أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بلال عوض سلامة - اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي















المزيد.....


اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي


بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي

(Bilal Awad Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4952 - 2015 / 10 / 11 - 22:04
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


الجزء الثالث: اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي

في بداية شهر حزيران من سنة 2015 يكون قد مضى 51 عاماً على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، حينما كلف مؤتمر القمة العربي أحمد الشقيري كممثل عن فلسطين بتاريخ 2 حزيران من عام 1964 لرئاسة المنظمة( )، وحتى اللحظة مازال النقاش يدور حول القدرة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني كافةً في جميع أماكن تواجده؟.

وبغض النظر عن الأرضية السياسية التي أسست عليها المنظمة في تلك المرحلة من حيث امكانية الاحتواء والاستيعاب للفلسطينيين ولقضيتهم وردود الفعل عليها بين مؤيد او معارض( )، إلا أن سؤال التمثيل ضرورة أساسية تستدعيها نقاط: أولاً؛ حالة التهميش التي تعرضت لها المنظمة والمؤسسات المنبثقة عنها، وحالة التراجع فيها( )، وثانياً؛ خضوعها للموازين الاقليمية للدول العربية سابقاً وحالياً، إلى جانب خضوع المنظمة ومؤسساتها للسلطة الوطنية، وتهميش المجلس الوطني واللجنة التنفيذية( )، ثالثاً؛ بروز قوى سياسية اسلامية ممثلة بـ حركة المقاومة الاسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، نظراً لتأسيسهن بعد قيام المنظمة، رابعاً؛ القدرة التمثيلية التي كانت تشكلها المنظمة منذ بدايتها، من حيث تمثيل حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير والاستقلال، واهمها حق اللاجئين في العودة لديارهم والدفاع عنهم في كافة أماكنهم، خامساً؛ وأخيراً، فشل الاتفاقيات السياسية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي في استرجاع الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني.

منذ بداية الحركة الوطنية الفلسطينية شكل اللاجئون القاعدة الجماهيرية التي اعتمدت عليها الكيانات والمؤسسات السياسية والفصائل السياسية ومنظمة التحرير، وتقدمت المخيمات باعتبارها المعني الأول في الانضمام إلى معركة التحرير الفلسطيني في سبيل تجسيد حق العودة لهم، كانوا في داخل فلسطين التاريخية أو في خارجه في مخيمات دول الشتات، وخصوصاً الأخيرة اعتبرت باكورة العمل المسلح المنظم في الخارج، الذي ساهمت برفد الثورة بالمقاومين وبالحاضنة الاجتماعية.

وحتى نستطيع فهم التمثيل السياسي للاجئين الفلسطينيين في كيانات وتيارات سياسية لا بد من إعادة قراءة وتحليل السياق التاريخي والفكري منذ "النكبة/التطهير العرقي بعام 1948" حين وجد الفلسطيني نفسه دون قيادة سياسية، تزامن ذلك مع اختفاء التعبيرات السياسية للحركة الوطنية التي كانت فاعلة قبل 1948- ما عدا الهيئة الوطنية العربية العليا برئاسة محمد أمين الحسيني التي عارضت تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية حينها( )-، وانتشار أفكار لتيارات فكرية لبنى ومؤسسات ما فوق العربية (اسلامية، وماركسية، وقومية)، مثل ؛ حزب البعث العربي الذي تأسس في 1948، والإخوان المسلمين سنة 1928، وعصبة والتحرر والشيوعيين في الخمسينيات والستينيات الذين قبلوا قرار التقسيم 181، وحركة القوميين العرب في الخمسينيات التي أسست على يد جورج حبش وهو لاجئ من اللد( ) وحكومة فلسطين، هذه التيارات التي كانت تحكم السياق السياسي الفلسطينيين، وعملوا جميعاً على مقاومة مشاريع التوطين في العالم العربي والحفاظ على الجنسية الفلسطينية( )، والعمل على اقامة صلات مع مخيمات اللاجئين، وشكل شعار الوحدة طريق التحرير شعار تلك المرحلة.

