أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الحجر الصحّي وحقوق الإنسان














المزيد.....

الحجر الصحّي وحقوق الإنسان


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النقاش الذي عرفته بعض المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي حول حقوق الإنسان، بمناسبة إعلان السلطة عن حالة الطوارئ الصحية، رافقه شعور جمعي بالحاجة إلى "قوة الدولة"، و"صرامتها" في تطبيق قرارها القاضي باحترام الحجر الصحّي من طرف الجميع، أي القوة الضابطة التي تمكن من خلق الفضاء العام المطلوب في ظرف معين لمصلحة الجميع.
وحدث على إثر هذا خلاف بين مواطنين وحقوقيين جعل البعض يعتقد بأن حقوق الإنسان موضوع مؤجل لا ينبغي إثارته في هذا الظرف، وهذا خطا فادح، إذ أن حقوق الإنسان ليست حقوقا ظرفية، بل هي ملازمة للإنسان في جميع أحواله وظروف معيشه اليومي، ولا توجد لحظات استثنائية يصبح فيها الإنسان أقل إنسانية ولا يستحق فيها حقوقه، إلا لحظات هدر الكرامة.
ولعل سبب طرح مشكل حقوق الإنسان في هذا الظرف بالذات هو سلوك بعض رجال السلطة الذين اضطروا إلى اللجوء إلى العنف لجعل بعض المواطنين يحترمون قرار الدولة، حيث ظهر أن البعض أعلن العصيان على القرار الرسمي بالحجر الصحي، وظهر بذلك مقدار ضعف الوعي المواطن والتفكير العقلاني والواقعي عند كثير من الناس.
ومن تمّ وجب التدقيق التالي:
إن الحجر الصحّي الذي أعلنته الدولة ليس انتهاكا لحقوق الإنسان ولا اعتداء على المجتمع، بل هو قرار من أجل مصلحة الكل، إذ لا حلّ في غياب لقاح فعال إلا بهذا الحجر، ويدخل هذا ضمن ما يسمى "علة الدولة" أو La raison d’état ، الذي يعطيها الحق في استعمال القوة المشروعة من أجل مصلحة المجتمع.
والتزام المواطنين بقرار الدولة هو تنازل حكيم وإرادي عن حريتهم في التنقل لكنه ليس تنازلا أبديا، بل هو محدود باستمرار الوضعية المشكلة، وعلى الدولة القيام بحملات تحسيس مكثفة في هذا الاتجاه، حيث من الخطأ مطالبة الناس بالمكوث في بيوتهم دون توضيح أن ذلك ليس مسا بحقهم المبدئي في التنقل، ولكنه إجراء مؤقت تفرضه ظروف قاهرة، وكذلك دون توفير شروط العيش الكريم لهم وخاصة العائلات المعوزة.
من جانب آخر على السلطة التعامل مع المواطنين "العصاة" بمنطق القانون، والذي هو الاعتقال والمحاكمة طبقا للنص الذي صادق عليه البرلمان، ولكن ليس من حق رجال الأمن أن يتجاوزوا حدود ذلك، حيث أنّ الضرب والتنكيل والعنف غير المبرّر يُعدّ انتهاكا للقانون ولحقوق المواطنين المخطئين، والذين ينصّ القانون على معاقبتهم بالسجن والغرامة في إطار المساطر المعمول بها، لا على إهانتهم أو سوء معاملتهم.
ولم أجد في هذا الصدد أبلغ ولا أوضح من خطاب السيدة ميركيل التي توجهت إلى الشعب الألماني بالعبارات البليغة التالية:
"أعرف مدى صعوبة عمليات الإغلاق من الحكومات على حياتنا وصورتنا الديمقراطية، هذه قيود لم نشهد مثلها من قبل في ألمانيا، ودعوني أؤكد لكم بالنسبة لشخص مثلي حارب جاهدا للحصول على حقوق وحرية التنقل والسفر، أنني لم أكن لأقبل بهذه القيود لولا أهميتها وضرورتها القصوى، ولا يمكن وضع هكذا قيود في دولة ديمقراطية بسهولة، وسيتم إقرار هذه القيود بشكل مؤقت فقط، لكن لا غنى عنها الآن لإنقاذ الحياة. نحن بلد ديمقراطي لا نعيش على الإكراه، ولكن بالمعرفة والمشاركة، وهذه مهمة تاريخية لا يمكن تحقيقها إلا معا. يمكننا قبول القيود الحالية والتضامن مع بعضنا البعض، هذا الوضع جدّي ومفتوح وهذا يعني أننا سنعتمد بشكل أساسي على كيفية التزام كل شخص باتباع القواعد وتنفيذها، وعلينا أن نثبت أننا نتصرف بحبّ وعقلانية حتى ننقذ الأرواح".



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوباء ، الطائفية والاخلاق
- لماذا لا نأخذ العبر من تاريخ الأوبئة ؟
- أغاليط تشوش على حملة التحسيس ضدّ الوباء
- في الحاجة إلى ضمير جَمْعي منتج وفعال
- الوباء والدعاء
- حزب في رعاية الله
- نزعات اختزالية ضدّ الديمقراطية
- مصادرة كتاب من معرض الكتاب فضيحة دولة
- أعطاب العقل الإسلامي من خلال تعقيب شيخ الأزهر
- الهوة بين قانون العقوبات والمجتمع يعرقل العدالة الجنائية
- خمور البشير و-آدابه العامة-
- في رثاء محمد شحرور
- حدود الحريات الفردية مناقشة لبعض آراء وزير حقوق الإنسان
- كل التضامن مع الدكتور خالد منتصر في معركته ضدّ -الأصنام-
- ماذا تعلمت بلدان جنوب المتوسط من سقوط جدار برلين ؟
- دراسة ثانية تؤكد ريادة المغرب في انعدام الأمانة
- هل فهم المغاربة معنى الحريات الفردية ؟
- لماذا لا نعيش -إسلام النرويج- ؟
- رسائل قصيرة إلى دعاة عزل الذكور عن الإناث في المدارس
- المغاربة والوعي بالانتماء إلى إفريقيا


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الحجر الصحّي وحقوق الإنسان