شهادة زور، لا تشتهي زوجة أخيك أو قريبك ... الخ واللالآت هنا قطعيا ،كما أن الديانة ليست " نصيّة " أي قوالب لغوية ثابتة ، إنما المعنى ثابت ، وقد تكلم المسيح باللغة الارامية وألفت الاناجيل الاولى باليونانية واللاتينية والارامية ثم بكافة لغات العالم فيما بعد دون المساس بالمعنى .
ونرجع الى الديانة الاسلامية التي تقول ، الاسلام دين ودولة ، وكان هذا آنذاك صحيحا ومقبولا لعدم وجود إدارة تدير شؤون الرعية ، كما ذكرنا أعلاه، أما الان فقط أسست الدول ، لها دستاتيرها وقوانينها وإجراءاتها ، أسست الدولة ، ذات حدود دولية معترف بها من المجتمع الدولي ، لا يجوز لها تجاوزه ، أسست لخدمة كل فرد في المجتمع ، خلافا للمبدأ الذي أسست من أجله الدولة الاسلامية والتي كان في مقدمة واجباتها هي توسيع رقعة الاراضي الاسلامية بالغزوات والجهاد وكانت الغنائم بما فيها الاسرى من النساء والعذارى توزع على القادة وغيرهم !! وقسمت المجتمع الى فئات متفاوتة في الحقوق كالمسلمين وأهل الذمة والاسياد أي الذين من سلالة النبي ، وهذه الصفة لازالت موجودة حيث للسادة مقاما مميزا عن غيرهم من المسلمين .
وفي الدولة العلمانية أو العصرية أنتفت الحاجة الى تولي رجال الدين السلطة ، لأن الدولة الحديثة تطبق الدستور المدني وليس الكتاب والسنة ، والاخير يتعارض مع كثير من القوانين والاتفاقيات والقوانين والانظمة الدولية ويصطدم بها آجلا أو عاجلا .

د. فرج فودا ، إستاذ الشريعة الاسلامية في مصر : الذي أغتيل من قبل الاسلام المتطرف في مصر ، لجراته في كشف الحقائق المغيبة وبراي يمكن نسميه " شهيد الحقيقة "، يحاجج في كتابه "( الحقيقة الغائبة ) ، ألاخوان المسلمون في مصر ، الذين يرفعون شعار " الاسلام هو الحل "! ويطالبون بالفرض الفوري للشريعة الاسلامية !

يقول في كتابه هذا بصدد إختيار الحكام في الدولة الاسلامية :
" أنت هنا أمام ستة أساليب مختلفة لإختيار الحاكم ، يرفض المتزمتون تجاوزها، ويختلفون في تفضيل أحدها على الآخر! ويرى المتفتحون أن لا قاعدة ، وأن الاسلام السمح العادل ، لا يرفض أسلوب الإختيار بلإنتخاب المباشر أو غير المباشر ، وهو ما لا أظن أنه كان يوما ، حتى يومنا هذا محل أتفاق أو قبول عام من أنصار الدولة الدينية ، ولعلى لا أتحدث من فراغ ، بل أصدر من واقع النظم الاسلامية المعاصرة في عالمنا الحديث ، فهناك بيعة أهل الحل والعقد ( المختارون ) في السعودية مع قصر الترشيح على أفراد العائلة المالكة . وهناك المبايعة على كتاب مغلق يكتبه الحاكم ويوصي فيه لمن يليه ، أشتقاقا من إسلوب إختيار أبي بكر ، في السودان عهد النميري ، وهناك ولاية الفقيه في إيران ، وهناك إعتبار الموافقة في الاستفتاء على الشريعة الاسلامية موافقة ضمنية على الحاكم وإختيارا له في الباكستان *، وهناك في كل الاحوال مانع جديد يضاف الى ما سبق ، وهو أن مدة تولية الحاكم في كل الاحوال السابقة مستمرة مدى حياته ولا عبرة في ذلك بأن البيعة على أساس الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله وأن الحاكم يعزل إذا خالف ذلك ، فما أكثر ما خالف دون أن يعزل أو حتى يُعترض عليه .... ". ويقول في صفحة (22) ".... إنه من المناسب أن أناقش أيها القارئ مقولة ذكرتها لك ضمن وجهة نظر الداعين للتطبيق الفوري للشريعة، وهي قولهم " بأن التطبيق( الفوري)للشريعة سوف يتبعه صلاح (فوري ) للمجتمع ، وحل ( فوري ) لمشاكله ! " وردا على قولهم هذا يأتي الكاتب بمثالين أو عهدين ويقول ".. .لكي نقدم نموذجا للاسلام الدولة كما كانت آنذاك ، فعمر وعثمان من أقرب الصحابة الى قلب الرسول ،وفهمه ، والاثنان مبشران بالجنة ، وللاول منهما وهو عمر مواقف مشهودة في نصرة الاسلام وإعلاء شأنه ... ويشهد القرآن نفسه ، حين تنزلت بعض آياته تأييدأ لرأيه وهو شرف لايدانيه شرف ، والثاني منهما وهو عثمان مواقف إيمان وخير وجود ،ويكفيه فخرا أنه زوج إبنتي الرسول،....وهو ثالث خليفة المسلمين يقتله المسلمون ، لايستطيع أهله دفنه ليلتين ! يدفنونه في الثالثة ، يرفض المسلمون الصلاة عليه ، يحصب جثمانه بالحجارة ،ثم يدفن في مقابر اليهود !! "
ويتساءل د. فودا :
1-" الم يكن عثمان وقت إختياره واحدا من خيار المسلمين ، وأحد الاثنين لم يختلف عليه المسلمون وهما عثمان وعلي ؟ يجيب ب (بلى )
2- الم يكن المسلمون في أعلى درجات تمسكهم بالعقيدة ؟... بل كان أغلبهم أصحابا للرسول وناقلين عنه ما وصلنا من حديث وأحداث ؟ يجيب ب (بلى )
3- الم تكن الشريعة مطبقة في عهد عثمان ؟ يجيب ( بلى )
4 – هل ترتب على ماسبق حاكم صالح ومسلمون عدول وشريعة إسلامية مطبقة ؟ هل صلح حال الرعية ؟ وحسن حال الحكم ؟ وتحقق العدل ؟ وساد الامن والأمان ؟ ويجيب ب ( لآ ) !

