أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - حازم العظمة - النظام البطريركي ، الإستبداد و العلمانية















المزيد.....

النظام البطريركي ، الإستبداد و العلمانية


حازم العظمة

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 11:01
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    



سوف ينقضي وقت طويل قبل أن تتحول المجتمعات العربية إلى علمانية ما ( خاصة بها ) ، فالمجتمعات هذه كانت ، ما تزال ، تخرج ببطىء من تكوينها البطريركي القديم ، عوامل كثيرة تلعب أدواراً متشابكة في إعاقة هذا التحول

التكوين البطريركي ( الأبوي ) ما يزال واضحاً و يسم بمختلف تجلياته الحياة في كل شيء تقريباً ، ابتداءً من مفهوم السلطان – الزعيم ، و الذي هو المعادل الإجتماعي لدور " الشيخ" القديم ، أي شيخ العشيرة مروراً بمسألة " الإجماع القبلي " الذي لا يسمح بالإختلاف و لا التنوع و يواجهه بأقصى العنف و المنع ، وصولاً إلى مكانة و "مرتبة" الذكور في الأسرة الذي ينسحب إلى الأولاد الذكور طبعاً ، إذ يتمتعون بالإمتيزات التي لـ " شيوخ" مقبلين و يعطيهم إمتيازات و سلطة حتى على أمهاتهم

ما أريد أن أقوله هنا أن العلمانية ، و الديموقراطية – شقيقتها- تنتمي و تتعلق بنظام آخر مختلف تآكلت فيه عبر العصور سلطة و سطوة البطريرك- الشيخ ، و تفككت معها النظم الفكرية التي توائمها ، أعني الدين .

الدين هو المعادل الفكري ، " الراية" الفكرية لمراتبية نظام العشيرة – القبيلة
، في الدين ثمة شيخ هو أكبر الشيوخ إطلاقاً يتحكم بالكون لا العشيرة وحسب و سلطة الذكور هي " هبة من السماء " أُعطيت للشيخ – للشيوخ ... أي : السلطان- الملك- الخليفة-الأمير- الوالي- الزعيم - الرئيس ( التسمية تختلف فيما الدور في الأساس واحد )
هذا النظام يقوم على مراتبية تمر من السماء إلى الأرض و تنحدر من "فوق" لتعبر من السلطان إلى الوزير إلى قائد الجند حتى العسـس و المخبرين و دائماً في أدنى السلم هذا "الرعاع" و" الدَهْماء".. و النساء.. ما يسمى عادة بـ "الرعيّة" ..

العديد من أنظمة الإستبداد العربية المعاصرة تستخدم فكرة " الإمتياز الإلهي " هذه صراحة و مواربة .. ما يعني أن الدولة المعاصرة الإستبدادية لم تختلف كثيراً عن سلطة و سطوة القبيلة في المجتمعات البدائية، ، حيث سلطة الشيخ تنحدر من " ولايته" و الوالي هذا " وُلّي َ له من الله " ، أي أعطي "إنابة"( بدون أن يرى أحد هذه " الإنابة " بطبيعة الحال )
نظام الإنابة هذايعطي للـ " الشيوخ" الحق في كل شيء إبتداء من الثروة إلى النساء ...

الذرائع لهذه الإنابة هي التكوين القبلي نفسه ، ففي البيئة التي تتصف بنزاعات القبائل و غزوات القبائل( هذه الغزوات دافعها دوافع التسلط نفسه : الثروة ، و النساء ) " الإجماع " القبلي حيوي و أساسي في تكوينات إجتماعية بقاؤها و وجودها مُهدد ٌ بدونه و مُهدد ٌ موضوع و جودها : نظام المشيخة البطريركية من أساسه ..

