أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بلال عوض سلامة - محاولة أولية لتفهم الأرقام الكورونية -بين أزمة وتأزيم-‏















المزيد.....


محاولة أولية لتفهم الأرقام الكورونية -بين أزمة وتأزيم-‏


بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي

(Bilal Awad Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 13:32
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ومضة ليس لها علاقة النص
بعد التردد، في الكتابة حول أزمة وتأزيم كورنا في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم الرغبة في تقديم فتوى سوسيولوجية ‏عن الظاهرة المستجدة، على اعتبار انني لست من ذوي الاختصاص الطب الحيوي والاوبئة، رغم أن المعلومات المتناقضة ‏والمربكة التي وصلتنا كانت من أهل الاختصاص ووسائل الاعلام المرتبطة مع الطواقم السياسية؛ من حيث طرق العدوى وانتشارها، ‏وطرق الوقاية منها، وامكانية اكتساب مناعة المجتمع، إلى سياسات الحجر والحجز الصحي، وهل حالة الطوارىء كان يفترض ان ‏تكون أو الحجر الصحي الذي هو من صلاحيات واختصاص وزراة الصحة والدفاع المدني‎?‎، الأمر الذي يوشي بل يدل أن أجندة ‏المطبخ السياسي ليست بعيدة عن التعامل مع هذه الجائحة -بعيدا عن افتراض التآمر وانما الاقتناص-، وبعيدة عن رؤية علمية ‏تأتي من ذوي الاجهزة الصحية وليس من ذوي الاجهزة الأمنية أو المؤسسات الاقتصادية باستفراد وتفرد.‏

لا اريد الاطالة، فليس مجال المقولة هنا التحليل العام للمشهد، وإنما تعد قراءة غير تعميمية، بل اجتهاد وفتوى غير ‏صريحة في التفكير في الارقام الصادرة عن وزارة الصحة كما نشرتها على موقعها الرسمي، حتى تاريخ 21/4/2020 ، حيث وصل ‏عدد الحالات إلى 328 حالة الساعة 4 عصراً، سأقوم بمحاولة غير معمقة ولكنها تحاول تعذيب ليس الرقم فحسب، وانما حالات ‏الشبه يقينية التي تولدت لدينا من الاعلام والاعلاميين والصحة والصحيين. ‏

عن ماذا تفصح الارقام؟
لقد بات لدينا الكثير من اليقينيات جراء تكرارها، حتى اصبحت جزءاً من لا وعينا واضحت من البديهيات دون التحقق منها، فقط ‏لتكرارها، "فالتكرار يعلم الشطار؟"، فأضحى مصطلح التباعد الاجتماعي بدلاً من التباعد الجسدي، والذي هو النقيض للتقارب ‏الاجتماعي، لان المعرفة المتولدة لدينا ليست من بنيات ثقافتنا او علمائنا، والمرض يصيب المرأة أكثر من الرجل، لان منظمة ‏الصحة العالمية قالت كذلك، وإن كبار السن اكثر من صغار السن.‏
قبل البدء، في استعراض ما اريد قوله من المهم التشديد، على انها محاولة اولية وليست بحث متعمق، هذا لا يعني من أن ‏القرائن والنسب لا تدعمها، وانما تساعد على فتح تساؤلات حول قضايا، على الاقل التي كانت مزروعة برأسي منذ البدء بخصوص ‏أزمة كورونا، التي من الممكن ان تغري من ينتقدها ويفندها، أو يتفق مع يدعمها من يشاركني هذه التصورات، ومن المهم التنويه ‏إلى ان أغلبية الاحصائيات والنسب قمت انا باستخراجها بمعادلات احصائية وليست هي المنشورة على صفحة الوزارة، وفي حال ‏استخدام تلك النسب سأقوم بالإشارة الى مصدرها وهو وزارة الصحة هنا، وعليه فإنه من الممكن ان تختلف النسب لدي عن النسب ‏المنشورة، لاختلاف طريقة المعالجة والزوايا التي اريد تسليط الضوء عليها. ‏

