أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - قراءة في ديوانين للشاعر عادل نافع..














المزيد.....

قراءة في ديوانين للشاعر عادل نافع..


السيد إبراهيم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 18:25
المحور: الادب والفن
    


يتميز عادل نافع، وهو من شباب شعراء العامية بالسويس، بأن له صوتًا متفردًا، وبوحًا متجددًا؛ فلا يزال يحاول الإبحار في مناطق تعطيه جديدًا أو يخلق منها جديدًا، ويبدو هذا جلًيا في ديوانه: "أنا الحَكَّاي" الذي اعتبر ما فيه "حكايات ساخرة على أنغام الزجل" باعتباره راويًا يلبس مسوح الحكمة فيرصد الواقع اتكاءً على خبرته الإنسانية وربما أظهر فيها استشرافًا للمستقبل في أسلوب من القصائد التي تعتمد على البناء الحكائي المرسوم ببراعة الحركة الكامنة فيه.

يبدو للقارئ أن الشاعر عادل نافع يقطف قوافيه من الفروع القريبة بشكل عشوائي وبلا ترتيب، وهو ما ينسفه نافع تماما مع استكمال البناء المقصود في حكاياته التي ترتكز على جملة تأتي قبل النهاية يظهر من خلالها القراءة الواعية للمشهد بجوانبه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهو ما يعني أن هناك ارتباطًا نفسيًا خاصًا بين الشاعر وبين النص الذي سهر عليه شكلا ومضمونا ويصلح أن يقرأه القارئ نصا في ديوان أو يراه مشهدا تمثيليا في دراما.

لا تخلو الحكايات من الموسيقى المتسربة في الكلمات المتدفقة بالصور التي لا تعرف التوقف؛ فالشاعر يقدم الحكاية دفقة واحدة عبر المواجهة مع القارئ بلا مواربة، وأحيانا ما يستخدم الصورة الفانتازية التي تصنع الدهشة وتعقد الألسنة ثم يأتي بالمعنى المقصود من هذه التوليفة العجيبة المزركشة بالألفاظ التي تأتي عنيفة في تركيبتها أحيانا وأحيانا ما تكون صادمة على الذوق الذي لم يألفها لصراحتها، وهذه سمة تكاد تغطي قصائد نافع حتى في عمله التالي الذي سأتناوله.

وراوي الشعر حاكٍ، وليس على الحاكي عَيْبٌ، ولا عليه تَبِعةٌ، إذا هو لم يقصد بحكايته أن ينصر باطلا، كما قال عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز، ونافع لم ينصر باطلا بل داعيا للحق، ما استطاع، غير أنه يجازف برسم صورة شعرية رمزية مقنعة لكنها صادمة للأذن المطبوعة على العرف والتقاليد كما في حكايته:"حلة بكرية".

داعب نافع أوتار السياسة في أكثر من حكاية بألفاظ دلالية لا يغيب عنها الحضور الجمالي المبني في صياغته بحرفية وإن بدت عفوية بقوافٍ نمطية تولد صوتًا ومعنى، غير أن نافع يستخدم آليتي الهدم والبناء في القصيدة/الحكاية كما أشار إليه "جون كوين" في "بناء لغة الشعر": (لكي تكتمل القصيدة كقصيدة ينبغي أن تفهم ممن وجهت إليه، الإضفاء الشعري سبيل ذو وجهين تبادلي وتزامني.....هدم وإعادة للبناء، ولكي تؤدي القصيدة وظيفتها من الناحية الشعرية ينبغي "للمعنى" في وعي المتلقي أن يُفقد وأن يتم العثور عليه في آنٍ واحد)، وهو ما يبرع فيه عادل نافع، والشواهد على هذا كثيرة غير أن نقل النصوص في هذا النمط من الحكايات سيفسد المعنى والغرض لو جيء به مبتورا عن سياقه ووظيفته في الاستدلال بالأشطر وما شابه.

يمتطي الشاعر عادل نافع صهوة العشق في ديوانه: "عن شطي ليه تبعدي" عبر قصائده التي يلح بعضها أن يكون أغنية عافية راقية، وإن تناولت بعض قصائده العاطفة المشبوبة المتوهجة بالتعبير الحسي الصارخ الصادم كما في قصيدة "دورت عليك": (تسقيني بلذة أحلى لعاب) وشتان ما بين "شهد الرضاب" وهذا الوصف، وكذلك بعض الأوصاف التي أضفاها في "حر الشفايف نار" حين تكلم عن القبلة التي شبهها بطعم القطايف والجبنة القديمة وهي تخالف الحس الجمالي والبلاغي وإن كان قصده التجديد وكسر التقاليد، لكنها تخالف التلازم الشديد في دلالات التشبيه ـ عند جون كوين ـ في كل العناصر.

غير أن قصائد الديوان بعامة وإن تناولت نفس موضوعات العشق والهوى التي يطرقها الشعراء كثيرا إلا أن للشاعر عادل نافع لمساته التي أضفاها على كثير من النصوص التي تميزت بالسلاسة والعذوبة والتلقائية، وهو ينقل مفرداتها المختارة تارة بلسان الحبيب وتارة بلسان الحبيبة في ثنائية تقنع القارئ بمدى شفافية الشاعر لنقل التعبير عن شغاف العاطفة المستكنة في فؤاد العاشقة ولا تجد ألفاظا تعينها على البوح الصحيح فيكون لسان نافع خير ناقلٍ عنها.

لا يجد الشاعر نافع أي غضاضة في أن يرسو قاربه الشعري على مرفأ الشاعر صلاح جاهين فيغترف من نهره المغداق الشطر الأول من رباعيته "أنا اللي بالأمر المحال اغتوى" لكنه يبحر في ذاتيته التي يعارض بها جاهين في سعيه للقمر بينما نافع وحبيبته أرق من القمر.

لا يستطيع الناقد أن ينقل كل الدلالات والمضامين الشعرية في كل القصائد، وفك بعض رموز الكلمات المسكوت عنها، وكل الجماليات التي ساقها الشاعر الذي حاول أن يثبت فيها طاقته الشعرية المتجددة، وهذا ما استلزم منه جهدا فائقا في اجتناء ثمارها من أشجار حدائق بعيدة عن أيدي غيره من الشعراء، وهذا ـ بحق ـ ما يُحسب للشاعر عادل نافع أنه لم يحط عصاه في مدينة الشعر ويكتفي بل مازال لا يكف عن الترحال بحثا عن المعاني أو الألفاظ المسكونة بدلالاته التي يجهدها في البوح بما يريد.

إن كل ديوان من ديواني الشاعر عادل نافع يستحق أن تفرد له دراسة وحده، ولكن حتى هذا لا يغني عن أن يبحر القارئ في الحكايات الشائقة في ديوانه: "أنا الحَكَّاي"، كما لا يغني عن التفاعل مع قصائده التي تصور العشق في أكثر حالاته بين الشوق إلى اللقاء، والإعلان عن الوجد باشتهاء في ديوانه الثاني: "عن شطي ليه تبعدي"، فهذا أقصى ما يتمناه الشاعر أن تدق كلماته باب قلب القارئ، ويعيها عقله، وينطقها لسانه.. بهذا تصل رسالة الشاعر، وهذا يكفيه..



#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الوردي وكامل .. حوارٌ شبه متكامل..
- الشاعر أحمد رشاد أغا: المسيرة والإبداع..
- بَرَاَءَةُ العَامِّيَّةِ مِنْ هَدْمِ الْفُصْحَىَ..
- دكتورة عزيزة الصيفي .. بنت العربية والأزهر
- ذكريات سويسية .. ما أحلاها!
- كابتن غزالي.. شاعر المقاومة وذاكرة الوطن..
- قصة السويس كما رواها سادات غريب..
- “القراءة”.. المكون الفكري للشباب.. عبد الناصر أنموذجًا…
- مصر إلى أين؟
- “حراء” في الشعر الهندي باللغة العربية ...
- قراءة في رواية -سيدة الضياء-.. للروائي السيد حنفي
- حوار مع الروائي المصري السيد حنفي
- -حراء.. في الشعر الأردي..
- قراءة في المجموعة القصصية -الحصان- للأديبة سميحة المناسترلي. ...
- قراءة في ديوان: -حارة الصبر- للشاعر عزت المتبولي..
- غار حراء وأثره في الفنون..
- عصام ستاتي: الْمِصّرِّيُ مَذْهَبًا..
- بين جاذبيتين: مصر بالحرف واللون...
- رمضان بين -التواحيش- ورجاء القبول..
- رمضان: مدرسة لا تغلق أبوابها..


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - قراءة في ديوانين للشاعر عادل نافع..