ويستمر د. فودا قائلا " لا قاعدة إذن ولا نظام للرقابة والامر كله موكول لضمير الحاكم ..." ، " لقد أعلن عثمان أن نظام الحكم في الاسلام يستند الى القواعد التالية :
- 1- خلافة مؤبدة ، 2- لا مراجعة للحاكم ولا حساب أو عقاب عليه إن أخطأ ، 3- لايجوز للرعية أن تنزع البيعة منه أو تعزله ...."
-
- ويأتي الكاتب بأمثلة صارخة ومدهشة و حقيقية نقلا من مصادر موثوقة ( مروج الذهب – للمسعودي ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، وكذلك من إبن الكُثير وغيرهم ) بان أعلى المواقع الدينية كانوا يستغلون الدين للوصول الى الكرسي ثم يتخلون عن الدين ويتصرفون تصرفا أقرب الى الالحاد من الملحدين أنفسهم !( بل أن الملحدين في أوروبا محرم عليهم إستفزاز المتديين والتعرض للقضايا الدينية ، لأن من حق كل شخص أن يؤمن بما يقتنع به ) ، وينقل الكاتب عن المصادر المذكورة عن الخليفة يزيد وإبنه الوليد ، حيث الاخير إشتهر بالمجون والشراب واللواط ! بل بلغ به الاستخفاف بالدين أن رشق المصحف الشريف بالسهام ! وينقل أبياتا من شعره بذلك وبإلحاده بإنكاره النبوة والوحي ، ولا أجد داعيا لذكرها هنا .
-
الخلاصة والنتيجة :
إن ما يريد الكاتب الجريئ وشهيد الحقيقة المغيّبة د. فرج فودا ، وكل من يدعو الى العلمانية والديمقراطية وفصل الدين عن الدولة ، هو في الحقيقة ، يريد فصل وكشف زيف وإدعاء هؤلاء الانتهازيين عن الدين ، إن العلمانيين والديمقراطين لا يهدفون بأي حال من الاحوال الى عداء الدين أو محاربته أو إلغائه كما يتهمون من قبل المغرضون بل بالعكس تماما الديمقراطيون يهدفون الى حماية الدين من الاستغلال والتسخير من قبل الانتهازيين الذين يتواجدون في كل زمان ومكان ، ولا يخلو قوم أ و دين أ و مذهب أوطائفة أو منطقة أو عشيرة منهم ، يظهرون فورا على السطح عند كل إنفلات للامن أو إختلال موازين المجتمع ، مستغلين الغوغائية بأبشع صورها ، ومستخدمين الجهلة والمغفلين ، رافعين شعارات فيها قول حق يراد بها باطل ، كما رأينا في السنوات القليلة الماضية من زعيم عصابة البعث صدام وأزلامه ، عندما أفلس، وأقصد زاد في إفلاسه ، إلتجأ الى الشعارات الدينية ، أوعز الى أزلامه بتسميته ، عبد الله المؤمن !! ثم زاحم المؤمنين الصادقين في صلاواتهم أما كاميرات التلفزيون في الجوامع، ولجوئه الى دعوة عقد مؤتمرات لرجال الدين الاسلامي في العالم ، يلقي كلمات ليثبت له أنه المؤمن الاول ! لا ينافسه أحد في إيمانه وتمسكه بكتاب الله وسنة رسوله !! ثم يحملهم عند العودة بمختلف الهداية والسيارات الفارهة و المغريات ! وإحياء التراث الاسلامي وتنسيبه الى نسب الامام على !! و بناء أكبر مسجد في العالم أقتطاعا من غذاء ودواء الاطفال الذين كانوا يموتون لسوء التغذية وقلة الدواء !! وإحياء التراث الاسلامي و ليظهر لهم أنه حقا الراعي الصالح لجميع المسلمين في العالم !! والان يقف ذليلا في قفص الاتهام بتهم بشعة ضد الابرياء وضد الانسانية ، لايتخلى عن القرآن لحظة واحدة قياما وقعودا فإحدى يديه متفرغة فقط للقرآن ا!
قديما حاربت كل الاديان حركة السلم العالمي التي إنتعشت في بداية الخمسينيات ، كانوا يقولون لنا إنه سلام شيوعي ! وسلام الملحدين ، دون أن يقدموا سلاما بديلا عنه أي سلام المؤمنين !! كذلك حاربه القوميون والبعثيون المتاجرون بالقضية المركزية والدين !! بانه سلام مع اليهود وقالوا لاسلاما قبل إلقاء اليهود في البحر !! وكان البعثيون والقوميون في عهد ثورة 14/ تموز/ 1958 يحرقون أوراقا من القرآن ، وينشرون صورها في الصحف أو يرفعونها في المظاهرات على أنها من عمل الشيوعيين الكفرة الملحدين !!

