الخصخصة ظاهرة الاستعمار الاقتصادي الجديد

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6623 - 2020 / 7 / 20 - 12:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الخصخصة ربيبة العولمة المتوحشة واخطبوطها الاقتصادي الذي يعتبر المرحلة الأخيرة للنظام الرأسمالي وهذه الظاهرة مدمرة للإنسان والطبيعة فهي تعتبر الإنسان كالسلعة في السوق يعامل حسب العرض والطلب ويصبح مستلب الإرادة كإنسان أثمن رأسمال في الوجود لأنه يمتلك العقل المدبر والفاعل لجميع مستلزمات الحياة الإنسانية المادية والروحية أما الطبيعة فيكون استغلالها بشكل مدمر ومخرب لا تصلح للحياة وهذه الظاهرة اجتاحت العالم في العقد التاسع من القرن العشرين بعد مؤامرة غورباتشوف الذي كان سفير روسيا في الولايات المتحدة الأمريكية في تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار النظام الاشتراكي عام/ 1991 الذي فسح المجال للولايات المتحدة الأمريكية زعيمة الرأسمالية العالمية أن تصبح القطب الأوحد في العالم وتنفيذ سياستها في غزو العالم من خلال أذرعها (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمشاريع الاقتصادية).
وتقوم فكرة الخصخصة وفقاً لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تحليل مفاده لكي تتجنب الدول المدينة إشكالات خدمة ديونها الخارجية ومشاكل موازين مدفوعاتها ينبغي عليها إعادة هيكلية اقتصادياتها ومن أجل إنجاز هذه العملية يجب أن تلتزم بتطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي الذي يتضمن مجموعة من السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية التي يحددها صندوق النقد الدولي والتي تكون الخصخصة أهم مكوناته الرئيسية وبذلك تكون الخصخصة أحد شروط الإصلاح الاقتصادي التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية على البلدان المدينة كشرط لعملية إعادة جدولة ديونها الخارجية.
إن الآثار السلبية للخصخصة كثيرة ومتنوعة حيث تؤدي إلى انعدام المنافسة خصوصاً عندما تتحول الشركات العامة التابعة لقطاع الدولة إلى القطاع الخاص التي هي أحد شروط صندوق النقد الدولي تتحول إلى شركات احتكارية مما يتيح لهذه الشركات زيادة أسعار السلع والخدمات إلى مستويات عالية لانعدام رقابة الدولة عليها وعملية زيادة الأسعار تهدف إلى تحقيق الأرباح السريعة على حساب المستهلكين (أبناء الشعب). كما تؤدي الخصخصة إلى طرد أعداد كبيرة من العمال والفنيين وإلى تفاقم مشاكلها في المؤسسات والشركات التي تطبق برنامج الخصخصة فالقطاع الخاص بما يملكه من إمكانيات مالية كبيرة وعلاقة وثيقة بالدولة التي تصبح حامية له والمدافع عن حقوقهم كما تملك تشريعات خاصة بمصالحهم سوف يستخدم كافة الطرق لاستغلال العمال والفنيين في مؤسساته والتصرف كما يشاء بهم سواء بطردهم من العمل أو بتخفيض أجورهم أو إطالة ساعات العمل أو غير ذلك من أساليب الاستغلال الملتوية، كما تؤدي الخصخصة إلى تقليص أو انعدام الاقتصاد الخاضع لسيطرة الدولة وتوسيع الوجود الاقتصادي الخاضع لسيطرة القطاع الخاص مما يؤدي إلى إضعاف دور الدولة في تقديم الدعم والمعونة لفئات المجتمع الضعيفة ويصبحون خاضعين لقوانين السوق.
كما أن من إفرازات ومساوئ الخصخصة وآثارها الاجتماعية لشريحة كبيرة من الشعب نتيجة خصخصة القطاع العام وما يرافقه من رفع الدعم الحكومي عن تلك الشرائح الاجتماعية الكبيرة التي تؤدي إلى تلك الأمراض الناتجة للفساد الفقر والتسول والبطالة وانتشار ظاهرة الدعارة وتعاطي المخدرات وظهور عصابات المافيات والسرقة وهذه السلبيات أفرزتها الخصخصة في كثير من الدول التي طبقتها وسارت بنهجها والبديل عن الخصخصة هو الاعتماد على القطاع العام والنهوض به مع دعم القطاع الخاص المحلي.

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل