أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - (فجر الاسلام) وموضوع الزرادشتية(1)















المزيد.....

(فجر الاسلام) وموضوع الزرادشتية(1)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 19:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لي قصة طريفة مع كتاب "فجر الاسلام" للدكتور أحمد أمين، ومعلوم ما لأهمية مباحث ودراسات أمين من رصانة فكرية وعلمية وحذقة في الصنعة لا يستغني عنها الباحث فضلا عن غيره، وحينما صدر الكتاب لأول مرة رد عليه كثير من كتّاب وعلماء الشيعة، حيث تعرّض أحمد أمين في كتابه فصل بنوان "الشيعة". وقال بحقهم كلام اغاض به طائفة الشيعة. وكان من ضمن الذين ردوا على أحمد أمين ثلاثة علماء كبار من أعلامهم، هم: محسن الامين العاملي صاحب موسوعة (اعيان الشيعة) وهي موسوعة كبيرة تبلغ زهاء عشرين مجلّد، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، ردّ عليه في كتابه (أصل الشيعة وأصولها) والشيخ محمد جواد مغنية وهو من شيعية لبناني، وكذلك رد عليه على ما أتذكر في كتابه (الشيعة في الميزان)، وغير هؤلاء من الذين لم اطلع على طابع ردهم، لكنني متأكد من أنهم ردوا رداً مناسبًا عليه وفيه نوع من العتب، ولما زار امين النجف وعدهم بإعادة النظر فيما كتب، بحسب كاشف الغطاء، لكنه لم يفعل.
فحفزتني كثرة الردود على قراءة الكتاب بنفسي والاطلاع المباشر على ما قاله صاحب (فجر الاسلام) فبقيت أكثر من سنتين وأنا ابحث عن الكتاب، الى أن اسعفني الحظ فحصلت على نسخة منه وكنت فيه من الزاهدين. وقد مضى على ذلك ما يربو على عشرين عامًا، ولازال الكتاب ضيف مكتبتي الى اليوم، فقرأته بشغف، فكان الكتاب، بحق، لا يستغنى عنه أي باحث فضلا عن أي مثقف، بصرف النظر عما قاله أحمد أمين بحق الشيعة، فذاك بحث آخر.
ففي فصل (دين الفرس) يتحدث أحمد أمين عن الديانة الزرادشتية، ويوضح تاريخها وانبثاقها وتعاليمها، واستخلص أن وجود هذه الديانة "موضع شك عند كثيرين، وموضع جدل طويل بين النافين والمثبتين، واختلف المثبتون في تاريخ وجوده على أقوال تتردد بين سنة ٦٠٠٠ قبل الميلاد و٦٠٠ ق م، وقد ألف الأستاذ «جاكْسُن Jackson» كتابًا قيمًا في حياته كان له أثر كبير في ترجيح كفة المثبتين لوجوده، وقد وصل في بحثه إلى أن زردشت شخص تاريخي لا خرافي، وأنه كان من قبيلة ميديا (في الجزء الغربي الشمالي من فارس)، وأنه ظهر أمره نحو منتصف القرن السابع قبل الميلاد، ومات نحو سنة ٥٨٣ق.م بعد أن عُمِّر ٧٧ سنة وأن موطنه كان أذرَبيجان، ولكن أول نجاح ناله كان في بَلْخ، وعلى أثر دخول الملك «بِشْتَاسْب» في دينه، وأن دينه انتشر من بلخ إلى فارس كلها".
وهذا السرد التاريخي للزرادشتية كتب فيه اكثر من مؤرخ وباحث، ولا شك أن أحمد أمين قد اطلع على بعض من تلك البحوث، لكنه هنا كأنه يسير سير مذهب اللاأدرية منهج البحث العلمي.
ثم، إن أحمد أمين يشكك في النتائج التي توصل اليها (جاكسن) ويقرر أن فيها مجالاً للبحث. ومع ذلك فهو يفصّل حياة زرادشت ويقول: "ويروي أهل دينه كثيرًا عما صحب ولادته من المعجزات وخوارق العادات والإشارات، وأنه انقطع منذ صباه إلى التفكير، ومال إلى العزلة، وأنه في أثناء ذلك رأى سبع رؤى، ثم أعلن رسالته فكان يقول: إنه رسول الله بعثه ليزيل ما علق بالدين من الضلال، وليهدي إلى الحق، وقد ظل يدعو الناس سنين طوالًا فلم يستجب لدعوته إلا القليل، فأُوحي إليه أن يهاجر إلى بلخ، فنشر دعوته في بلاط الملك، فاستجاب له أولًا أبناء الوزير ثم الملكة نفسها، وقاومه رجال البلاط وجادلوه، ولكنه انتصر عليهم بدخول الملك نفسه وهو بِشْتَاسْب في دينه، وقد تحمس الملك لهذا الدين الجديد، فتتابع للدخول فيه أفواجًا".
التعاليم الزرادشتية
ويعرج أمين بذكر تعاليم زرادشت ويختصرها على:
(١) أن لهذا العالم قانونًا يسير عليه، وأن له ظواهر طبيعية ثابتة.
(٢) وأن هناك نزاعًا وتصادمًا بين القوى المختلفة، بين النور والظلمة، والخصب والجدب … إلخ، فجاءت تعاليم زردشت مبنية على هذين الأساسين أيضًا، إلا أن مَن قبله كانوا يعبدون الأرواح الخيرة وهي كثيرة، فوحدها زردشت في إله واحد هو «أهُرَامَزْدَا»، وكذلك فعل في قوى الشر، فحصرها في شيء واحد سمي «درُوج أهْرِمَن»، وبذلك كانت عنده قوتان فقط: قوة الخير وقوة الشر".
وقولهم هذا هو اقرب الى من يقول بوحدة الوجود، من الفلاسفة ومتصوّفة المسلمين. ولنظرية وحدة الوجود مباحث مطوّلة تصدى لها كثير من الفلاسفة والكتاب.
ويقر أمين :"ولزردشت كتاب مقدس يُسمى «أفِسْتَا Avesta» وعليه شرح يُسمى «زندافست»؛ قال المسعودي- والكلام لأحمد أمين- : «واسم هذا الكتاب «ألايسْتا»، وإذا عُرب أثبتت فيه قاف فقيل «الايستاق وعدد سوره إحدى وعشرون سورة تقع كل سورة في مئتي ورقة… وأنه كتب باللغة الفارسية الأولى وأن أحدًا اليوم لا يعرف معنى تلك اللغة، وإنما نقل لهم إلى هذه الفارسية شيء من السور في أيديهم يقرءونها في صلواتهم، في بعضها الخبر عن مبتدأ العالم ومنتهاه، وفي بعضها مواعظ».
"وأصل الأفستا ومؤلفو سوره لا يزال موضع جدال بين الباحثين، كما هو الشأن في زَرَدُشت نفسه، ويقول «البَرْسِيُّون»: «إن الأفستا كان في عهد الدولة الساسانية مؤلفًا من إحدى وعشرين سورة لم يبق منها في عهدنا إلا سورة كاملة وبعض آيات من سور مختلفة»، وهذا الذي وصل إلينا لا يحتوي إلا على مقطعات في الشعائر الدينية، وفي قوانين للمعابد الزردشتية".
الى أن يصل الى قوقه:" وقد عاملهم المسلمون في الفتح معاملة أهل الكتاب، وعدوا كتابهم كأنه كتاب منَزَّل، وجرى عمر على ذلك لما رُوِي له الحديث: «سنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب…».
إذن، المسلمون عاملوا الزرادشتية معاملة حسنة، وعدّوا كتابهم كتاب سماوي، جاء به الوحي وانزله على نبيهم زرادشت، وبما أن الانبياء يربو عددهم على مئة واربعة وعشرون الف نبي، بحسب كثير من مصادر المسلمين، ومنها تفسير البيضاوي. فالذي نراه أن زرادشت فعلا كان نبيًا، وهو الاقرب الى البحث العلمي (منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص). حتى أنني قرأتُ رأيا لبعض فقهاء المسلمين أنه جائز أن نتزوّج منهم ونزوجهم، لأنهم أهل كتاب. والدليل الآخر هو التشابه والتقارب في الطقوس العبادية بين الاسلام والزرادشتية، وقد ذكرنا ذلك ايضًا في كتابنا (الاسلام والطقوس الجاهلية).
ويوكد أمين: "والمشهور من تعاليمه أنه كان يقول: إن للعالم أصلين أو إلهين: أصل الخير وهو «أهُورَ» أو أهورامزْدَا، وأصل الشر وهو «أهْرِمَنْ» وهما في نزاع دائم، ولكل من هذين الأصلين قدرة الخلق، فأصل الخير هو النور وقد خلق كل ما هو حسن وخير ونافع، فخلق النظام وخلق الحق وخلق النور وكلب الحراسة والديك ونحو ذلك من الحيوانات النافعة، والواجب على المؤمن العناية بها؛ وأصل الشر هو الظلمة، وقد خلق كل ما هو شر في العالم، فخلق الحيوانات المفترسة والحيات والأفاعي والحشرات والهوام، وعلى المؤمن قتلها، والحرب بين هذين الروحين سِجال، ولكن الفوز النهائي لروح الخير؛ والناس في الحرب ينحازون إلى الروحين، فمنهم من ينصر «أهورا» ومنهم من ينصر «أهرمن»، وليس الروحان يباشران الحرب بأنفسهما بل بمخلوقاتهما".



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصوّف في نظر العقاد
- هل مكيافيللي يؤمن بالحظ؟
- علي الوردي وحديث المتصوّفة
- ظاهرة الانتحار: تحليل ترانسندنتالي
- كورونا الفتاوى تقتُل فيلسوف الاشراق
- تائهون بأحلامٍ منفية
- كوفيد - 19 : تحليل ترانسنتدالي
- السعداوي: الأنثى هي الأصل 1/ 2
- السعداوي: الأنثى هي الأصل 2/ 2
- صراع الدين والعلم 2 / 2
- صراع الدين والعلم 1/ 2
- أنهم يحرقون سرڤيتوس!
- مفهوم(البغاء) عند نوال السعداوي1/2
- مفهوم(البغاء) عند نوال السعداوي1/1
- بحث في الدين (2)
- مبحث في الدين (1)
- ماهي قيمة الانسان اذا لم يسمو بطابع وجوده؟
- ابن الفلاح الذي صار الاب الثاني للفلسفة المثالية الحديثة
- من هو الاسكافي الاعجوبة الذي اصبح من عظماء الانسانية
- مزقت شراعه رياح الشك حتى أرسى على شاطئ الايمان*


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - (فجر الاسلام) وموضوع الزرادشتية(1)