أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بلال عوض سلامة - الشباب الفلسطيني اللاجئ؛ بين مأزق الوعي/ والمشروع الوطني وانعدام الثقة وغياب التمثيل















المزيد.....



الشباب الفلسطيني اللاجئ؛ بين مأزق الوعي/ والمشروع الوطني وانعدام الثقة وغياب التمثيل


بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي

(Bilal Awad Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 28 - 13:57
المحور: القضية الفلسطينية
    


الشباب الفلسطيني اللاجئ؛
بين مأزق الوعي والمشروع الوطني وانعدام الثقة وغياب التمثيل

محاضر في دائرة العلوم الاجتماعية، جامعة بيت لحم
الملخص
هدف البحث الحالي إلى تحليل تراجع الفعالية المجتمعية للشباب الفلسطيني والأسباب الكامنة وراءها، ضمن تفكيك سياق المأزق البنيوي لثلاثية الوعي/الادراك/ المشروع الوطني في المشهد الفلسطيني، والعمل على استيضاح أزمة الثقة بالمؤسسات الوطنية وغياب حالة التمثيل الاجتماعي والاقتصادي، وحتى تحقق الورقة البحثية أهدافها يتم الاتكاء على المنهج التحليلي (الكمي والكيفي)، وتم استقصاء المعلومات من خلال بالمقابلة المقننة واستبانة البحث والمعدة لهذا الغرض، وتكون مجتمع البحث الحالي من الشباب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة الواقعة أعمارهم بين (18- 30) سنة، وقام الباحث باختيار عينة عشوائية حجمها (198) شاب وشابة، توزعوا ديموغرافياً بواقع (65) مقابلة في الضفة الغربية في مقابل (133) في قطاع غزة، موزعين حسب الجنس بنسبة (48.5%) للذكور في مقابل (51.5%) للإناث. وتصلت الورقة الى الاسباب المؤدية لمأزق الوعي/ المشروع الوطني وغيابه في خطاب وممارسات الاحزاب السياسية في المشهد الفلسطيني، الذي عمل على تفتيت الوعي الوطني ومشروعه، وحصره في وعي ومشاريع فردية للشباب، مما دفع الشباب إلى الانسحاب من المشهد، وتعطيل فعالياته المجتمعية بشقيها السياسي والاجتماعي، ورى أغلبية عينة البحث إلى اهمية وجود حركة سياسية تقوم على تمثيل الشباب اللاجئ في المخيمات الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة من حيث الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والسياسية.

لماذا الشباب؟
تعد شريحة الشباب - كمكون اجتماعي وديموغرافي- أساسية من المجتمع الفلسطيني، فيقدر عدد الأفراد البالغ اعمارهم بين(15-29 سنة) بـ (1.404) مليون شاب وشابة، منهم (716) ألف ذكر مقابل (688) ألف أنثى، ويشكلون ما نسبته (30%) من المجتمع الفلسطيني( )، وبغض النظر عن حالة الاختلاف والجدل الدائرة حول المفهوم ومحدداته، وحدود العمر في تناولها لموضوعة الشباب( )، إلا اننا نتعامل مع هذه المرحلة باعتبارها عتبة الدخول إلى الحياة العامة في المجتمع( )، والقدرة على صناعة الحدث والمصير من خلال التأثير في الفضاء الاجتماعي الذي يحيط بهم وبالمجتمع ضمن الأدوار التي يقومون بها.
فمن المفترض أن تمنح الأهمية لهذه الشريحة نظراً للأدوار التي من الممكن القيام بها في المجال العام؛ من حيث الأبعاد التنموية والاقتصادية، والفعالية المجتمعية والثقافية والتعليمية، وتعود فعالية الشباب المجتمعية وقدرته على صياغة المشهد إلى طبيعة التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية في تلك المجتمعات، فهي –أي المجتمعات- التي تقدمه باعتباره لاعباً ومساهماً أساسياً في صياغة المكون الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمعات التي ينتمي اليها الشباب، أو هي التي تقوم على قمعه ومحاصرته وهدر وجوده وطاقاته ووعيه( ).
وتعد شريحة الشباب من أكثر الشرائح حساسية لبنية المجتمع وأزماته، وبنفس الوقت الأكثر تفاعلاً مع الأحداث والتحديات المفروضة داخلياً أو خارجياً، على اعتبار أنها تمثل القوة والحيوية والطاقة والانتاج والدافعية في المجتمعات، ولهذا لا نستغرب أن الأحزاب/الدول بمرجعياتها الايدلوجية المختلفة عملوا على استقطاب/احتواء/استثمار أو حتى مراقبة وقمع هذه الشريحة، نظراً لإمكانياتها وطاقتها وقدرتها على صياغة المشهد والمصير.
فعلى الصعيد الفلسطيني، ساهم الشباب بدور أساسي وحيوي في رفد حركة التحرر الوطني، واستطاع أن يساهم بدور بارز ومؤثر من خلال دوره القيادي والريادي، ابتداءً من البندقية إلى القلم، وشكل انخراطه في العمل النضالي جزء أساسياً من تدعيم هويته وانتماءه ومكانته الوطنية والمجتمعية على حد سواء، وشكل حضور الشباب الفاعل في استبدال المرجعيات الجهوية والتقليدية الهرمة بمرجعيات شبابية استدعتها شروط ومستلزمات العمل التحرري، وساهم الشباب من خلال المؤسسات الوطنية والحزبية في صياغة وعي وطني شكل مناعة مجتمعية صلبة أمام سياسات أجهزة القمع للاستعمار الصهيوني، هذه المكانة والدور والفعالية اختبرت حالة من الحضور اللافت للشباب الفلسطيني في الفضاءات الاجتصاسية( )، ولكنها بدأت بالانحسار والضمور شيئاً فشيئاً بعد توقيع اتفاقية أوسلو في أيلول 1993 بين منظمة التحرير الفلسطيني وكيان الاستعمار الصهيوني.
حالة الانزياح السياسي تلك، نقلت المجتمع الفلسطيني بمكوناته المختلفة، وخطابه، والوعي/المشروع الوطني، والممارسات المجتمعية إلى مرحلة جديدة بعد اتفاقية أوسلو بمتطلبات واولويات مختلفة تماماً، على اعتبار أن مرحلة التحرر بمفاعيلها وأدواتها وطرق التعبير عنها قد "انتهت"، وقد تم التوهم بالمضي في مرحلة بناء السلطة/الدولة بأجهزتها ومؤسساتها وترسيخها حتى باتت جزء من البنية الاجتصاسية، هذه النقلة غير المستوفية شروطها التاريخية وأهمها؛ التخلص من الاستعمار الصهيوني، خلقت حالة من القطيعة التدريجية مع المشروع/الوعي الوطني الفلسطيني وهو تحرير فلسطين التاريخية، وانشغل الفلسطيني بتأمين متطلبات العيش الأساسية.
بعد انتفاضة الأقصى وبالتحديد عام 2006 بدأت تتمظهر أزمات مجتمعية نتيجة السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تبنتها السلطة الفلسطينية واستفحال الفساد السياسي والمالي والاداري ببنية مترهلة للمؤسسة القانونية، وظهور مشكلات اجتماعية ناجمة عن الفقر والعوز والبطالة أثر على كافة التجمعات السكانية الفلسطينية، ولكن كان أثرها أكثر وضوحاً في المخيمات الفلسطينية، التي تم تهميشها واقصائها عن صياغة المشهد/المصير الفلسطيني، الذي لم يكن بالإمكان لولا تهافت واضمحلال المشروع الوطني، نتيجة لمأزق الفكر السياسي الفلسطيني الذي وصل إليه( )، والذي قاد إلى الانقسام/الانقلاب السياسي عام 2007 بين حركتي حماس التي سيطرت على قطاع غزة، بمقابل سيطرة حركة فتح على الضفة الغربية.
وعلى اعتبار أن الشباب الفلسطيني الشريحة الأكثر حساسية للأزمات الاجتصاسية فقد استهدفت من حيث الاستيعاب أو الاحتواء والاستقطاب الحاد لتمثلات الفكر السياسي الفصائلي وإرهاصاته أو حتى للملاحقة الأمنية والقمع في أحيان أخرى، ولم تكن شريحة الشباب الفلسطيني بعيدة عن التجاذبات السياسية، بل كانت مستهدفة من أجل تطويها أو حشدها بل وقمعها وإلهائها أن استدعت الحاجة الأمنية كما هو حال الانظمة الاستبدادية، في ظل فتور وتراجع قيم التعددية الوطنية والفكرية والثقافية وتضييق هامش الحريات في الشارع الفلسطيني.

المنطلق المنهجي وأدواته لهذه الورقة:
تدرك الورقة الحالية أن الشباب الفلسطيني ليسوا شريحة واحدة متماثلة، كما هو حال التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الفلسطيني، فلكل فئة داخل هذه التشكيلة احتياجاتها وهمومها وأدوارها وأجسادها التمثيلة التي تختلف بالضرورة عن الفئات الأخريات، وعلى الرغم من إدراكنا لذلك، ولدواعي منهجية ومعرفية ووطنية فإننا نتعامل مع الشباب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهم شريحة اجتماعية متجانسة من حيث الحقوق الوطنية والاجتماعية، نظراً لما تمثله حقوقهم واحتياجاتهم ومكانتهم كجزء ومكون أصيل من الهوية الفلسطينية والمشروع الوطني التحرري، فتحاول الورقة الحالية التعرف على مدى الفعالية المجتمعية للشباب الفلسطيني وأسباب تراجعها، واستيضاح أزمة الثقة بالمؤسسات الوطنية وغياب حالة التمثيل الاجتماعي والاقتصادي، وسيتم الاتكاء على المنهج التحليلي الكمي والكيفي، وتم استقصاء المعلومات من خلال بالمقابلة المقننة.
وعليه، تكون مجتمع البحث الحالي من الشباب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة الواقعة أعمارهم بين (18- 30) سنة، وقام الباحث باختيار عينة عشوائية حجمها (198) شاب وشابة، توزعوا ديموغرافياً بواقع (65) مقابلة في الضفة الغربية في مقابل (133) في قطاع غزة، موزعين حسب الجنس بنسبة (48.5%) للذكور في مقابل (51.5%) للإناث.



توجه المقالة الفكري:
تنطلق المقالة الحالية من مقولة نظرية مفادها أن اضمحلال المشروع الوطني وعطبه الثقافي والاجتماعي والسياسي ووقوعه في مأزق وطني لم يكن بعيداً عن سياسات الاستعمار الصهيوني وضعف الرؤية والاستراتيجية الوطنية لدى السلطة الفلسطينية والأحزاب السياسية، فالمشاريع الوطنية الكبرى تستدعي بالضرورة وعي/ وفكر وطني جمعي يشكل البنية التحتية للمقاومة والصمود ومقاومة التحديات ووضع الحلول المناسبة لها، بأدوات عمل جمعية للشعب الفلسطيني تليق بعدالة قضيته، وبانحلال الرؤية الوطنية الشاملة نمت وتوسعت فصلنة الرؤية الحزبية الضيقة للقضية الفلسطينية "من الفصيل السياسي"، وتفتيته يقضي على وجود مرجعية وطنية، ولهذا لا نستغرب غلبة العمل الفردي على الجماعي في انتفاضة القدس عام 2015 حتى اللحظة. وحتى يتم تسيير وتوضيح اطروحتنا سنقوم باستعراضها من خلال ثلاثة مداخل، سيقوم المدخل الأول بتوضيح جوانب أزمة الوعي/ الفكر والوطنية وتأثير على الهوية والانتماء للشباب اللاجئ، والمدخل الثاني سنقوم باستعراض اسباب الانفصال عن العمل الاجتماعي والسياسي للشباب واهم مظاهره، في حين سيتناول المدخل الأخير، والثالث؛ أزمة الثقة بالمؤسسات السياسية وغير الرسمية وغياب حال التمثيل للشباب الفلسطيني اللاجئ في الضفة الغربية وقطاع غزة.

المدخل الأول؛ مأزق الفكر/الوعي/ المشروع الوطني وتراجع الفعالية المجتمعية للشباب
يقوم المدخل الأول على تفكيك وتوضيح مأزق القضية الفلسطينية بثلاثية الفكر والوعي والمشروع الوطني على اعتبار أنهم يؤولون إلى نتيجة واحدة وهي المأزق البنيوي الذي تواجهه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، الأمر الذي يعني توالد وانتاج/اعادة انتاج هذه الحالة من خلال الممارسات الفعلية للقوى المجتمعية والسياسية ولشرائح المجتمع الفلسطيني، فبعد أكثر من 50 عام على انطلاق حركة التحرر الوطني الفلسطيني لم تعد الشعارات الناظمة للمشروع التحرري لفصائل العمل الوطني من : " التحرر، الوطن والعودة والمقاومة بكافة اشكالها" الناظم الاساسي للرؤية/الممارسة السياسية الحالية للقوى السياسية أو للسلطة الفلسطينية، بعدما تضخمت الأخيرة على حساب منظمة التحرير الفلسطينية وتآكل انجازاتها من حيث تمثيل الكل الفلسطيني في الداخل والخارج( ).
فيعد مفهوم المأزق( ) الأكثر قدرة على تشخيص الحالة الفلسطينية بدل من المفاهيم الأخرى مثل: أزمة أو وهن أو إشكالية، لما يعنيه المفهوم من حالة الانسداد والعطب الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، والذي لا يقبل الحل أو التصويب أو حتى الاحتواء إلا بالخروج النهائي عن المسار الذي أوصلنا إلى حالة من الاحباط والنفور واللامبالاة واللايقين لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني وأهمها شريحة الشباب الفلسطيني.
شكل شعار "الوطن والتحرير والعودة والبندقية" الثوابت الأساسية التي انطلقت وتأسست عليه فصائل العمل الوطني سابقاً ولاحقاً لها فصائل العمل الاسلامي، واستلت شرعية الفصيل والحركة بمدى اقترابهما أو ابتعادهما عن تلك الشعارات والرموز، وشكل الشباب الفلسطيني واللاجئين في المخيمات الفلسطينية (في الداخل أو بالخارج) على وجه التحديد الدعامة الأساسية والهدف الرئيسي للمشروع الوطني الفلسطيني وأحد مقوماته ومكوناته، تلك الشعارات مع مرور الوقت تبددت وأصابها الضمور، وبدأت شيئاً فشيئاً تفقد المعنى وتحتفظ بالرمز في غياب الفكر والوعي السياسي الموجه للمشروع الوطني، وقد لا نبالغ إن قلنا أن الشروط التاريخية لاستمرار الشعب الفلسطيني وقياداته في الوجود استند بالأساس على مقاومة المشروع والكيان الاستعماري الصهيونيين على الفطرة، في غياب أو غموض المشروع الوطني وعدم ترجمته الى سياسات واقعية، الذي سرعان ما تعرض لجملة من الأزمات قادت بالمحصلة النهائية إلى مأزقه في الوقت الحالي كنتيجة حاسمة لعدم إشغال العقل والتفكير.
فالفكر الوطني؛ منظومة من الأفكار والآراء العقلانية التي تؤسس رؤية في العمل الوطني الجمعي وتقوده، وبه تحدد الأهداف والبرامج والاستراتيجيات والتكتيكات التي تقود إلى صيانة الإنسان والوطن وتمكينه من واقعه، فلا معنى أو وجود لفكرة الوطن بعيداً عن الإنسان، والفكر الوطني هو نتاج عملية التفكير التي تخدم الغاية الكبرى للمجتمع وهي سيطرة العقل على الوجود الاجتماعي، في سبيل سيطرة الانسان على ذاته وواقعه وصولاً الى صناعة مصيره ووجوده، فالفكر الوطني يعطي حالة من اليقين في القدرة على الفعل والسيطرة على الواقع ومجابهة التحديات.
يساهم في انتاج وتطوير الفكر الوطني جميع النخب والمثقفين وحتى العامة من المواطنين اذا ما كانت البوصلة واضحة، ولكن من يقوم على صياغة وعي المجتمع وثقافته السياسية ورؤيته الوطنية هي النخب السياسية، وفي الحالة الفلسطينية كانت الأحزاب والحركات. والتي برهنت التجربة التاريخية الفلسطينية على حالة من غياب الفكر الوطني الجامع الذي يستوعب الرؤى السياسية للفصائل والحركات الوطنية المختلفة من حيث الايدلوجية والرؤية السياسية للقضية الفلسطينية، وفشلت الأحزاب على مدار خمسة عقود على اقل تقدير من بلورة فكر سياسي أو وطني يدعم الوعي الوطني الذي يلعب بدوره وظيفتان أساسيتان وهما توجيه السلوك الوطني ومراقبته باقترابه أو ابتعاده عن المشروع الوطني.
فسيطرة التقليدي على العمل السياسي الفلسطيني نفى أية امكانية من انتاج فكر حر ووعي وطني يوجه حالة النضال ويبلور رؤيته في شكل النظام الاجتصاسي الذي يريده، "فحق الاختيار هو جوهر السياسة" لا نقيضه كما آلت إليه تجربة الفصائل الفلسطينية، ولهذا استطاعت حركة فتح باعتبارها المتنفذة في منظمة التحرير ومؤسساتها أن تنقل مأزق الفكر والوعي الوطني وترجمته إلى واقع ومأسسته من خلال مشروع السلطة الفلسطينية، بما يعنيه من انتاج مؤسسات عديدة بحيث مكنها من الاستمرار فيها وتطويرها بمعزل عن المسار الوطني وتحولاته، في حين عجز اليسار عن انتاج فكر ووعي وسياسة كبديل يجعل من الهدف والمشروع الوطني جملة من الممارسات اليومية ( )، ولا يختلف الحال لدى حركة حماس والجهاد الاسلامي، وإن اختلف جوهر المشروع حسب توجههم الايدلوجي.
من السهل لمتتبع الفكر/المشروع الوطني الفلسطيني منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة ادراك حجم التغيرات الجوهرية الذي طاله، فمنذ تأسيس منظمة التحرير عام 1964 وصياغة الميثاق الوطني الفلسطيني الذي مثل المشروع الجامع للفصائل الفلسطينية؛ وهو التحرير الشامل لبناء الدولة الديمقراطية على انقاض " اسرائيل" ومشروعها الصهيوني( )، وبعدها تم اقرار "برنامج النقاط العشر" في بداية السبعينيات وتبنيه باعتباره شعار مرحلي عام 1974، من خلال اقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها"( )، في حين رأت فتح أن برنامج العودة والتحرير غير قابل للتنفيذ في تلك الفترة، فتبنت الفصائل الوطنية خيار الدولتين وفقاً للقرارين 242/ و388 عبر اعلان وثيقة الاستقلال عام 1988، وهو الأمر الذي مهد لاتفاقية اوسلو عام 1993، وقدم مشروع وطني يفضي إلى اقامة دولة فلسطينية على المناطق المحتلة عام 1967 بجانب دولة الاستعمار الصهيوني على المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948.
شكلت الاتفاقية ضربة موجعة للمشروع الوطني في عدة جوانب أهمها؛ استثناء قضية اللاجئين من المشروع الوطني، واعادة تعريف الفلسطيني بالمفهوم السياسي والقانوني( ) والجغرافيا الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967 بما يشمل تعريف مفهوم الوطن للفلسطيني، وتراجع منظمة التحرير الفلسطيني عن قدرتها التمثيلية لفلسطيني (الشتات والداخل) واختزالها في مناطق السلطة، الاعتراف بالمنظمة كممثل للفلسطينيين وعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني في مقابل الاعتراف بدولة الاستعمار "الاسرائيلية"، تغيير والغاء الميثاق الوطني الفلسطيني من قبل المجلس الوطني عامي 1996 و1998، وأخيراً بداية الانقسام الفلسطيني بين مؤيد ومعارض للاتفاقية وهو انقسام حول المشروع الوطني.
هذا الانقسام تدحرج وصولاً لتشظي ما تدعى "مناطق 1967" بين سلطتي حركتي فتح وحماس بعد انتخابات عام 2006، ولم يختلف الفلسطينيين قيادة واحزاباً وشعباً فقط حول المشروع الوطني وحدوده، وإنما حول البرامج الوطنية وأدوات تنفيذها إن كان عن طريق المقاومة المسلحة، أو بالتفاوض أو بالمقاومة الشعبية "السلمية"، وعليه فقد تحول المشروع الوطني من التحرر إلى مشروع استقلال، والوطن استبدل بقضية السيادة، والدولة كبديل عن الشعب، والمرحلي إلى استراتيجي، وهيمن الخطاب البلاغي على الفعل الميداني.
وحول الدور القيادي للشباب الفلسطيني فقد كانت منظمة التحرير والفصائل المنضوية تحتها تقاد بشكل مطلق من قبل الشباب الفلسطيني، واللاجئين شكلوا نسبة مهمة من الصفوف القيادية للأحزاب والمؤسسات والقاعدة الشعبية والتنظيمية، وتعد فئة الشباب اللاجئ من أكثر الفئات انخراطاً في قضايا المجتمع والأكثر مساهمة في كافة الأنشطة والفعاليات المجتمعية والسياسية والتنظيمية، وتجلى حضور الشباب الفلسطيني من خلال مساهمتهم الفاعلة في الانتفاضات المتعاقبة، كان أهمها الانتفاضة الشعبية عام 1987، وانتفاضة الاقصى عام 2000، وانتفاضة الشباب عام 2015 والتي صُبغت بلون شبابي بحت بعيداً عن الاحزاب والمؤسسات الرسمية.
إلى جانب الحراكات الشبابية منذ عام 2011 وحتى اللحظة، السياسية منها أو الثقافية أو الوطنية المجتمعية، والتي تحركت لحماية المشروع الوطني وانهاء الانقسام( )، وكان من أهم مطالب الحراك الشبابي؛ المطالبة بانتخاب مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير( )، ورفض الاعتقال السياسي من قبل السلطتين في غزة والضفة، ورفض غلاء الاسعار وفرض الضرائب، وضد المفاوضات والتطبيع( ).
ساهم الشباب الفلسطيني بشكل عام واللاجئون عل وجه الخصوص بدور حيوي من خلال فعاليتهم المجتمعية، وبرز نجمهم في مواقع ريادية أهمها التوعية والتأطير والتشاركية المجتمعية في المجتمع الفلسطيني ومقاومة الاستعمار، وعبروا من خلال انشطتهم ومؤسساتهم النسوية والاندية والحركات الطلابية في المدارس والجامعات في المخيمات والمدن والقرى عن دور توعوي في صون الهوية الوطنية والتعبئة الشاملة الفكرية لمن ينتمي للأحزاب السياسية والمؤسسات المنبثقة عنها، كامتداد فكري وايدلوجي للفكر السياسي للأحزاب والحركات، والذين لم ينتموا من خلال المؤسسات المجتمعية وغير الحكومية، وجد الشاب انفسهم من خلال مشاركتهم وفعاليتهم وعبروا عن انتمائهم وهويتهم، وجددوا اعتزازهم واحسوا بوجودهم الفاعل والمؤثر.
وبما ان الشباب ليسوا معطى بيولوجي وانما اجتماعي وسياسي، فقد تنافست الأحزاب والحركات السياسية على استقطاب أكبر قدر منهم من خلال انضمامهم لتلك الفصائل، وتم تزويدهم عبر المؤسسات المنبثقة عن تلك الفصائل بالفكر/البرنامج/المشروع السياسي وأدلجتهم، هذا الاستقطاب كان جوهره يفتقد للمشروع الوطني الجامع بقدر ما كان أكثر التصاقاً بالمشروع والرؤية الفصائلية الضيقة، هذه التنشئة السياسية والوطنية لتمثلات الفصائل والولاء لها ستقود إلى خلق شق في المجتمع، وبين صفوف الشباب على وجه التحديد باعتبارهم الذراع الاجتماعي لتلك الفصائل، لقد كان ابرزها حالة الاستقطاب الحاد في المجتمع الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس بعد احداث الانقلاب/ الانقسام في الشارع الفلسطيني في عام 2007 حتى اللحظة الراهنة، دفع الشباب الثمن لحالة الاقتتال الفلسطيني وتحملوا نتائج الانقسام أكثر من الشرائح الأخرى في المجتمع الفلسطيني، إلى جانب العبء الأكبر من خلال ملاحقة قوى الاستعمار الصهيوني لهم واستهدافهم وقمعهم ومطاردتهم، فهم يواجهون حالة من التهميش والقمع المزدوج، من قبل البينة الاجتماعية التقليدية للمجتمع الفلسطيني وسياسة السلطتين في الضفة والقطاع، هذا من جانب، وقمع الاستعمار الصهيوني لهم من جهة ثانية.
لقد تبلور الوعي السياسي للشباب الفلسطيني في خضم معركة التحرر( ) والمشاركة فيها بفعالية قصوى على كافة الصعد، وانخرط اللاجئون بقوة في معركة التحرير وكونت هويتهم السياسية والجغرافية رمزية عالية من النضال والثورة واستمدوا برنامجهم ومشروعهم الوطني من قضية اللجوء والمعاناة، واحتلت اللاجئون مركزاً قيادياً في الانتفاضات خصوصاً عام 1987 وعام 2000 و2015، والمسألة بالعكس تماماً، فكلما قلت مشاركتهم وفعاليتهم السياسية والمجتمعية كلما تم تسطيح الوعي والفكر الوطني، فما بالنا غياب المشروع الوطني الموجه والمراقب والمحفز للشباب.
ليست منظومة أوسلو( ) السبب الوحيد في تراجع الفعاليات الوطنية والمشاركة المجتمعية من حيث أن الفعالية الوطنية والسياسية للشباب وحضورهم يعني التصادم مع الاستعمار الصهيوني وهو أمر مناقض بالجوهر للمشروع الذي تتبناه السلطة الفلسطينية، وإنما أيضاً نتيجة مأزق المشروع الفلسطيني، وغياب حالة التوافق الوطني بين الفصائل السياسية الوطنية منها والاسلامية لطبيعة المشروع( )، وتراجع وضعف منظمة التحرير الفلسطينية -بمؤسساتها ولجانها- عن القدرة التمثيلية للشعب الفلسطيني داخليا وخارجياً، وهذا لم يكن بالإمكان لولا حالة الترهل والضعف والوهن الذي أصاب الأحزاب الفلسطينية خصوصاً حركة فتح وقوى اليسار الفلسطيني، وتضخم السلطة الفلسطينية على حساب منظمة التحرير، ومن جانب آخر رفض حركتي حماس والجهاد الاسلامي الانضواء تحتها لعدة اسباب أهمها تناقض المشروع الذي تطرحه الحركيتين مع المشروع الوطني لمنظمة التحرير حايلاً، الأمر الذي أدى إلى تفككك الحقل السياسي الفلسطيني( )، وغياب المرجعية والرؤية الوطنية الجامعة للحقل السياسي الفلسطيني.
لقد أدى نشوء السلطة الفلسطينية إلى عدة اشكاليات "اجتصاسية" وقيمية في المجتمع الفلسطيني، ولكن أهمها فيما يتعلق بموضوعة المقالة الحالية هو تراجع واضح للأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية والنقابية والطلابية وانسحابها من المشهد العام لعدم قدرتها على تقديم مشروع وطني بديل عن الذي تطرحه السلطة الفلسطينية، أو قد يعود إلى قمع واعتقال وملاحقة السلطتين للقيادات الشابة في تلك الأحزاب، والحركات الطلابية المعارضة لرؤيتها السياسية( )، إلى جانب التفرد السياسي والاقتصادي الذي مورس، خلق حالة من الوهن أصاب بنية المجتمع وحيّد أكثر الشرائح والطاقات عطاءً عن القيام بدورها وهي الشباب والحركات الطلابية( )، حالة الانسحاب وعدم المشاركة اصابت الشباب اللاجئ وتراجعت ثقته بالأحزاب وبالمؤسسات الوطنية والمجتمعية، وقلت فعاليته، وعملت السلطة حسب اعتقادنا على محاصرة الشباب اللاجئ في ظل تساؤلات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها وحيداً، وتم محاربة أي تحرك احتجاجي، جميع هذه السياسات دفعت الجماهير إلى البلادة السياسية وعدم الفعالية والسعي وراء لقمة العيش، وتم ايكال مصير الوطن الى السلطة من خلال برنامجها التفاوضي، وتم تسطيح الوعي الوطني في غياب الفكر والمشروع الوطنيين، وتقديم نماذج جديدة للشاب الفلسطيني بعيداً عن النماذج الوطنية، كظاهرة المغني الشاب اللاجئ محمد عساف( )، فحرمان الشباب الفلسطيني من النموذج الوطني "للبطولة" على ضوء خصوصيته السياسية، هو حرمانه من التماهي والافتخار والاعتزاز بهويته وانتماءه وكرامته.
ويعد الانقسام الفلسطيني/الفلسطيني عام 2007 الضربة الموجعة الثانية بعد أوسلو، الذي أثر في حياة ووعي ووجدان وسلوك الشعب الفلسطيني، وأدى لمأزق خطير سينعكس في ثلاثية الفكر/الوعي/المشروع الوطني، حيث قاد الانقسام إلى تشظي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بين تيارين رئيسيين، وبقعتين جغرافيتين ببرامج وأهداف ومشاريع قد تكون متناقضة ومتناحرة، لقد دفع الاستعمار الصهيوني باتجاه الفصل المعنوي بعدما فصل بين المنطقتين مادياً، مع تزامن وجود نخب سياسية فلسطينية مستفيدة من الانقسام، وتعزز وتكرس الفكر والوعي الفصائلي أكثر فأكثر الذي بدأ يحكم "الوجود الجديد للفلسطيني" الضفاوي او الغزاوي، الحمساوي والفتحاوي، أدت هذه الضربة إلى قتل الحياة الديمقراطية التي لم يبدأ الفلسطيني بالاعتياد عليها، وتجاوزت جميع القوانين الناظمة للحياة السياسية الفلسطينية على أرضية الخلاف بين الحركتين، غير ملتفتين إلى حقوق الانسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبما أن الوعي السياسي للشباب مستمد من الفصائل فقد جرى زجهم في خضم هذا الصراع وتم تعطيل العقل والوعي الوطني في سبيل خدمة الاهداف الحزبية والفئوية، وأصبح الوعي السلبي الفصائلي هو الذي يوجه السلوك ويقوم بدور المراقبة المأزومة لمصالح الفصائل على حساب القضية الفلسطينية.
وعلى أرضية ان الثقافة السياسية الفلسطينية مأزومة ومعطوبة أيضاً لعدم استيعابها التعدد والاختلاف، وانطلاقاً من مقولة أن "الثقافة في جوهرها تجسيد للوعي"( )، وأن الوعي مرتبط بالفعالية المجتمعية، فإن فانخفاض وأزمة الوعي الوطني هو امتداد لمأزق الثقافة السياسية الفلسطينية ويعد أبرز تجلياتها، وأن التراجع في الوعي الوطني قد غذى بالضرورة قيم سلبية مثل الاغتراب السياسي واللامبالاة بين المثقفين والجماهير والشباب الفلسطيني في الشأن العام، هذا كان نتيجة هيمنة ثقافة الخوف ولجم الأفواه وحرية الرأي من قبل السلطتين، واتهام المخالفين في حال انتقادهم لحكومة حماس أو لحكومة فتح باعتباره يدعم الجهة المناوئة له، لقد شُلت تمظهرات العمل السياسي والمجتمعي، وأدت إلى مزيد من التدهور المجتمعي نتيجة الفساد المالي والإداري.
تزامن هذا الواقع الأليم مع جملة من المتغيرات البنيوية والجوهرية في بنية المجتمع اقتصاديا واجتماعياً، انعكس على واقع الشباب الفلسطيني اللاجئ، واستفحال البطالة في المخيمات بنسبة (32.3%)( ) وانتشار الفقر بنسبة قدرها(38.6%)( ) والحرمان من القدرات وعدم تساوي الفرص لهم، ولشريحة واسعة من الشعب الفلسطيني في مقدمتها المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يدفع الشاب اللاجئ بالتفكير بالهجرة، فأشار ما نسبته (49.2 في المئة) برغبتهم بالهجرة إذا ما أتيحت لهم الفرصة، والشباب اللاجئ بغزة يفكر بذلك أكثر من الشاب اللاجئ في الضفة بواقع (56.2 و 34.8 في المئة وعلى التوالي) ويعود السبب وراء ذلك إلى " تعاسة الوضع الاقتصادي والاحتلال والانفلات الأمني وعدم وجود قانون" حسب استجابة احد المبحوثين من مخيم عسكر بنابلس، وشابة من مخيم خانيوس بغزة ترجع السبب إلى "توفير حياة كريمة" ، ناهيكم عن غلاء الاسعار والضرائب والسياسات المالية الليبرالية الظالمة لشريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، وسياسة الدفع المسبق للكهرباء وللماء، وتراجع المنظومة القيمية الجمعية والتضامن الاجتماعي، فأشار ما نسبته (65.1 في المئة) من عينة البحث أن مساندة ومساعدة الناس لبعضهم البعض في المخيم ضعيفة، فحين تشعر الأسر الفلسطينية بالعجز والاحباط تعمل هذه الحالة بالتدمير الممنهج للنسيج الاجتماعي، وبروز مشكلات اجتماعية اصبحت تهدد السلم الاجتماعي، وفقدان الثقة بالنخب السياسية وبالأحزاب السياسية، واستثناء الشعب من القرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي( )، إلى جانب السياسة الاستعمارية في التجزئة الاستعمارية لمناطق السلطة(أ وب وج)، وعزل مناطق (ا) في مناطق معزولة عن بعضها البعض، الأمر الذي عزز النزعة المحلية على حساب الوطنية، والجهوية على حساب الفكر العقلاني والتحرري والتقدمي، وسيطرة النزعة الفردية على حساب الجماعية، والوعي الفردي على حساب الوعي الجمعي.
جاءت انتفاضة القدس في اكتوبر 2015 في ظل جملة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وغياب الوعي الجمعي الوطني والهرولة في سبيل توفير لقمة العيش للشعب الفلسطيني، ليعلن الشباب الفلسطيني أفراداً عن رفضهم للاستعمار الصهيوني وللتعبير عن هويتهم الوطنية وفعاليتهم السياسية والمجتمعية، بعيداً عن، بل ولرفضهم للأحزاب الفلسطينية وحالة التكلس وعدم الثقة التي وصلت اليها، فكما قلنا سابقاً أن الوعي الجمعي يتطلب أدوات جماعية، فإن الوعي الفردي له أدواته، ولهذا هيمنت العمليات الفردية (من دعس، وطعن واشتباك) على العمل الفدائي للشاب الفلسطيني، وتشكيل نماذج بطولية "كالشهيد بهاء عليان، ومهند الحلبي وآخرهم الشهيد باسل الأعرج" الذي لقب بالمثقف المشتبك نظراً لفعاليته الوطنية والمجتمعية والثقافية في مناشط مختلفة، مما خلق مناخاً للشباب الفلسطيني للتماهي مع المقاومين، فعوامل المقاومة وإن كانت فردية تساعد الشباب التصدي للصدمات الناجمة عن سلوك الاستعمار الصهيوني، فيكون الاستشهاد والعمل الفدائي الطريقة الوحيدة للشاب الفلسطيني كنبرة تحدي لتحاشي النظر إلى الألم الداخلي، فحينما يجد الشاب دوراً له في المقاومة يستمد منها شعور بالكرامة والايجابية.
ولهذا ووجهت فعالية الشباب الفلسطيني ومشاركتهم في انتفاضة عام 2015 بجملة من السياسات القمعية و غير المسبوقة من قبل الاستعمار الصهيوني من: "القتل والاعدامات الميدانية والحواجز ومعاقبة التجمعات السكانية التي يخرج منها الشهيد، وسحب التصاريح، وهدم منازل الشهداء" في محاولة لردع وثني الشباب عن الاقدام على القيام بعمليات فدائية، وخلق حالة من الرهبة والخوف لدى المجتمع الفلسطيني بكافة شرائحه، طال التنكيل والاعدام للمارة على الطريق بدون أي سبب لعدد كبير من الشهداء الذين لم يشاركوا في أفعال الانتفاضة الحالية، ومع ذلك هذا الاستخفاف بحياة الفلسطيني والابتذال على الحواجز للنساء والرجال أو اقتحام المسجد الأقصى، وامتهان كرامتهم شكل مولد داخلي وحافز لدى الشهداء الذين ذهبوا للموت في سبيل المجموع الأمر الذي زاد من فعالية الشباب واقدامهم على الانخراط في الاعمال الوطنية والفدائية والتطوعية في خدمة ذوي الشهداء والاسرى، وعبروا عن وعي وخطاب ووصايا لهم تدلل على البعد الوطني الذي يعكس المشروع الوطني وإن غاب عن الوعي الجمعي للشعب الفلسطيني كما اوضحناه سابقاً.
لم تكن المخيمات الفلسطينية وشبابها في الضفة الغربية خصوصاً بعيدين عن هذه العروض، فاستهداف المخيمات بشبابه من قبل الاستعمار الصهيوني من: اعتقالات وقتل واصابات وملاحقة للفاعلين سياسيا ووطنياً هو نتيجة لفعاليتهم في التصدي لأجهزة الاستعمار الصهيوني بجنوده على الحواجز العسكرية أو للاشتباك مع جنود الاستعمار او نتيجة فعاليتهم في الانشطة السياسية والوطنية التي تقيميها المخيمات بقواه السياسية وفعالياته المجتمعية من جمع تبرعات لمنازل الشهداء التي تم هدمها لإعادة اعمارها، والمطالبة باستعادة جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاستعمار، وفتح خيام الاعتصام لإسناد الاضرابات الفردية للأسرى. فالاجتياحات اليومية والاشتباك مع الجنود الصهاينة هو حالة شبه يومية في المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية من: مخيم جنين إلى قلنديا إلى مخيم الدهيشة والعروب، في حال تم الدخول إلى المخيم رغبة في اعتقال شاب منه، ولهذا فإن الوعي الوطني للشباب اللاجئ مرتبط بقضيته وبوجوده اليومي وبحق العودة وحقوقه الاجتماعية والاقتصادية المسلوبة والمهمشة.
حالة الاشتباك هذه ليست مرتبطة مع جنود الاستعمار الصهيوني فقط، وإنما مع الأجهزة الأمنية والشرطية للسلطة الفلسطينية من مخيمات نابلس، ورام الله إلى بيت لحم والخليل لعدة قضايا واعتبارات أهمها القضايا الوطنية والحقوقية، أو لقضايا مطلبية متعلقة بأزمة الماء والكهرباء، او من أجل الاحتجاج على الاعتقالات السياسية التي تطال الناشطين سياساً، والتي كان بعضها ينتهي بالاشتباك والتصادم بين شباب المخيم بكافه اطيافه السياسية و الاجهزة الشرطية والأمنية للسلطة الفلسطينية( )، يكمن وراءها حسب اعتقادنا حالة الاحتقان والتهميش للمخيمات نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فيها، وعدم تقديم حلول مرضية من قبل السلطة الفلسطينية في مواجهة احتياجات واحتجاجات المخيمات والتعامل معها بجدية، ومن جانب آخر؛ التصويب السياسي أو الاحتجاجي على قرارات تمس بالشعب الفلسطيني وبكرامته، نذكر مما سبق تجربتين هامتين في الاحتجاج من قبل لاجئي مخيم الدهيشة، الأولى كانت في الأول من اكتوبر عام 2015، حينما خرج الشباب اللاجئ من مخيم الدهيشة بمسيرة حاشدة باتجاه المقاطعة في بيت لحم للتنديد بقيام الأجهزة الأمنية بالتنكيل والاعتداء على فتية وشباب من مخيم العزة لمنعهم من الاشتباك مع جنود الاستعمار الصهيوني، والثانية في 12 من آذار عام 2017 بمسيرة تنديد بمحاكمة رفاق الشهيد باسل الأعرج الذي سبق وإن كان معتقل سياسي لدى السلطة وأفرج عنه بضمان حضور المحاكمة، وكانت وجهة المتظاهرين نحو مقر الشرطة في بيت لحم.
ينم هذا السلوك الاحتجاجي عن توجه جديد للمخيمات وهو الخروج بمسيرات من المخيمات إلى خارجه، حيث يوجد اتفاق باطني بين الأجهزة الأمنية واللجان الشعبية والفصائل بالاحتجاج أو التظاهر داخل المخيم أو على الشارع الرئيسي المقابل للمخيم، ولهذا نميل للاعتقاد أن هنالك ميل للمخيمات لكسر هذه القاعدة الباطنية وهو ما يرشح من تصاعد وتيرة المواجهة بين المخيمات والأجهزة الأمنية خارج حيز المخيم في المستقبل القريب.
وخلاصة للمدخل نستطيع الاستنتاج أن التراجع الكبير في الوعي والمشاركة المجتمعية للشباب الفلسطيني كان نتيجة غياب المشروع الوطنية والتعبئة الوطنية والوعي الفلسطيني الذي هيمن عليه الوعي الفصائلي، وبالرغم من أن الشباب الفلسطيني اللاجئ ليس بعيداً عن هذه القاعدة، إلا ان واقعه ووجوده ولجوئه تبقي محفزات للفعل والتضحية الوطنية.

