|
كورونا والسلوك ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 21:46
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
لا بُدّ من كلمة "مديح" للفيروس القاتل ، (كغيره من الفيروسات طبعا)، والذي "تمكّن" وخلال فترة زمنية قياسية ، من تغيير السلوكيات وكشف عن معدن البنى النفسية للأفراد والمجموعات ... فهو (أي الفيروس) بهذا قد حقق قصب السبق على كثير من "مُنافسيه" الأولين والآخرين . ولننظر ، ولنقارن بين المنظومة الثقافية للأمم ، والأمة العربية الإسلامية ، على وجه الخصوص ، ما قبل كورونا وما بعدها ... فالأمم جميعها بما فيها العربية ، أصبحت أكثر انضباطا من السابق ... وأكثر احتراما لما يقوله أهل العلم ، أي الأطباء والمختصين في مجال الصحة ، وأبتعدوا كثيرا عن المشعوذين وتجار الدين . فإغلاق المساجد ودور العبادة الأُخرى ، جرى تقبله بتفهم ، وامتنع المصلون عن إقامة صلوات الجماعة .. حرصا منهم على انفسهم، في المقام الأول وحرصا على إخوتهم في الدين والإنسانية . ولا بُدّ من الإشادة بالغالبية التي تلتزم الحجر الصحي ، سواءً أكان هذا الإنضباط نابعاً وناجما عن خوف من السلطة وغراماتها المالية ، أو عن قناعة شخصية محضة . ومن ظواهر التغيير في السلوكيات ، نرى بأن الغالبية من العرب والتي اعتادت المصافحة ، المعانقة وتبادل القبل ، قد توقفت عن هذه الممارسات ولو إلى حين ... وخفّت الزيارات والقعدات ، ومظاهر التفاخر بالأعراس وتضييفاتها وبيوت العزاء "وتبذيراتها" .. إذن ، حصل تغير سلوكي سريع ، في كافة مناحي الحياة ، لكن الأهّم أن يتم تذويت هذه السلوكيات ، لتُصبح جزءاً من السلوك اليومي العفوي والمتداول. وعلى صعيد آخر، فنحن نشاهدُ تصاعد وتيرة المساندة والمساعدة ، التبرع والتطوع لخدمة الصالح العام وتقديم العون للمحتاجين والفقراء ، وتجاوب فئات واسعة من المجتمع مع المجموعات والمؤسسات الفردية والجمعية ، مع نداءات التطوع والدعم المادي والمعنوي للمحتاجين ... خاصة وأن أدنى الطبقات المسحوقة من العمال والأجيرين المياومين قد خرجوا الى عطلة او الى بطالة ، لا يُعلم متى تنتهي . لكن بالمُقابل ، ظهرت معادن النفوس الجشعة ، من شركات أو تجار واللذين رفعوا أسعار السلع أضعافا مضاعفة ... وأصبح شراء السلع الاستهلاكية اليومية ، أمرا صعب المنال ، في أوساط الفقراء والمسحوقين. وفي قطاع البنوك ، والتي كانت "تضحك" في وجوه زبائنها أيام "الرخاء" ، فقد عبست وكشرت عن انيابها، واصبح الحصول على قرض صغير، أو الاستدانة منها ، حتى تنفرج الأمور ، اصبح من سابع المستحيلات. الأمر الذي فتح الأبواب واسعة أمام المرابين في السوق السوداء وعالم الجريمة المنظمة ، والتي انتعشت سوق قروضها ، مقابل ضمانات حياتية ، كرهن البيت لديهم أو ما ملكت يمين المقترض . وطبعا ، فالشرطة لاهية في فرض الحظر والحجر المنزلي ، مما يترك الميدان خاليا للجريمة المنظمة والمرابين . وفي المحصلة النهائية ، فقد كشفت هذه الأزمة العالمية عن معادن الافراد والمجتمعات .... والتي في غالبيتها مجتمعات تطمح في حياة آمنة ، صحية ومستقرة ... لكن بالمقابل ، هناك الأقلية التي لا ترى في هذا الوباء ، إلّا فرصة سانحة لزيادة ثرائها.
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين متفائل ومتشائم ..
-
الخطاب الديني والكورونا...
-
الكورونا ونظام عالمي جديد- قديم .
-
هويات متصارعة وهويات متصالحة ...!!
-
العدالة أم الانتقام.
-
حمزة يبصق في وجوهنا ...
-
أهكذا تحتفلون؟
-
ديالوج .
-
صهوة جواد اسحم ...
-
بناتي واللغة العربية ..
-
تمخضّ الجبل ...
-
شيطان الشعر
-
بين الإنتفاخ الفاشي والخنوع الراضخ..!!
-
تقاطع الأيديولوجيات المتناقضة ...
-
شذراتٌ من سنوات مضت ..
-
قليل من الخمر ..
-
الامبرلالية .. أو نحو تعريف جديد للمثقف .
-
علمانية بمرجعية دينية ...
-
مرثيةٌ لنهدٍ مُغادر
-
من القاتل ..؟!
المزيد.....
-
نزل بيئي في منطقة نائية بكمبوديا يعرّف الناس على الحياة البد
...
-
بلدة مهووسة بالنار بشكلٍ غامض.. شاهد تقليدًا جنونيًا يحمل ال
...
-
أوكرانيا تعلن إسقاط صاروخ من طراز Kh-59 وعشر مسيّرات أطلقتها
...
-
مهاجرون سوريون في بلغاريا: سوريا برغم ظروفها ربما أفضل من حا
...
-
الوحدة الشعبية: الشعب الفلسطيني يواجه تحالفًا عدوانيًا تقوده
...
-
صحف عالمية: نتنياهو مهووس ببقائه السياسي ولا يقدم سوى حلول ا
...
-
الإيغور.. أقدم الشعوب التركية المستوطنة لشرق آسيا
-
تكدس جثث عشرات الشهداء في ساحات مستشفى المعمداني بغزة
-
إسرائيل تتهمه بالتلفيق.. ليبيراسيون: محمد نزال تعرض فعلا للت
...
-
إسرائيل: لا وقت لدينا لتحمل - ألاعيب- حماس
المزيد.....
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|