أولا؛ في الجنوسة والمرض:‏
هنالك الكثير من الدراسات المتخصصة والمعمقة حول ارتباط الامراض بالجنوسة، كون المرء رجلاً أو امرأة، تم ارجاعه الى ‏خصائص ثقافية وهندسة اجتماعية ساهمت في الفجوة والاختلاف بين الأمراض التي من الممكن أن تصيب الذكور، وان لا تصيب ‏الاناث، على ارضية أن اسلوب حياة الرجال يختلف، وبه مخاطرة أكثر من النساء، ومنهم من احالها الى خصائص بيولوجية ‏وفسيولوجية تتعلق بجسد الرجل والمرأة، وقدرات كل منهما على مقاومة او الاستسلام لبعض الامراض...الخ، ولكن ماذا عن ‏كورونا؟، لحد اللحظة تؤكد المصادر "الرسمية" محليا وعالميا أن المرأة اقل تعرض للإصابة بمرض كورونا، حيث وصلت ‏الاحصائية إلى نسبة اصابة الاناث في المجتمع الفلسطيني إلى ‏‎ ‎‏(34.7%) في مقابل (65.3%) للذكور، بواقع (244) ذكر مقابل ‏‏(144) انثى، فيما يعادل حوالي ثلث النساء مصابات، والذكور أكبر بضعفين منهن، فلماذا هذه الفجوة؟ ، هل له علاقة بأسلوب ‏حياة الاناث وطبيعة المناشط اليومية التي تقوم بها، او المهنة التي تمتهنها، وعلى ارضية التحريض المبرمج من أن الناقل ‏الرئيسي للمرض هم العمال الفلسطينيون،- وهذا سأعود لمعالجته لاحقاً-، ففي تصريح لوزيرة الصحة اليوم الموافق 21/4 صباحا، ‏قالت ان نسبة العمال المصابين وصلت إلى (75%).‏
في حال اخذنا هذه النسبة كمُسلمة، من المنطق ان نقول أن المرأة لا تعمل داخل فلسطين المستعمرة عام 48، بل ان نسبة ‏العمالة النسوية لا يتجاوز الـ (21%)(‏ ‏) في مناطق المستعمرة عام 67 ونسبة قليلة منهن في الداخل، ولكن في حين تم الرجوع الى ‏الاحصائيات، فمن الممكن أن الوزيرة تريد القول، بأن سبب انتشار الوباء هم من عمال في فلسطين المستعمرة عام 48، وهو ‏الاصح والادق، فبعدما قمت باستخراج بعض النسب بهذا الخصوص، وجدت ان (50.8%) كان مصدر المرض لهم هو ‏المخالطة، وقد تكون النسب الأكبر لمخالطة العمال، ومصادر اخرى تم تبويبها على انها من الاحتلال او السفر او السياحة حسب ‏تصنيف وزارة الصحة، وايضا حسب المحافظات، وهذا الرقم قليلاً مضلل، حيث ان الكثير ممن اصابهم قد قدم الى القدس او دخل ‏فلسطين عام 48، وليس بغاية العمل وتم تصنيفه كمخالط، والسبب دولة الاحتلال، وسأوضح هذا بباب خاص به.‏
عودة الى عنوان المحور، وهو الجنوسة، اميل إلى الاختلافات البيولوجية وتركيبة جسد المرأة وقدرتها على مقاومة بعض ‏الامراض، ومنها كورونا، إلى جانب تفسيرات أخرى، وهي صحيحة مرتبطة بنمط الطعام والحياة والنسق الاقتصادي وانماط وقواعد ‏ثقافية للمرأة حددت لها فضاءات الحيز العام والخاص، وهي فرضية مدعومة من علم اجتماع الصحة والمرض، وهي فرضية تقبل ‏الفروق، بالمعنى الاحصائي : حيث تم تثبيت هذه المعلومة اليقينية بمؤشرات احصائية دلت بوجود فروق احصائية، ولكن ما جلبت ‏حتى الآن؟، هل قمت بتفسير ما هو مفسر؟، قد يقول قائل، حسناً حتى تكتمل لدي الاطروحة، ذهبت لمعالجة موضوعة الجنوسة ‏والمرض من حيث العمر، وبها اعتقد معلومات تقوم على تصديع هذه المقولة والبديهات، حسب متغير آخر وهو العمر. ‏