المدخل الثاني؛ مؤشرات الفعالية المجتمعية: من الفعالية إلى اللامبالاة
يواجه الشباب العربي جملة من الضغوط الاجتصاسية نتيجة ممارسات وسياسات الانظمة الاستبدادية فأُصيب المجتمع والشباب بمرض نفسي وجسدي وحتى وجودي جعله غير قادر على القيام بالمهمات والأدوار المتوقعة منه ( )، هذا الواقع المحبط لاستلاب الشاب وافقاره ثقافياً قد أصبحت سمة عامة في العالم العربي، ولا يختلف كثيراً الأمر عن المنظومة السياسية الفلسطينية المتشكلة بعد أوسلو، فكما أوردنا سابقاً أن الشباب الفلسطيني كما هو حال القوى السياسية انسحبوا من الحيز العام تدريجياً، وتم حرمانهم من المساهمة في صناعة مصير الشعب الفلسطيني، وتم تدريجياً محاصرة الوعي الوطني اعلامياً وسياساً واكاديمياً واجتماعياً وثقافياً، إما بفعل السياسات التي انتهجها الاستعمار الصهيوني، وإما يعود إلى مأزق الرؤية السياسية والوطنية التي تبنتها السلطة الفلسطينية وهو كذلك، الأمر الذي جعل من خيارات فاعلية الشباب محدودة في مواجهة بنية سياسية وتقليدية وأبوية تنظر لممارساته ولوجوده ولاختلافه كتهديد لها.
غياب الوعي والادراك والفكر الوطني للشاب الفلسطيني من جانب، وابتعاد الفصائل السياسية الفلسطينية عن المساهمة في اتخاذ القرار المتعلق بالمشروع الوطني ساهم بتورم السلطة( ) والنظام السياسي في المجتمع الفلسطيني، فاستقالة الشباب عن الحياة السياسية، وعدم ادراكه ووعيه لأهمية دوره في المجتمع يحرمه من الحقوق المدنية والسياسية ويزيد من تغول السلطة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.
وبما أن الفاعلية هي الأثر لأفكارنا على أرض الواقع ( )، فالفاعلية هي نتاج الوعي كان وطنياً أو سياسياً أو مجتمعياً، ولهذا فإن الفعالية المجتمعية (السياسية والاجتماعية) تتطلب وعي ومشروع وطنينين تعمل على توجيه وتحفيزه، وفيما يأتي سنقوم بعرض لأهم المؤشرات لربطها بهدف البحث الحالي.
يكتسب الشباب الفلسطيني الوعي الوطني من خلال الانضمام للمؤسسات المجتمعية والسياسية والثقافية وأيضاً من خلال القراءة والاطلاع على وجهات النظر المتعددة ...الخ، وهذا ما لم تتوصل اليه نتائج الدراسة الحالية حيث توصلت نتائج الدراسة إلى أن (24 في المئة) من الشباب اللاجئ عضو في مؤسسة اجتماعية(ثقافية، نسوية، شبابية، خيرية ...الخ)، وان طريقة استغلالهم لوقت الفراغ حصلت القراءة على (صفر في المئة)، وقراءة الجريدة بشكل يومي بما نسبته (6.8 في المئة) وإن وسيلة الاتصال الي يحصل عليها الشباب على الأخبار فكانت من الانترنت بنسبة (49.5 في المئة)، توشي تلك النسب بعدم فعالية الشباب الاجتماعية وعدم رغبتهم بالانضمام للمؤسسات، فحجم المشاركة المجتمعية قلت على صعيد الشباب الفلسطيني في الداخل والخارج( ) وليس فقط على صعيد الشاب اللاجئ عينة البحث، وهو عائد بالضرورة لسببين رئيسيين:
السبب الأول؛ هو تراجع الثقة بهذه المؤسسات نتيجة انكماشها وتراجع دورها الوطني والمجتمعي ونخبويتها نتيجة لتوجيه أجندتها وبرامجها وانشطتها ضمن أولويات الممولين: الاوروبي منها أو الأمريكي، يقول أحد الشباب اللاجئين من مخيم شعفاط بالقدس "أن غياب الرقابة على هذه المؤسسات اصبحت هنالك حالة من التسيُّب" وآخر من مخيم جباليا بغزة يضيف "كلو واسطات وعدم ذمة وضمير"، وهو يعبر عن حالة الفساد التي طالت المؤسسات المجتمعية بعدما تم مهننتها بالمفهوم الليبرالي وتحولها إلى "مؤسسات غير حكومية"، ومن جانب آخر وقوع جزء ليس بسيط منها في شرك التطبيع مع مؤسسات صهيونية من كيان الاستعمار "الاسرائيلي"، وأخيراً عدم تفاعلها مع القضايا الشبابية ضمن احتياجات وهموم وتطلعات الشباب الفلسطيني اللاجئ.
السبب الثاني؛ وهو مرتبط بالأول، حيث نعتقد أن الفراغ الاجتماعي والسياسي الذي تركته الأحزاب الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو وانسحابها من المشهد الفلسطيني لعجزها عن تقديم بديل لمأزق المشروع وطني، استطاعت "المؤسسات غير الحكومية" التي تزايدت بمتوالية هندسياً في منتصف التسعينيات وبعد انتفاضة الأقصى عام 2000 -على اعتبار انها "قاعدية!"- أن تملأ الفراغ وتستقطب عدد ليس بسيط من الشباب، ووجدوا الشباب فرصة ثانية للتعبير عن وجودهم وهويتهم، فاستطاعت في البداية أن تكتسب ثقتها من الجماهير، ولكن تحُّول القائمين على بعض هذه المؤسسات إلى نخب معولمة دفعها لترك هذه المؤسسات والعمل في مؤسسات عالمية واقليمية كخبراء ومستشارين، وعملوا في بعض الدول عربية( ) والاجنبية لإغراءات مالية، وهنا تم خدلان الشباب مرة ثانية بعدما خذلوا من الأحزاب السياسية.
وأُرجعت الاسباب والدوافع للذين انضموا إلى المؤسسات الاجتماعية من الشباب اللاجئ، إلى عدة اسباب نذكرها حسب الأهمية كما يأتي: "بسبب قناعة الشباب بأهمية النشاط الذي تقوم به المؤسسة، ولاكتساب الخبرة، ولممارسة الهوايات وتنمية الشخصية، ومن أجل استغلال وقت الفراغ، وللحفاظ على هوية اللاجئ، ولكون اصدقاءه واقاربه اعضاء فيها، واخيراً لدوافع سياسية تتوافق مع الانتماء"، قد تفسر بعض تلك الاسباب إلى أن المؤسسة الاجتماعية في السياق الفلسطيني هي جزء مهم من الجهات المشغلة للشباب الفلسطيني-رغم ملاحظاتنا عليها-، وتُعد الشاب لاستيعابه في سوق العمل أو في المؤسسة نفسها، ولهذا اكتسب دافع الخبرة وتنمية المهارات والشخصية الأكثر أهمية، في حين نلحظ أن الدوافع المرتبطة بالانتماء السياسي فقد كانت أقل أهمية كما سبق. وكانت هنالك فروق لصالح الذكور الذين كان دافعهم السياسي أكبر للانضمام لتك المؤسسات من الاناث.
وبخصوص توفر المعلومات الكافية للشاب اللاجئ حول مؤسسات وطنية وسياسية ودولية مثل (وكالة الغوث الدولية، وعمل اللجان الشعبية، وعمل منظمة التحرير، وعمل مؤسسات السلطة، وعمل الأحزاب السياسي، وعمل المجلس التشريعي، وعمل دائرة شؤون اللاجئين) فقط تم ترتيبها حسب توفر المعلومات تنازلياً، فتراوحت النسب فيها (46.6 إلى 16.2 في المئة)، وحازت وكالة الغوث على أكبر نسبة تلتها اللجان الشعبية بنسبة (36.5 في المئة) وأقلها عمل المجلس التشريعي بنسبة (26.9 في المئة) وأخيراً عمل دائرة شؤون اللاجئين بنسبة (16.2%) فالمؤسسات المتعلقة والمرتبطة بوجود اللاجئ اليومي توفر لديه معلومات كافية عنها أكثر، في حين أن المؤسسات التي لا يحتك بها يومياً وليست مرتبطة باحتياجاته اليومية فتوفرت معلومات كافية لنسبة قليلة منهم عنها، وبالإجمال فقد كانت معرفة اللاجئين في الضفة الغربية لتلك المؤسسات أكثر من اللاجئين في قطاع غزة، والمعلومات المتوفرة لدى الذكور أعلى من الاناث.
واذا افترضنا وجود علاقة بين توفر المعلومات والوعي الوطني للفلسطيني نتيجة الاطلاع على الاخبار والقراءة والمطالعة، فإن نتائج البحث تشير إلى أن مأزق الوعي الوطني من أسبابه أيضاً عدم الاهتمام بالقضايا العامة من قبل الشاب اللاجئ والانفصال عنها وعدم الاهتمام بها نتيجة التفكك السياسي والاجتماعي في السياق الفلسطيني، وهو بالضرورة أيضاً مرتبط بمستوى الفعالية الاجتماعية، حيث أشارت نتائج البحث إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة وإن كانت قليلة بين توفر المعلومات وحجم الفعالية المجتمعية، بحيث أنه كلما توفر معلومات كافية للشاب الفلسطيني اللاجئ كانت درجة الفعالية المجتمعية له أكبر، والعكس صحيح.
وبخصوص محور الفعالية المجتمعية، سنقوم باستعراضها مرتبة حسب الأهمية من خلال جدول رقم (1)، وفيما يليه سيتم المناقشة والتحليل.
الرقم العبارة نعم لا
1 أشارك في أعمال تطوعية لخدمة المخيم. 71.4% 28.6%
2 أشارك في أعمال تطوعية لخدمة المجتمع المحلي. 59.3% 40.7%
3 أشارك في قضايا تخص المخيم وواقع اللاجئين. 54.7% 45.3%
4 أعتبر نفسي شخص مؤثر في داخل مجتمعي (المخيم). 51.8% 48.2%
5 أشارك في نشاطات ثقافية في مؤسسات المخيم. 48.9% 51.1%
6 أشارك في الانتخابات التي تخص المخيم. 45.7% 54.3%
7 أشارك في القرارات المتعلقة بتجمع بلدنا الأصلي. 42.1% 57.9%
8 أشارك في نشاطات سياسية عامة تخص اللاجئين. 35.7% 64.3%
9 أشارك كعضو في اتحاد جماهيري/مؤسسة/ نادي خارج المخيم. 32.4% 67.6%
10 أشارك كعضو في أحد الأحزاب/الفصائل السياسية. 24.8% 75.2%
نستنتج من جدول رقم (1) أن الفعالية المجتمعية للشباب في الجوانب الاجتماعية والتطوعية والثقافية تستقطب الشاب اللاجئ أكثر وتحوز أكثر على اهتماماتهم، فيشارك الشباب في المخيم في المجالات البعيدة عن العمل السياسي، خصوصاً في مجال الاعمال التطوعية لخدمة المخيم، يحيل أحد المبحوثين من مخيم الفوار في الخليل سبب تطوعه في المخيم إلى "حب مساعدة الآخرين وبسبب خلق ترابط اجتماعي" الذي يشعر انه بتراجع كما تمت الاشارة في المدخل الأول من الدراسية الحالية، وآخر من مخيم جباليا بغزة يقول أن سبب تطوعه هو "لتحسين حالة المخيم والمشاركة مع أبناء مخيمي" ونختم بإجابة أحد المبحوثين من مخيم الجلزون الذي يعزو سبب تطوعه في المخيم بقوله "لأني أنتمي للمخيم"
من المهم الاشارة هنا، أن قيمة العمل التطوعي في المجتمع الفلسطيني تراجعت كثيراً في السنوات المنصرمة، نتيجة لقضيتين، الأولى؛ ارتباط العمل التطوعي تاريخياً في المجتمع الفلسطيني بالعمل النضالي والتحرري كأداة لمقاومة الاستعمار الصهيوني سابقاً، هذا من جانب، ومن جانب آخر تم توظيف العمل التطوعي في السياق السياسي كأداة لمساندة ولإسناد المجتمع وخلق حالة من المنعة المجتمعية للشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الاستعمار العنصرية والقمعية، والثانية؛ انتشار ثقافة "المنظمات غير الحكومية" والاعتماد على التمويل الغربي والاتكال على السلطة في تقديم الخدمات وانتشار بعض القيم النفعية كنمط ثقافي في المجتمع الفلسطيني، وفي ظل تهميش واقصاء المخيمات الفلسطينية من جملة الخدمات ومن صنع المصير، يشعر اللاجئ الفلسطيني أن عمله التطوعي هو جزء من هويته وانتماءه للمكان الذي يحتضنه.
بالرغم من أهمية الانتخابات كجزء من دور الفعالية السياسية في بلورة الوعي السياسي والوطني وصقله، إلا واننا كما أشرنا أن تفكك التجربة الديمقراطية نتيجة الانقلاب/الانقسام بين حركتي فتح وحماس عام 2007 أثر بصورة سلبية على فعالية الشباب السياسية التي اعتزلها وانفض عنها، وهذا ما يفسر ان الفقرة المتعلقة بالانتخابات حازت على المرتبة السادسة، بمقابل الفقرة المتعلقة بالعضوية الحزبية جاءت الأخيرة حسب الترتيب، وهو ما يعكس خيبة الأمل وعدم الثقة والايمان بالفصائل الفلسطينية( )، فالانشغال عن القضايا الوطنية والمصيرية الكبيرة للمجتمع الفلسطيني والتركيز/الالهاء المنظم بالقضايا الصغيرة قام بتفتيت الوعي العام للمجتمع الفلسطيني، فسيطرة النزعات المحلية والولاءات الجغرافية والعشائرية، لأنها تنمو في ظل تهميش الوعي/المشروع الوطني، ومن هنا نفهم تراجع نسبة المشاركة السياسية في انتخابات البلديات عام 2017 إلى (53.4 في المئة)( )، وتراجع كبير بنسبة الانتخابات على صعيد مجالس اتحاد الطلبة في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، فبغياب الأحزاب والفصائل عن الانتخابات ترك المجال لهيمنة العائلات على القوائم الانتخابية للبلديات، وتدّخَلت العائلات في انتخاب الكتل الطلابية المتنافسة في بعض الجامعات، فالشباب غير مستعدين لدفع الثمن نتيجة حالة التشظي السياسي الذي فتت الجسد السياسي الفلسطيني، وارتباط المشاركة المجتمعية بالأجندات والرؤى الفصائلية الضيقة.
فالانقسام السياسي أثر بشكل سلبي على عدة جوانب في الحياة اليومية للفلسطيني، أهمها؛ ضعف منظمة التحرير وتراجع قدرتها التمثيلية للشعب الفلسطيني، وتفكك النظام السياسي الفلسطيني المتشكل وغياب المرجعية القانونية، وغموض وغياب المشروع الوطني عن الأجندات الوطنية للفصائل، وتراجع الفعالية المجتمعية للشباب الفلسطيني، وأثر على القضية الفلسطينية وحجم التأييد العربي لها والعالمي، وتراكم الازمات الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الحريات وسيادة القانون، وبكلام آخر تعطيل الحياة اليومية إن لم يكن احتجازها وارتهانها حتى تتم المصالحة.
ومن المهم الاشارة أن نتائج الدراسة توصلت إلى وجود فروق الدرجة الكلية للفعالية المجتمعية، وأيضاً في الفقرات التالية: (3، 4، 6، 8، 9، 10)، حسب النوع الاجتماعي لصالح الذكور، وهذه النتيجة منطقية حسب البنية الهرمية التقليدية للمجتمع الفلسطيني ولطبيعة التربية الجنوسية فيه، والتي تحدد مجالات الذكور والاناث، حيث ما زال الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي في المشهد الفلسطيني مسيطر عليه من قبل الذكور، وهذا ما يترجمه حجم الحضور السياسي أو الاحتجاجي أو حتى القيادي للمرأة الفلسطينية وتمثيلها، من جانب آخر كيف يمكن توقع مشاركة الشباب والمرأة السياسية في ظل غياب الديمقراطية وتقبل التعدد والتنوع.
ومن جانب آخر توصلت نتائج الدراسة الحالية إلى وجود فروق في الدرجة الكلية للفعالية المجتمعية وأيضاً الفقرات التالية: (1، و4 و 8) حسب المنطقة لصالح الشباب اللاجئ في الضفة الغربية، في مجال التطوع والانشطة السياسية المتعلقة باللاجئين، فغياب البرنامج والمشروع الوطني الذي يجمع عليه الكل الفلسطيني عن برنامج السلطة الفلسطينية أو حكومة حماس أثر على الروح المعنوية والفعالية للشباب ودفعهم باتجاه الانشطة التي من غير الممكن محاسبتهم من قبل الحكومتين، ناهيكم أن قضية اللاجئين وحق العودة هي القضية التي ما زالت حاضرة في وعي الفلسطيني اللاجئ رغم غيابها عن الخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي، وأخيراً توصلت الدراسة إلى وجود فروق في الفقرة الفقرة(7) حسب العمر، لصالح من هم أقل من 25 سنة مقابل من هم أكبر من 26 سنة، وهو ينم عن توجه الشباب الأصغر سناً للمشاركة في قرارات القرى والمجتمع الاصلي، مما يعني العودة إلى العائلية والحمائلية كما سنقوم بتوضيحه لاحقاً.
وبخصوص التعددية والديمقراطية في السياق الفلسطيني، فإن التعددية السياسية والاجتماعية بدأت بالتآكل منذ اتفاقية أوسلو وتفرد حركة فتح بقرار منظمة التحرير وبقرار بناء الدولة الرخوة تحت الاستعمار، ومع وجود هامش قليل من الحريات والديمقراطية الشكلية إلا انه تم التكالب عليها واعدامها بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، الذي أثر على النظام السياسي الفلسطيني وسيطرة واحكام حركة حماس ومراقبة الحريات ومحاصرتها في قطاع غزة، وكما هو نفس الحال في الضفة الغربية من قبل حركة فتح، وبخصوص الديمقراطية والتعددية في السياق الفلسطيني، فقد وافق ما نسبته(52.7 في المئة) من عينة البحث عن تأييد الديمقراطية في مقابل (33.3 في المئة) من عينة البحث عن عدم وجود ديمقراطية باعتبارها "غير مطبقة حالياً" حسب استجابة أحد المبحوثين، ورفض ما نسبته (12.8 في المئة) الديمقراطية ودعا البعض منهم إلى "تطبيق القانون وليس الديمقراطية... وتطبيقها حسب الشريعة الاسلامية"
وفي استجابتهم على السؤال المعياري بخصوص استلام حزب سياسي يفوز بالانتخابات وتشكيل الحكومة ويختلف عن سياسيات الحزب الذي تنتمي اليه فهل تؤيد ذلك؟، اجاب ما نسبته (48.8 في المئة) بتأييد ذلك بالموافقة، فعبرت إحدى المبحوثات " نعم اوافق على ذلك في حال أثبت انه يعمل لخدمة المواطنين بمساواة"، في مقابل (44.4 في المئة) رفض ذلك، ودعا ما نسبته (7 في المئة) إلى رفضهم أن يتم تشكيل الحكومة من حزب واحد، ودعت أحدى المبحوثات إلى "أن يكون هنالك تمثيل نسبي لجميع الأحزاب"
اختلاف النسب السابقة بين تأييد الديمقراطية واستلام حزب يختلف عن حزب المبحوثين، فمن الناحية النظرية ديموقراطيين، ويقبلون التعدد والتنوع وإن كانت النسبة قليلة جداً، في حين أنهم لا يقبلون او يتحفظون على استلام حزب آخر من الناحية التطبيقية، يقول احدهم "الديمقراطية جيدة ولكن أرفض استلام الحزب الآخر للحكومة" فنميل إلى الرأي القائل أنه لم يؤسس في ظل السلطات الفلسطينية - حكومة حماس بقطاع غزة وحكومة فتح في الضفة الغربية - "إلى يومنا هذا للعمل المؤسس والديمقراطي بل اتبعت القيادة والحكومات الفلسطينية سياسات غير تشاركية وغير مخططة وعشوائية، واقتصرت صناعة القرار واتخاذه على الزمرة السياسية، وهمشت القوى الاجتماعية المدنية ومؤسسات المجتمع المدني من المشاركة في تقرير مصير المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب الفلسطيني"( )، هذه الخلفية لم تقدم نموذج سياسي وديمقراطي ووطني للشباب الفلسطيني، فسيطرة الانتماءات الضيقة الحزبية على الولاءات، وقوضت امكانية انتعاش التعددية والديمقراطية وتبادل السلطات.
وبخصوص الهوية للشباب الفلسطيني، نتعامل مع مفهوم الهوية حسب الطرح الفيبري باعتبارها كبناء اجتماعي قائم على الشعور بالقاسم المشترك، وعلى اعتبار أن الهوية مجموعة من التراتبيات المتغيرة حسب السياق( )، الاجتصاسي والثقافي والتاريخي الفلسطيني، فالهوية مكونة من مجموعة من الخصائص الاجتماعية التي يشعر الشاب الفلسطيني بأهميتها بالنسبة له، فهو يقدم هذه الصفة او يُأخرها حسب شعوره وانتماءه، فحينما توجهنا بالسؤال لعينة البحث حول ترتيب مجموعة من الهويات، فقد تم ترتيبها حسب الأهمية : مسلم، وفلسطيني، ولاجئ، وعربي، والهوية العائلية، والقرية التي لجأ منها، واسم المخيم، وحينما سألنا إي من تلك الجهات تنتمي اليها ومستعد للتضحية (بالمال والجهد والنفس) من أجلها، فقد كانت الهوية الدينية "مسلم" أكثر الجهات للتضحية من أجلها بنسبة (57.2 في المئة)، تلتها الهوية الوطنية (فلسطيني) بنسبة (28.9 في المئة)، تلتها الهوية العائلية بنسبة (7.7 في المئة)، ولقد كانت الهوية الدينية لدى الشباب اللاجئ بقطاع غزة بارزة أكثر من شباب الضفة الغربية على التوالي (65.1 مقابل 41.5 في المئة)، والهوية الوطنية لدى الشباب اللاجئ في الضفة الغربية بارزة أكثر من شباب قطاع غزة على التوالي (40 مقابل 23.3 في المئة).
تشير النتائج السابقة إلى وجود حالة من الأزمة في الهوية الوطنية ويعود ذلك لعدم وجود مشروع ووعي وطنيين، نتيجة الاخفاق الوطني في تحقيق أهداف الشعب، تزامناً مع حالة الوهن والعجز المجتمعي للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فاستبدال هوية بأخرى أو تقديم هوية فرعية على الهوية الوطنية الشاملة هو نتيجة غياب الانتماء والتكامل معها.
وخلاصة للمدخل، قمنا بتوضيح أسباب ومأزق الوعي الوطني من خلال؛ الفعالية المجتمعية وأسباب تراجعها، وغياب التعددية وعدم تداول السلطة، وغياب مفهوم المواطنة واحترام حقوق الأفراد والجماعات، ومظاهر تأزم الهوية والانتماء للشباب الفلسطيني التي انعكس في الفعالية المجتمعية، فانكفاء الشاب واعتزاله للفعالية السياسية قاده إلى سياسة اللامبالاة وعدم الاهتمام بالقضايا المجتمعية الكبرى، وهو بحسب تقديرنا يعود لمأزق المشروع الوطني والأداء السيء للفصائل السياسية.

المدخل الثالث؛ مأزق الثقة وغياب التمثيل
إن المأزق الوطني في الثقة بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لم يكن وليد اللحظة في المشهد الفلسطيني، وإنما هو نتاج مرحلة تاريخية من الممارسات الاجتماعية والسياسية الخاطئة للقوى السياسية في المجتمع الفلسطيني، أثرت بالضرورة على البديهيات والضرورات التي نمت عليها الشخصية الفلسطينية، فنستطيع تبويب العوامل الرئيسية التي أدت إلى مأزق الثقة في المجتمع الفلسطيني إلى أربعة عوامل رئيسية.
أولاً؛ تراجع القدرة التمثيلية لمنظمة التحرير بعد انحسار وجودها وتمثيلها للفلسطينيين في بعض المناطق المستعمرة عام 1967، تاركين مصير ومستقبل الفلسطينيين في المستعمرة الأولى عام 1948 مجهولاً ومهدداً وغير ممثل في المنظمة، ناهيكم عن فلسطينيي الشتات، الأمر الذي قوض تأثيرها وقدرتها التمثيلية نظراً للبرنامج السياسي الذي تبنته، هذا من جانب، ومن جانب آخر تغول السلطة واحكام قبضتها على المنظمة بمؤسساتها ولجانها من قبل حركة فتح، وافقاد المجلس الوطني هيبته باعتباره هيئة تمثيلية وتشريعية عليا لشعب الفلسطيني، وعدم تجديد اعضائه بالانتخابات كما هو منصوص عليه في القوانين الداخلية للمنظمة، وإنما استعيض بنظام المحاصصة أو التعيين كبديل لكبار السن المتوفين، ولعب المجلس التشريعي الدور البديل عن المجلس الوطني المسقوف والمحكوم سياسياً باتفاقية أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي، وهو أيضاً تم تعطيله منذ الانقلاب/الانقسام عام 2007، وبهذا نكون أمام فقدان المؤسسات التمثيلية الجامعة وحتى قياداتها الشرعية المستمدة من القاعدة الجماهيرية.
ثانياً؛ الانفضاض السياسي والاجتماعي عن الأحزاب نتيجة الفشل في بلورة مشروع وطني بديل وجامع، فاليقينيات التي اعتاد عليها الفلسطيني من حق العودة والتحرير والكرامة الوطنية قد أصابها الكثير من العلل والأزمات نتيجة الممارسات السيئة للأحزاب السياسية، والتي تخلت/تحولت سريعاً بعد اتفاقية أوسلو عن دورها الوطني والتحرري لتتحول إلى أحزاب سياسية تحت ببنية سياسية محكومة باتفاقيات تتعارض بالجوهر مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ضمن قواعد ونواظم اخلاقية سياسية وليست وطنية، فأصبحت قواعد التنافس السياسي الخاضع لمبدأ الربح والخسارة هو السائد في خطاب ومواقف ورهانات الأحزاب السياسية، فهيمنة المصلحة السياسية والبرامج الفئوية للأحزاب على المصلحة الوطنية خصوصاً حركتي حماس وفتح، هذه الحالة تمثلت بـخلق حالة من الاحباط واليأس والعجز لدى شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم الشباب، الذي يبحث عن دور في بنية متكلسة هرمة أصابها العجز والوهن.
ثالثا؛ التصعيد العسكري والأمني والاقتصادي من قبل الاستعمار الصهيوني في محاولة تطويع وتطبيع الآفاق السياسية للقيادة وللمجتمع الفلسطيني، وافقاره ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، فالهجمة الشرسة التي شنها الاستعمار الصهيوني أبان انتفاضة الأقصى عام 2000، وتقسيم/عزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، واستهداف المناطق التي تقاوم أو يخرج منها الاستشهادي أضعف من عزيمة الشعب الفلسطيني الذي يعيش ويل الحرب في حين قيادته تعيش في رغد وعلى حساب الشعب، ومن جانب آخر تحكم الاستعمار الصهيوني بالضرائب والمكوس وتحويل جزء من ريعها الى السلطة الفلسطينية، جعلت الأخيرة مرهونة لتلك الحوالات والتي استخدمت كأداة ضغط سياسي على السلطة وقراراتها السياسية، ولا يختلف الأمر ايضاً بالاعتماد الكامل للسلطة الفلسطينية في مصاريفها على المساعدات المالية من الدول الغربية، ومن جانب آخر اعتماد جزء ليس بسيط من الشعب على الخدمات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية من الدول الأوروبية، الأمر الذي جعل من الانكشاف الاقتصادي والسياسي للفلسطينيين أمرا محتماً.
رابعاً؛ نتيجة للعدوان الصهيوني في انتفاضة الأقصى والانقسام الفلسطيني عام 2007، مهد الطريق لفرض النهج الليبرالي على الشعب الفلسطيني الذي واجه أزمتين وصدمتين متمثلة بالتدمير الشامل للبنى المؤسساتية والتحتية من قبل الاستعمار أثناء اجتياحه، والثانية ممثلة بالاقتتال الداخلي بين حركتي حماس وحركة فتح، تلكا الصدمتين جعلت من السهل تلقين وتوجيه الشعب بنمط حياة استهلاكي من قبل الحكومتين (حكومة حماس في غزة وحكومة فتح في الضفة)، مراهنين فيه على القطاع الخاص الذي فرض منظومته القيمية على الشعب الفلسطيني، وأصبح مقرر لفرص الحياة والعيش وأشكال الوجود الاجتماعي وسبل اشباع احتياجات الناس الاساسية من خلال القروض، فتغلغلت وهيمنة النزعة الفردانية المفرطة على حساب الجمعي والمجتمعي، وتمت من خلاله تكبيل أيدى الشعب من أي حراك جماعي للمطالبة بحقوق المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، وحتى حراك المعلمين أو قانون الضمان الاجتماعي، كان يعبر أكثر عن توجهات لشرائح معينة من المجتمع، هذه التغيرات الاقتصادية الجمة جلبت معها الكثير من المشاكل الاجتماعية والفلتان الأمني في المخيمات في بعض المحافظات؛ كمحافظة نابلس وطولكرم وجنين في الأعوام القليلة الماضية.
جميع ما سبق أدى إلى غياب الأمل واللايقين لدى شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني، وفي مقدمتهم الشباب الفلسطيني الذي يبحث عن دور في بنية لم يعد من السهل الاندماج فيها اجتماعياً واقتصادياً، وأصبح الهم اليومي للشباب هو تأمين مستقبله عن طريقة وظيفة لإشباع عوزه اليومي، وبهذا لا يستغرب حالة الانكشاف المجتمعي الذي يواجهها المجتمع الفلسطيني، الذي لم يعد يتحكم بمصيره وبمستقبله!.
وحول بعض المؤسسات ودرجة ثقة الشباب اللاجئ بها نذكر جزء منها، كان أقلها من حيث الثقة في الأحزاب والفصائل السياسية، حيث عبر ما نسبته (67 في المئة) بعدم ثقتهم بالأحزاب، و(50 في المئة) لا يثقون باللجان الشعبية في المخيمات، و(39.9 في المئة) منهم لا يثق بالمجلس التشريعي، و(32 في المئة) لا يثقون في المؤسسات القانونية والقضائية، و(32 في المئة) لا يثقون بمنظمة التحرير مقابل (29.8 في المئة) وثقوا بها، أما المؤسسات التي كانت درجة الثقة بهم أعلى من قبل الشباب فكانت كما يأتي، (53.5 في المئة) يثقون بمدارس الوكالة الموجودة في المخيمات، تلتها المراكز الصحية التابعة لوكالة الغوث بنسبة (48.5 في المئة).
تشير تلك النسب لمجموعة بسيطة من المؤسسات التي قمنا بسؤال الشباب حولها، والتي تعطي فيه درجة ثقة متدنية جداً، ويرجع ذلك العوامل التي سبق عرضها، ونضيف هنا أيضاً بعض المؤشرات التي تفسر عدم ثقة الشباب ببعض المؤسسات، فعلي سبيل المثال، "أن السلطة تقوم بواجبها للمحافظة على أمن المخيمات فقد رفض ذلك ما نسبته (58.6 في المئة مقابل 19.7 في المئة) وافق على ذلك، ولم يوافق ما نسبته (59.4 في المئة) على الجملة القائلة أن "السلطة تسد الاحتياجات المعيشية للفقراء في المخيمات" مقابل (10.7 في المئة) وافق على ذلك، ولم يوافق ما نسبته (42.4 في المئة) على أن "اللجنة الشعبية تعمل لمصلحة الجميع بالتساوي في المخيم دون تمييز" مقابل (22.1 في المئة) وافق على ذلك، وأخيراً رفض ما نسبته (32.1 في المئة) الجملة التي تقول أن "منظمة التحرير الفلسطينية هي من تمثلني في حل قضايا اللاجئين" في مقابل (43.9 في المئة) وافق على تلك الجملة.
إن انخفاض وتراجع الثقة في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية له من الاسباب الكثيرة كما سبقت الاشارة، ولكن لضرورة موضوعة البحث الحالي فإننا نريد توضيحها أيضاً من خلال غياب التمثيل للشباب اللاجئ، وهو يعود إلى البنية التنظيمية الهرمة لقيادات الأحزاب الفلسطينية وعدم تجديد الدماء فيها من خلال الشباب قادها إلى التكلس والهرم، ومن باب المفارقة أن القرار الرئاسي لتشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني بمنظمة التحرير كانت الاغلبية الساحقة فيه لقيادات مجترة هرمة( )، وإن حدث تمثيل شاب فيها فهو تجميل للصورة المعتمة، وينطبق نفس الرأي على الأحزاب السياسية الفلسطينية والتي يغيب فيها برنامج أو رؤية للشباب الفلسطيني ولدوره من رؤية الحزب وبرنامجه رغم أنهم يشكلون القاعدة العريضة لتلك الاحزاب، واختلفت القيادات في الأحزاب السياسية حول توصيف حالة الجفاف السياسي بين الأحزاب من جهة والشباب، فمنهم من وصفها "أزمة، فتور، انحسار، نفور"( ). والمأزق هنا ليس بالتمثيل فقط وإنما مرتبط أيضاً بتجديد شرعية الأحزاب والقيادات فيها من خلال الانتخابات.
وعلى الرغم من تمسك الشعب الفلسطيني بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، إلا أنها في الآونة الأخيرة أصبحت شرعيتها مصدر تساؤل من قبل الشعب نظراً لابتلاع السلطة لها، وتلوينها برؤية حركة فتح، بل وأصبحت مصدر خلاف بين حركتي فتح وحركة حماس.
وفيما سيأتي، سنقوم باستعراض لأهم اتجاهات الشباب نحو مظاهر التمثيل، كما هو واضح في جدول رقم (2):
الرقم العبارة نعم لا
1 هل ترى ضرورة لتمثيل الشباب في المؤسسات الموجودة في المخيم. 85.5% 14.7%
2 هل ترى ضرورة تمثيل الشباب في اللجان الشعبية التي تقود المخيم. 84.2% 15.8%
3 هل ترى بأهمية وجود حركة اجتماعية وسياسية تمثل فقط قضايا اللاجئين. 80.7% 19.3%
4 هل الشباب قادرون على المساهمة والحفاظ على القرارات المتعلقة بحقوق اللاجئين. 78.1% 21.9%
5 بالرغم من تراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية إلا أنها ما زالت تمثل قضايا وحقوق اللاجئين. 68.5% 31.5%
6 بشكل عام هل يتم تمثيل النساء في المؤسسات الموجودة في المخيم. 57.1% 42.9%
7 السلطة الفلسطينية تمثل حقوق اللاجئين اليومية وحق العودة والتعويض. 54.3% 45.7%
8 هل النساء قادرات على المساهمة والحفاظ على القرارات المتعلقة بحقوق اللاجئين. 53% 47%
9 هل تعتقد أن الاحزاب السياسية الحالية قادرة على تمثيل حقوق اللاجئين بعدالة. 28.1% 71.9%
10 هل تعتقد أن أعضاء المجلس التشريعي يمثلوا اللاجئين في احتياجاتهم. 23.9% 76.1%
نعني بمسالة التمثيل هنا؛ ليس بارتباطها بالأجساد السياسية فقط رغم أهميته، وإنما التمثيل الاجتماعي الحقوقي والاقتصادي والمعيشي، فغياب الاجساد التمثيلية للشباب داخل مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني، وحتى المؤسسات التي تعمل وتهتم بالشباب يغيب عنها أيضاً تمثيل الشباب ورؤية موحدة للعمل معهم، ناهيكم عن أن أجندات الممولين حاضرة بالبرامج والفعاليات التي تقوم عليها تلك المؤسسات، فافتقاد رؤية تنموية وطنية هو السبب وراء ذلك من التخبط البرامجي فيها.
فتشير نتائج جدول رقم (2) إلى رؤية الشباب للتمثيل، فحازت الجملة القائلة " هل ترى ضرورة لتمثيل الشباب في المؤسسات الموجودة في المخيم" الأكثر تأييداً من المؤشرات، حيث وافق ما نسبته (85.5 في المئة) عليها من عينة البحث، وتلتها الدعوة لـ "ضرورة تمثيل الشباب في اللجان الشعبية"، والتي يغيب عنها الشرعية من خلال الانتخابات، فمنذ تشكيلها تاريخياً بالمحاصصة بين الأحزاب السياسية لم يتغير على اعضائها إلا ما ندر، إلى جانب أن الأحزاب السياسية أمست تعبر عن الماضي أكثر منه للمستقبل لتكلسها وعدم تجددها رغم المتغيرات الجمة التي حدثت في السياق الفلسطيني التي تستدعي التغيير والتجدد لمواجهة التحديات.
من الواضح أن تأييد لاجئي الضفة الغربية من الشباب يدعمون فكرة التمثيل للشباب في المؤسسات واللجان الشعبية وحتى الثقة بالمرأة لقدرتها على المساهمة على القرارات المتعلقة بحقوق اللاجئين أكثر من شباب قطاع غزة، ونعتقد ان السياق التاريخي والثقافي الاجتماعي نظراً للجغرافيا الاستعمارية التي فرضها الاستعمار على المنطقتين أثرت على التوجهات الحياتية وتوقعاتهم من المرأة والشباب على وجه التحديد.
وما زال الشباب يثق بمنظمة التحرير والسلطة على تمثيل قضايا اللاجئين ولكن بدرجة متوسطة وقليلة على التوالي(68.5 و 54.3 في المئة)، في حين جاءت الفقرات رقم (9 و10) وهما قدرة الاحزاب السياسية على تمثيل حقوق اللاجئين بعدالة، و اعضاء المجلس التشريعي يستطيعوا تمثيل اللاجئين في احتياجاتهم" كانتا أقل الثقة والتأييد للقدرة التمثيلية حسب اعتقاد الشباب اللاجئ، على التوالي (28.1 و 23.9 في المئة)، وهي نقطة سبق توضيح اسبابها في هذا المدخل.
وفيما يتعلق بأهمية وجود حركة اجتماعية وسياسية تمثل قضايا اللاجئين فقط، فقد وافق اغلبية الشباب على ذلك بنسبة (80.7 في المئة)، وهي نسبة تنم على درجة الاقصاء والتهميش اللذان يواجهها سكان المخيمات، وتغيبهم عن خطاب وممارسة المؤسسات السياسية الرسمية والحزبية، ولهذا أيدوا وجود حركة او حزب يكون جوهر اهتمامه القضايا اليومية والمطلبية للاجئين فقط, فرغم أن اللاجئ أحد اهم مكونات الهوية الوطنية للفلسطينيين ولكنه يفتقد إلى التمثيل، وان وجد في قوائم حزبية أو مؤسساتية فهو حضور شكلي أو حزبي لا يتعلق بتمثيل قضاياهم.
إن قضية التمثيل الاجتصاسي مهمة نظراً للتغيرات التي عصفت بالمشهد الفلسطيني ومستلزماتها من المحاسبة والمراقبة، فعلى سبيل المثال أن بنية ومؤسسات ولجان ودوائر منظمة التحرير وحتى الأحزاب قديمة جداً وتفتقد للتجديد، وان تم استحداث كما هو حال المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، فيختزل بمن هم ليسوا شباب هذا من جانب، ومن جانب آخر بالرغم من أهمية ادراك الشباب لأهمية البعد السياسي في تمثيلهم، ولكنه الأداة التي عن طريقها يستطيعوا تسجيل حضورهم وتحقيق حقوقهم الاجتصاسية الأخرى.

