لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 6600 - 2020 / 6 / 23 - 18:45
المحور:
الادب والفن
——سرد واقعي——
في هذه اللحظات ، بعدما انهيت الجلوس و الخلوة مع نفسي الأمارة بالاعتزال و هجر التلوث السمعي البصري البشري و بعد انتهاء آخر رشفات قهوتي و آخر عناق لسجائري الشقراء ..
وددت أن أتمشى قليلا ، الأماكن شبه خالية من المارة قبل منتصف هذا الليل الصيفي ..
كنت أحاول كعادتي تمشيط الآفاق التي لا يراها غيري .. نهر السين وحده الذي يتقاسم معي سر الغواية المسائية الدرويشية مع العزلة و الهرب من نفسي إلى نفسي اتقاءا لشر الأنفس الأخرى هنا و هناك !
-و أنا أتأملني في ماء النهر و في جسوره الثانوية و الرئيسيّة و في خداع الأضواء ( المُعمّدة) المنتصبة و في عروش الورد التي تزين حواف الجسر باغتني شخص بحضوره المفاجئ المربك لأني روحي لم تكن هنا .. و أعادها هذا الذي اعتدقته متطفلا من هناك ( عالمي اللامادي ) المنزه من عبث التكاثر و فتنة قلق الغد !
حاولت الانصات إليه بعد اطمئناني و بعد رد تحيته و سلامه بأحسن منهما ؛ كان يبدو عليه من أصول مغاربية . الرجل يطلب مني بكل رقي و أناقة ( ما إذا كنت أحتاج إلى مساعدة أو شيء !) فهمت من مبادرته بعد ما لمحت زملاءة و سيارتهم ليس ببعيد راكنين ببهو الساحة ؛ أنه تابع لفرق المساعدة و الإغاثة الليلية .. حيث يخرجون في هذا الوقت يجوبون الشوارع و الأماكن الرئيسيّة للبحث عن المحتاجين و المتشردين و إلى كل من يحتاج إلى مساعدة كالأكل و المبيت .. ربما كانت مبادرته هذه لما رأوني أجلس لوحدي على مقعد عمومي خشبي أتأمل في شرود كبير و توقعني أني مهاجرا - مأزوما- و دون أوراق و لا سكن فأراد أن يخفف عني وطأ المنافي و المهجر و لو لليلة واحدة !
بعد ردي و شكري لمسعاه و أني جالس فقط للاستراحة و الخلوة . اعتذر مبتسما و عاد إلى فرقته الخيرية مواصلين تسولهم للشوارع بحثنا عن منكوبي الحياة و المحتاجين لإغاثتهم و مساعدتهم باسم الإنسانية و كرامة
الإنسان !
-أرض الله واسعة ، هناك من كان همه وثيقة أو لقمة عيش مسائية أو مكان للمبيت و النوم و هناك من يضيق صدره و يبحث عن وطن دون خارطة مادية !
- سرد واقعي هذا المساء:
- لخضر خلفاوي - ( باريس الكبرى الجنوبية )
- 22 جوان 2020
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