أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - هوية البطاقة وهوية المواطنين














المزيد.....

هوية البطاقة وهوية المواطنين


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6596 - 2020 / 6 / 18 - 20:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترمز بطاقة الهوية، أي بطاقة التعريف الوطنية، إلى هوية حاملها بوصفه مواطنا للدولة، وذلك من خلال تحديد اسمه ونسبه العائلي وسنة ميلاده ثم صورته وعنوان سكنه. إن الهوية هنا هي هوية مواطنة وانتماء للدولة الوطنية، ولهذا تعكس هذه البطاقة أيضا من خلال هوية الشخص هوية الدولة نفسها، عبر اللغة المستعملة والأسماء الشخصية وجغرافيا الانتماء، وعندما يطرأ تغيير ما على الدولة ينعكس ذلك حتما على هوية مواطنيها وبالتالي على بطاقتها الوطنية، كمثل أن تعترف الدولة بلغة من لغاتها أو بمكون من مكوناتها الهوياتية، أو أن تنتقل الدولة من نموذج سياسي إلى آخر، حيث نجد لذلك أثرا مباشرا في البطاقة ذاتها، وذلك حتى لا تقع الدولة في مشكلة أن تصبح "هوية البطاقة" مفارقة لهوية المواطنين وغير معبرة عن الوضع الجديد للدولة، ما قد يؤدي إلى عدم شعور هؤلاء المواطنين برابطة الولاء والانتماء للدولة عبر بطاقة التعريف بسبب عدم احترام الدولة لهم، وهذه هي الحالة التي تتجه بنا نحوها وزارة الداخلية المغربية: أن نحمل بطائق تشير إلى هوية الدولة والسلطة، لكنها ليست بالضرورة هويتنا، أو لنقل إنها هويتنا كما تنظر إلينا السلطة، وكما تريدنا أن نكون: عربا بقبعة لاتينية.
سيقول قائل إن هذا الوضع ليس جديدا بالنسبة لنا، فالدولة المغربية منذ استقلالها سنة 1956 وهي تفرض هويتها الخاصة في أوراق هوتينا تحت شعار "العروبة والإسلام"، مع الانفتاح على الفرنكوفونية والإرث الكولونيالي للدولة الحامية من خلال الازدواجية عربية ـ فرنسية، في ذلك الوقت كانت الأمازيغية ـ الهوية الأكثر عراقة على الأرض المغربية ـ ترمز للتفرقة وللاستعمار، وكانت "العروبة" القادمة من جزيرة العرب إطارا يعتبر "وطنيا" و"جامعا"، بل حتى الفرنسية اعتبرت "جامعة" للمغاربة لأنهم يتعلمونها في المدرسة.
ولأنه لا يصحّ إلا الصحيح، فقد انقلبت الآية في النهاية وحكم التاريخ بأن تعود الأمور إلى وضعها المنطقي مع دستور 2011، بعد 55 سنة من التمييز الثقافي واللغوي والهوياتي، وكانت تلك نهاية مهزلة إنكار الدولة لهوية أبنائها في قانونها الأسمى، ليختفي النقاش القديم الذي أضاع نصف قرن من تاريخنا الحديث، كنا خلاله نؤدي ضرائبنا للدولة ونعيش بهوية قسرية ومصطنعة، ليظهر بعد ذلك نقاش كاريكاتوري بقناع الأعذار "التقنية"، وهو نقاش بصيغة "نعم ولكن لا"، والجميع يعلم أن ذلك ضربٌ من العبث لا معنى له سوى إضاعة مزيد من الوقت، وعرقلة التغيير من طرف عقليات الجمود والتخلف.
إن ما ينبغي أن تحمله البطاقة الوطنية للتعريف الجديدة، سواء في لغاتها أو أحرفها، هو ما يرمز لهوية جميع مواطنيها بدون استثناء، وإننا لنستغرب من حرص السلطة على هوية الدولة الفرنسية الحامية مرموزا إليها بحروفها اللاتينية، أكثر من حرصها على هوية الأرض المغربية وسكانها.
تبشرنا السلطة بجيل جديد من البطاقة الوطنية الإلكترونية، وهذا من مظاهر الحداثة، لكنها حداثة شكلية لا تتعدى المستوى التقني، بينما يقتضي مسلسل التحديث مراعاة الدستور والقوانين، إذ من مظاهر الحداثة احترام الدولة لالتزاماتها ، واحترامها لحقوق الإنسان والمساواة بين جميع مواطنيها.
لن نقبل ببطاقة هوية لا تحترم الدستور ولا تحترم كياننا، والعذر "التقني" الذي تقدمه السلطة له حل "تقني" هو كتابة المعلومات العامة المحايدة بالحروف الأمازيغية، وهي أغلبية المعلومات في البطاقة الوطنية، في انتظار تسوية مشكل الحالة المدنية الذي تتحمل السلطة مسؤوليته منذ سنوات، لأنها عندما تريد شيئا إنما تقول له كن فيكون.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول عنف ال-فيسبوك-
- إنكار -السببية- من عوامل تراجع العلوم عند المسلمين
- الأسباب الحقيقية لهجرة الأدمغة
- حول مكانة العلوم العقلية في الحضارة الإسلامية
- حزب بألف قناع
- أسباب التوتر النفسي للإسلاميين
- تضمانا مع الأطباء وكل العاملين في قطاع الصحة
- ظاهرة الدكاترة ـ المشايخ
- حتى لا نظل فئران تجارب
- الحجر الصحّي وحقوق الإنسان
- الوباء ، الطائفية والاخلاق
- لماذا لا نأخذ العبر من تاريخ الأوبئة ؟
- أغاليط تشوش على حملة التحسيس ضدّ الوباء
- في الحاجة إلى ضمير جَمْعي منتج وفعال
- الوباء والدعاء
- حزب في رعاية الله
- نزعات اختزالية ضدّ الديمقراطية
- مصادرة كتاب من معرض الكتاب فضيحة دولة
- أعطاب العقل الإسلامي من خلال تعقيب شيخ الأزهر
- الهوة بين قانون العقوبات والمجتمع يعرقل العدالة الجنائية


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - هوية البطاقة وهوية المواطنين