في سبيل خاتمة
من المؤكد أن قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى جانب حقوقهم اليومية في كافة مواقع تواجدهم قد اختبرت حالة من الضمور والتقصير، فقد تركوا وحيدون ليواجهوا جملة من الاقصاء والتهميش والاهمال كنتيجة حاسمة للمأزق البنيوي للمشروع الوطني الفلسطيني، وانكماش الحالة التمثيلية لمنظمة التحرير لفلسطينيي الشتات وللفلسطينيين المتواجدين ضمن حدود فلسطين التاريخية، فلسطين التاريخية في الداخل الفلسطني.
الاجتصاسية من الملفت للنظر لانتفاضة 2015 هو غياب الجميع عنها، فالأحزاب السياسية لم تدخل بقوة في الانتفاضة لعدم امتلاكها لرؤية جديدة لمأزق المشروع الوطني، وأيضا عدم رغبتها في دفع ثمن سياسي لمشاركتها وتوجيهها لفعاليات الانتفاضة، والسلطة الفلسطينية منعت بعض المظاهرات في مناطق معينة وأتاحت مجالاً للتظاهر والاحتجاج في مناطق أخرى، مع ادراكها لأهمية التحكم بها من قبل حركة فتح ميدانياً لأنها تتناقض جوهرياً مع مشروعها ومصالحها الاجتصاسية، وغياب المثقفين في التأطير الثقافي والاجتماعي للانتفاضة، وعدم الاعتراف بها كانتفاضة واطلقوا عليها عدة مصطلحات منها "هبة جماهيرية أو شبابية أو حراك" لما تستدعيه الانتفاضة من حضور المثقف المشتبك ودوره العضوي والوطني فيها، وتحول أغلبية الشعب الفلسطيني إلى متفرج لأسباب بنيوية اقتصادية واجتماعية، ولكن الوحيدون الذين كانوا حاضرون هم الشباب، ولهذا يجوز ان نطلق عليها انتفاضة الشباب، الذين عبروا بحضورهم ونضالهم ومقاومتهم وابتداع اساليب نضالية جديدة والعمليات الفردية الوطنية هو اشارة ودليل عن رغبتهم بالالتحام الوطني والدفاع عن كرامته وكرامة مجتمعه، والشعور الايجابي بتحكمهم بالمصير ورفض سياسات الاستعمار الصهيوني، شارك فيها فلسطينيو الضفة الغربية وغزة وفلسطينيو 48 بفعالية، ولهذا إن كان هنالك مخرج وطني للشعب الفلسطيني فيجب أن يكون الشباب المفصل والمحرك والداعم له، وفق عدة محاور، أهمها:
• الدعوة والعمل الدؤوب لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتجديدها، وفي مقدمتها انتخاب المجلس الوطني يشارك فيه جميع الفلسطينيين في كافة مواقع تواجده في الداخل الفلسطيني في حدود فلسطين التاريخية والشتات، واعادة الاعتبار له باعتباره أعلى هيئة تشريعية ووطنية فلسطينية.
• التخلص والخروج من الشروط/الجغرافيا الاستعمارية وتقسيماتها(الضفة الغربية وغزة فلسطينو عام 1948) المفروضة على الشعب الفلسطيني، وبلورة ميثاق وطني وقومي فلسطيني يعرف الفلسطيني والوطن استناداً إلى مشروع وطني شامل يساهم الشباب الفلسطيني في بلورته، آخذين بعين الاعتبار التحديات وموازين القوى، فالاهتمام بالشعب واعادة اللحمة البشرية للفلسطينيين أمر مهم، فالوطن ليس بالدولة وأهم منها، لأن الشعور بالكرامة الوطنية الجمعية والفردية مستمدٌ منه لا من الدولة، "فقليل من التفكير بالدولة وكثيراً في التفكير بالوطن"( ).
• حوار وطني شبابي للمزيد من الحراكات الوطنية والمجتمعية، والتخلص من العناصر الذين يغلبون المصلحة الفصائلية على المصالح الوطنية، والعمل ضمن حراك جماعي موحد في الرؤية والأهداف والبرامج؛ الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهدفها الرئيس هو التخلص من الاستعمار، لما له من أهمية في تصليب قدرتها ومناعتها في مواجهة الجهات المستفيدة من الانقسام والمسؤولين عن ابقاءه واستمراره.
• اعادة قراءة/ وتقييم تاريخ حركة التحرر الوطني الفلسطيني، والاهتمام بالتاريخ الفلسطيني الوطني باعتباره الحصن المنيع للهوية والذاكرة والوجود الفلسطيني.










