أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - بحث في الدين (3)














المزيد.....

بحث في الدين (3)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 21:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل اكثر من الف عام، حذرنا أبن رشد من المتاجرة بالدين، وكأنه يتنبأ بمجيء رجال دين يفعلون ذلك، وفي زماننا هذا، يتخذون من الدين تجارة فيتاجرون بها كما يتاجر اصحاب رؤوس الاموال بالمواد والسلع الاخرى المروجة هنا وهناك، فيتلاعبون بالأسعار كما تحلُ لهم نفوسهم المريضة، خصوصًا في الازمات، أو في شحة تلك المواد التي هي من اولويات الناس المعتمدة في مأكلهم ومشربهم، وفي الحياة بصورة عامة. فتنتشر تلك التجارة – تجارة الدين- وتزدهر، كذلك يوم يقل الطلب على العلم ويشيع الجهل في كافة اصقاع المعمورة، وبالخصوص في المجتمعات التي يقل فيها الوعي، وترتفع فيها شجرة الجهل تناطح السماء. التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في معظم المجتمعات التي ينتشر فيها الخرافة والاساطير. والسبب كون المجتمعات الجاهلة هي الاكثر من سواها تأثيرًا بالطابع الديني، لأن رجل الدين هو الشخص الذكي في هذا الاطار، فله الحصافة في ترويج بضاعته، ويستطيع بكل سهولة أن يبيعها ثم يحصل على المكاسب التي يرجوها.
لذلك كان الامام الشافعي يقول: أن أستَرْزِقَ بالرّقصِ، أحبُّ إليّ من أن أستَرْزِقَ بالدِّين". وهذا هو عين ما يراه ابن رشد، اليس قد يقال أن الدين النصيحة، فمال بعضهم ترك النصيحة وذهب يتعامل بالدينار وبالدولار، بدل التعامل بنصيحة الناس نحو السداد واسعاف مطلب من هو بحاجة ماسة الى سلاح النصيحة، لا سيما النصيحة التي تأتي في ساعتها وفي حينها، لأن المرؤ دائمًا ما يحتاج النصيحة خصوصا في الظروف الحرجة التي يتعرض لها، فالصدمات دائمة التحاين على الانسان، وعالمنا اليوم لا يخلُ من معاناة ومشاكل جمة. فلا خير بالإنسان الذي لا يساعد اخيه الانسان، اليس بعض الحيوانات نراها تساعد بعضها بعضا، كأن لها عقول تعي وقلوب تتألم، واحاسيس جياشة تفيض حنانا حين ترى ابن جنسها في مأزق وظروف حرجة. وبعض الناس التي تمتلك عقولا في رؤوسها تتحجر تلك العقول، كأنها صخور من جلمود.
اين الرسالة الحقيقية لرجال الدين في هذا المعترك اليوم؟، الرسالة الحقيقية التي اخذوها على عاتقهم وقطعوا بها على انفسهم و" كل ما أريد قوله هو أن ما يسمى بالدين في أيامنا هذه، هو تماما ما جاء يحاربه كل رسول". هكذا قال سورين كيركغارد، ذلك الفيلسوف راعي الفلسفة الوجودية، الذي نال الاذى من سلطة رجال الدين من الذين عايشهم في عصره، الذين اذاقوه مرارة العيش حتى ضعفت قواه وهو يريد اصلاح ذلك المجتمع الذي عاش في كنفة، والذي كان المصيطر فيه هم رجال الدين اكثر من سيطرة السياسة، وهم لا يعرفون عن الدين الا الذي يوقد شموع مصالهم الخاصة. أناس جشعون، ورجال بشعون كما قال الرجل السياسي الثائر، تشي جيفارا "إن أبشع استغلال للإنسان هو استغلاله باسم الدين.. لذلك يجب محاربة المشعوذين والدجالين حتى يعلم الجميع أن كرامة الإنسان هي الخط الأحمر الذي دونه الموت". وقد طبق جيفارا هذه القاعدة، وسار على نهجها الى آخر المحطة.
والمشكلة انهم موجودون في كل زمان ومكان، ولم يخل منهم أي مجتمع من المجتمعات، فهم وصوليون، فكما أن ثمة كثير من انواع الوصوليين، وعلى مستوى كل الثقافات، فهناك من يصل عن طريق الدين حتى يبلغ شأوه، بل لعله عن طريق الدين سيصل سريعًا فهو الطريق السهل والاقرب، الطريق الذي لا تحوطه الاشواك، والسبب لكون الانسان هو دائما في حاجة ماسة الى الدين، لأن في الدين يجد ايحاءات نفسية لا يجدها في شيء آخر، فيجدها في غمار الدين، ويتوقع أن أي رجل يرفع شعار الدين او يلبس لباس الدين هو ذاك الشخص المرجو والانسان الصادق، وأن كان الامر هذا من السذاجة بمكان لمن يشعر بهذا الشعور، وحتى لو كان هذا من باب الثقة المطلقة بالناس وكذلك من باب الاخلاق، بمعنى إن ّالرجل الذي يتسم بالخلق الرفيع، وبالاتزان الكامل، يرى إنّ كل الناس هم بمستواه في هذه المرتبة. لكن سيكتشف الحقيقة، ولو بعد حين وتكون هذه الحقيقة ربما صادمة، ويحصل عليها، بشق الانفس، وبعد فوات الاوان، يقول علي الوردي عالم الاجتماع العراقي: "يرى البعض في هذا العصر أن الدين يدعو الشعوب إلى الخضوع والاستسلام لحكامهم الظالمين. وهذا الرأي ينطبق على الدين المستأجر الذي يستخدمه الطغاة، أما الدين الذي يأتي به الأنبياء المنذرون فهو دين الثورة".



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان علي الوردي تيميًا؟1/ 2
- هل كان علي الوردي تيميًا؟2/ 2
- ذكريات بطعم التعاسة(1)
- ذكريات بطعم التعاسة(2)
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية2/ 2
- الشيخ عبد الرازق والقول بتفلسف ابن تيمية1/ 2
- الختان كما يراه فرويد
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود2/ 2
- فلسفة الفن عند زكي نجيب محمود1/ 2
- جريمة الاغتصاب: تحليل سيكولوجي2/ 2
- جريمة الاغتصاب: تحليل سيكولوجي 1 /2
- أبن خلدون ونبذ الفلسفة(1)
- (فجر الاسلام) وموضوع الزرادشتية(2)
- (فجر الاسلام) وموضوع الزرادشتية(1)
- التصوّف في نظر العقاد
- هل مكيافيللي يؤمن بالحظ؟
- علي الوردي وحديث المتصوّفة
- ظاهرة الانتحار: تحليل ترانسندنتالي
- كورونا الفتاوى تقتُل فيلسوف الاشراق
- تائهون بأحلامٍ منفية


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - بحث في الدين (3)