مرواً بدور اللاجئين والتفاتهم لقضيتهم، فقد عقد مؤتمر في عام 1950 في قطاع غزة تمخض عنه تأسيس "اللجنة التنفيذية لمؤتمر اللاجئين"، ويعد أول تنظيم شعبي يطالب بحق العودة، وتم تغذيته فيما بعد بعناصر فدائية بعد ثورة يوليو 1952 وتعيين أحد الضباط المصرين لتدريب كتيبة رسمية تحت مسمى "كتيبة اللاجئين للأعمال الفدائية"، وبادرت مجموعات في الضفة الغربية برام الله بتاريخ 17/3/1949، واخرى باسم لجنة مهجري اللد، واخرى باسم اللجنة العامة للاجئ حيفا والجليل، ولاجئي قرى القدس، وبينما كانت الجهود مثمرة بغزة تمثلت بإنشاء المجلس التشريعي في الستينيات، فقد فشلت جميع الجهود اللاجئين في الضفة الغربية( )، الذي يعزوه البعض إلى إجراءات الضم الأردنية في الضفة الغربية والسياسات التي اتبعت بحق الفلسطينيين، واستجابة الكثير من الوطنيين والمواطنين لسياسة الضم تلك والخضوع للحكومة الأردنية( ).

وكما سبقت الاشارة أن تبلور كيانية وطنية في غزة له الاسباب التاريخية ومنها احتلال قطاع غزة في عام 1956 ومن ثم الانسحاب منه بعد عام، الى جانب دعم الحكومة المصرية ساعدت على بلورة كيانية وطنية في قطاع غزة اكثر فاعلية منها في الضفة الغربية، ومن تلك التحفيزات بلورة فكرة حركة فتح في قطاع غزة، كان على معظمها على أيدي اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا إلى قطاع غزة في بداية الخمسينيات، ولاحقاً تم تأسيسها في الكويت بتاريخ 10/10/1957، التي فضلت العمل من الخارج واتكأت على مخيمات اللاجئين في سوريا والأردن وغزة ومصر...الخ( )، ووصفت باعتبارها مجموعة لاجئين تعمل خارج فلسطين، ولعب وجودهم في الخليج دوراً مهماً للحصول على المصادر المالية من تلك الدول.

بتاريخ 13-16 كانون الثاني لعام 1964 انعقد مؤتمر القمة العربي الأول، وأوكل أحمد الشقيري بمهمة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، انعقد المؤتمر في القدس بتاريخ 28 أيار 1994 برعاية ملك الأردن حسين وأعلن عن تأسيسها في الثاني من حزيران سنة 1964، ويؤكد بعض المراقبين أن 60% من المجلس الوطني يجب أن يكون من الأردن كجهة متحكمة في المجلس الوطني، يدعم هذا الرأي من خلال تصريح أحمد الشقيري في الجلسة الأولى للمجلس الوطني الذي أكد "ان انبثاق الكيان الفلسطيني في مدينة القدس لا يهدف إلى سلخ الضفة الغربية عن المملكة الأردنية الهاشمية، ولا قطاع غزة، ولا منطقة الحمة عن سوريا" وتم حينها اقرار الميثاق القومي( )، مع تأكيد المملكة الأردنية على أن عملية ضم الضفة الغربية لن يؤثر سلباً على الفلسطينيين ولا حقوقه التي ستبقى مصانة( ).

كان الشاغل الاساسي للدول العربية كان هو توفير الحماية والعيش الكريم للاجئين في دول الطوق(سوريا، ولبنان والأردن)، وقررت الجامعة العربية بعدم جواز ازدواجية الجنسية للحفاظ على الهوية الفلسطينية( )، رغم التباينات الحقوقية والانسانية والاقتصادية لهم في تلك البلدان، إلا ان الهم الاساسي لتلك الدول والمنظمات السياسية الفلسطينية هو عودتهم إلى وطنهم الأصلي، وهذا ما عبر عنه الشقيري بتاريخ 1/11/1963 في خطابة امام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة، الذي أكد فيها أن قضية اللاجئين هي قضية حق واستعمار صهيوني ومسألة سياسية ووطنية وليست مسألة انسانية تختزل في "أكل فتات الخبز"( )، على الرغم من الدول العربية وجامعة الدول العربية انصرفت بعد "حرب النكسة عام 1967" عن فكرة تحرير فلسطين، واتجهت نحو رعاية اللاجئين المقيمين على أراضيها، والحرص على عدم تأثير تواجدهم على الأمن الوطني.