المراجع
أبو ندا، أشرف صقر (2014). الهوية الفلسطينية المتخيَّلة بين التطور والتأزم. مجلة المستقبل العربي، ع.423، 81-97.
البرغوثي، أنس (2012). شعارات الحراك الفلسطيني: تشتت في الرؤية أم إدراك لواقع معقد. مجلة الدراسات الفلسطينية، ع. 90، 111-116.
بلقزيز، عبد الإله (2/1/2005). "مأزق الفكر السياسي الفلسطيني"، موقع التجديد العربي، (روجعت بتاريخ: 12/6/2017)، على الرابط الالكتروني:
ثابت، سعيد بن محمد (23/10/2016)."مفهوم الفاعلية"، موقع شبكة الألوكة، (روجعت بتاريخ 5/7/2017)، على الرابط الالكتروني:
ثنيو، نور الدين (2013). الشباب الجزائري والسياسة. مجلة إضافات، ع. 23-24، 45-60.
جاد الله، مراد (2012). مستقبل الحراك الشباب الفلسطيني ودوره في القضية الفلسطيني. . مجلة الدراسات الفلسطينية، ع. 90، 125-131.
حجازي، مصطفى (2013). الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية. ط3. المغرب: المركز العربي الثقافي.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (شباط 2016). مسح الشباب الفلسطيني، 2015؛ النتائج الرئيسية. رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (20/6/2016). "واقع اللاجئين الفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي للاجئين 20/6/2016"، (تاريخ الزيارة 29/7/2016)، على الرابط الالكتروني:
<http://www.pcbs.gov.ps/>
روحانا، نديم (2014). المشروع الوطني الفلسطيني: نحو استعادة الاطار الكولونيالي. في مركز مسارات. استراتيجيات المقاومة: المؤتمر السنوي الثالث(27-48). رام الله: مركز مسارات "المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية".
زبون، كفاح (23 يناير، 2013)."رمزية المخيمات تضع السلطة في حيرة من أمرها: التمرد في المخيمات يطل برأسه بأشكال مختلفة"، جريدة الشرق الأوسط، العدد 12475، على الرابط الالكتروني: <http://archive.aawsat.com/>
زماعرة، بدر و إبراهيم أبو كامش (2010). الشباب الفلسطيني والتنظيمات السياسية: من الانخراط الريادي إلى الخوف وخيبة الأمل. رام الله: منتدى شارك الشبابي.
السقا، أباهر (2016). التمثُلات الجديدة في المجتمع الفلسطيني: التَخبُّط التمثُلي والمعيارات الجدية: نموذج محمد عساف. مجلة إضافات، ع. 35، 9-23.
سلامة، بلال عوض (2013). تحديات الحركة الطلابية الفلسطينية: ما بين الواقع والامكان. مجلة إضافات، ع.23 و24، 9-32.
شاهين، خليل (2014). المشروع الوطني والهدف الاستراتيجي: اتجاهات وتصورات. في مركز مسارات. استراتيجيات المقاومة: المؤتمر السنوي الثالث(67-86). رام الله: مركز مسارات "المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية".
صافي، سمير خالد و خليل عبد الكريم مقداد (2009). دراسة مقارنة حول الخصائص الاجتماعية والأسرية والزواجية والتعليمية والاقتصادية للأسر الفلسطينية 1997-2007. رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
الضاني، شرين حربي جميل (2010). دور التنظيمات السياسية في تنمية الوعي السياسي لدى طلبة الجامعات في غزة.(رسالة ماجستير غير منشورة).جامعة الأزهر، غزة، فلسطين.
عبيد، حسن ودلال باجس (2015). مجالس الطلبة والنظام السياسي الفلسطيني: جامعات الضفة الغربية نموذجاً: أوراق نماء(56). مركز نماء للبحوث والدراسات (روجعت بتاريخ 25/6/2016)، على الرابط الالكتروني:
غربالي، فؤاد (2013). الشباب والدين في تونس: دراسة للأشكال الهويتية الجديدة لدى الشباب التونسي. مجلة إضافات، ع. 23-24، 33-44.
القدس (14/5/2017). "انتخابات المجالس المحلية: نسبة الاقتراع 53.4% والنتائج الرسمية تعلن اليومي"، القدس دوت كوم، (روجعت بتاريخ 4/7/2017)، على الرابط الالكتروني:

