أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية3/ 3














المزيد.....

القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية3/ 3


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6590 - 2020 / 6 / 11 - 17:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مرحلة المراجعة:
بعد ذلك طفق القصيمي يتأمل ويراجع ما كتبه ويقيسه بواقع المسلمين الراهن، وما يمرون به من نكوص مقابل عالم يعجُ بالحراك: العلمي والفكري والصناعي، والمسلمون يراوحون في مكانهم كالآلة الصماء، أهرقوا مائهم على سراب تراث تاريخه اربعة عشرة قرنا أو تزيد، وجده القصيمي لا يسمو بمجتمعات تعيش عصر العلم والثقافات المختلفة. فهم يتقدمون والمجتمعات الاسلامية تعود القهقرى، بسبب كم هائل من الفتاوى لا تسمن ولا تغني من جوع. فراح يخاطب نفسه، ويشاور عقله، ويروم بوضع حلول ناجعة، إن استطاع الى ذلك سبيلا، لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
وهذه الفترة قدرها بعض الكتاب والباحثين بثمان سنوات، عاشها القصيمي ما بين شد وجذب، وهذه السنوات تكفي لرجل مفكر ومبدع أن يتخذ قرارا حاسما، لما سيفعله مستقبلا لعله يساهم- ولو مساهمة يسيرة - في انتشال الامة من الغرق المحدق بها، ومن السبات الذي امسك بتلابيبها، ودعاها مشلولة الحركة.
فالأمة هذه التي انجبت الفارابي ابن سينا وابن الهيثم وابن النفيس والكندي وابن رشد وابن خلدون والغزالي، وغيرهم الكثير، حريٌ بها أن تنهض من كبوتها.
وطرح القصيمي كل ذلك- فيما بعد – في كتابه "هذه هي الاغلال". حيث اعتبر أن ثمة اغلال تُكبل الامة وتضعها في سجن افرادي، بعيدا عن العالم الخارجي. والاسباب (الامراض) هذه، حاول أن يشخصها القصيمي ومن ثم يعطي لهذه الامة المضاد الحيوي لعله يجدي فيها نفعا.
فما كان من الامة الا أن رفضت هذا الدواء، وفضلت أن تعيش تحت رحمة هذا الوبال الذي ينخر جسدها، وردت على صاحب المبادرة هذه (القصيمي) بالتكفير والمروق من الدين.
وكان القصيمي قد تنبأ بانبثاق الفكر الداعشي الإرهابي في البلاد العربية والعالمية، فقد كتب في كتابه «هذي هي الأغلال» الذي صدر عام 1946: «إن أعاصير رجعية مجنونة لتهب في هذه الآونة الأخيرة على مصر التي رضيناها لنا زعيمة، وإنها لتترنح تحتها، ولا ندري أتثبت أم تتهاوى تحت ضرباتها الوجيعة، لست أحاول هنا وقف العاصفة، فهي لن تقف. ولكنها ستنكسر على الشواطئ الصخرية، ستذهب مرتها في انطلاقتها في هذا الفضاء الرحيب، وفي دورانها حول نفسها، وحينئذ نرجوا أن توجد العوامل التي تمنع هبوبها من جديد، أو لا توجد العوامل التي تجعلها تعصف مرة أخرى».
فتحول الى مرحلة أخرى، هي الاكثر اهمية في حياته، الا وهي.
مرحلة الشك:
العديد من الفلاسفة قد مروا بمثل هذه المرحلة الحاسمة من حياتهم، ثم خرجوا بنتائج قبلوها من انفسهم لأنفسهم. واذكر هنا ثلاثة فلاسفة مهمين، والقصيمي رابعهم: أوغصطين، الغزالي، وديكارت، كل واحد منهم خرج بمحصلة نهائية. ثم اخيرا مفكرنا القصيمي.
انتاب القصيمي الشك وراح يساوره، وهو الشك المنهجي، أي أن الانسان يشك لا لأجل الشك، وانما ليصل الى نتائج مثمرة، وقيم سامية غير التي اكتسبها من محيطة.
وفي هذه المرحلة اصدر مجموعة من الكتب، كان منها: "لئلا يعود هارون الرشيد" و "الإنسان يعصي لهذا يصنع الحضارات". فضلا عن غيرها، وفي هتين الكتابين نقد واضح لما تمر به الامة الاسلامية من اوضاع مزرية، وتخلف عن ركب التقدم الانساني والحضاري. وكذلك فيهما نقد للتراث ولرجال الدين من الذين استغلوا الدين لأهداف ومصالح شخصية، وراحوا يبثون التفرقة من خلال فتاواهم. بعكس كون الدين له رسالة انسانية تدعو الى الرفع من شأن الانسان، وتطالب بحصوله على مصالحه، ومن ثم تخدمه، لأن الدين وُجد لخدمة الانسان، لا العكس. على اعتبار أن دستور الدين بُني على قواعد اخلاقية وانسانية واجتماعية، وطقوس معينة بهدف الطاعة لله وللرسل الذين بعثهم بهذا الخصوص، وفق مبدأ ما آتاكم الرسول: فخذوه.

مرحلة الالحاد:
بعد مرحلة الشك، والتي كانت مرحلة حاسمة بالنسبة للقصيمي، تحول الى مرحلة الالحاد، فأعلن تمرده على الاله وعلى الدين، من خلال كتبه الاخيرة، ومنها: "الكون يحاكم الاله" و " يا كل العالم لماذا أتيت؟" وسوى ذلك.
ومن خلال الطرح الذي قدمه القصيمي في جميع كبته الاخيرة، باتت آرائه وافكاره واضحة للعيان، وهي رفض الدين جملة وتفصيلا، وعدم الايمان بهذا الرب الذي ارسل الانبياء والكتب لتكوين الاديان، لأنه القصيمي اكتشف أن الاديان هذه ساهمت بتخلف البشر بدل من أن ترفع من شأنه، وتنير دروبه. بعكس اللادينيين واللاأدريين والملاحدة الذين نهضوا بصنع الحضارات من خلال الاكتشافات والتطورات التي ساهموا فيها، وكذلك ما قدموا للإنسانية من منجزات عظيمة على مدى التاريخ، بحسب القصيمي.
وكانت ردود الافعال التي تلقاها القصيمي من خصومه، الذين كانوا في يوم من الايام، هم من لاذوا بأطروحاته ومناقشاته وردوده الصادمة لأعدائهم. كانت الردود تكفيره واهراق دمه، اذ تعرّض لعمليتين اغتيال بائتا بالفشل.
فغادر القصيمي الحياة وفي حلقه غصة، وبفهمه مرارة، لأن الامة ظلت على ما هي عليها: من اوضاع لا تُحسد عليها.
لكنه ترك للأجيال القادمة ارث فكري كبير، وجهد ذهني فذ، بغض النظر عما يحمله ذلك الارث من افكار قد لا تنسجم مع أناس، وقد تنسجم مع آخرين.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية2/ 3
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية1/ 3
- من تاريخ الشذوذ (1)
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟2/ 2
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟1/ 2
- الحروب الدينية:(ف:3 )الاسلام: (1)
- بحث في الدين(5)
- بحث في الدين(4)
- بحث في الدين (3)
- هل كان علي الوردي تيميًا؟1/ 2
- هل كان علي الوردي تيميًا؟2/ 2
- ذكريات بطعم التعاسة(1)
- ذكريات بطعم التعاسة(2)
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية2/ 2
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية1/ 2
- الختان كما يراه فرويد
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود2/ 2
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود1/ 2
- جريمة الاغتصاب: تحليل سيكولوجي2/ 2
- جريمة الاغتصاب: تحليل سيكولوجي 1 /2


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية3/ 3