النزاعات القبلية – تماماً كما الحروب المعاصرة - تلعب دور ذريعة في إدامة نظام المشيخة - القبيلة ، النظام الذي يسمح لـ " الشيخ" ، و من خلفه : " الأعيان"و " اولي الأمر"، بالتسلط و بإدامة هذا التسلط

و من المدهش أننا نجد أن هذا المبرر – الذريعة للتسلط و الإستبداد ما يزال يعمل في أيامنا هذه ، ففي كل مرة ينهض المجتمع المدني ، موضوع الإستبداد و ضحيته،أنظمة الإستبداد تستعمل هذه الذرائع تحديداً في تبرير القمع و كمّ الأفواه أي ، بالتعبيرات المعاصرة ، : " الأخطار المحيقة بشعبنا" و " الظروف الإستثنائية " و " العدو الغاشم " ...
فيما المعني حقاً نظام الإمتيازات ... ،نظام النهب ، نظام التسلط .. هذه هي الأخطار الحقيقية " المحيقة بشعبنا " ...

"التكفير " و " التخوين "و " الإنحراف " هي الأدوات الخطابية في منع حرية الفكر
الرأي المختلف هو نفسه الخروج عن الإجماع القبلي ، أي الخروج على سلطة " الشيخ" و سلطة " الأب" ...

التكوين البطريركي في أساسه ينتمي إلى التشكيلات الإجتماعية ما قبل الرأسمالية
و لا يغير كثيرأ في هذا التكوين حقيقة أن المجتمعات العربية قد انتقلت فعلاً إلى أنماط إجتماعية- إقتصادية رأسمالية بصفة ما و لكنه انتقلت لها في هامشها فحسب ، في الموقع التابع فحسب ، إذ أن النظم الإقتصادية – الإجتماعية تلك لم تتطور إلا بصفة شريك تجاري و مستهلِك ، شريك كومبرادوري و ملحق في النظام الرأسمالي العالمي ، و في العديد من الحالات منتج للنفط بشكل أساسي ...
هو لا يشارك فعلياً في إنتاج النفط ، دوره في هذه " الشراكة" هو أن النفط ببساطة موجود في أرضه ..
إذن " شريك" في إنتاج النفط -رغماً عنه - و مستهلك لمنتجات المتروبول الرأسمالي أيضاً رغماً عنه ...
، هذا "الإستهلاك"يتضمن فيما يتضمنه شراء أسلحة حذيثة و أنظمة دفاعية بآلاف ملايين الدولارات ، " إستخدامها" الفعلي ينتهي و يقتصر على شرائها ...

ديمومة هذا الدور و إدامته تحتاج إلى " تثبيت" هذه المجتمعات في و ضعها المتخلف ، و ما من "نظام " يمكن أن يكون أحسن أداءً لهذا من النظام العشائري البطريركي نفسه ، هذا يفسر لماذا الولايات المتحدة ، و قبلها و معها بريطانيا العظمى منذ القرن العشرين ، من أوله ، كانت و مازالت تضع كل ثقلها السياسي و العسكري في حماية هذه الأنظمة العشائرية ، أنظمة الإستبداد العشائري – البطريركي و معادلها " الفكري" : الدين
و لو وَجدت غير الدين الإسلامي ديناً بطريركياً آخر في هذه البلاد ( التي فيها أيضاً النفط ) ، لدعمته بنفس القدر
الولايات المتحدة مثلاً لا تيأس و لا تتعب من محاولة إعادة نظام " الدالاي لاما" إلى التيبت ...

ثمة حروب شُنت و أنظمة أقيمت و منظومات أيديولوجية و ثقافية أنشئت و حصنت و موّلت لحماية بقاء هذا الدور ، دور التابع و "الشريك " الذي ليس له من هذه "الشراكة" سوى دور التابع

، هذا الدور التابع بالتحديد ما يمنع أو يبطىء أي إنتقال منساب أو عميق على المستوى الثقافي و الإجتماعي إلى تكوين جديد للمجتمعات العربية قائم أساساً على العلمانية أو حتى على علمانية ما