قرعان، فادي (2012). وجهة نظر في استراتيجيا النهوض للحراك. مجلة الدراسات الفلسطينية، ع.90، 145-152.
لدادوة، حسن (2017). الشباب والمشاركة والحريات العامة والهبة الحالية. في جميل هلال(محرر). الشباب الفلسطيني: دراسات عن الهوية والمكان والمشاركة المجتمعية(106-123). رام الله: مركز دراسات التنمية.
مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات (2016). القيادة الفلسطينية ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني. غزة: مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات.
مراد، رامي (16/12/2012). دور الشباب الفلسطيني في التغيير الشامل (اقتصادي. سياسي. اجتماعي). وقائع مؤتمر حول (دور منظمات المجتمع المدني العربي في الحوار المجتمعي المتعدد). القاهرة، روجعت بتاريخ (2/7/2017)، على موقع ماعت الالكتروني:
<http://www.maatpeace.org/old/node/3963.htm>
هلال، جميل (محرر)(2016). الشباب الفلسطيني: المصير الوطني ومتطلبات التغيير. رام الله: مركز الأرض للأبحاث والدراسات والسياسات.
هلال، جميل (2016). تفكك الحقل السياسي الفلسطيني. مجلة الدراسات الفلسطينية، ع. 107، 7-13.
وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) (19/4/2011). "قرار رئاسي بتشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة"، موقع وفا، (روجعت بتاريخ 7/7/2017)، على الرابط الالكتروني:
<http://www.wafa.ps>



