أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - في الشعر الحر وشعر النثر














المزيد.....

في الشعر الحر وشعر النثر


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 20:32
المحور: الادب والفن
    


عندما كتب الشاعر خليل الخوري عرضا لـ "معلقة توفيق صايغ" في العدد 27 من مجلة "شعر" في الأول من حزيران يونيو 1963 ذكر أنّ الشاعر توفيق صايغ "هو أحد خمسة أو ستة شعراء في العالم العربي يجنحون لصب تجاربهم في إطار ما يسمى بـالشعر الحر". ثمّ عاد الخوري وذكر في المقال نفسه المعنون "التحدي المبطن بالخوف" في فقرته الختامية تحديدا "أنّ من بين من كتبوا الشعر الحر يأتي توفيق صايغ رائدا" (انظر ص 112 من العدد). والذي يهمنا نحن هنا ليس مكانة شاعر عظيم مثل توفيق صايغ، بل ذينك المكانين اللذين ورد فيهما ذكر لمصطلح "الشعر الحر". إذ يبدو أنّه كان من الصحيح القول في تلك الأيام أنّ تجارب جبرا إبراهيم جبرا وتوفيق صايغ ومـحمد الماغوط وإبراهيم شكر الله ومـحمد منير فوزي وعصام محفوظ كانت تندرج تحت تسمية "الشعر الحر". فما الذي حول الأمور وجعلنا نقول عن الأسماء الآنفة الذكر أنّهم يكتبون ما نسميه "قصيدة النثر"؟
لا شك أنّ الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة، وعبر مقالها "الشعر الحر والجمهور"، المنشور في مجلة الآداب عدد تشرين الأول لعام 1962 قد ساهمت إلى حد كبير في انتهاج طريق الخطأ، ثم في جعل هذا الخطأ يسود. فهي وحرصا منها على مكانتها ومكانة شعرها قد أطلقت تسمية الشعر الحر على تلك القصائد التي هي ليست إلاّ شعرا عموديا بتوزيع لا يلتزم نظام الشطرين. وأبلغ مثال على ذلك هو شعرها هي بالدرجة الأولى وشعر عموم المدرسة العراقية في تلك الفترة، وأطلقت تسمية "قصيدة النثر" على تلك القصائد التي هي حقيقة تمثل شعرا حرا. هذا الخلط ومن ثمّ الخطأ قد أدّى إلى ضياع الحدود وتفشي عدم الدقة في المصطلح. وبالرغم من أنّ جبرا إبراهيم جبرا ود. عبد الواحد لؤلؤة قد نبها منذ وقت مبكر إلى ضرورة التمييز بين الشعر الحر وقصيدة النثر، إلاّ أنّ تلك الصيحات لم تثمر حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن حيث يكتب الشعراء في الحقبة الراهنة، وخصوصا الأجيال الجديدة منهم، قصائد يصفونها، ومن بعدهم النقاد ونقاد الصحف، بأنها "قصائد نثر"، والحال أنّ ما يكتبونه لا يعدو أن يكون شعرا حرا لا يلتزم الوزن ولا القافية ولا التفاعيل. وبهذا تكون الموجة قد وصلت ذروتها وصار الشعر الحر (برغم غياب هذا المصطلح) هو سيد الكتابة، فلا أحد الآن يأبه بالتفاعيل ولا بالأبحر الصافية ولا حتى بتداخل البحور، وتحقق اصطلاح الـ Free Verse وهو شعر يعتمد الصور الشعرية والموسيقى الداخلية التي تتجاوز انتظام التفاعيل. أمّا قصيدة النثر فأبسط تعريف لها أنّها تلك القصيدة التي يكون قوامها نثرا متواصلا في فقرات كفقرات أي نثر آخر ويبقى هنا المضمون أو المعنى فإنّه هو الذي يجعل من نثر ما "قصيدة نثر". وقد وجد مصطلح قصيدة النثر لتحديد بعض كتابات رامبو مثل "فصل في الجحيم" و"إشراقات" مع أنه يجب الاعتراف بأن لقصيدة النثر أصولا عميقة في آداب الأمم كلها بما في ذلك العربية لا سيما التراث الصوفي العرفاني.
وإننا لنزعم هنا بأنّ قصيدة النثر حسب الاصطلاح الموصوف أعلاه لم تكتب لها نماذج عالية في أدبنا العراقي، وقد ظلت دائما عمل المهمشين والخوارج على السائد العام. أمّا المزاج العراقي في تذوق الشعر فقد صبّ خطابه الحقيقي في قناة قصيدة الشعر الحر كما أرادها "والت ويتمان" مثلا، حيث هي قصيدة متحررة من كل شيء إلاّ من كونها ترتب بعكس النثر من جهة التوزيع البصري على بياض الورقة في الأقل. وحتى الموجات الملتفة حول مجلات مثل مجلة "شعر" في لبنان، و"الكلمة" و"الشعر 69"، في العراق، والزعم بأنهم كانوا يكتبون في قصيدة النثر، فإنّ ذلك زعم غير مدروس ولا يتعدى الإشاعة الصحفية التي تحولت إلى ممارسة اجتماعية، بينما هم في الحقيقة لم يكتبوا سوى شعرا حرا. وبالمقارنة مع عبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ونازك الملائكة والشعرء الستينيين الوزانين، فإنّ هؤلاء كانوا يطورون العمود ليس إلاّ. ولكن هذا لا يمنع طبعا أنّ هناك تجارب محددة تتحرك بوعي لصنع قصيدة نثر حقيقية لكنها تبقى تجارب مفردة وخائفة. وليس من قبيل الصدفة أننا لا نعثر على نص واحد أو عنوان مجموعة يكون قد كتب عليه أنّه قصيدة نثر. (جريدة العراق في 29 شباط فبراير 1995)



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحراك السلمي وكفاح اللاعنف: الشعب يريد إسقاط النظام..
- بانتْ سعادُ
- السينما والفيلسوف: الفكرة واللقطة
- يسارية متطرفة برواية عن الإسلام، ويميني متطرف يؤيد التطهير ا ...
- نقرأ من أجل غد أفضل.. حوار مع مسيري هذه التظاهرة الثقافية
- في التحليل البنيوي للأدب
- نعي الكتاب: انتهى الكلام، بدأ فكر البصر
- الملتقى العربي الثاني -وطن للأدب- يهتم بالأدبين العربي والغر ...
- حارة عظم
- علامات، فصلية ثقافية مستقلة تصدر في الموصل وتود أن تخاطب الع ...
- الحبل
- أربعة مباهج من جوهرة الساحل
- شعر الأشياء: قراءة فلسفية عابرة لأرض المطلق*
- خمس قصائد
- البنيوية الفوقية
- الكتابة الجريحة
- القصة-القصيدة وقصيدة النثر وآفاق العمل المفتوح
- حول الموقف من الكوميديا وموت البطل في المسرح المعاصر
- مشكلة الأجناس الأدبية.. نظرة من جيرار جينيت
- ويتمان شاعر الشعب والعشب عربياً ملوحاً بالخيال


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - في الشعر الحر وشعر النثر