ثانياً: العمر والجنوسة والمرض
العمر عامل مهم يؤثر ويتأثر بالمرض، وتلعب الجنوسة دور اساسي ومحوري فيهما، فكما نعلم أن أمد الحياة لدى المرأة ‏يزيد سنيتن عن عمر الرجل، ولكن ماذا عن المراحل العمرية الأخرى، اعتقد انه بحاجة للبحث في ذلك، في حال توفر احصائيات ‏للباحثين من قبل الجهات المختصة، وهذا الحال ينسحب حول المعطيات البسيطة والقليلة لدينا المزودة من قبل وزارة الصحة حول ‏جائحة كورونا، أو أنها لم تقم بنشرها على الموقع الرسمي، وهي خصائص ثقافية مرتبطة بمن اصابتهم الجائحة، وبما هو متوفر ‏بين ايدينا، وجدنا أن المرض يختلف باختلاف العمر، وبه معلومات قد تكون مفاجأة لنا، وتختلف عن هيمنة البديهيات علينا، ‏فتوزعت نسبة المصابين بالمرض كما يأتي:‏
العمر اقل من 9 سنوات من 10-19 سنة من 20-29 سنة من 30 الى 39سنة من 40-49سنة ‏50-59 سنة اكبر من 60سنة
النسبة المئوية ‏7‏‎%‎ ‏12.2%‏ ‎25%‎ ‏19.8%‏ ‏16.5%‏ ‏11.6%‏ ‏7.9%‏
حسب الجنس والعمر
ذكر ‏2.6%‏ ‏10.7%‏ ‏25.7%‏ ‏26.6%‏ ‎15%‎ ‏12.6%‏ ‎7%‎
انثى ‏14.9%‏ ‏14.9%‏ ‏23.7‏ ‏7.9%‏ ‏19.3%‏ ‏9.6%‏ ‏9.6%‏

نلاحظ من الاحصائيات حسب متغير العمر أن نسبة الاصابة تتوزع توزيعاً طبيعياً، وبمنحى طبيعي تقريباً، يبداً من الفئة ‏العمرية أقل من تسعة سنوات بنسبة مئوية قدرها (7%) وتنتهي تقريبا بنفس النسبة للفئة العمرية أكبر من ستين سنة، بما نسبته ‏‏(7.9%)، وذروة المنحنى الطبيعي تتركز في الاعمار بين 20 إلى 39 سنة، بنسبة قدرها (44.8%)، تأتي بعدها، الفئة العمرية ‏من 40-59 سنة بنسبة قدرها (28%)، وهنا نستطيع القول ان الفئة العمرية الاكثر تعرضاً للإصابة هي الفئة العمرية بين 20-‏‏39 سنة، وهي الفئة العمرية التي نفترض انها الاكثر اختلاطاً واحتكاكا بالحيز العام، وايضا هي التي تشكل عمود القوى العاملة ‏من الفئات العمرية الاخرى، على الرغم من أن حوالي ربع القوى العاملة بطالة عن العمل(25%)(‏ ‏)، هذا من جانب ومن جانب ‏آخر مرتبطة "بسوق العمل" خصوصاً الذين كان مصدر اصابتهم هو دولة الاستعمار، والمخالطة كانت السبب في الاصابة ‏والعدوى للآخرين، ونعلم ان ما نسبته (‏‎38%‎‏)(‏ ‏) من المجتمع الفلسطيني هم أقل من 14 سنة.‏
تشير النسبة السابقة، إلى أن الأطفال ايضا معرضون للإصابة للمرض، كما شاعت الأقاوليل "للمتخصصين" ولكن نسبة ‏انتشارها في صفوفهم لا تتناسب مع حجمهم في المجتمع، وانما اقل بكثير بالنسبة والتناسب، إلى جانب أن كبار السن في عمر ‏ستون سنة فأكثر، هي نفسها وتتشابه مع فئة الاطفال، وحسب الاشارات التي وضعتها وزارة الصحة الفلسطينية، ان هنالك عدد من ‏كبار السن بهذا العمر قد أكمل العلاج، بمعنى المناعة الجسدية والنفسية لديه/ا جيدة على الرغم من العمر، وقد يعود الى انواع ‏المأكولات التي يتلقاها من هم بهذا العمر المرتبطة بكل ما هو أخضر، وينسجم التداوي الذاتي للأطفال ما دون سن 20 بصورة ‏ملحوظة.‏
حسناً، ماذا عن الجنوسة والمرض حسب العمر لهذا المحور؟، تشير النتائج إلى ان نسبة اصابة الاناث ما دون 19 سنة، ‏أكبر بحوالي الضعفين من الذكور بما نسبته (29.8%) للإناث مقابل (13.5%) للذكور، وتتقارب النسبة بينهما بعد سن الخمسين ‏فأكثر، وحتى اللحظة، عدد وفيات الاناث من المرض مرتبط بفيروس كورونا أكبر، بواقع امرأتين‎ ‎‏ ورجل واحد، ونسبة اعادة ‏الاصابة وجدت في امرأة، لحد اللحظة، فقد يكون صحيح ان مقاومة ومناعة المرأة أكبر من الرجل، على اقل تقدير، فننتظر قول ‏المتخصصين بأن النساء قد يكن حاملات للمرض ولكن مناعتهن أكبر من حيث شدة الاعراض في سن معين خصوصا الصغار، ‏وكبار السن اقل مناعة من الذكور، كفرضية من الممكن تتبعها حسب المستجدات، والتساؤل حول قيام أو عدم قيام وزارة الصحة ‏بتصنيف حاملي الفيروس وناقلي العدوى، وهنا تشير إلى الحد الأدنى من الجاهزية الطبية للتعامل مع الظاهرة المستجدة في ظل ‏غياب بنية صحية مهيأة في المجتمع الفلسطيني تتعامل مع فيروس ككورونا.‏