#بلال_عوض_سلامة (هاشتاغ)       Bilal_Awad_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قنوات العمل للاجئي المخيم: من تعدد التمثيل إلى تمثلات السلطة ...
- العمليات الاستشهادية الفلسطينية: الجسد كأداة مقاومة
- اللاجئين الفلسطينيين ومسألة التمثيل في الخطاب السياسي
- حزب التحرير الاسلامي- فلسطين: من مرحلة الوعي السياسي إلى الم ...
- سوسيولوجيا الكتابة بالحمام: تحليل مضمون كتابة ورسومات المراه ...
- فلسطين: كلمات موجعة وكتابتها مؤلمة... بلد الالتباسات
- الفاعل الاجتماعي( 1) : رؤية نقدية على ضوء تحديات المشهد الفل ...
- فشة خلق تعبوية بفلسطين الهوية والمنهاج
- شذرات سريعة في المخيم والقدس والقهر
- وسائط الاتصال/الاعلام وثقافة المقاومة الفلسطينية: من حرب الع ...
- فلسطين: يوجد مقاومة ولكن ليس هنالك انتفاضة ؟ من يقرر ذلك؟
- سلطة القمع والخضوع والتمرد ما بين سلطة أوسلو وقهر الاستعمار؛ ...
- أن تعمل في بيئة غير قابلة للعمل: نحو تأصيل مفهوم وممارسة الع ...
- استطلاع رأي بمناسبة الاحتفالية ب 40 سنة لتأسيس جامعة بيت لحم
- الحركة الطلابية الفلسطينية ما بين الواقع والامكان *
- الثقافة المدنية: حصار الثقافة وغياب المدينة في فلسطين
- الحركة الطلابية في بيت لحم
- تحليل نقدي للمجتمع الفلسطيني: البنية الثقافية والمجتمع المدن ...
- مكونات وعناصر المجتمع المدني في الخليل (فلسطين)
- الخطاب السياسي لدى الطفل الفلسطيني: أطفال مخيم الدهيشة بين ر ...


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بلال عوض سلامة - الشباب الفلسطيني اللاجئ؛ بين مأزق الوعي/ والمشروع الوطني وانعدام الثقة وغياب التمثيل