أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم العظمة - كَ وِ ه ْ ...














المزيد.....

كَ وِ ه ْ ...


حازم العظمة

الحوار المتمدن-العدد: 1572 - 2006 / 6 / 5 - 12:27
المحور: الادب والفن
    


كنت أتبع الحجـل أينما سـمعت به ، أبحث عنـه في الكتـب و الموسـوعات ، أحفظ إسـمه اللاتيني alectoris choucar يعجبني إسمه هكذا في الموسوعات ،يعجبني أيضاً إسمه الآخر : "الحجل الرومي" ، إسمه بالكردية " ك َوِِِِِهْ " ، هكذا أخبرتني منذ شـهرين الشـاعرة الكردية فيوليت محمد،هي تحب أن يسميها أصدقاؤها هكذا " ك وِه " ...جرْسه بالكردية و جدته غامضاً و بعيداً ...
بقيت أتبع الحجل سنيناً كثيرة ، أحتفظ بصوره في مخيلتي ، يدرج على الأرض نشيطاً ، منتبهاً ، يتوقف للحظة ، يرفع رأسه ليرى أبعد َ، يمط عنقه الرقيق ذاك .. ليلتقط من الأصوات أخفتها ، يستدير برأسه نزقاً ، قليلاً في كل اتجاه ، نزقاً و هادئاً في آن معاً ...
يطربني صدحه ، يصدي في الوديان السحيقة ، أو في الظهيرة في وعرة جرداء ..
لم تكن الوعرات جرداء إلا حين تعبر مسرعاً ، و لكن إن تمهلت أو توقفت قليلاً ، لعثرت على الشقائق الضئيلة في ظلال الصخور ، أو على الخزامى البرية بجانب بقعة ثلج ما تزال تذوب بطيئة في أواخر نيسان
ثمة "حور صنّين " أيضاً في نهاية أيلول ، بتويجاته النهدية الفاتحة ، هناك في ظل صخرة كبيرة ستجد أن الحجل نبش الأرض و ترك هناك حفرا ًصغيرة مخروطية كان اقتلع منها أبصال الزنابق ، و أبصال "حور صنّين" التي يحبُ
تبعت الحجل في كل جبال و جرود سورية و قفارها ، الحجل لا يحب مكاناً أكثر من الوعرات و الجرود و القفرات النائية ، تبعته في جرود "الفليطة" و "راس العين" و "حلايم قارا" ... ، إسمها هكذا" حلايم قارا " تشبيهاً بالحَلَمات .. ، لأنها ، القمم التي هناك ، تشبه نهوداً .. ، منتصبة تتجه إلى السماء ، إلى الغيم ...، و كأن إلهة تمددت هناك على ظهرها ، على طول السلسة الشرقية ، كأن جبال لبنان هناك و السلسلة الغربية ، والثلج الذي انسكب عليها من قممها .. كأنها لم تكن سوى خلفيةٍ ، لتبدو أمامها الإلهة العارية أجملَ ..

تبعت الحجل في السلسلة التدمرية الجنوبية .. ، و الشمالية ، في "زْبيدة" و "بير الأفاعي "، من هناك ،حين تقفل عائداً ، لا بد أن تمر من التلتين التوأمتين" العبد و العبدة " ، تلال بركانبة قاتمة و قديمة ... ، ملساءُ إلا من شظايا حصى صغيرةٍ بسطحها .. ثمة حجل هناك أيضاً ..