وفي عام 1952 تم تشكيل لجنة من قبل جامعة الدول العربية تحت مسمى لجنة فلسطين الدائمة لمناقشة اوضاع اللاجئين واحتياجاتهم وظروف السفر والجنسية والجوانب الحقوقية، وفي 1964 تم تشكيل لجنة تحت مسمى "مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية"، وتم تعزيز اللجنة من خلال بروتوكول الدار البيضاء في 1965 حول اصدار وثيقة السفر وحرية العمل والتنقل وحسن المعاملة( )، لم تفضي تلك القرارات واللجان إلى تحسن جوهري لأوضاع اللاجئين في المخيمات في دول الشتات، بل قامت بعض الدول منها لبنان بعدم تنفيذ بروتوكول الدار البيضاء، وتباينت ظروفهم ومشاكلهم حسب الدول المضيفة( ).

بعد "حرب 1967" واستلاب ما تبقى من فلسطين التاريخية، وما تمخض عنها من هزيمة الجيوش العربية، وسيطرة حركة فتح على المنظمة بعام 1969 بعدما استقال الشقيري في عام 67، لقد كان الهدف الرئيسي والأهم هو انشاء منظمة مستقلة عمادها استعادة حقوق اللاجئين الفلسطينيين( )، واعتماد الكفاح المسلح كأداة رئيسية في التحرير، وانبثاق فصائل سياسية عسكرية فلسطينية مثل الجبهة الشعبية والديموقراطية...الخ( )، مما أدى إلى سيطرة المنظمات الفدائية على المنظمة، وتم ادخال تعديلات على الميثاق القومي ليصبح الميثاق الوطني، الذي تم فيه التشديد على أن فلسطين "وطن الشعب العربي الفلسطيني... وهو صاحب الحق الأول والأصيل في تحرير واسترداد وطن"( )، وبهذا يكون انزياح في أولوية العمل، واصبح التركيز على البعد الوطني لا القومي.

في خطاب ياسر عرفات الشهير أمام هيئة الامم المتحدة بتشرين الثاني 1974 ، تم اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وخطاب حال الفلسطينيين في هيئة الأمم، التي توجت بإصدار قرارين (3236) والذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني وممارسة حق تقرير المصير وحق العودة دون تدخل والاستقلال والسيادة، والثاني قرار(3237) المفضي بمنح منظمة التحرير صفة المراقب( )، تزامن ذلك مع تبني منظمة التحرير الفلسطينية "البرنامج السياسي المرحلة" أو ما يعرف بالنقاط العشرة، مع التشديد على اقامة دولة على الأرض التي تندحر منها الاحتلال، ورفض قرار الامم المتحدة 242، وعدم التصالح( )، ويعزى سبب هذا التحول عن عدم ثقة منظمة التحرير الفلسطينية بالأنظمة العربية من حيث قدرتها على تحرير فلسطين، وبنفس الوقت أيضاً رداً على اوضاع اللاجئين الاقتصادي والاجتماعي القاسي في مخيمات اللجوء.

ولأسباب عدة؛ تآكلت مواقف منظمة التحرير الفلسطينية؛ منذ بداية الخروج من الأردن بعد أيلول 1970، حين اختارت المنظمات الفدائية الأردن كأطول امتداد جغرافي مع حدود فلسطين المحتلة وفشلت مما ادى إلى اصطدامها مع النظام الأردني وخروجها من الأردن، تلاه بعد عقد اجتياح لبنان وخروج المنظمة والفصائل العسكرية منها، قاد في النهاية إلى تغيير جوهري في خطاب منظمة التحرير، وعلى وجه التحديد حركة فتح من حيث فصل تحرير فلسطين عن حق العودة، والقبول بإقامة الدولة على مناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، والمطالبة بحق العودة بصورة منفصلة للعودة إلى قراهم ومدنهم في فلسطين المحتلة عام 1948 بغض النظر عن السيادة القائمة هناك؟.

نتيجة لما سبق شهدت منظمة التحرير الفلسطينية بفصائلها انقسامات داخلية حول البرنامج المرحلي ولم يعد الخطاب السياسي ولا الممارسة يمثل طموح كافة الشرائح الفلسطينية ولا فصائلها وتم تشكيل جبهة الرفض (الجبهتين الشعبية والديموقراطية)، ومن هنا؛ فقدت قدرتها التمثيلية وتراجع نفوذها في المخيمات إثر الخروج من بيروت بعام 1982 واقتراف مذابح في مخيمات لبنان، وبابتعادها عن القاعدة الشعبية فيها التي تأخذ شرعيتها منها، وأهم جانب حصول انشقاق داخل حركة فتح في 1983( )، ولم يستطع المجلس الوطني التوحد إلا في 1987، وتوج هذا الاتفاق من أجل خلق صيغة بين منظمة الجبهة الشعبية والديمقراطية وحركة فتح للبرنامج المحلي في وثيقة الاستقلال عام 1988، والذي تم التأكيد فيه على قرارات الأمم المتحدة أهمها 181 قرار التقسيم، و 194 حق العودة والتعويض، والتركيز على حقوق اللاجئين في العيش بمستوى انساني، باعتبار ان المخيمات عنوان القضية والنضال، ومن حقها التنمية والتطوير ليليق بالبشر حتى عودتهم( ).على الرغم من أن قيادة منظمة التحرير لم تكن على علم –أو على الأقل- بأوضاع لاجئي المخيمات في الداخل الفلسطيني.

ساعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في كانون الأول لعام 1987 في فلسطين التاريخية في تقوية وتدعيم مكانة منظمة التحرير، واعادة صورتها الاعتبارية، والاهم من كل ذلك انتقال مركز الثقل السياسي ودور القاعدة الجماهيرية إلى الداخل الفلسطيني( )، بطابع المقاومة الشعبية بعدما سيطر في الخارج الطابع العسكري، وانتظمت المقاومة الشعبية في اطار القيادة الوطنية الموحدة-(المكونة من حركة فتح والجبهتين الشعبية والديموقراطية والحزب الشيوعي- حالياً حزب الشعب)- في توجيه الحراك العفوي للجماهير عبر بيانات وتشكيل اللجان الشعبية في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، شكلت الأخيرة الحاضنة الثورية والاجتماعية لانتفاضة الحجارة، وبدأت المنظمات الفلسطينية بتنظيم وتعبئة التجمعات الفلسطينية من خلال انشاء لجان شعبية ولجان مرأة ولجان الشبيبة والعمال والطلاب والمهنيين.

تعد تلك المرحلة من أهم مراحل الشعب الفلسطيني من حيث التعدد الفصائلي والأيدلوجي والنشاطات، وقدرة تلك المؤسسات على تمثيل الشرائح الاجتماعية التي تنتمي اليها، وتقوم على سد احتياجاتها الاساسية؛ التعليمية والاقتصادية والسياسية والثقافية- في تعبئة شاملة لكافة الشرائح العمرية سياسياً ووطنياً، وخلق اقتصاد بديل مقاوم، وتم رفد التجمعات الفلسطينية بالدعم المادي والمعنوي والاقتصادي، ليشمل امكانية الصمود والتحدي، شكلت المخيمات الفلسطينية في الداخل بؤر ثورية وتعبوية ساهمت في قيادة الانتفاضة الشعبية، وتمثل البرنامج النضالي آنذاك في العصيان المدني بعدم دفع الضرائب لحكومة الاحتلال كما حدث في مدينة بيت ساحور، وعدم دفع فواتير الكهرباء والماء في المخيمات الفلسطيني بقرار من القيادة الوطنية الموحد، كشكل احتجاجي على المستعمر، إلى جانب المهرجانات والبيانات التحريضية والمظاهرات وضرب الحجار والمولوتوف كأشكال شعبية في الاحتجاج والصمود.

عبرت المخيمات عن ذاتها، لأنها أصبحت تحتل المراكز القيادية في فصائل المنظمة، وفي حالة الاحتجاج في الممارسة السياسية في أعلى درجات التمثيل الشعبي لها لا المستوى السياسي فحسب، وبدأت بالالتفات إلى احتياجات المخيمات الصحية والتعليمية والاقتصادية التي همشت على مدار سنوات الصراع، وتنافست التنظيمات والمركز المجتمعية على تقديم خدمات وسد احتياجات المخيم، وتحسين بنيته التحتية والاساسية.

شكل التحالف المجتمعي مع الفصائل السياسية كجبهة عريضة، حين قاموا برفد حركة التحرير الوطنية بشريحة من المناضلين والمثقفين( )،ساهمت فيه المخيمات برسم السياسات والبرامج الكفيلة باستثمار مصادر القوة وبتحديد الأولويات الوطنية التي تلامس واقعهم وسقفهم السياسي، ولم يتخل اللاجئون في الضفة وغزة عن حق العودة، او لم يتم رفعه باعتباره شعار مرحلة-وهذا شأن اللاجئين جميعاً في الخارج-، لأن السياق استدعى مشاركة الجميع في تعزيز الصمود ورفض مشاريع التوطين، والاصرار على انهم جزء اصيل من الشعب الفلسطيني تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني( ).

استمر هذا الحال حتى أواخر عام 1991 لحرب الخليج الأولى، وفقدان المنظمة المصادر المالية نتيجة موقفها تجاه احتلال الكويت من قبل العراق، وضعفها السياسي الناجم أيضاً عن انهيار الاتحاد السوفييتي الحليف والمساند الاستراتيجي لمنظمة التحرير( )، والتغيرات الجوهرية، نتيجة تبلور ومشاركة قوة سياسية جدية على الساحة الفلسطينية ممثلة بحركتي حماس والجهاد الاسلامي، والأهم من كل ذلك الاتفاقيات السياسية التي تم ابرامها ما بين منظمة التحرير والاستعمار الاسرائيلي، جميع ما سبق أثر على شرعية وقوة منظمة التحرير.

تزامن مع بداية الانتفاضة الشعبية عام 1987 ولادة حركة المقاومة الاسلامية "حماس"- سبقتها في عام 1982 حركة الجهاد- شكل حضور الحركة بداية بروز قوة اسلامية سياسية لها انشطة سياسية وعسكرية، وغير ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، وتوجهات دينة خلافاً للفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير العلمانية، وساهمت الحركة في أنشطة الانتفاضة وتعرضت للكثير من الضربات العسكرية من قبل الاحتلال كما هو حال فصائل العمل الوطني، وبدأت بتشكيل الروافد المؤسساتية والمجتمعية من تلك الفترة، وصولاً الى شعار "تمثيل الشارع الفلسطيني" بعدما استطاعت حركة حماس الفوز بالأغلبية في مقاعد المجلس التشريعي بانتخابات عام 2006، في مقابل شعار "تمثيل الشرعية الوطنية" الذي تتبناه حركة فتح، والذي مهد إلى غياب التعددية واحترام الآخر حالة الانقسام التي حدثت بعام 2007 حتى ايامنا هذه.

الهزة الكبيرة التي أثرت على منظمة التحرير ومدى تمثيلها للشارع الفلسطيني والمشهد السياسي، كانت اتفاقية أوسلو التي أبرمت ما بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال بتاريخ 13/9/1993، الأمر الذي أدى إلى تصدع الشرعية الفلسطينية داخل فصائل المعارضة اليسارية "الجبهتين الشعبية والديموقراطية" والفصائل المعارضة الاسلامية حركتي حماس والجهاد من جهة، وحركة فتح المؤيدة للاتفاق، وانقسم الشارع الفلسطيني ما بين مؤيد ومعارض للاتفاقية، منذ ذلك الحين حتى اللحظة هنالك وجهات نظر حول كون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد، انطلاقاً من برنامجها السياسي والمرحلي، وحالة الفساد، وعدم انضواء الحركات الاسلامية تحت مظلتها.

الموقف من أوسلو وعلاقته بموضوعة اللاجئين، هو تغاضيه الواضح عن قرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة، والاكتفاء بقراري مجلس الأمن 242 و338( )، المفضي الى الأرض مقابل السلام، وخط التهدئة، وتسوية قضية حق العودة بصورة عادلة، هذه الاتفاقية اعترفت بوجود إسرائيل، في حين تأجيل/ترحيل القضايا الحساسة بما فيها قضية اللاجئين إلى التسوية النهائية كما هو موضح في الاتفاقية "إن المفاوضات النهائية سوف تغطي القضايا المتبقية بما فيها القدس، اللاجئين، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع الجيران، ومسائل أخرى ذات اهتمام مشترك" وبهذا تحولت قضية اللاجئين من حق طبيعي وتاريخي إلى قضية تخضع للتفاوض والمساومات السياسية( )، حيث أبدت فصائل المعارضة السياسية اليسارية رفضها للاتفاقية بشكل عام، وبخصوص حقوق اللاجئين كما نصت عليه الاتفاقية، إلى جانب وجود حراك شعبي من اللاجئين الفلسطيني ومؤسسات حقوقية أبدوا تخوفهم من المساومة على حقوق اللاجئين، وقد عبروا عن موقفهم الرافض من خلال المؤتمرات والتصريحات الداعية إلى التمسك بحق العودة، غير ان هذه التجمعات لم تفضي إلى التحول لجسم سياسي/ اجتماعي يحمل على كاهله أعباء الحفاظ على حقوق اللاجئين.