كورونا، المحافظة والتجمع والتاريخ ‏
تشير المعطيات الحالية إلى وجود فروق دالة احصائية لسبب انتشار فيروس كورونا حسب المحافظة، بمعنى ان ‏هنالك اختلافات لسبب انتشار المرض بين محافظة وأخرى، ففي محافظة القدس، على سبيل المثال كان سبب انتشار المرض ‏الرئيس هو المخالطة بنسبة (61.2%) وكون ما نسبته (38.6%) هم عمال في فلسطين المستعمرة عام 48،، حينما كان في ‏محافظة نابلس أكثر سبب هو العمل ككادر طبي، ومسافر وعامل بنسبة (28.6) لكل منهم آخذين بعين الاعتبار أن عدد الحالات ‏هو سبعة فقط. في حين كان السبب في بيت لحم الرئيسي هو المخالطة بنسبة (64.9%) تلاه مباشرة سبب الانتشار وهو السياحة ‏متمثل بالوفد اليوناني الذي زار المحافظة، بنسبة (28.1%) و كادر طبي وعامل في المستعمرات بنسبة (3.5%) لكل منهما، وهي ‏الاقل، وقد يرجع ذلك إلى سرعة السيطرة على الانتشار والاجراءات المتخذة في محافظة بيت لحم في بداية انتشار وظهور الجائحة.‏
محافظة رام الله، كان ثالث سبب وهو يتميز عن المحافظات الاخرى في الضفة الغربية، هو السفر والقدوم من الخارج بنسبة ‏‏(14.7%) بجانب المخالطة والعمل في المستعمرات، تشابهت أيضا معها محافظة طولكرم من حيث السفر بنسبة (16.7%)، ‏وتنسجم هذه النسبة ولكن بشكل أكبر على قطاع غزة المحاصر، ولكن النسبة قد ارتفعت كثيرا عن باقي المحافظات بما نسبته ‏‏(53.3%).‏
وبخصوص وقت وتاريخ انتشار المرض، الذي يعكس اجراءات وسياسات الحكومة التي تراخت وترددت في سياساتها ما ‏بين شهري آذار ونسيان، فنجد أن نسبة انتشر المرض في شهر نيسان بما نسبته (63.8%) مقابل (36.2%) بشهر آذار، وهو ‏رقم يعكس تراخي الدولة في التعامل مع الجائحة، في ظل غياب بنية صحية ومجتمعية شعبية تشاركية مع الحالة المجتمعية في ‏اتخاذ القرار، واستفراد فقط الحكومة برسم السياسات والخطط لمواجهة الانتشار، الى جانب ضغوطات الشركات والقطاع الخاص ‏الذي ظهر بالشهر الثاني من الجائحة.‏
وبخصوص المرض والمحافظة والسيادة، لم تستطع السلطة الفلسطينية تقصي الارقام بدقة في القدس، فعلى الرغم من أن ‏وزارة الصحة قد افردت خانة مستقلة للقدس، في تأكيدها على البعد السياسي بموضوعة القدس كعاصمة للفلسطينيين، والتي وصل ‏فيها عدد المصابين إلى 132 حالة، الا ان الارقام للمناطق التي يسيطر عليه الاستعمار غير معروف ومتروك لجهة حكومة ‏الاستعمار، ففي حين تتحدث الارقام عن ستين حالة في بلدة سلوان، وبعض الحالات في جبل المكبر والعيسوية وبيت صفاف، تم ‏استثنائهم من قبل احصائيات وزارة الصحة، فالأولى أن السلطة تعاملت مع موضوعة القدس وكورونا باعتبارها مسألة فرض سيادة ‏على تلك المناطق التي تقع ضمن الحدود المستعمرة عام 1967، وفرض حضورها وبقوة، وليس فقط جوانب شكلية لم تستطع ‏ملامسة حياة وتفاصيل المقدسي.‏

العمال والانكشاف لكورونا
ليس فيروس كورونا وحده الذي أثبت حالة الانكشاف والتبعية والالحاق الاقتصادي للسلطة الفلسطينية لدولة الاستعمار، ‏وإنما حجم التبعية في الاقتصاد الهش للدولة الرخوة، التي عمقت سياساتها واتفاقياتها من أوسلو إلى اتفاقية باريس حالة تأبيد ‏للاقتصاد والبنية التحتية، وارتباط وارتهان جزء كبير من الاقتصاد الفلسطيني على دولة الاستعمار من حيث التجارة الداخلية أو من ‏حيث اعتماد جزء كبير من الفلسطينيين للعمل داخل الارض المستعمرة عام 1948، واوضحت الجائحة تبعيتنا الصحية والتكنولوجيا ‏الصحية واقتصادنا للكيان، فكان السبب الرئيس هو العمال الفلسطيني والمخالطة معهم أكبر أو مع غيرهم سبب ونسبة انتشار ‏المرض بأوآخر شهري آذار ونيسان.‏
درجة الحُّمة المجتمعية ضد العمال وصل حالة التخوين والتشهير واصبح العمال "الكبش" الذي تعلق عليه كافة السياسات ‏الخاطئة للحكومة، وهذا قد جرى تقريباً بنفس الصورة، في محافظة بيت لحم، حينما صبت الجماهير غضبها على وزارة السياحة، ‏لأن السبب الأول في انتشار الجائحة كان الوفد اليوناني في بيت لحم، والاختلاط معهم، وبعدها بدرجة قليلة المسافرين والقادمون ‏من السفر من بلدان غربية وشرقية، بنسبة قدرها(6.7%)، كما حصل مع بعض القادمين من دول شرقية، كما حصل في قرية قراوة ‏بني حسان القادم باكستان، او في كما هو الحال في غزة:‏
السبب مخالطة عامل مسافر سياح كادر طبي غير ‏معروف اسير محرر
النسبة ‏54.1%‏ ‏31.3%‏ ‏6.7%‏ ‏4.9%‏ ‏2.1%‏ ‏0.6%‏ ‏0.3%‏

