هل ساهم الإعلام الفوضوي في نشر وباء الكورونا؟

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 3 - 17:42
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    

سؤال قد يبدو للبعض أنه خارج سياقات المنطق عند البعض، فما علاقة الوباء بالإعلام الذي ساهم في جانب منه في توعية الناس وإرشادهم إلى سبل النجاة؟ الحقيقة هذا الجاني مهم وأقر به من حيث هو كائن بالواقع، ولكن تساؤلي يدور حول الإعلام الفوضوي الذي لا يلتزم بالحرفية أو قد يكون مأجورا أو مسيسا أو غبيا، وأقصد بالتحديد إعلام منصات التواصل وما ينشر فيها أو ما يؤخذ منها لبعض وسائل الإعلام التي تعتمد ليس فقط على المراسلين الحرفين، بل تعتمد في جزء كبير من نشاطها على ما ينشر أو يمرر عمدا من خلال وسائط التواصل أو ما ينشر فيها.
المعلوم صحيا وطبيا أن العوامل النفسية المتعلقة في ظاهرة ما سواء أكانت أجتماعية أو سياسية لها دور في إقتناع الأشخاص بما يروج عنها، العامل النفسي له دور مهم في إعادة نمذجة التصرف والإحساس داخليا وخارجيا بالتفاعل أو حتى أستيعاب الأمر، هذه الحالة عندما يكون الأمر فكري أو عقلي بمعنى ما يعرف بالمثاليات الحسية، أما في الجانب العلمي الطبي إن قدرة الإنسان على المقاومة الطبية أو ما يعرف بالمناعة الصحية تتأثر كثيرا بالعامل النفسي ومقدار سيطرته على العقل البعيد أو اللا وعي الذاتي.
هناك تجارب مؤكدة بيقينية علمية إن تأثير العامل النفسي على المناعة مهم جدا في حالتي وجود أحتمالية للتعرض للمرض أو في حالة الإصابة به، هذه التجارب ليست مجرد أبحاث ونظريات بل هي اليوم واحد من أهم طرق المعالجة والتحصين من وضد الأمراض، ولا تكاد تخلو المناهج التدريسية والعملية من تطبيقاتها عمليا ونظريا، فكلما كانت التعزيزات إيجابية في الوسط الذي يتعرض لضغوط نفسية نتيجة مرض أو شعور بالخطر كلما أمكن من محاصرة العدوى والتأثيرات التي يثيرها الحال، والعكس صحيح فالإنهزام النفسي الداخلي واحد من أهم مسببات المناعة الذاتية الدفاعية للفرد، وأحيانا يصل الأمر بالإصابة بمرض توهم المرض وقد يصل الحال إلى أن يتعرض الشخص إلى نتائج المرض المنتشر أو الوباء دون أن يكون مصاب به فعلا.
ما ينشر اليوم في مواقع الإعلام من نشر فوضوي وضخ كم هائل من المعلومات المشوشة والمتضاربة والغالب فيها أنها تصدر من غير المتخصصين، سببت هلعا وأهتزازا في الدوافع النفسية وعرضت مناعة الكثير من الناس للخطر، فيحين بقى الإعلام المتخصص في عجز عن مواجهة هذا السيل من المعلومات والأوهام والكثير مما ينشر بسبب إستسهال النشر وعدم وجود ضوابط لا قانونية ولا صحية يمكن من خلالها التحكم بما ينشر أو ما يروج له، بالرغم من وجود بعض الجهود الرسمية التي تتبناها بعض الحكومات أو الشركات المشغلة أو التي تملك مواقع التواصل، ولكن تبقى المشكلة الأكبر في اللا وعي بما ينشر من قبل الناشرين والجهل بالنتائج عند الناشر أو المتلقي على حد سواء.
وأيضا ليس من السهل على الناس أن تتحرى المعلومة الصحيحة من غيرها، وليس هناك توجه أجتماعي نحو تعزيز الثقة بالبرامج والخطط التي تراعي الجوانب النفسية في تقديم المعلومات الحقيقية والمعززة للجانب الصحي لوقائي، هذا ما نؤكد عليه اليوم من خلال هذا النشر المقصود وتحديدا في هذه الفترة الحساسة ودعوة لكل من يهتم فعليا في حماية الأمن الأجتماعي من خطر الإشاعات والفوضى في الإعلام، كذلك هي دعوى لرواد مواقع التواصل بنشر العوامل والأفكار التي تزيد من الحالة الإيجابية لدى الناس وبالنتيجة تعزيز الثقة بمناعتنا الطبيعية حتى نتغلب على عوامل الإنكسار والهزيمة النفسية المسبقة التي تجعل من خطر أنتشار الوباء أمرا سهلا وممكنا في أي لحظة.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل