أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - ولادة عالم ما بعد الكورونيالية الجديد














المزيد.....

ولادة عالم ما بعد الكورونيالية الجديد


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6585 - 2020 / 6 / 6 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرا ما نسمع عبارة عالم ما بعد كورونا الوباء ليس هو عالم ما قبلها وليس ما كان صالحا وناجحا الآن ممكن أن يصمد في عالم الغد، هذه الفكرة ليست أقوال تشاؤمية وليست أجتهادات سياسية وفكرية، الهزة التي أحدثها الوباء لا تتعلق في الجانب الصحي وما رافق ذلك من أمور قد تبدو للبعض طارئة يمكن تجاوزها مع إنحصار السبب ومن ثم العودة إلى حياتنا الطبيعية والأستمرار بالمنهج والرؤية الراهنة، إنها البركان الذي زلزل عالمنا وأحدث فيه شروخا شديدة التأثير على الواقع الإنسان أولا ومدى قدرته على التلاؤم والإنصياع بشكل أو بأخر للقوانين الطبيعية منها والحتميات التاريخية المرتبطة بالتحدي والأستجابة، هنا نكشف عن هشاشة النظام العالمي الذي كثيرا ما تغنينا به وأعتبرنا أننا وصلنا بشكل أو بأخر إلى النموذج الأكثر قدرة على تحدي البقاء.
بعض المفكرين والفلاسفة يقولون أن وباء الكورونا قد عرى العالم الاقتصادي النيوليبرالي وكشف عن فقدانه للتضامن الإنساني وهذا حق وحقيقي، أقول أيضا قد عرى كل النظم السياسية المتخلفة من أخر ورقة توت تسترها، ليس فقط كأنظمة سياسية فحسب، بل حتى مقومات تكوينها سواء أكانت دينية أم أجتماعية واقعية، وبعيدا عن نظرية المؤامرة أو كون الوباء فعل الطبيعة في دفاعها عن قانونها، أجد أن الرابح الأخير سيكون الإنسان مستقبلا برغم فداحة الثمن الذي قدمه أو سيقدمه، وأظن أن هذه الإنعطافة التاريخية في حياته ستقود إلى تسونامي رهيب يجرف أمامه الكثير من ملامح الواقع الحالي، ويطيح بالكثير من الحدود والمحددات التي صاغت عالمنا هذا، قد تولد بوادر عالم كوني أخر يعيد النظر بخطورة العبث بالنظام الكوني للطبيعة ويجعله أكثر ترددا في وهم السيطرة عليها، الإنسان والطبيعة كلاهما سيبقى في حدود محسوبة بدقة ولا يمكن لكليهما أن يخرقا القانون الشمولي للوجود.
إذا العالم سيواجه نفسه وقد تجلت الحقيقة أمامه وعليه أن يفهم ما عليه أن يتخذ من هذا الوضع المستجد من إجراءات في حدها الأدنى حفاظه على وجوده الخاص والعام، أولا عليه أن يعي تماما إنه كما حصل بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية من واقع متغير وفوضوي يحتاج لمنظومة قانونية وفكرية وفلسفة جديدة على إثرها شرع مجموعة من المعاهدات والقوانين الدولية التي تضبط إيقاع الحياة وسيرورتها حتى لا يقع في نفس المطب الذي خرج منه توا، من هنا نتوقع مثلا أننا أمام أستحقاقات سريعة وضرورية وحتمية، أهمها على الأرجح حظر التجارب الإحيائية والإحيائية الكيمياوية التي مهما قيل عن دورها في إحداث الوباء تبقى عنصر قلق مؤكد مع تزايد الرغبة في عالم أكثر سلاما وأماننا من عالم اليوم، وثانيا التركيز على بناء نظام صحي دولي قائم على ما يسمى بالتنبؤ الإستباقي بما فيه من آليات الرصد والتحقق والمتابعة وتعزيز مقومات المناعة المجتمعية.