تشير هذه الاحتجاجات وصب الغضب على وهم/وهن التحكم، والوقوف موقف المنتظر وغير المتحكم بالمصير من قبل الشعب، ‏وتفريغ توتر العضلات والذهن على جهات تمت الاشارة اليها من خلال الاعلام الجماهيري والرسمي بانهم سبب انتشار الجائحة.‏
ولكن لماذا العمال شهدوا موجة غاضبة عارمة مقارنة بالأسباب الأخرى؟، فصحيح أن نسبة العمل في انتشار الجائحة ‏شكل ما نسبته (31.3%) من انتشار المرض، والمخالطة دون تبويبها بمن؟ بنسبة (54.1% ) والتي قد يكون جزء كبير منها عائد ‏إلى مخالطة العمال، او السياح ووفود اجنبية، فلو حسبنا عدد المصابين في محافظة بيت لحم في بداية الجائحة وهو 40- ارتفع ‏حاليا إلى 57- وقمسناه على عدد المصابين الآن، لوصلت النسبة إلى (12.20%)، وفي حينه كاد أن يكون (100%)، فالمرض ‏منتشر لا محالة، ولكن يتوقف على الاليات والسياسات التي نتخذها في التقليل والحد من انتشاره، لحين اكتساب المناعة الذاتية، او ‏تقديم لقاح.‏
العمال، وصفوا بالخاصرة الرخوة في المجتمع الفلسطيني، وتم تجاوز وتحييد جميع الخواصر الأخرى من ضعف البنية ‏الصحية والاجهزة المرتبطة بها(‏ ‏)، وتضخم المؤسسة الأمنية وابتلاعها الدخل القومي، وتم محو حالة الالحاق وفشل بناء اقتصاد ‏وطني مستقل وقادر على الصمود في مشروعه التحرري، وتم تحييد فشل السياسات الفلسطينية في فرض حضورها وسيادتها على ‏المناطق الفلسطينية...الخ من الخواصر الرخوة. وتم التكثيف والاختزال في مهاجمة العمال.‏
هل العامل الفلسطيني خائن؟، ومن سمح للعامل الفلسطيني ان يتسرب كقوى عاملة الى سوق الاحتلال الصهيوني قديماً ‏وجديداً، ففي تصريح لرئيس الحكومة، اعطى فرصة للعمال الفلسطينيين مدة 3 أيام لترتيب اوضاعهم مع المشغل "الاسرائيلي"(‏ ‏)، ‏لعجز الدولة عن القيام بواجباتها في الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي الذي لم ينفذ حتى اللحظة، اذاً، الاخفاق هو نتيجة ‏السياسات المالية والصحية للسلطة الفلسطينية أولاً، والاقتصادية والتنموية والاجتماعية ثانياً. ‏
فما نريد قوله: أن العامل تم خيانته أولاً من وثم خذلانه ثانياً كما هو حال الشعب، فصحيح أن العامل/ والبرجوازية "الوطنية" ‏وجزء من الخبة السياسية في المستعمرات كما يقول فانون خائنة من الناحية الاجتماعية وليس السياسية، "فالعامل والسلطة ‏والبرجوازية" شريحة تخون اجتماعيا ًواقتصادياً وبالتالي لديها منجزات بخسة من هذه العلاقة الملتبسة، فحل المشكلة هو بالقطيعة ‏ومطلوب اعادة تأهيلها وتأهيل الثقافة الوطنية ليس فيها فحسب وإنما في الشعب كافة، وتوعيتها وخلق ثقافة وطنية تعزز درجة ‏الولاء والانتماء الى الأرض والكرامة الوطنية، ليكون/نوا جزء من معركة التحرر، وهو قرار ليس مرتبط بالحكومة الفلسطينية فقط، ‏وإنما بالقوى المجتمعية والأهلية والحزبية والشخصيات الوطنية، لإعادة ترميم وصياغة المشروع الوطني وبالوعي الفلسطيني بأهمية ‏التحرر والفوائد التي يحققها من ذلك الشعب كافة وليست شريحة هنا أو هناك، إذا لمعالجة الخيانة الاجتماعية، مطلوب مشروع ‏وطني جمعي يعبر عن جميع مصالح وشرائح المجتمع كافة.‏