أحياناً تبحث عن الحجل ساعات طويلة ، تصعد و دياناً و تهبط جرودا ً و لا شيء ، و لا أحد ، ثمة الصمت الذي يؤكده حفيف أعواد عشب يابسة هزتها نسمة ضئيلة ، ثم فجأة يمتلىء الفضاء بصخب الحجل ، يفزّ رفوفاً ، ثم فرادى ، من حيث لا تتوقعه ، و لا تراه
مرة وكنا في طريقنا إلى " عين حجل " ، في الجزائر ، قرية صغيرة و نائية ، حيث كان علينا أن نزور مركزاً صحياً صغيراً هناك ، الإسم لفتني " عينْ حْجْلْ " و باللكنة تلك ( بتسكين كل الحروف) ، قلت أن لا بد أن للإسم نصيباً من هذا المكان ، طلبت من السائق والطبيب الجزائري الذي يرافقني أن نتوقف في أسفل تلة كنا نعبر بخاصرتها ، قلت إن كان ثمة من حجل فلا بد أن يكون هنا ، صعدت إلى ظهر التلة و رحت أتأمل المنظر الصحراوي الساحر من هناك .. ، ثم فجأة ، تماماً من أسفل الصخرة التي أقف عليها الصخب ذاته الذي أعشقه : رفٌ كبير من الحجل الأفريقي ( أصغر قليلاً من الحجل الرومي) يفزّ من تحتي تماماً .. لم أتمالك نفسي ، من صيحة عالية طويلة ، أصدقائي الجزائريون نظروا إلي مندهشين ، هزوا رؤوسهم و ابتسموا ...

تبعت الحجل في "وادي الرقاد "و في" وادي خالد "، في تلك المنخفضات السحرية التي نتهار مع الماء إلى نهر " اليرموك "
تبدأ بالهبوط من هناك من مكان يدعى الشجرة ، و لا تنتهي ، تهبط في طبقات و مستويات ، بعد كل واد تقول لا بد أن الهبوط انتهى الآن ، و تقول أن ما من حيز أو من فضاء، ما من طبقة بعدُ تهبط فيها ، أو إليها .. ، إلا أنك تنزلُ و تنزلُ ، تتبع الشلالاتِ و المساقط َ– الصخور َ ، و لا تتوقف إلا عند ضفة اليرموكْ ،
الحجـل هناك يتمـوّه بالدُفلى و بالعشــب ِ، يتموه بصخور ٍنحاسٍ أحرقتها الشمسُ ، يتداخلُ و الجنادبَ و الحمامَ الأزرق َ، و غيوماً خفيفة تشبه غلالات ٍ

بقي الحجل هكذا في ذاكرتي برياً إلى هذا الحد ، جافلاً و برياً ..
، ثم بعد سـنين ، في مدينة مزدحمة في مساء صاخب .. ، بين سامرين و ضحكات عالية ، و قصائدَ و نبيذ ٍ، تصادفُ جميلة ما تقول لك انها " كَ وِه " ، و تفسر لك أن كاوه هي الحجل ...
تعود في آخر الليل و انت تعيد لتتذكر : " كاوه" ...



#حازم_العظمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذرقُ الطيورِ عليها تضيئه النجوم ْ
- من الذي يضع الخطوط الحمراء ...
- ديموقراطية فرق الموت .. و التطهير الطائفي
- عدوى السياسة تنتقل إلى الشارع الأمريكي الشمالي
- منذ متى بدأ فساد الدولة الفلسطينية
- مدينةٌ من صخور ٍو أعشابَ
- كأس نبيذٍ من أجل لوسي
- هؤلاء ، هل هم حقاًعلمانيون ...
- امرأة بالأحمر ، منحنيات معروضة لليل - ثلاث قصائد
- نوروزْ ... ، متأخراً قليلاً
- في نقد الليبرالية ... السورية
- تجارة حرة ...
- حوار هادىء مع وفاء سلطان
- الحَصانة السعودية ، و الحَصانة السورية ..
- نصف مشهد و أرواحٌ سبعةْ بشرق مدريد
- من دفع َ للزمّار ...
- 5 ملايين دولار هدية للنظام لا للمعارضة
- فندق بين الشيح و البحر
- هنتنغتون في صراع السنة و الشيعة !
- جدارٌ بجانبيه زُرقةُ البحر


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم العظمة - كَ وِ ه ْ ...