|
شاعر إسرائيلي: تصوروا أننا نقتل و خلاص! تصوروا أننا أشرار جدا!
نائل الطوخي
الحوار المتمدن-العدد: 1585 - 2006 / 6 / 18 - 11:05
المحور:
القضية الفلسطينية
بني تسيبار* ترجمة: نائل الطوخي
استنتاج: الصواريخ التي حولت سبعة من البشر يأكلون الذرة على شاطئ غزة إلى قطع من اللحم الدامي هبطت من السماء و لم يكن جيش الدفاع الإسرائيلي هو الذي قذفها. جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش إنساني جدا و محكوم و ليس قاسيا مثل الفلسطينيين الإرهابيين يلعنهم الله. و لا يحتمل ان يكون هو من فعل أمرا كهذا. الفلسطينيون قادرون على كل شيء. و ما ينبغي أن تحقق فيه لجنة التحقيق هو فحص إن كانت هذه العائلة التي ماتت بشكل متطرف قد تصنعت الموت و إن كان كل هذا العرض للطفلة التي جرت مثل المجنونة على الرمال لم يكن إلا عرضا يقدمه قسم الدراما بمدرستها بمناسبة نهاية العام الدراسي. فهذه الأشياء قد تكون موجودة عندهم، و أعني أن يكونوا قد قاموا بإخراج عرض الجنازة. الآن يمكنك إخراج أي شيء ثم إقناع العالم كله بأنه حقيقي. استنتاج آخر "وصلت إليه بعد أن شاهدت عامير بيرتس بالأمس في بث مباشر من موقع القيادة الجنوبية": يمكن جدا أن لا يكون هذا الرجل الذي تحدث بالأمس في التليفزيون هو عامير بيرتس الحقيقي و إنما ممثل من بيت تسيفي قام بتقليده بشكل متقن، و استظهر ما ينبغي استظهاره في مصائب كتلك، حتى يستطيع بيرتس الحقيقي تخصيص عطلة نهاية الأسبوع على الأقل لوقت الراحة مع أسرته التي تحبه و التي تفتقده كثيرا على طول الأسبوع. كان واضحا بالنسبة لي أن هذا ليس هو بيرتس الحقيقي لأنه طول الوقت يكرر ثلاثة جمل متشابهة على هيئة إجابة لم يسألوها له. فهو مثلا كرر القول بأن جيش الدفاع الإسرائيلي يتنازل عن الكثير من وسائل العمل حتى لا يصيب المدنيين. و هو شخصيا يعتقد أنه أمر ليس جيدا أن تصيب المدنيين. تطلعوا كم أن شارب هذا الممثل الذي ادعى أنه بيرتس كان ملصوقا. لتسألوا كذلك المراسلة العسكرية كرميلا منشيه التي كانت قريبة منه عم إذا كان ما أقوله غير صائب. و استنتاج آخر، أقوله هذه المرة بكل جدية: توقفت عن الاعتقاد بأن هناك شخصا ما أقل عدالة و شخصا ما أكثر عدالة، في قصة الصراع هذه. و كل ادعائنا بالعدالة و الخير لم يعد ينفع مع أي أحد غيرنا. عندئذ، و في المرحلة الأولى، تعالوا نتوقف عن الاستناد إلى الإجراءات الشكلية للجان التحقيق العسكرية، و بدلا من هذا لنعترف بأننا أشرار، أشرار جدا جداً و أن عدم نيتنا في أن نقوم بالشر لا تلغي حقيقة أننا نقوم بالشر، و نكرر نفس الشر كل يوم. و أن هذا ينبع في الأساس من أن وسائلنا المدمرة ليست لعب أطفال و إنما هي مخصصة للعمل على البشر: تقتل و تدمر و تنشر و تهرس، بالأساس مثلما تفعل أدوات الدمار لدى الغير، و عندما نستخدم نحن أدوات الدمار تلك فهي تقوم بعملها بالضرورة. بعد أن نعترف بأننا أشرار، أشرار جدا جدا، سوف نكتشف فجأة أنه من ناحية الشر هذه فلدينا أفضلية هائلة على جيراننا الإرهابيين الأشرار. أفضلية شرنا على شرهم تكمن في أن شرنا محكوم, أما شرهم فبدائي. نحن دائما لا ننوي القتل، و لكننا، و مع كل هذا، فنحن نقتل. أما هم فينوون القتل، هم التنابل، و لا يخفون نواياهم. شرهم يأتي من البطن أما شرنا فيأتي من الرأس. المشكلة هي أنه بسبب الهولوكست و كل هذه الأمور، فلا يمكننا تصديق أنه حتى في أحلامنا الكابوسية يوجد جندي يهودي يقتل و خلاص. المشكلة المترتبة على هذا هي أنه في كل مرة يتم فيها قتل شخص ما و خلاص فنحن نجد لهذا منطقا كأنما لم يحدث هذا و خلاص. لأنه ببساطة لا يدخل رأسنا أنه في شعبنا يوجد أناس معدومو الضمير أو لديهم ضمير أقل كثيرا من النموذج اليهودي الرحيم المعتاد، و هم قادرون على القيام بأشياء شريرة أو غبية. طورنا هذا الوهم الكبير و الآن نأكله و نتباهى بعدالتنا إلى درجة أن أحدا لا يؤمن بصدق نوايانا حتى إن كانت صادقة. تعالوا نعترف: أمر