الحالة والعلاج والمناعة المجتمعية
على ما يبدو أن الجائحة تم محاصرتها بصورة ما‎ ‎‏ لحد اللحظة، وقد يعود ذلك إلى اجراءات الحكومة القسرية في الحجر ‏الصحي، والوعي المجتمعي، وأيضا من الممكن لنوع الفيروس المنتشر في فلسطين المستعمرة عام 1967، وليس كما هو حال في ‏الصين او في أوروبا، جعل من الممكن محاصرته وعدم التفاجؤ والارتباك في مواجهته، ولكن ما زلنا ننتظر من وزارة الصحة ‏لتجيب عن هذا التساؤل بصورة علمية، بمعنى هل يوجد انواع للفيروس، وما هي درجات خطورتها حسب الفحوصات التي تم ‏اجراؤها.‏
وما يهمنا من الاحصائيات، أن حالات التداوي الذاتي لحد الآن هي ذاتية، وجيدة تبشر بوجود تشافي جراء تقوية المناعة ‏الفردية للمصابين، كما ويتطلب تقوية مناعة المجتمع وهو الأهم؛ صحياً وتوعوياً واجتماعياً وثقافياً، فقد تم تسجيل 67 حالة ‏أكملت العلاج بواقع (20.4%)، واعداد اخرى من التشافي الذاتي في الحجر المنزلي مما يبشر بالخير، رغم وجود حالة واحدة ‏‏(انثى) قد اصيبت مرة ثانية بالمرض، ونسبة الوفاة ما يقارب(0.9%).‏
فمن الهم اكتساب المناعة المجتمعية بإعادة الاعتبار للفلسطيني وقدرته على التحكم بمصيره، ومشاركته في مواجهة هذه ‏الجائحة يتأتى فقط حينما يشعر المواطن والشعب انهم جزء من القرار، وجزء من خلق السياسات والقرارات وليس مستهدف فقط، ‏ودوره الطاعة، فما دون ذلك سيكون هنالك انفلاتات قد تؤثر على بعض الانجازات الايجابية التي تم تحقيقها.‏


التخوف من الابتلاع السياسي/الامني لكل ما هو مجتمعي يثبط قدرات المجتمع من تحكمه بمصيره، بمعنى هيمنة المعالجة ‏الامنية لمواجهة الجائحة، على الرغم من تأكيد رئيس الحكومة اشتية ان حالة اعلان الطوارئ لن تم حقوق المواطن، فنوع الخطاب ‏ومفاهيمه يفترض ان تنسجم مع الممارسة، حتى لا يتم تخدير المجتمع مرة أخرى وبمناسبة جديدة وهي الكورونا.‏

ما المطلوب مفاهيمياً ومجتمعياً وعملياً؟
التأكيد على اهمية المفاهيم والممارسة، لانهم يعملان على خلق الوعي المجتمعي ينعكسان في السلوك والممارسة اليومية، ‏فمن المهم لانتباه الى :‏
أولاً: استخدام مصطلح "التباعد الجسدي" وليس "التباعد الاجتماعي" ، لأن الاجتماع البشري هو ضرورة كما يقول ابن خلدون، ‏والموانسة حسب ابو حيان التوحيدي، فغريزة الوجود البشرة قائمة على الاجماع وليس التباعد، والتضامن بدل من الخلاص الفردي، ‏والتقارب الاجتماعي الوجاهي والاسري هو يحقق حالة من حفض التوتر، وان قد تكون عامل توتر استغلال لمن اساء استخدامها، ‏لان التقارب الاجتماعي نزعة بشرية تحافظ على الوجود والمنعة الوطنية، مع الحفاظ على السلامة ومستلزمات السلامة في التفاعل ‏الاجتماعي، وحفظ المسافة التي تضمن من عدم الاحتكاك الجسدي‎/ ‎التباعد الجسدي مع من أصابتهم الجائحة والتضامن النفسي ‏والعاطفي والمادي معهم.‏
ثانياً: احياء واعادة بناء قدرة الفعل للفلسطيني وعدم الانتظار وموقف المتفرج، من خلال مناشطنا اليومية الفاعلة والمؤثرة في ‏المجتمع كان فكريا أو عملياً، فالتلقي هو عنصر يفقد الفرد والمجتمع مناعته النفسية والوجودية، وبالعمل بكافة انواعه(بالأرض، ‏تقديم المساعدات، القراءة والكتابة، الانتاج، النضال) يعمل على التداوي والتحصين الذاتي جسدياً ومجتمعيا ووطنياً، ويعمل على ‏استعادة العافية.‏
ثالثاً، اصطلاحياً: عدم وصف وتوصيف المرض بوصمة اجتماعية تجعله يدور في دائرة من العزلة والقلق والخوف، فالتضامن مع ‏الاسر المصابة تعزز من صمودها وتخلق ثقافة نحن معك، وبجانب ذلك تقديم اجابات سريعة في تساؤلاتهم الوجودية عن العيش ‏بكرامة، واشباع احتياجاتهم المادية والمعنوية لمن هم في الحجر.‏
رابعاً: رفع روح المسؤولية الاجتماعية والالتحام المجتمعي بدءاً من المجتمع وصولاً إلى الأفراد لتشكل عقيد الفلسطيني الجديد، ‏وكأنها معركة ضد الاستعمار، وفرض الحضور والوجود الفلسطيني حيث لا يتوقع حضورهم ضمن السياسية المهيمنة، واعني هنا ‏فرض السيادة الفلسطيني وبقوة في المشهد المقدسي، والمناطق المسماة "ج" حسب التجزئة الاستعمارية، والالتفات وربط اواصر ‏المناطق الفلسطينية على مساحة فلسطين التاريخية، وليس جزء من منظور الساسة المهيمن حالياً، ولنأخذ من أزمة كورونا فرصة ‏لإعادة بناء الجسد الفلسطيني على كافة تواجده في فلسطين المستعمر والتاريخية، حتى الشتات؟
خامساً وأخيراً، الدين عامل مؤثر واساسي في حياتنا، ولكن من المهم التركيز على التعبيرات الاجتماعية للدين خصوصاً المغلوطة ‏والمتكلسة في فهم العلاقة الربانية، وعبادة الخوف ودعوة الناس فقط بالصلاة والادعية هي دعوة ميكانيكية ومبتذلة بين الله والانسان ‏قائمة على المصلحة الانانية وردة الفعل اللحظية وتصوير الله وكأنه يختبر الناس في ابتلائهم ويريد منهم الرجوع اليه وعبادته ‏بخوف ورعب، علاقة الانسان بالله قائمة على علاقة عقلانية اولا وروحانية ثانية، المقصود هنا استخدام العقل لا النقل، وابراز ‏الابعاد الاجتماعية والاقتصادية في فهم احتياجات البشر الاساسي في التضامن واللحمة والمجتمعية، الدين فقط هنا الصمغ الي ‏يعزز العلاقة وليس هو القائم عليها؟ فكونوا سوسيولوجيون ربانيين محبي الخير والامل‎ .‎



