أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - -آلية التبرير- في النقاش العمومي














المزيد.....

-آلية التبرير- في النقاش العمومي


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 17:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


آلية التبرير من المفاهيم المعتمدة في مجال التحليل النفسي، ومعناها كما حدّدها الأب المؤسس لهذا العلم "سيغموند فرويد"، السلوك الذي بموجبه يعمل الفرد على إيجاد التبريرات المختلفة للأخطاء التي يقترفها بغرض التخفيف من وطأة الصراع النفسي الناتج عن الشعور بالذنب، حيث يقوم "الأنا الأعلى" ممثل سلطة المجتمع في الجهاز النفسي للشخصية، بمحاسبة الوعي على تخاذله في مراقبة "الهو" ممثل الغريزة، ومن أجل إعادة التوازن النفسي للشخصية وتجنب الوقوع في "العُصاب " أي المرض النفسي، يقوم "الأنا" ممثل الوعي بإيجاد التبريرات الضرورية لتخفيف ذلك الشعور المأساوي بالذنب لدى الشخصية.
ولكي نقوم بتبسيط هذا المفهوم نعطي المثال التالي: عندما يقوم تلميذ بالغش في الامتحان، فإن التبرير الذي يقدمه لنفسه للتخفيف من وطأة فعلته هي القول "إن الجميع ينقلون"، وهي نفس العبارة التي ينطقها أيضا عندما يتم ضبطه من طرف الحراس، بينما هي عبارة تبريرية لا تمحو خطأه المتمثل في خرق القانون.
وإذا خرجنا من إطار الشخصية الفردية إلى مجال الشخصية الاجتماعية فسنجد بأن هذا المفهوم يصلح لتحليل وفهم سلوك المغاربة أمام العديد من الأزمات التي يتسبب فيها نمط الوعي السائد.
ولفهم بعض آليات الدفاع لدى الشخصية المغربية من أجل حلّ الصراع النفسي دون حلّ المشاكل الفعلية بطريقة واقعية، نورد الأمثلة التالية:
كلما طرح الإعلام والمثقفون والملاحظون ظواهر اجتماعية سلبية للمناقشة، والتي تتمثل في سلوكات وأنماط وعي بعض المواطنين، إلا وتسابق الكثير من المغاربة لتبرير تلك الأفعال عوض الإقرار بها والبحث عن طرق تداركها، فعندما نقول إن مجتمعنا يطبعه الاستبداد من الأسرة إلى السلطة، يقولون إن المجتمعات الأخرى كذلك تعرف أشكالا من الاستبداد، وعندما نتحدث عن العنصرية في بلادنا يتسابقون في الحديث عن أمريكا وعنصرية جهاز الأمن ضدّ السود، وعندما نطرح موضوع الحريات الفردية يقولون إن فرنسا تمنع "الحجاب" في المؤسسات، وعندما نثير موضوع السقوط الأخلاقي وأزمة القيم يعتبرون الغرب هو معدن الانحلال، وحتى عندما نثير موضوعا مثل نبش قبور المسلمين وتخريبها يقولون إن هذا العمل قد مارسته النازية واليمين المتطرف في الغرب أيضا، وعندما نطرح مشكلة العنف ضدّ النساء يأتون بإحصائيات تقول بوجود العنف ضد النساء في مجتمعات غربية.
ـ عدم وجود رغبة في الاعتراف بالخطأ ووضع حدّ لسلوكات سلبية.
ـ وجود رغبة أكيدة في تعميم حالتنا وإسقاطها على الغير.
ـ عدم التمييز بين الظواهر السلبية في بلادنا والبلدان الأخرى، فالكثير من هذه السلوكات التي ذكرنا (مثل العنف ضد النساء مثلا) يتم تجريمها في الغرب بعقوبات شديدة، بينما عندنا تعتبر طبيعية ومبررة، بل يتم الامتناع عن إصدار قوانين لتجريمها بمبررات دينية (الاغتصاب الزوجي مثلا).
ـ وجود رغبة ملحة في تخفيف المحاسبة الذاتية من خلال التركيز على قبح الآخر، والهدف هو التطبيع مع هذه الحالات المنحرفة وإخفاء عيوب الذات وتجنب أي نقد ذاتي.
ونشير بهذه المناسبة إلى أنه حتى في حالة عدم عثورنا على مُبرر خارجي للتخفيف من أخطائنا، نستمر في اقترافها، مما يدلّ على أن غرضنا هو تبرير أفعالنا السلبية وجعلها أفعالا طبيعية عوض الحدّ منها.
لقد تبين من التاريخ الحديث لبلدان ناهضة بأنّ آلية التبرير لا تساعد على الخروج من التخلف، وأن المنطلق الصحيح هو النقد الذاتي وتقوية البيت الداخلي عبر إصلاحات حقيقية، وأولها إصلاح التعليم، وأنّ رمي الناس بالحجارة لا يكون له من هدف سوى أن ننسى هشاشة وضعنا الداخلي.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أغفله النقاش حول -آيا صوفيا-
- رد لطيف على كلام عنيف (من أجل تجاوز الماضي والعودة إلى الراه ...
- في معنى النزاهة، ومعنى الشفافية
- ظاهرة تخريب الآثار وإحراق المكتبات في تاريخ المسلمين
- بين الواجب والصدقة
- هوية البطاقة وهوية المواطنين
- حول عنف ال-فيسبوك-
- إنكار -السببية- من عوامل تراجع العلوم عند المسلمين
- الأسباب الحقيقية لهجرة الأدمغة
- حول مكانة العلوم العقلية في الحضارة الإسلامية
- حزب بألف قناع
- أسباب التوتر النفسي للإسلاميين
- تضمانا مع الأطباء وكل العاملين في قطاع الصحة
- ظاهرة الدكاترة ـ المشايخ
- حتى لا نظل فئران تجارب
- الحجر الصحّي وحقوق الإنسان
- الوباء ، الطائفية والاخلاق
- لماذا لا نأخذ العبر من تاريخ الأوبئة ؟
- أغاليط تشوش على حملة التحسيس ضدّ الوباء
- في الحاجة إلى ضمير جَمْعي منتج وفعال


المزيد.....




- هل ستمنح غيسلين ماكسويل الشريكة السابقة لجيفري إبستين عفوا ر ...
- كامالا هاريس تكشف عن موقف -لم تتوقعه- في ولاية ترامب الثانية ...
- ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها ...
- مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساع ...
- قادة ديمقراطيون يدعون ترامب لإنهاء الحرب على غزة
- حماس: ترامب لا يمل من ترديد أكاذيب إسرائيل ولن نمل من تفنيده ...
- أفغانستان..زلزال يهز منطقة هندوكوش
- الرئيس الأميركي يعلق على زيارة مبعوثه ويتكوف إلى غزة
- -تيسلا- مطالبة بـ 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت
- مصدر لـCNN: نتنياهو يؤجل قراره بشأن العملية العسكرية في غزة ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - -آلية التبرير- في النقاش العمومي