أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جلال الصباغ - تقدم نضال الجماهير الثورية مرهون بالتنظيم















المزيد.....

تقدم نضال الجماهير الثورية مرهون بالتنظيم


جلال الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6625 - 2020 / 7 / 22 - 10:29
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


استطاعت الجماهير في العراق استعادة المبادرة بعد عقود من سيطرة القوى والأحزاب القومية ومن ثم الإسلامية ومعهم القوميين المدعومين من أمريكا الذين هيمنوا على السلطة بفعل الدعم الخارجي وأساليب القمع والإرهاب التي مارستها الأنظمة المتعاقبة منذ 1958 ولغاية أكتوبر من العام الماضي، إذ ان الجماهير، ولأول مرة ،استعادت زمام المبادرة وأصبحت قوة تهدد النظام البرجوازي الطائفي القومي الذي نصبته الولايات المتحدة الأمريكية.

قبل أكتوبر كان الحديث عن قدرة الجماهير على الفعل الثوري الذي يؤدي لإسقاط النظام ضرب من الخيال، لكن شباب وشابات أكتوبر اثبتوا أن منطق الصراع هو حتمية المواجهة بين الطبقتين، طبقة الملاكين وأصحاب رؤوس الأموال الذين نهبوا الدولة، المتمثلين بسلطة الإسلام السياسي وشركاؤهم من القوميين المدعومين من قوى عالمية وإقليمية – رغم صراع هذه القوى فيما بينها – وبين طبقة العمال والمعدمين والمفقرين والباحثين عن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

وصل الصراع بين الجماهير والسلطة إلى أوجه في الانتفاضة، ففي عهد الإسلاميين والقوميين مورست أبشع الجرائم، وانجرت البلاد إلى أتون الحروب الداخلية، ونهبت خزائن الدولة أمام أنظار الجميع، وحاول النظام طوال الفترة الماضية تصوير الصراع على انه صراع طائفي قومي داخل المجتمع، لكن الجماهير ونتيجة التجربة الثورية المتراكمة، والخبرة بأساليب السلطة ،أدركت أن لا خلاص من وضعها إلا بالتخلص من هذا النظام.

انتفضت الجماهير لكنها، لم تستطع إسقاط النظام. صحيح إنها هزت أركان السلطة وعمقت من أزمتها، لكنها لم تنجز المهمة إلى النهاية، بل بقيت واقفة في منتصف الطريق، وهذا الوقوف في المنتصف مأزق آخر تعيشه الجماهير كما تعيش السلطة أزمتها، وهو الذي أوقف تطور الانتفاضة وعدم قدرتها على التقدم إلى الأمام.

ما البديل بالنسبة للجماهير؟ ما هي الخطة (B) ؟ وكيف يمكن أن نتجاوز المأزق؟ وسط هذه التساؤلات، لا بد من تحديد الوسائل والإمكانات التي يمتلكها طرفي الصراع.
بالنسبة للسلطة فأنها تمتلك المال والسلاح والجيش والمليشيات وهي تستغل الصراع الإقليمي الدولي وتلعب على توازنات قلقة في مقابل "ضمانها" أن القوى الرأسمالية العالمية بكل أقطابها، لا تفضل أي حكم نابع من الإرادة الجماهيرية، لأنه سيتعارض بالتأكيد مع مصالح هذه القوى، والذي يعني إلغاء كل مشاريع هذه القوى وسياساتها المعتمدة على الليبرالية الجديدة وشروط المؤسسات المالية الدولية التي تنفذها سلطة الإسلام السياسي بحذافيرها.

في مقابل ذلك فأن القوة البشرية الهائلة التي تمتلكها الجماهير والتي بانت في بداية الانتفاضة بشكل واضح، بالإضافة إلى الشرعية الشعبية التي تمتلكها الانتفاضة، تجعلها ذات قوة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها وهو ما تحقق بالفعل، أيضا قوة الجماهير الحقيقية تكمن في قدرتها على عبور كل أشكال التصنيفات والتسميات الطائفية والدينية والمناطقية والقومية التي عمل عليها النظام ومن خلفه القوى العالمية والإقليمية الداعمة له، ما يجعل أدوات بقاء النظام مشلولة وغير قادرة على الاستمرار، لأنها وببساطة تعتاش وتستمد بقائها من هذه المسميات.

أن حركة الجماهير قد شلت قدرة النظام على استعادة توازنه، خصوصا مع الصراع المتعمق بين أطرافه وبين داعميه المتمثلين بأمريكا وإيران، ووصولهما إلى حافة الحرب، كل هذه القضايا المتزامنة مع أزمة عميقة تواجه النظام الرأسمالي العالمي وتعصف به، تعطي الجماهير قوة كبيرة وهائلة في وجه النظام المتهالك.

كما أن للسلطة أزمتها فأن للجماهير أزمتها كذلك ، بل أن أزمة الجماهير أكثر تعقيدا، رغم كل ما حققته خلال الانتفاضة، فأولى مظاهر هذه الأزمة تتجسد في غياب أو رفض الوعي السياسي الحزبي، الذي يعني بالمحصلة النهائية بقاء العفوية والفوضوية والتخبط المتحكم بمسارات الحركة الجماهيرية، وهذه القضية مركبة يتعلق جزء منها بأساليب السلطة في التأثير على الجماهير، والجزء الآخر يتعلق بالجماهير نفسها التي انساقت وتأثرت برؤى القوى الإصلاحية والمثقفين العبثيين والوجوديين الذين يحرضون على البقاء في العفوية باعتبارها مكسب، بالإضافة إلى ذلك فأن بعض القوى السياسية المحسوبة على اليسار والشيوعية لعبت دورا خبيثا في تمييع حركة الجماهير وإلباسها ثوبا إصلاحيا يدعو إلى إجراء تعديلات وترقيعات دون المس ببنية النظام.

إن رفض العمل السياسي الحزبي المنظم وضعف القوى الحزبية الثورية وعدم امتلاكها الأدوات التي تمكنها من الوصول إلى الجماهير سواء على المستوى المادي أو الإعلامي أو الحضور الفعلي داخل فئات العمال والمعطلين والنساء والطلبة وغيرهم من الفئات الاجتماعية المهمة وفي مختلف المدن، شكل فراغا كبيرا غالبا ما يتم استغلاله وملئه من قبل قوى الثورة المضادة والقوى الإصلاحية، التي ساهمت ولا تزال بتحويل مطالب المنتفضين وعملهم على إسقاط النظام إلى مطالب جزئية وسطحية.

وسط هذا الوضع الذي يقف فيه الطرفان بمنتصف الطريق، تكون الصورة النهائية عرضة للكثير من المفاجآت، ففقدان البوصلة وغياب التنظيم بالنسبة للمنتفضين يجعلهم يراهنون فقط على الصراع بين أقطاب النظام المدعومة من الغرماء التقليدين، وفي حال انتصار أي من الغريمين (إيران وأمريكا) في العراق، فأن الجماهير هي الخاسرة، وفي حال بقاء التوازن على ما هو عليه فأن الحال باق على ما هو عليه أيضا.

ليس أمام الجماهير إلا التهيئة الحقيقية والتنظيم الصارم في مواجهة آلة السلطة وسلاحها ومليشياتها، وهذا يتطلب من القوى الثورية التي يجب عليها دراسة أسباب الإخفاق في الفترة الماضية، والعمل مع المنظمات والنقابات والاتحادات ،وعدم انتظار ما تؤول إليه الصراعات بين السلطة والجماهير بشكلها العفوي الحالي إنما التدخل الفاعل المبني على حاجات وطموحات الجماهير التي أدركت ولو بشكل متأخر أن أزمتها تتمثل بعدم التنظيم وتنسيق الجهود والانسياق خلف العفوية، ما أبعدها عن اقتناص فرصة إسقاط السلطة وهي في اضعف حالاتها إبان توهج الانتفاضة في مراحلها الأولى.



#جلال_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احمد عبد السادة ...عندما يروج المثقف للقتل والإرهاب والعنصري ...
- بين متظاهري اكتوبر ورفحاء والمثقفين
- نهاية عصر الطوائف
- جان فالجان الناصرية
- إبداعات الإسلاميين في مواجهة كورونا
- هشام الهاشمي ليس الأول ولن يكون الأخير
- الموقف من السيستاني
- عندما تحكم العصابات
- عندما تداس صور الكاظمي بالأحذية
- الموقف تجاه جهاز مكافحة الإرهاب
- احمد -المُله- طلال وعبد الكريم خلف صناعة السلطة
- احمد راضي ومثقفو الطوائف
- بين اعتصام الخرجين والمعطلين وعمال الصناعة وبين تظاهرات الرف ...
- قيصر قانون لاستكمال الإجهاز على الشعب في سوريا
- تنظيم الجهود وتوحيدها الطريق الأقصر لانتصار الانتفاضة
- اتحاد الأدباء والكتاب...انتهازية وتفاهة وميوعة في المواقف
- في الذكرى السادسة لسقوط الموصل
- حول تغريدة مقتدى الصدر الأخيرة
- عندما تكون نقابة الصحفيين العراقيين بوقا للسلطة
- هل فعلا رواتبنا خط احمر؟


المزيد.....




- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...
- النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يعبر عن رفضه المطلق للأحكام ا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جلال الصباغ - تقدم نضال الجماهير الثورية مرهون بالتنظيم