واليوم لا تخلو الساحة السياسية من أمثال هؤلاء ، بل قسم منهم تسلقوا كراسي الحكم ، الحكم الديمقراطي ! بإسم الدين ويقسمون بالكتاب والسنة بأنهم سيطبقون الديمقراطية ولأتباعهم يدعون أنهم يتخلون عن الشعارات الدينية ، فأمام المغفلين أئمة معادون للعلمانية مقلدين آيات الله وفي المجالس والمهمات السياسية يقسمون على الالتزام بالديمقراطية قولا وعملا وتطبيقا الدستور ، لأنها الطريقة الوحيدة لوصولهم للكرسي ، ومنهم من ورث عن أبيه وجده الزعامة الدينية فلماذا لا يستغلها ما دام المغفلون والانتهازيون كُثر الذين إنتقلوا من فدائيي صدام الى جيش الامام !! و سوقه رائج وهو لايفقه من الدين ولا من السياسة ولا بخبرات الحياة غير التخبط و لا زال في دور المراهقة السياسية والمراهقة الدينية وليست يديه نظيفة من دم بعض الشهداء المخلصين بداعي طرد المحتل من بلاد الاسلام !!

إن لمكافحة هؤلاء وأمثالهم طريق واحد هو كشفهم وفضحهم ثم التوعية ، توعية الجيل الجديد ، بالوطنية الحقة التي ترفض التفرقة والتهميش والاستخفاف بالغير ، ترفض التعصب الديني والطائفي والقومي والعشائري والجهوي ، تحترم المرأة وتعتبرها ندا للند للرجل في الحقوق والواجبات .ترفض إستغلال المنصب السياسيي أو الاداري أو الديني ، وتحرّم الاضرار بالمال العام والانتفاع الخاص به دون وجه حق ، وترفض الاضرار بموجودات الدولة على أنه معارض للحكومة أو غير مؤيد للسلطة .توعية بالحقوق المدنية وفق مقررات الامم المتحدة .

إن العلمانية والديمقراطية تبدأ بالتوعية الحقيقة ، وليس بتشويه التاريخ والمسخ والكذب، والكذب وخداع الجماهير ، وكما قيل " إن حبل الكذب قصير "

================================
* كتاب " الحقيقة الغائبة " لمؤلفه د. فرج فودا ، مؤلف ومطبوع في سنة1986



#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مجلس نواب : القوميات والطوائف والعشائر ..!
- مقترحات بتعديل الدستور العراقي
- بل يفهمون ..ويحرّفون..!
- يباركون سفك دماء الابرياء .. بإسم المقاومة الوطنية ..!!
- إقتراح بفتح حوارا حول ، تنازع الهويات ..!
- فتّشوا عنهم بين أتباعكم ..!
- من حق الشعب أن يعرف ،..!!
- العظمة في التعمير وليست في التدمير ..!!
- وهكذا أضيئت مدن العراق ، كما أضيئت شوارع بكين !!!
- تحية إجلال وإكبار لشهداء الطبقة العاملة
- الاول من مايس ، عيد العمال العالمي وعيد الانسانيةجمعاء ..!!
- هل وصلنا وإلا بعد ...!!
- بين الكرادة والمربعة مسافة طويلة ..!!
- قادة الائتلاف : الائتلاف أولا .... والعراق آخرا !!!
- كل الشيعة إئتلافيون .. وإن لم ينتموا ..!!
- حقوق المرأة ومسؤولية المجتمع عنها
- كيف ومتى بدأ ..تسيس الدين في العراق ..؟ الخاتمة والاستنتاج
- كيف ومتى بدأ...تسيس الدين في العراق ..؟ ---6
- كيف ومتى بدأ ..تسيس الدين في العراق 5
- !!سمفونيات في سوق الهرج والمرج


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - هرمز كوهاري - الدولة الحديثة بين العلمانية والدين والمجتمع