ما يخفف من قتامة هذه الصورة حقيقةُ نمو و تطور نخب ثقافية عربية تتمتع ، في كثير من الحالات على الأقل ، بديناميكية مشهودة و روح قتالية عالية ، و لا ينبغي على سبيل المثال أن نتعجب من أن من بين هذه النخب سنجد أن بعضها قد نشأ و تجذر في بيئات شديدة المحافظة و في دول هي رسمياً و فعلياً تنتمي إلى القرون الوسطى من حيث الإستبداد المطلق و الهيمنة الثيوقراطية على مستوى مؤسسات الدولة و المجتمع و الثقافة

نظام " بوش" – المحافظون " الجدد" – الليبراليون " الجدد- لا فرق كبير ، هو بدوره ينتمي إلى النظام البطريركي ،
نظام " الطالبان" الجديد الذي يؤسّسُ له في العراق ، أو بالأحرى " الطالبانات" ، المتعددة حسب مذاهبها ، يجري برعاية " بوش" و زمرته ... المبدأ الأساسي هنا ، انشروا التدين و التمذهب و التعصب ، و خاصة تجادلوا و تقاتلوا ، مثلاً حول "زواج المتعة" و زواج " المسيار " أو حول " موقعة الجمل" .. أو غير ذلك ، ما تجدونه مناسباً ، و دعوا لنا النفط ..

لم يبدُ غريبا ، الأسبوع الماضي ، منظر الرئيس الأمريكي على الشاشات و هو يقود " العاهل" السعودي من يده في حديقة البيت الأبيض ..

الشعار الرسمي لـ " بوش" و حزبه الجمهوري : الله ، العائلة ، الوطن
هو أيضاً يكلمه الله في نومه ، لا أسامة بن لادن و حسب ..
*





#حازم_العظمة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضاءُ إلى الغربِ حتى-خان العروسْ-
- أنظمة الإستبداد دريئة ً
- في حجة من أتى أولاً و من أتى آخراً ...
- الزرقاوي شهيداً .. .... ، صنعته أمريكا و قتلته أمريكا
- كَ وِ ه ْ ...
- ذرقُ الطيورِ عليها تضيئه النجوم ْ
- من الذي يضع الخطوط الحمراء ...
- ديموقراطية فرق الموت .. و التطهير الطائفي
- عدوى السياسة تنتقل إلى الشارع الأمريكي الشمالي
- منذ متى بدأ فساد الدولة الفلسطينية
- مدينةٌ من صخور ٍو أعشابَ
- كأس نبيذٍ من أجل لوسي
- هؤلاء ، هل هم حقاًعلمانيون ...
- امرأة بالأحمر ، منحنيات معروضة لليل - ثلاث قصائد
- نوروزْ ... ، متأخراً قليلاً
- في نقد الليبرالية ... السورية
- تجارة حرة ...
- حوار هادىء مع وفاء سلطان
- الحَصانة السعودية ، و الحَصانة السورية ..
- نصف مشهد و أرواحٌ سبعةْ بشرق مدريد


المزيد.....




- وزارة الخارجية الهندية: نيودلهي مارست حقها في منع الهجمات ال ...
- كتائب -القسام- تعلن تنفيذ كمين بقوة إسرائيلية شرق خان يونس
- قناة هندية: مقتل 70 مسلحا على الأقل في غارات هندية على باكست ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح ترامب بشأن الدور الأمريكي في الحرب ا ...
- مراسلنا: 16 قتيلا وعشرات الإصابات بقصف إسرائيلي على قطاع غزة ...
- مصر تعلق على وقف إطلاق النار بين واشنطن والحوثيين
- تعليق الرحلات بمطار صنعاء عقب الهجوم الإسرائيلي
- هكذا يطوّع الأميركيون القوانين لمكافحة مقاطعة إسرائيل
- فيتنام وغزة.. مقارنة بين مقاومتين
- إسرائيل تدعم الهند وتحذير عالمي من تداعيات الاشتباكات مع باك ...


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - حازم العظمة - النظام البطريركي ، الإستبداد و العلمانية