أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - قراءة لقصيدة - 1/ تداعيات لزمن منفلت - لعبدالرحمان بكري















المزيد.....

قراءة لقصيدة - 1/ تداعيات لزمن منفلت - لعبدالرحمان بكري


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 02:48
المحور: الادب والفن
    


قراءة لقصيدة "1/ تداعيات زمن منفلت" لعبدالرحمان بكري (1)
محمد هالي


ان قصيدة عبدالرحمان بكري المعنونة ب"تداعيات زمن منفلت" لهي في عمقها قصيدة تدخل ضمن ما أصبح يعرف بقصيدة النثر، إنه لسرد يلامس تاريخا طويلا من تداعيات المغرب الاقصى، في أزمنة مختلفة، و قد اختار كاتبها بذكاء متبصر لسرد هذه الاحداث حانة سكر، و عربدة، كي يحلو للتداعي الحر المنبعث من صخب تلك الحانة، لرصد وقائع مهمة، لا يمكن ان تنجلي الا في مثل زحمة السكارى و العربدة المختارين بعناية فائقتين، و ارتأى السارد أن يبدأ بتأمل لوحة فنية معلقة على جدار اسمنتي، تجمع شخصيات عالمية، مع شخصيتين محليتين، ان هذا الاختيار لم يكن مرحبا به، الا لكون هاتين الشخصيتين يمثلان خطا أيديولوجيا، له امتداداته على كافة المعمور:
"وأنا أتصفح صورا عالقة على لوحة إسمنتية،
في قلب حانة تتعثر في نورها الخافت،
قبعة جيفارا تشاكس صلعة لينين، و المهدي، وعمر، وغرامشي .. "
تجرني الاسماء الثورية إذن، و هي تتماثل في مقدمة القصيدة، رغم أن هناك بون كبير بين تلك الشخصيات، سواء على مستوى التنظير، او على مستوى الممارسة، فالقبعة ما هي إلا سيلا من الممارسات، و التضحيات في ادغال أمريكا القاسية الجغرافيا، و الفقر، ضد جبروت النهب الذي تكنه أمريكا الشمالية لجارتها الجنوبية، فكان الطقس باردا، و حارا، الى درجة أن الرصاص المتلاشي في الغابات ادى الى وفاته، بعدما حقق نصرا جزئيا في كوبا، تاركا أنينه متواصلا الى حدود عصرنا هذا،
في باقي أرجاء المعمور، الى درجة أن شركات رأسمالية تحقد عليه، ترسم بطولاته في بعض احتفالات كرة القدم، أو منديات ثقافية مختلفة، نظرا لما خلفه من شهرة ممارستية تفوق شركة كوكاكولا، او المنتوجات المغلفة بنهب بعض الدولارات، من بعض الاسواق العالمية، و هذا أيضا يصدق على صلعة أتعبها التنظير، ليتطاير الشعر من اجل الظفر بأول ثورة عالمية في التاريخ، جرت طبقة المقهورين بأن تنعم بالسلطة، و لو في لحظة تاريخية قصيرة، أشعرت عبيد العالم أنهم قادرين على الصعود الى الاعلى، فقط يجب عليهم التكتل في وحدة انتماء لطبقة اجتماعية تبيع سواعدها لكافة الرأسماليين، و تنظم نفسها بخطط حزب اصلع، يوجه المعدمين الى الهدف المنتظر من اجل الاستفادة من الارض التي هي لهم، و ليست لغيرهم، و شخصية ثالثة لم تستطع الظفر بأية سلطة على الواقع لكنها آمنت بشرارة الاصلع، و من نظر لأيديولوجية المقهورين حينما صنعت البرجوازية حفار قبورها، لكنه استطاع رغم ذلك أن يبث نصائح للمثقف العضوي، من داخل زنزانته التي مكت فيها الى لحظة أفوله، لكن الشخصيتين اللتان تماثلتا معهم يختلفان تمام الاختلاف عن باقي تلك الشخصيات، رغم جديتهما في النضال، و الطرق القاسية التي تمت بهما تصفيتهما من المشهد السياسي في العالم الثالثي الذي يعيشان فيه، فتفكيرهما و ممارستهما يختلفان جذريا عن ملهمي التاريخ السابق، و أخطائهما تاريخيا كأخطاء غالبية التوجهات اليسارية في عالمنا العربي الذي انتهت في غالبيتها إلى السقوط في براثن الطبقة السائدة، مع تلكئ التاريخ و انحطاطه في برامج حزبية صبية لا تخلو من يمينية فيما بعد، تختلف عن الاصلع، و صاحب القبعة، و رسائل السجن هذا جانب من المشهد فيما تداولته مقدمة القصيدة.
و بأوسمة اليسار و سكون لازمة مهمة صاغها بوجميع بروح غيوانية، شعبية ، متوقفة في وضع تاريخي، انطلق من وضع سيئ، حاول التطلع الى وضع أحسن، عبر اوتار و طنطنات طينية المغلفة بجلد خراف أرهقت حرفي البلد، لتصدر لحنا في خط مقاوم، على شاكلة ماو، و هوشي منه، و كامبودج، و كوبا ... لينجلي بشكل ساطع في كل شبر من أرضنا الحبيبة بروح "عابشين عيشة الذبانة في البطانة" و حين فعلوا ذلك، تحدوهم آنذاك طموحات حركة التحرر العالمية كما فعل الاصلع، و قبعة ارتأت ان تغطي رسائل السجن لتظفر ملهمين كبار في كل بقاع العالم، على شاكلة عمر، و المهدي، ليعلنوا عن انخراطهم باستماته قوية في أحزاب و نقابات خرجوا من جوف جيش التحرير، إنها وحدة شاملة لمقهوري الأراض العربية من المحيط الى الخليج، اذ شهدت كل هذه البقاع الشاسعة تنظيمات تشبه الى حد ما طموحات عمر و المهدي، و سوف لن ادخل في التسميات يسار ما قبل حرب 67 و يسار ما بعد 1967 لأن هنا يحتاج الأمر الى سرد سياسي تصده القصيدة بطابعها الفني التبليغي
"لم تطمر ابتسامتهم كل هذه السنين،
حتى استفاقت ظلال أشباح من زمن مقصي،
حركات لاشعورية، في صيحة غيوانية ..
"عايشين عيشة الدبانة ف البطانة"
ليست الحانة الا واقعا مغربيا مقحوطا، بسكره و سكراته، إنه بالفعل يجسد تداعيات أمكنة ساكنة، مأزومة، تتلون، و تترتب في مواقع البؤس التي يشهدها المجتمع، بتراتباته الموزعة على الأحياء، و الأماكن المهمشة، و المقصية من التاريخ الانساني الحقيقي، مما جعل بكري يقحمه في الحانة، و شخصية مأزومة ترى في عز العربدة ما هو غامض، في الواضح، و هذا ما يجسده الخمر حين يقلب الأفراح الى مواجع تترائى في عز النشاط الذي هو فيه: "تتعربد تفاصيل المكان، على أحلام ثورية"
اذ سرعان ما تبدو الأحلام التي كانت تبدو ممكنة من خلال الانتقال من الادغال و الاماكن المقصية من التاريخ لتصل الى العواصم و تقلب موازين القوى التي كانت مؤهلة لذلك في فترات التحرر الوطني و التحرر الطبقي الى شبه مستحيلة في تغير و تبدل الظروف، مما جعل من اللوحة الاسمنتية تعلق الواقع الى "احلام ثورية" هكذا يكون السكر في زمن الفشل المستشري في كل دواليب الجسد المخمور، فما على التداعي الحر الا الاستمرار في سرد الحكاية للتفصيل اكثر، تنطلق من اللوحة، و تأنيب الضمير، و الارتباك التي ادت الى سقوط الكأس، لتتدفق التفاصيل أكثر:
"فجأة على حسرة عابرة،
انتحر الكأس من بين يدي، إلى نصفين"
هذه التفاصيل في حاجة الى قراءة سياسية تحتاج فقط الى فهم يرتب مقاصد القصيدة، التي بدأت بمد ثوري عارم أشارت له القصيدة في مدخلها ذات النفحة الثورية بزعامة قيادات يسارية انتهت الى الأفول عبر هزائم متتالية لا تعد، و لا تحصى، شرذمته كلمات بكري، من خلال بقاء المجتمع راسب في المقطع الشعبي، من خلال أغنية معبرة، هي من ابتكار شهامة مبدع خلاق، قاد مجموعة غنائية انتهت بأفول صاحبها، في مقبرة جرت مجموعته الى الدفن الى جواره، لتتوارى الهزائم المتتالية، في حلم لم يتحقق بعد، و ما تتابع ذلك من بطش لا يعود الامر الى مرجعية خاطئة، بل لتقديرات حاملي المرجعيات، الذين ساوموا في لحظات تاريخية، كان بودهم أن يحملوا المشعل الى ما لا نهاية، لكن طبيعة الحركة الوطنية المتسمة بميولات البورجوازية الصغيرة، و التي لم تستطع اخذ زمام الامور بجدية الكفاح المطلوب في حينه، مما جعلها تسقط في فخ الطبقة الكومبرادورية، و أدت بالتالي الى عواقب وخيمة انعكست سلبا على حركة التحرر أنذاك، إن منطق التاريخ لا يقبل المراجعة و النقد الذاتي الذى صار متراسا لزعماء متذبذبون ادت بهم الى الموت في ظروف غامضة ، كغموض تقديراتهم الغير المدروسة بعناية.
"تعكر صفو السائل في النصف الأول،
على خيبات الأعذار،
المتراكمة فوق خطوط الجبين هزائم متوارثة،
ذات مرجعية خاطئة،
تلتها في جنح الظلام،
عزائم برأس مقطوع"



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربدة اليوم
- شرط الوجود
- أسئلة على أوسمة الخيال
- أنا سلحفاة
- دفئ كورونا
- لازال
- دكنورة .. !
- في التسامح
- كورونا تخاطبكم
- معانقة البقاء
- عدت لامرأة
- أدندن بحماقتي:فلسطين..!
- أخبرك عن شهادتي الأخيرة
- على حافة الحياة الأخيرة
- تحليل قصيدة - رياح حارقة - لعبدالرحمن بكري(المقطع الأخير)
- شيء من التاريخ
- نظموا أنفسكم
- تحليل قصيدة لعبد الرحمن بكري(1)
- قضايا البحر
- عجبا أيها الليل


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - قراءة لقصيدة - 1/ تداعيات لزمن منفلت - لعبدالرحمان بكري