أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - التاريخ اجرم بحق جدي














المزيد.....

التاريخ اجرم بحق جدي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6593 - 2020 / 6 / 14 - 15:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو اقتحم دارك، في ساعة متأخرة من الليل، مجموعة من الـ(دواعش)، مدججون بالسلاح وبلباسهم المرعب المعهود، وبمنظرهم القبيح، فشهروا سلاحهم بوجهك، وطلبوا منك، بل هددوك بالحال، بأطلاق نيرانهم برأسك، واردوك قتيلا، أو قتل ابنتك ذات الاربعة اعوام، فزاغ بصرك نحوها ونظرت اليها وهي غارقة بأحلامها الطفولية البسيطة، ومحتضنة دميتها الصغيرة، ونائمة بكل هدوء واطمئنان، وهي على يقين بأنها بأمان طالما أن والدها بجنبها.
ماذا ستفعل؟. هل ستقول: هيا...! صوبوا بنادقكم.. اطلقوا نيرانكم.. أملئوا رأس طفلتي بالبارود.. واتركوني اعيش بقية عمري بسلام!...كلا.. والف كلا.. بل ستقول، وعلى الفور، اقتلوني واتركوا ابنتي هذه الصغيرة، اتوسل اليكم.
لماذا تقول هذا الكلام؟. والسبب ببساطة أن حب ابنائنا هو غريزة ربانية، منحها الله ايانا، وزرعها في قلوبنا. محبة لا شعورية، ادراك نفسي يسري في دمائنا. لذلك فنحن نفديهم بأرواحنا، نجوع كي لا يجوعون، نعطش كي لا يعطشون، نسهر حتى ينامون، نمرض قبلهم اذا داهمهم المرض، تقظ مضاجعنا، ونخاصم النوم لأجلهم.
ادخل الى عالم الحيوان، انظر الى الدجاجة ستراها كيف تحمي صغارها من القطط ومن الثعالب، او من أي حيوان يريد الاعتداء على اسرتها هذه الصغيرة. انظر الى الفيل ماذا يفعل حينما يجد الاسد يتربص به لكي يغافله ويهجم على صغيره، ليلتهمه لقمة سائغة. أنظر الى أي حيوان آخر، غير الدجاجة والفيل، أنظر حتى لأبسط حشرة وانتظر رد فعلها، حينما تجد الشر محدقا بصغيرها.
فالغرائز، إذن، اوجدها الله حتى في الحيوان الاعجم، وحتى في الحشرات، وغيرها من كافة المخلوقات.
والسؤال موجه الى جدي قبل خمسة عشرة قرنا: لماذا يا جدي قتلك ابنتك، فلذة كبدك.. ابنتك التي هي قطعة منك؟!.
يقول جدي: قتلتها لأنني لا اجد ما اطعمها به، فالحياة صعبة، وانا غير ميسور الحال، ثم أني واخاف عليها من اللصوص.
كان جدي مطرقا، ورأسه منحنيا الى الارض؛ كأنه بين يدي قاض التحقيق.
ثم، اخيرا، رفع رأسه وقال: كانت القبائل تغزوا بعضها بعضا، فتسلب الاناث، وتقتل الرجال، والقبيلة الضعيفة هي دائما تكون الضحية!. (مدافعا جدي عن نفسه).
لم اكن مقتنعا فيما قال جدي، أو بالأحرى، الذي كتب تاريخ جدي كان يفتري عليه، فالحيوان الذي يحمي صغاره من المخاطر ليس احن قلبا من قلب جدي. اين انسانية جدي واين مرؤته؟. بل اين ضميره وغيرته على ابنائه؟. اليس هو عربي والعرب- كما قيل- لهم شيمة ومروءة، وكانوا يقرون الضيف ويسعفون الملهوف. اين غابت حنكة جدي وحكمته؟.
كلنا يعلم أن التاريخ كُتب بعد فترة طويلة من انبثاق الاسلام، أي بالفترة التي اطلقوا عليها بـ "عصر التدوين". فكيف للكتاب والمؤرخين أن يكتبوا في تفاصيل هي قمة في الدقة والحساسية والاحداث الجسام، ولحقبة طويلة تفصلهم عن تلك الاحداث، وهذا الكم الهائل من السنوات، كيف يصدق العاقل.
جدي مفترى عليه، جدي كان يحب ابنائه، وكان حريصا عليهم. جدي لم يكن متوحشا، ولا مجرما، إن التاريخ اجرم بحق جدي.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية3/ 3
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية2/ 3
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية1/ 3
- من تاريخ الشذوذ (1)
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟2/ 2
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟1/ 2
- الحروب الدينية:(ف:3 )الاسلام: (1)
- بحث في الدين(5)
- بحث في الدين(4)
- بحث في الدين (3)
- هل كان علي الوردي تيميًا؟1/ 2
- هل كان علي الوردي تيميًا؟2/ 2
- ذكريات بطعم التعاسة(1)
- ذكريات بطعم التعاسة(2)
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية2/ 2
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية1/ 2
- الختان كما يراه فرويد
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود2/ 2
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود1/ 2
- جريمة الاغتصاب: تحليل سيكولوجي2/ 2


المزيد.....




- ثبت الأن تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات وعرب سات ...
- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - التاريخ اجرم بحق جدي