أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - خمور البشير و-آدابه العامة-














المزيد.....

خمور البشير و-آدابه العامة-


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أقرّت الحكومة السودانية الانتقالية مؤخرا مشروعا لإلغاء " قوانين النظام العام والآداب العامة بالولايات"، طبقا لما دعت إليه حركة الشارع السوداني وما ظلت تدعو إليه المنظمات الحقوقية والنسائية منذ أزيد من عشرين عاما.
قانون "النظام العام والآداب العامة" وضعه النظام العسكري الذي ترأسه عمر البشير منذ انقلابه على الحكومة الشرعية بالسودان عام 1989، وقام بذلك بإيعاز من التيار الإسلامي الذي دعمه في انقلابه وشاركه في الحكم لمدة ثلاثين سنة. وكان هذا "النظام العام" يمثل صورة واضحة لهيمنة الإسلاميين على دواليب الحكم ووصايتهم على المجتمع السوداني، حيث كان يعتمد المرجعية الإسلامية ويوظف نصوصا دينية في شرعنة أشكال الحجر والمصادرة والعنف التي كانت تطال المواطنين السودانيين وخاصة من النساء، كما يشير سقوطه إلى انهيار حكم الإسلاميين وفشلهم في فرض إرادتهم على حركة الشارع السوداني.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يستعمل فيها الجيش نصوص الدين الإسلامي لتبرير اضطهاده للمجتمع وإضفاء شرعية على اغتصابه للسلطة، فقد سبق للعسكري جعفر النميري الذي استولى بدوره على الحكم بانقلاب عسكري سنة1969 أن أقرّ في إطار خلافه مع اليساريين والقوميين "اعتماد الشريعة الإسلامية" سنة 1980، ما جعل التيار الإسلامي يسانده ويبرر جرائمه، بل إن مؤسسة الأزهر بمصر أصدرت آنذاك بيانا في التنويه به وبحرصه على "إحياء السّنة" و"محاربة البدع".
كان نظام الآداب العامة الذي وضعه عمر البشير والتيار الإخواني السوداني شديد القسوة على الأفراد، وكان يتيح تقييد الحريات العامة والفردية وينص على عقوبات مشدّدة مثل الجلد بالسياط والسجن لفترات تصل لخمس سنوات وغرامات مالية كبيرة بحق نساء تمت إدانتهن مثلا بـ"حضور حفلات" أو بـ"ارتداء ملابس غير محتشمة" ويقصد بها اللباس العصري. كما فرض عقوبات مشددة على بائعي الخمور وشاربيها.
يفسر هذا لماذا شاركت النساء والشباب بشكل مكثف في التظاهرات التي اندلعت ضدّ نظام البشير في ديسمبر2018 ، والتي نجحوا في تحويلها من مظاهرات ضدّ ارتفاع أثمان الخبز إلى مطالبة مبدئية بإسقاط نظام البشير والإسلاميين، هؤلاء الذين وقفوا منذ البداية ضدّ حركة الشارع السوداني خوفا على مواقعهم في السلطة وعلى امتيازاتهم.
والملفت بعد سقوط نظام البشير واعتقاله، أن السلطات حجزت ببيته ـ بجانب الكميات الهائلة من الأموال من مختلف العملات الدولية ـ كميات هائلة من أنواع الخمور، التي كان يتمتع بمعاقرتها في الوقت الذي كان يجلد فيه ظهور الناس بتهمة شرب الخمور أو بيعها.
كما أن المحاكمات التي تجري حاليا ضد المتواطئين في نظام انقلاب عمر البشير تتم اعتمادا على نفس التهمة التي حاكم بها البشير والإسلاميون خصومهم السياسيين، وهي تهمة "تقويض النظام الدستوري وفقاً للقانون الجنائي لعام 1983".
تضرّر السودان بشكل خطير من حكم العسكر والإسلاميين خلال الثلاثين سنة المنصرمة، والتي كان من أبرز نتائجها انقسام البلد إلى دولتين وتفقير فئات واسعة من الشعب السوداني بسبب الزيادات المتوالية في الأسعار، مع انهيار كبير في القيم والأخلاق وانتشار الفساد، وهجرة الأدمغة ذات الكفاءة، إضافة إلى إشعال الحروب وإشاعة الضغائن باستعمال التحريض الديني ما أدّى اقتراف مذابح شنيعة وإبادات جماعية في عدد من مناطق السودان مثل "دارفور"، وما نتج عنه إعلان المحكمة الجنائية الدولية بأن عمر البشير "مجرم حرب" مدان دوليا ينبغي اعتقاله عند أول فرصة سانحة يتواجد فيها خارج بلده.
بعد هذه التطورات الأخيرة، والتي من أهمها انتصار الحراك الشعبي السوداني، من المنتظر في حالة ما إذا لم تظهر مفاجئات غير متوقعة، أن يعرف السودان مرحلة جديدة يتم فيها إرساء منظومة قانونية وعدلية مطابقة للمرجعية الدولية لحقوق الإنسان، كما طالبت بذلك القوى الديمقراطية المتظاهرة، حيث عبرت الحكومة الانتقالية التي تواجه الكثير من الصعوبات، عن استعدادها للانضمام إلى جميع الاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة “سيداو”، ما سيمكن من تمكين المرأة السودانية من تبوأ موقع الصدارة الذي كانت فيه قبل أسلمة الدولة وأخونتها، كما عبرت الحكومة ذاتها عن إرادتها في إرساء أسس حكم مدني يساوي بين جميع أعضاء المجتمع ويحافظ على سلامتهم وحقوقهم بغض النظر عن اختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية واللغوية والإيديولوجية، وهو ما سيقوي بلا شك الوعي المواطن ضدّ النزعة الانقلابية والنزعة الدينية النكوصية اللتين أضاعتا على السودانيين عشرات السنين من تاريخهم الحديث.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رثاء محمد شحرور
- حدود الحريات الفردية مناقشة لبعض آراء وزير حقوق الإنسان
- كل التضامن مع الدكتور خالد منتصر في معركته ضدّ -الأصنام-
- ماذا تعلمت بلدان جنوب المتوسط من سقوط جدار برلين ؟
- دراسة ثانية تؤكد ريادة المغرب في انعدام الأمانة
- هل فهم المغاربة معنى الحريات الفردية ؟
- لماذا لا نعيش -إسلام النرويج- ؟
- رسائل قصيرة إلى دعاة عزل الذكور عن الإناث في المدارس
- المغاربة والوعي بالانتماء إلى إفريقيا
- الإسلاميون والعسكر، تحالف ضدّ الديمقراطية
- عن ضرب النساء الذي ليس ضربا
- يسألونك عن العِرق، قل هو إلا خرافة وإعلان حرب
- هل يُعجّل كمال فخار بتحرير الشعب الجزائري من براثن الاستبداد ...
- حول الأمازيغية ورموز الدولة، نقط على الحروف
- الفضاء العام بين السلطة والمتطرفين
- الحق في الإيمان والحق في الإلحاد
- أذكى من هوكينغ وأبلد من حمار
- الجزائر ، السودان، ليبيا: أي أفق للجماهير المنتفضة ؟
- تدريس العلوم ليس موضوعا هوياتيا أو إيديولوجيا
- لماذا يلجأ الإسلاميون إلى الإشاعة الكاذبة ؟


المزيد.....




- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - خمور البشير و-آدابه العامة-