أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - كُنْ غيابَكَ يا قاسمْ..














المزيد.....

كُنْ غيابَكَ يا قاسمْ..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 21:46
المحور: الادب والفن
    


في مثل هذا اليوم الحزين قبل عامين فجعتُ برحيل قاسم وأنا في منفاي، ولكن الفجيعة في بغداد كانت أشد حلكة وسوادا. لقد روعنا جميعا بهذا الخطب الجلل، فرحيل صديق العمر لأغلبنا ذلك المقيم في وجداننا قاسم محمّد عبّاس، لهو فجيعة ما زال يصعب على العقل التعامل مع مراراتها، كما كتب ذلك الصديق حسين محمد عجيل اليوم المصادف للخامس من شهر نيسان أبريل من عام الجائحة، بمناسبة هذه الذكرى الأليمة. فأيّة خسارة تعادل فقدان ذكريات عمرها أربعة عقود تشهد عليها بغداد وتغنيها موجات دجلة العذب؟
يقول العزيز حسين محمد عجيل أطال الله في أنفاسه، إنه لم تسمح جائحة كورونا التي تعصف بالبشرية جمعاء حاليا بتنظيم حفل إحياء لذكراه الثانية، التي تصادف اليوم الأحد، كما سبق وأن بادر حسين صحبة ثلة من الأصدقاء المحبيّن لقاسم والمقربين إليه إلى تنظيم مناسبة كبيرة ولائقة في ذكراه الأولى ببغداد، فحاول تخليد الذكرى في ظلّ هذه الظروف بنشر قصيدة مهداة منه إلى روح قاسمنا وذكراه اليوم فاتحا الباب أمامنا جميها للفعل نفسه.
وهل أعظم من الشعر منابا ومثابا وتذكيرا وذكرى؟
يسير في الظن للمتلمس أبعاد حياة قاسم محمد عباس انه ابن كتب وثقافة وكلمات وذلك بالنظر إلى جم الآثار التي  تركها خلفه بتنوعها من القصة القصيرة إلى الرواية إلى المسرح إلى البحث إلى التحقيق وليس انتهاءا بالكتابة التأملية والمقال الصحفي والتعاليق النقدية هنا وهناك ما استطاع إليه سبيلا. ومَن غيره الأجدر بهذا الوصف وهو الذي أوقف حياته على الفكر محرابا وطريقا؟ لكن مهلكم، فقاسمنا هو ابن حياة وأكثر بل هو ابن الحياة بلحمها وعظمها ودمها الذي يسيل على جوانب الشرف الرفيع بالانتماء الى بني البشر. دعوني أقول لكم بشيء من الجزم والحزم ان قاسم الذي عرفتموه هو قاسم الآخر الذي عرفتموه لو كنتم أنتم غيركم. كان مولعا لا بل ماهرا في لعبة الأقنعة الصينية كما كان سيدا في تعميم مبدأ التقية ولم يكن ليجد أي ضير أو تضارب في هذا مع نشدانه الأبدي لقيم الحداثة الكونية في تجلياتها المعاصرة ولعل من أهمها عذابات الاغتراب والتشيؤ وعدم الاندماج. نعم، لقد تعب وظهر عليه التعب في أشهره الأخيرة كما كان يرشح لي عبر مكالماتنا الهاتفية بين بغداد ولندن، وأعتزل ما أمكن له الاعتزال دون المساس بذلك الخيط الرفيع الذي كان يشده الى بعض الحياة وبعض الناس ولكنه في كل هذه وتلك كان وفيا الى نفسه فقط مع أقل عدد ممكن من المساومات وهذا ما أوقعه في طين التعب، وعندما أزف الوقت للرحيل كان قد قال مع نفسه كلمته الأخيرة. فاذهب حاضرا وكن غيابك كما كنت حضورنا يا قاسم الفرح الشجي مثل موسيقى كنت ترددها بفمك في ليالي الوزيرية الجميلة ذات بغداد.
القصيدة:/
عطورات السهروردي المقتول
(في ذكرى قاسم محمد عباس)
شعر: حكمت الحاج
بعد صراع مع الغيلان
في الفلوات الوحشية
صديقي المفكر العراقي
والباحث المحقق في التراث الغنوصي
قاسم محمد عباس
يغادرنا إلى مثواه الأخير
بعد إسهاماتٍ ثَرَّةٍ في إغناء العقل العربي
وتغيير الذائقات
وصلني اليوم نعيكَ
صديقي قاسم
فلترافقكَ أصواتُ أجنحةِ جبرائيلَ
ولتؤنسَ وحشتكَ في الطريق
عطوراتُ السهروردي المقتول
أنت الآن قوي بما يكفي
لتنساق التلال شفافةً وراءك
ولتعبقَ الأحلامُ جنبكَ مِسكاً وطِيبا
اذهبْ ضائعاً في لهاث الفكر
ضالعاً في هواء المطابع
واخرجْ من الأرض كما دخلتها يوماً مرتين
اذهبْ وحيداً
كلنا معكْ
ولتشهدْ بغدادُ عمقَ محبتنا!
(من كتابي الشعري "انستغرام" الصادر في لندن عن منشورات مومنت 2019)
https://docdro.id/u7RXqan
--------------------
كلمة وقصيدة قيلتا بمناسبة مرور عام على رحيل صديقي ورفيقي الكاتب والباحث والمحقق التراثي والناقد قاسم محمد عباس في حفل استذكاره في بغداد في مثل هذا اليوم قبل عام وقد قرأ مشاركتي في تلك المناسبة هناك الصديق الكاتب المبدع د. نصير غدير كما إن الشكر موصول للصديق المثقف المحقق حسين محمد عجيل على تفضله بدعوتي للمساهمة في الحدث.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيخوتي أو فارس الظل الحزين_ مونودراما شعرية
- معجزة_قصيدة يانيس ريتسوس_ترجمة
- قصيد إلى حليمة (1942- 2007)
- رعد عبد القادر الشاعر الذي فوق رأسه شمس..
- الاتصال والتغيير الاجتماعي في الدول النامية
- ستانلي كونيتز: -الكذب خطيئة ضد الشعر لا يمكن اغتفارها أبدا-
- تراثنا العربسلامي: الحداثة والقطيعة..
- الْـجَازْمَانْ الـمـُذْهِل وخطواتُ القطّ الأسود
- الكتابة بريشة التاريخ
- سلطة الممثل هي جوهر العمل المسرحي: نحو مسرح فقير..
- ثلاثون عاما على بغدادات..
- الشعر والموقف في مهرجان الشعر العربي الرابع بالقيروان
- في الشعر الحر وشعر النثر
- الحراك السلمي وكفاح اللاعنف: الشعب يريد إسقاط النظام..
- بانتْ سعادُ
- السينما والفيلسوف: الفكرة واللقطة
- يسارية متطرفة برواية عن الإسلام، ويميني متطرف يؤيد التطهير ا ...
- نقرأ من أجل غد أفضل.. حوار مع مسيري هذه التظاهرة الثقافية
- في التحليل البنيوي للأدب
- نعي الكتاب: انتهى الكلام، بدأ فكر البصر


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - كُنْ غيابَكَ يا قاسمْ..