أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - تحليل لقصيدة1/-تداعيات لزمن منفلت-لعبدالرحمان بكري(الجزء الثالث)















المزيد.....

تحليل لقصيدة1/-تداعيات لزمن منفلت-لعبدالرحمان بكري(الجزء الثالث)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


قراءة لقصيدة "1/ تداعيات زمن منفلت" لعبدالرحمان بكري (3)

ليست القصيدة الا تعبيرا رمزيا لسرد تجليات نتعايش معها باستمرار، لا ينفع معها العودة الى ما مضى، بحيث لم تبق هناك نبوءات، تساعد على الافلات من وضع مأزوم، تلوكه خيبات متتالية منذ الاستقلال الشكلي الى حدود الآن، هذه الخيبات جعلت الكثير من الانتليجنسيا إما تبحث في ترهات ادب مغشوش، تعيد رسم قصائد مبتورة، أو في البحث في جبة الثقافة الليبرالية عن نتشه الطبيب؟، او نتشه النازي، او في تفكيكية جاك دريدا أو وجودية مارتن هايدغر أو ما تبقى من قصص عنترة، إن لم نقل قصص حب تشبه قيسا و ليلى في زماننا هذا، مع تزيين ذلك بصور العري المتفشية بسهولة، و التي يقدمها الفقيه غوغل بسهولة لزبنائه، مما جعل من قيم الانتصار معدومة الوقوع:
"أتفحص سيرة نبوءة ضائعة،
كانت توعدتني بقرابين الانتصار"
تنتعش القصيدة و هي تواصل تعرية الوضع الرديء، تحنطه كما لو كان يصد جبل جليد لم تنعشه شرارة شمس على الذوبان، ليس هناك من يتصدأ سوى فكر حر، يخزه الثبات على علاته الراسبة، منذ تعقدت الأحوال الى المحال، لم يعد للترميم ما يؤجل الموت المحقق الذي اصاب الانتلجينسيا، فهي في سكراتها المتواصلة، أمام هول الانغراس الكلي في الطبقة الوسطى، في تدشين مقررات آتية من دوائر الهيمنة و السيطرة، لم يتبق الا ظلام دامس تصدره صوامع عتيقة، تساوي بين الضحية و الجلاد، هكذا تسخر الحانة أنينها، عبر سارد يشطب الوجع الجديد، بكظمة نقدية تحاول الخروج من تيه لا حدود له،
"وبحركات من راحتها الناعمة ،
اشتُهيت ترميم جداري المنهار ،
بقبلة منفلتة من عيون المتلصصين،
والسائل يلهج برغبات منبوذة،
داخل صوت قنينتي المتشظية"
هذا هو الانسان الجديد الذي يسعى الى "ترميم الجدار المنهار"، في وضع يقنن كل أشكال التعبير، بحيث لم يعد من الممكن "الافلات من عيون المتلصصين" فتحنط السؤال عبر المراقبة الزائدة، حتى ما اعتبر حياة في شبكات التواصل الاجتماعي يتلصصون عليه، ليصبح النقد في خبر كان، يريدون أن يصبح الانسان صما بكما لا يفقه شيئا، و أذا تم ذلك من غير بقاء "الشيخ شيخة" على حاله، عليه أن يدرك أنه فقط يتمتع "برغبات منبوذة" لم يتم معاقرته الا داخل صوت قنينة متشظية"، هذا هو مصير الصوت الحر الذي يظل بدون رأس (حزب سياسي طليعي) بعد إقبار كل أمل في ذلك، و ما على لبعض البؤر الفردية، و مجموعات صغيرة متصارعة، تنتظر من سلطة البورجوازية الوسطى، أن تصنع قوانين تؤبد سيطرة الطبقة العليا بدون هوادة، يلخص المشهد ككل بكري بامتياز تام ، و لا أريد أن أشرح ما هو واضح بجلاء تام، في هذا المقطع من أوله الى آخره:
" يتهجى بعض قراراتي،
في جيوب ترددي،
يتبدد خلف أهدابي الناعسة،
صدى قوي يستبيح خبايا
هواجس قابعة،
شكلت علامتين متصلتين،
تعززت فيهما غيبوبتي،
مقدس
الأسوار السلطات العالية،
في الزحف المقنبل على الكم اللاهوتي،
ومهندس
البغي المكمل بأسرار الغول الرأسمالي،
على خريطة سباق اقتسام،
طورطة الحلوى.."

ورغم ذلك، و خضوعا لمعادلة شرح الواضحات من المفضوحات، لا يسعني إلا أن أبين أن قصيدة عبدالرحمان بكري، لامست عدة مفارقات يعيشها المغرب المعاصر، تستمد مقوماتها من جذور تاريخية عريقة، ساهمت في سكونية المجتمع، و تأزماته لم تسعفه للخروج من بوتقة التخلف، و الانحطاط ،مما يجعله:
" يتهجى بعض قراراتي،
في جيوب ترددي،
يتبدد خلف أهدابي الناعسة،"
لم تخلف الا أزمات، تنعكس على كل فرد، تتركه يصاحب معه صورا عالقة في التاريخ المتمرد، على شاكلة المهدي، و عمر، و لم يجد بدا في العجز عن تقديم أي شيء، يسير في مجتمع أعرج، أو جسد بدون رأس (مقطوع) لم يبق له سوى العربدة، التي تخلف
"صدى قوي يستبيح خبايا
هواجس قابعة"
و هي تُختصر في الاسلام السياسي ككل، و خصوصا في أجنحته المتطرفة، التي باركتها و دعمتها الإمبرياليات العالمية المختلفة، بمباركة الأنظمة الرجعية العربية، التي قدمت، و دعمت بالمال، و العتاد، لتسهيل توزيع ما سمته الامبريالية بشرق عربي جديد، أو بشكلها المعتدل التي تساهم بنشر الخرافة و التدجين بكافة أشكالها، من أجل مضاعفة سكونية المجتمع، و تحميل أزماته الئ قوى غيبية، أو بشكل سياسي، من خلالها بشكل مباشر، في تكريس التبعية، و تمرير توصيات عالمية، و تسريع أليات الاستغلال المضاعف فيما بعد ما سمي بالربيع العربي، في جل الدول العربية، و من ضمنها المغرب، من هنا يمكن القول أن هذه التيارات ماهي الا تعبيرا عن الطبقة الوسطى في المجتمع، و هي بهذا تعبر عن فشلها التاريخي، نظرا لقوة الطبقة الاجتماعية البورجوازية الكومبرادورية المدعومة إمبرياليا، هي بالفعل طبقة وسطية هجينة، و نظرا لطبيعتها الانتهازية فجناح منها انغرس في الحداثة بشكلها الليبرالي، و جناح آخر سقط في الرجعية، و بهذا اعلنت انخراطها كليا في الطبقة البورجوازية الكومبرادورية، ما دامت أنها عاجزة بأن تأخذ الصراع بشكله الصحيح، و ما ساعد على ذلك هو ضعف وعي الطبقة العاملة، التي جرفتها التقنية من ناحية، و العمل الهش أي البطالة من نوع آخر، أي أن غالبيتها سقطت في خانة البروليتاريا الرثة، و من هنا تبقى الطبقة الوسطى مريضة تتطرف تارة، و تنغرس فيما هو سائد تارة أخرى
أن المجتمع أصبح خاضعا
ل"مقدس
الأسوار السلطات العالية،"
في الزحف المقنبل على الكم اللاهوتي"
من تصميم
"مهندس
البغي المكمل بأسرار الغول الرأسمالي"
الذي يثقن



خريطة سباق اقتسام
طورطة الحلوى.."
هكذا ينهي بكري محاولته الشعرية الأولى، بزخم وصفي سردي رائعين، فكان اقحام الحانة التي ليست سوى مجتمع، الكل فيه في عربدة التخلف، و الانحطاط، الكل يعمل على نسيان الماضي (حركات التحرر )، و الانغراس في الحاضر كما هو معاش، لكن السؤال الذي ستفتحه القصيدة، هو سؤال سيظل مفتوحا على الدوام، من سيدق خزان الوقود، بعد لم يتم اطراقه من قبل؟، هذا بالطبع سيفتحنا على سرديات الاجزاء المتبقية من قصيدة مطولة اسمها "تداعيات زمن منفلت"



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا عمال العالم اتحدوا
- قراءة لقصيدة -1/ تداعيات لزمن منفلت- لعبدالرحمان بكري(الجزء ...
- قراءة لقصيدة - 1/ تداعيات لزمن منفلت - لعبدالرحمان بكري
- عربدة اليوم
- شرط الوجود
- أسئلة على أوسمة الخيال
- أنا سلحفاة
- دفئ كورونا
- لازال
- دكنورة .. !
- في التسامح
- كورونا تخاطبكم
- معانقة البقاء
- عدت لامرأة
- أدندن بحماقتي:فلسطين..!
- أخبرك عن شهادتي الأخيرة
- على حافة الحياة الأخيرة
- تحليل قصيدة - رياح حارقة - لعبدالرحمن بكري(المقطع الأخير)
- شيء من التاريخ
- نظموا أنفسكم


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - تحليل لقصيدة1/-تداعيات لزمن منفلت-لعبدالرحمان بكري(الجزء الثالث)