أنشأت منظمة التحرير في منتصف الثمانينيات دائرة تحت مسمى "العائدون" وتحول اسمها فيما بعد إلى دائرة اللاجئين، عين أول رئيس لهذه اللجنة أبو ماهر(احمد اليماني) ثم ابو علي مصطفى( )، ولكن سرعان ما تم تهميش اللجنة بعد اتفاقية اوسلو ولم يكن لها دوراً محوريا في المفاوضات باعتبارها تمثل جوهر الصراع، وفيما بعد تم تعيين أسعد عبد الرحمن رئيساً عليها ولكنه سرعان ما استقال اثناء مفاوضات كامب ديفيد، لأنه لم يتم تمثيل اللجنة كما يجب.

ومع التعديلات التي أقرت على الميثاق الوطني الفلسطيني بتاريخ 22-25 نيسان 1996 استناداً على اعلان وثيقة الاستقلال؟ إلى جانب الغاء المواد التي تتبنى نهج المقاومة والعنف السياسي من بنوده، والتي تتناقض مع اتفاقية أوسلو( )، بدى للجميع تحولات جوهرية في خطاب منظمة التحرير وخضوعها شيئاً فشيئاً للسلطة الفلسطينية، وتم العمل على تعزيز دور السلطة على حساب منظمة التحرير وتجميد كافة مؤسسات منظمة التحرير في الخارج وبالداخل لصالح هيمنة الخط السياسي للسلطة.
وفي سياق توثيق نسبة تمثيل اللاجئين في المؤسسات الرسمية لمنظمة التحرير والمجلس التشريعي، نورد هنا بعض النسب؛ سجل ما نسبته 53% من اللاجئين في المجلس المركز لمنظمة التحرير عام 1991، لتنخفض إلى 47% عام 1996 اغلبيتهم محسوبين على حركة فتح، و34% من اعضاء المجلس التشريعي، لترتفع مجدداً في انتخابات المجلس عام 2006 إلى 52.3% اغلبيتهم محسوبين على حركة حماس، وبلغت نسبة اللاجئين 32.9% من اعضاء المجالس الوزارية العشرة، ما يقابله 28 وزير من اصل 85، وزير لاجئ واحد فقط يقطن المخيم( ).

وبالتالي نحن أمام اعضاء مجلس وطني وتشريعي ووزراء من أصول لاجئة أكثر منه أمام وزراء لاجئين يقطنون في المخيم ويعبرون عن احتياجاتهم ومتطلباتهم وتمثيلهم كما يجب في تلك الجهات، فالتمثيل هنا شكلياً لا يعكس مضمون حضورهم وتأثيرهم على صنع القرار بخصوص قضيتهم، بقد ما هو خضوعهم للبرامج السياسية للأحزاب التي ينتمون اليها.



#بلال_عوض_سلامة (هاشتاغ)       Bilal_Awad_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب التحرير الاسلامي- فلسطين: من مرحلة الوعي السياسي إلى الم ...
- سوسيولوجيا الكتابة بالحمام: تحليل مضمون كتابة ورسومات المراه ...
- فلسطين: كلمات موجعة وكتابتها مؤلمة... بلد الالتباسات
- الفاعل الاجتماعي( 1) : رؤية نقدية على ضوء تحديات المشهد الفل ...
- فشة خلق تعبوية بفلسطين الهوية والمنهاج
- شذرات سريعة في المخيم والقدس والقهر
- وسائط الاتصال/الاعلام وثقافة المقاومة الفلسطينية: من حرب الع ...
- فلسطين: يوجد مقاومة ولكن ليس هنالك انتفاضة ؟ من يقرر ذلك؟
- سلطة القمع والخضوع والتمرد ما بين سلطة أوسلو وقهر الاستعمار؛ ...
- أن تعمل في بيئة غير قابلة للعمل: نحو تأصيل مفهوم وممارسة الع ...
- استطلاع رأي بمناسبة الاحتفالية ب 40 سنة لتأسيس جامعة بيت لحم
- الحركة الطلابية الفلسطينية ما بين الواقع والامكان *
- الثقافة المدنية: حصار الثقافة وغياب المدينة في فلسطين
- الحركة الطلابية في بيت لحم
- تحليل نقدي للمجتمع الفلسطيني: البنية الثقافية والمجتمع المدن ...
- مكونات وعناصر المجتمع المدني في الخليل (فلسطين)
- الخطاب السياسي لدى الطفل الفلسطيني: أطفال مخيم الدهيشة بين ر ...
- ثقافة المدن، مرآتها سكانها: دراسة مقارنة ما بين الخليل وبيت ...
- المرأة والمشاركة السياسية
- محاولة بحثية لموقع ومكانة المرأة في المؤسسات الاسلامية في فل ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بلال عوض سلامة - اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي