أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد إبراهيم أحمد - كورونا التي تحاصرنا تهذيبا لا تعذيباً














المزيد.....

كورونا التي تحاصرنا تهذيبا لا تعذيباً


السيد إبراهيم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعاقب الأخبار على كافة الشاشات وهي ترصد أخبار الصين ونكبتها الكبيرة التي أصابتها في بعض شعبها، والأموال التي خسرتها، والناس الذين يهربون منها من كافة الجنسيات بعد ما كانوا في شوقٍ إليها، ثم تصرح وكالات الأنباء العالمية بأن هناك حظرًا على بعض المدن الصينية لا يسمح لأهلها بالخروج منها أو لأحدٍ بالدخول إليها، ثم وزعوا الكمامات التي توضع على الأنوف والأفواه، ثم لبسوا القفازات، وأمروا بتباعد المسافات، والامتناع عن التحيات بالعناق والقبلات، ثم أغلقوا الحدود مع الدول المجاورة لهم فلا يسافر من الصين أحد ولا يسافر إليهم أحد أيضا درءًا للخطر.

أصبح فيروس "كورونا" حديث العالم الذي قلب الأرض بكوكبها وإنسانها وقياداتها ورجال سياستها واقتصادها، وكافة شعوب الأرض رأسا على عقب بين عشية وضحاها؛ فالفيروس يطور نفسه ويتحور حتى استعصى على علم العلماء، وخبرات وتقنيات المعامل والمختبرات وكليات الطب في كبريات الدول المتقدمة، وأصبحت النفوس مذعورة تبحث عن حل، والبعض استهان واستهتر:

ـماذا عساه أن يفعل مثل هذا الفيروس فينا؟ إن هو إلا جرثومة خفية.. سرعان ما سيقضى عليها!

لكن كورونا جمعت حقائبها وعائلتها لتسافر في أنحاء أوروبا الرائعة التي كانت دومًا حلم أبناء العديد من شعوب العالم شبابها وشيوخها بالعمل فيها أو التعلم أو السياحة أو طلبا للاستشفاء أو الإقامة بل أن بعضهم تنازل عن جنسيته في سبيل أن يتجنس بجنسية أحد بلدانها ويقيم فيها باعتبارها منتهى الحلم، ومبلغ الأمل، والجنة الموعودة..

لكن كورونا وصلت إليها هي الأخرى أليس من حقها أن تغادر الصين وتتجول في ربوع أوروبا الرائعة الهادئة ذات المناظر الخلابة، فكم سمعت عن أهلها، ومعدلات الرفاهية فيها، وكم كان أهلها يتحصنون بها عن الشرق وأمراضه، وحروبه، وأفكاره، ويمنعون من يريد أن يدخل أراضيهم ولو وصل الأمر إلى حد القتل والسجن لكن أبدا لن يدخلون أوروبا أبدا.

ضرب فيروس كورونا أسبانيا التي استهترت به فأفقدها المئات بالوفاة والآلاف بالإصابة، والأعداد تتزايد وليس هناك من هو قادر على الوقوف أمام زحفها الطاغي الغشوم، كورونا تحاصر الجميع، لكن أين هي كورونا لا أحد يراها، أنها تنتقل بالرذاذ وليس في الجو، فلا تخافوا ولا تلبسوا الكمامات، بل خافوا والبسوا الكمامات فقد ثبت أن كورونا تنتقل عبر الجو، العيون تنظر في العيون متعجبة:

ـ ألم يصلوا بعد لدواء يوقف تلك الغاشمة العاتية الجبارة عن الفتك بنا؟!

مرت عربات القوات المسلحة تحمل جثامين موتى إيطاليا التي فتكت بهم كورونا، ثم توقف العالم عن الحركة عندما استلزم الأمر بحظر التجول في الشوارع، والتحصن بالبيوت، وما عاد صوت العلم يخرج من المدارس والمعاهد والجامعات، وتوقفت أجراس الكنائس عن الدق، وأصوات المؤذنين بعد أن ينتهوا من نداء الحق يُعقَّبُون: "صلوا في رحالكم" و"صلوا في بيوتكم"..

وصارت الكعبة المشرفة وحيدة بعيدة عن الطائفين، وأغلقت مطارات العالم أبوابها في وجوه المسافرين والعائدين، لترتاح الطائرات على الأرض، ولم يعد في الأفق القريب من يرغب في أوروبا ولو جاءته دعوة مجانية لزيارتها أو الإقامة فيها بعد أن أصبحت بؤرة من بؤر كورونا النشطة:

ــ أكان هذا عقابا ربانيا لهم عندما أغلقوا الأبواب في وجوه اللاجئين المستغيثين بهم، فأغلقها عليهم ربهم وحاصرهم فيها؟!

لقد ضرب الحصار كل بلدان العالم بشرًا وطائراتٍ وحدود، حتى صار الجميع محاصرًا، لا يخرج للشوارع، ليس له من مكان يسافر فيه، أو يلجأ إليه، أو يحتمي به:

فهل كانت "كورونا" مكباحًا لوقف جموح الغرب المتسلط، والأمريكي المتغطرس، وأولئك الذين يسعون في بلاد العرب دكًا، وتقسيمًا، وتقزيمًا، وفتكًا بشعوبها هجرةً ونزوحًا وأسرًا وتقتيلا؟!

أم كانت "كورونا" ابتلاءً ربانيا رحيمًا للإنسان في كل بقاع الأرض لا لتعذيبه، كما يزعم البعض، وإنَّما لتهذيبه بعدما تطاول، وتمادى، وتبجح ونسيَّ أن له ربًا يردع؟!

أراد رب البريات أن يُعري جبابرة الأرض عن قوتهم فأظهرهم: مهزومين، خائفين، متدرعين بالقفازين والكمامة، من جنديٍ صغيرٍ من جنوده، يراهم ولا يرونه، يقتحمهم ولا يدفعونه، لا يعملون له حسابا فجعلهم يبابا، والرجاء الباقي في القلوب يتردد:

أن يرحم أهل الكوكب بعضهم بعضا؛ فيذعنوا للحق، ويعودوا للصواب، ويلملموا أسلحتهم، ويسرحوا جيوشهم، ويعيدوا لكل صاحب حق حقه، ولكل بلدٍ أهلها، ولكل مسروق ثروته، ويحدث تكامل بين الشعوب في الغذاء والثروات والمنافع.

ربما كانت "كورونا" محنة قاسية لكي تعيد البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وعقائدهم إلى أخلاق الرحمة والتكافل والتعاون التي استهان بها البعض في الداخل والخارج معا، ربما لو عادوا يعود "كورونا" أدراجه، بعد أن أدى مهمته، ليلوح في أفق السماء وعيد: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾.



#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السويس .. أماكن وذكريات
- حوار مع التربوي الأديب عادل أبو عويشة
- سياحة في كتاب ” بَوْحُ الرُّوحِ” للكاتبة عزة أبو العز
- أبلكيشن: مونودراما الخير والشر تكنولوجيًا..
- الثورة والشباب في كتابات الدكتورة رانيا الوردي..
- مصطلحات الزحاف والعلة في -الميزان-..
- -وراء الشمس-..أمنية!
- قراءة استطلاعية في أعمال الأديب ياسر محمود..
- الريس كابوريا:بطل سلاحه -السمسمية-..
- قراءة في ديوانين للشاعر عادل نافع..
- بين الوردي وكامل .. حوارٌ شبه متكامل..
- الشاعر أحمد رشاد أغا: المسيرة والإبداع..
- بَرَاَءَةُ العَامِّيَّةِ مِنْ هَدْمِ الْفُصْحَىَ..
- دكتورة عزيزة الصيفي .. بنت العربية والأزهر
- ذكريات سويسية .. ما أحلاها!
- كابتن غزالي.. شاعر المقاومة وذاكرة الوطن..
- قصة السويس كما رواها سادات غريب..
- “القراءة”.. المكون الفكري للشباب.. عبد الناصر أنموذجًا…
- مصر إلى أين؟
- “حراء” في الشعر الهندي باللغة العربية ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد إبراهيم أحمد - كورونا التي تحاصرنا تهذيبا لا تعذيباً