#بلال_عوض_سلامة (هاشتاغ)       Bilal_Awad_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسعة وستون عامًا على النكبة: الثقافة السياسية والتمثيل للاجئ ...
- الشباب الفلسطيني اللاجئ؛ بين مأزق الوعي/ والمشروع الوطني وان ...
- قنوات العمل للاجئي المخيم: من تعدد التمثيل إلى تمثلات السلطة ...
- العمليات الاستشهادية الفلسطينية: الجسد كأداة مقاومة
- اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي
- حزب التحرير الاسلامي- فلسطين: من مرحلة الوعي السياسي إلى الم ...
- سوسيولوجيا الكتابة بالحمام: تحليل مضمون كتابة ورسومات المراه ...
- فلسطين: كلمات موجعة وكتابتها مؤلمة... بلد الالتباسات
- الفاعل الاجتماعي( 1) : رؤية نقدية على ضوء تحديات المشهد الفل ...
- فشة خلق تعبوية بفلسطين الهوية والمنهاج
- شذرات سريعة في المخيم والقدس والقهر
- وسائط الاتصال/الاعلام وثقافة المقاومة الفلسطينية: من حرب الع ...
- فلسطين: يوجد مقاومة ولكن ليس هنالك انتفاضة ؟ من يقرر ذلك؟
- سلطة القمع والخضوع والتمرد ما بين سلطة أوسلو وقهر الاستعمار؛ ...
- أن تعمل في بيئة غير قابلة للعمل: نحو تأصيل مفهوم وممارسة الع ...
- استطلاع رأي بمناسبة الاحتفالية ب 40 سنة لتأسيس جامعة بيت لحم
- الحركة الطلابية الفلسطينية ما بين الواقع والامكان *
- الثقافة المدنية: حصار الثقافة وغياب المدينة في فلسطين
- الحركة الطلابية في بيت لحم
- تحليل نقدي للمجتمع الفلسطيني: البنية الثقافية والمجتمع المدن ...


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بلال عوض سلامة - محاولة أولية لتفهم الأرقام الكورونية -بين أزمة وتأزيم-‏