النقطة الثالثة والأهم إعادة التفكير في شكلية النظام الدولي وأعتماد مبدأ التحفظ الجمعي على أساس خطا أمنيا متشعبا ومترابطا وليس فقط بناء عسكريا ذي توجه واحد تصادمي أو لحفظ ميزان القوة أولا ومن ثم التفوق العملياتي ثانيا، أي تحويل مصادر القوة نحو الأمن المجتمعي بدل العسكرياتية والأحلاف وقوانين القوة فقد فشل الخيار العسكري في مواجهة ما هو أشرس من الحرب وأثبتت الوقائع أن القوة العسكرية لا يمكن أن توفر الأمن المجتمعي بعد أن ظلت هذه النظرية ولفترة طويلة هي الركيزة الكبرى في بناء مفهوم الهجوم خير من الدفاع، ستختفي أهتمامات الدول من بناء الاساطيل وحاملات الطائرات والصواريخ الذكية إلى عالم الصناعات النانوية القادرة على العمل والأستمرار تحت أكثر الظروف صعوبة وضيق في الحركة، هناك الكثير من المتغيرات التي ستظهر تباعا في عالم ما بعد كورونا.
من المحتم ستكون هناك تغييرات كثيرة على مستوى المفاهيم والخطط والمناهج والوسائل وحتى بناء الروابط الأجتماعية داخل المجتمع، ستظهر مثلا قيمة علاقات العمل وشروط الأنتاج وعلاقتها بالزمن من جديد، لن يعد مفهوم الأنتاج الواسع والأرتباط بالآلات والمكائن وحتى مكاتب العمل هي الصورة الأبرز لواقع العمل ومظهره العام، لم تعد عمليات الأنتاج بعد كورونا تستلزم الحضور التفصيلي للعامل والمنتج أمام وخلف الآلة وهذا ما يعني ضرورة البحث عن ما هو أبعد من شكل التواصل الإليكتروني الحالي، فسيكون عالم الأنترنيت الحالي شيئا كلاسيكيا عاجزا عن مسايرة متطلبات الواقع الجديد ليختفي هذا الشكل من التواصل لتحل محله منظومة أكثر قدرة وأنتاجية وتمثيلا لقوانين العالم الجديد، أمام زخم متوقع سيكون هناك للإنسان مساحة اوسع من حرية العمل ومساحة أوسع للنظم وقد يقود هذا إلى تغيرات حاسمة في حياة البشر، حتى في أكثر علاقات العمل معه ليحل عالم الروبورت بدل القوة البشرية المتدخلة فيه.
هذا ليس تنظيرا مفترضا ولا هو من نوع أدب التفكير العلمي أو نوع من الخيال الجامح، إنها بعض ما كشفه منهج التصدي للوباء العالمي خاصة مع أكتشاف دور الإنسان التخريبي في الإضرار بالطبيعة والبيئة التي يعيشها، قد ينجح الوباء في مرحلة لاحقة من تعرية الكثير من مظاهر الواقع اليوم خاصة بعد النجاح في التصدي له ومحاصرته في حدود ضيقة والسيطرة على تأثيراته الفوقية، ويبقى التأثير الأهم والأعمق هو قدرة الإنسان على أن لا يكون لمثل هذه الأحداث من أن تعيد الكرة عليه دون نتائج قادرة على المعالجة والتلاؤم مع كل مستجد طارئ بشكل فعال، وحتى منع ذلك بقوة قبل أن تظهر وتتفاعل، لذا فالتجربة مع غلاء الثمن وجسامة التضحيات ستفضي إلى حقائق ومتطلبات وأسئلة وخيارات كلها ستؤدي في النهاية إلى ولادة عالم أخر... عالم ما بعد كورونا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال ومسائل....
- الحدث الأمريكي نتيجة ضغط مجتمعي أم حتمية تأريخية.
- الملا والملاية والملائية في المجتمع العراقي.
- عنصريتنا وعنصريتهم
- ما هو أفق الأقتصاد الذكي
- رواية ( عرف الديك) ح2
- تحرير القدس مفاتيح وأوهام بين الممكن والمستحيل
- العالم وشروطه في سورة غافر
- نظرية البدء والعودة في سورة الروم
- روايتي الجديدة ( عرف الديك) ح1
- شذرات فكرية في سورة النمل
- مظاهر السلطة والتسلط في المجتمعات الدينية
- الزمن والزمن الأخر في سورة المؤمنين
- ثلاث دروس من سورة الحج
- نسخ أم فسخ
- المغضوب عليهم والضالين
- صورة الحياة الأخروية في النص القرآني
- سورة الكهف بين الصورة والتصور
- منهجية الدعوة لله في سورة الإسراء بين الترغيب والتخويف
- الأمر الرباني بين الإلزام والألتزام


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - ولادة عالم ما بعد الكورونيالية الجديد