حقيقي هو أننا نقوم بالشر دوما. و لا يغير هذا إن كانت الظروف تضطرنا أن نكون أشرارا. الحقيقة هي أننا أشرار. أمر آخر ينبغي الاعتراف به في النهاية. نحن أشرار بنفس الدرجة في اليسار و اليمين. و كفى أوهاما. وزير الدفاع يساري يتصرف بالضبط كما يتصرف وزير دفاع يميني و ليس هناك فارق بين اليسار و اليمين، و كل الانتخابات الأخيرة كانت تحصيل حاصل، و على العكس، فربما يتباهى الآن عامير بيرتس في أعماق قلبه بأن أداءه لم يقل عن وزراء دفاع سابقين و أنه يفعل في الفلسطينيين ما يستحقونه و يعلي من قيم الظمآنين للدم الموجودين بيننا، هذا جيد حتى يكون حزب العمل أكثر قوة و يعود للسلطة بشكل كامل عندما يحين الحين. استنتاج نهائي، و لكن ليظل بيننا: ليس مرعبا أبدا أن هذه العائلة تم قتلها على شاطئ بحر غزة. فهي بموتها قد نفخت الروح في حزب العمل، حيث يمكنه الآن عرض نفسه باعتباره ذكرا، متعاطفا و صلبا كذلك عندما يتطلب الأمر، ينتمي إلى أفضل الإكليشيهات الإسرائيلية: "الجنود يطلقون النار و يبكون". اعترفوا: أليس عامير بيرتس رائعا عندما يمثل دور رجل الشعب ذي الضمير؟ كل الاحترام لك يا بيرتس. اطلق النار و ابك. نحن نحبك. أنت تثبت ببطء أنك جدير بنا، أنك شرير كما ينبغي. شرير مزود بغطاء أخلاقي كما ينبغي. شرير نظيف يعتقد أنه يمكن سحب الشر كقميص وسخ و رميه في غسالة تنظفه. لست مثل الفلسطينيين ذوي المظهر القذر، الذين يأكلون بأيديهم، في الرمل، بدون أدنى وعي صحي، و بعد هذا يندهشون لأنهم يموتون!
شاعر إسرائيلي عن مدونة الشاعر بموقع صحيفة هاآرتس
#نائل_الطوخي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كومبارس الكتابة و الثورة المؤجلة
-
ميتاعام.. الوقوف على نقيض الحفل التنكري الإسرائيلي
-
كتب السوبر ماركت.. عمارة يعقوبيان بجوار اللانشون و الشامبو
-
مينا.. جسر أدبي من الإسكندرية لنيوأورليانز
-
بين رسم الحدود و تمزيقها.. علاء خالد و أمكنة للتسامح
-
إميل حبيبي.. فلسطيني منفي عن إبداعه
-
الاديب الاسرائيلي أ. ب. يهوشواع ليهود أمريكا: لسنا منكم
-
كيف اختفى القبطي؟ و لماذا لم نشعر به عندما ظهر.. صورت الأقبا
...
-
قاسم حداد و فاضل العزاوي في القاهرة, إلهان, واحد للحكمة و ثا
...
-
الاستقلال اليهودي و جراح النكبة
-
ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكا
...
-
الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأ
...
-
أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط
-
عن إنكار الهولوكست.. القيم الغربية , إذا كان هناك ما يسمى با
...
-
على ضوء الرسوم الدانمركية: عفاريت العنصرية الإسرائيلية تنطلق
...
-
عن عملي كتايبيست حقير.. عالم بلا حبر أو دم
-
إسرائيل, الجيتو اليهودي المحاط بالرومان و النازيين و العرب
-
سوق الكتاب الاسرائيلي.. شكوى من انخفاض النوزيع لعشرين الف نس
...
-
في النقاش حول رسام الكاريكاتير الدانماركي: العقم المطلق لحري
...
-
عن الأدب الموصوف بأنه عبري. عن الجامعات المصرية و الإسرائيلي
...
المزيد.....
-
هل تريد رؤية تغيير للنظام في إيران؟.. شاهد كيف رد ترامب على
...
-
حصريًا: الضربات الأمريكية على إيران لم تدمر المواقع النووية.
...
-
أسرار تصفية القيادات ومقتل الرئيس عبد الفتاح إسماعيل بمذبحة
...
-
ترامب يشعل ضجة بفيديو وأغنية -سأضع آية الله في صندوق وأحول إ
...
-
قطر.. جملة قالها وزير الخارجية لأشخاص -يتحججون بسبب الحرب- و
...
-
إيران تعلن نهاية الحرب مع إسرائيل بعد الاتفاق على هدنة بوساط
...
-
جيش الاحتلال يقر بمقتل ضابط و6 جنود في كمين خان يونس
-
طيارو القاذفات B-2 -الشبح- يروون لـCNN كواليس عملياتهم: -تخت
...
-
نائب ترامب عن ضرب إيران: -لا أحد يريد أن يمتلك أسوأ شعوب الع
...
-
ترامب ردا على تقرير CNN: الغارات على إيران -من أنجح الضربات
...
المزيد.....
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
المزيد.....
|