أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح1















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6519 - 2020 / 3 / 21 - 07:27
المحور: الادب والفن
    


حساء الوطواط ح1

السيد جورج البدين كما أعتادت ماريانا أن تناديه حين تغضب يشبه تماما الممثل (بود سبنسر) لكنه بدم ثقيل جدا لا يطاق، جاوز الأربعين بسنوات وما زال لا يؤمن بمفهوم العائلة، نزواته تعتمد على لحظة وتنتهي سريعا كلما حصل على ما يريد .... أحيانا يبدو كطفل مدلل... وأحيانا تراه كمصاص دماء حين يغتصبها فجرا أو حينما تكون في دورتها الشهرية... لا يكترث بالبشاعة أو قلة الذوق... بالرغم أن من يراه بإناقته الإيطالية وترف حياته يظن أنه من سلالة أباطرة روما.
جين أو جورج وأحيانا يحب أن يسمي نفسه (الكنغ جي جي) في مواقع التواصل يعمل بوكالة صيرفه ورثها عن أبيه، بعد أن توسعت أعماله وصار واحدا من كبار الصرافين في سوق البورصة النشطة هذه الأيام، لديه إحساس غريب بقيمة العملة وله حظ غريب جعلته محل حسد من قبل زملائه في المهنة، كثيرا ما سقط رفاقه في مضاربات السوق حتى أنه يفتخر على الجميع أنه لم يخسر يوما دولار واحد بصفقة فاشلة.
ماريانا أرملة أحد أصدقائه القدامى نركها القدر بعد خسارة كبيرة لم يتحملها الرجل فأصيب بنوبة قلبية أنهت حياته على الفور مع ديون ثقيلة في ذمته، تبرع جورج بتسديد جزء منها مع ثمن الدار ومحل الصرافة، بقيت شهور تتنقل من مكان لمكان تبحث عن مأوى خاصة وأنها كما تقول هي أنها مقطوعة من شجرة لا تعرف لها أقارب ولا حتى من يهتم لها، عملت لأول مرة معه في مكتبه ثم تطورت علاقتهما حتى شاركته في منزله، كل ما كانت تقوم به في المنزل هو دور سيدة البيت، لكن بلا أي أرتباط رسمي ولا حتى علاقة حب من نوع ما، حاولت أن تؤطر هذه العلاقة بأي شكل واستسلمت للواقع بالرغم مما تملك من جمال مقبول وجسد رائع كأنها أقحوانة ربيعية.
السنة الرابعة مرت قبل أيام منذ إن أنتقلت للعيش معه في شقته الواسعة والمزودة بكل أشكال الرفاهية، في الركن الكبير المطل على الشارع العام من جهة ومن الزاوية الأخرى يطل على ساحة كبيرة تتوزع على جوانبها محلات المجوهرات والألبسة المستوردة ومحلات الصيرفة، أشبه ما تكون الساحة ملتقى لرجال الأعمال والمستثمرين وأيضا هناك ما يعرف بتجار الفرصة الذين يتعاملون بطريقة أستغفال المارة ببضائع مقلدة من ماركات عالمية، الكل هنا يبحث عن المال وتحديدا الدولار واليورو بأي طريق، واحدة من أغنى مناطق البلد وأكثرها خطورة.
في ليلة عيد الميلاد الماضي جمع جورج أصدقائه المقربين في ليلة لم تخطر على بال مريانا أبدا، كانوا مثل مجانين المحجر لا يجمعهم سوى الأستماع إلى غرائزهم وكأنهم قردة منفلتون، لم تمنعهم علاقتهم بجورج البدين من أن يفعلوا ما هو خارج حدود الضيافة، لقد جردوا ماريانا من ملابسها وطلبوا منها الرقص عارية، ضحكاتهم الهستيرية تتناغم مع رضا جورج بما يفعلون، كانت ليلة سيئة تماما لا تشبه ليالي الأعياد أبدا، دموعها كانت تنزف للداخل ولم تخرج أبدا من تحت جفونها..... إنها مصدومة جدا بما يدور هنا... وحوووووووووش.
بداية العام الجديد والمميز تحمل أخبارا غير مسرة بالمرة، المارد الصيني يعاني من ظهور وباء عالمي أثر على ماكنة الأنتاج لديه، هناك حربا أقتصادية يتصارع فيها العملاقان الأمريكي والصيني، حدس جورج هذه المرة يقول أن أمريكا ستطيح بالصين ثم باليابان وكل النمور الأسيوية بالنقاط، ليس هناك من فرصة للفوز بالضربة القاضية، المصارع الصيني الذي تعلم فنون القتال من تراثه العميق لا يستسلم بسهولة ولا يقبل بالخسارات الكبرى، فقط يتلقى الضربات القوية لأنها تعيد له جزء كبير من شجاعته، لذا خلصت فكرة جورج أن الوقوف بعيدا عن هذا الصراع هو الحل الأمثل للفوز بالنتائج... دولارات أمريكا لا تترنح لكنها ستعاني من صداع مزمن بسبب الوباء الصيني، كان يكلم ماريانا عما تسمعه من أخبار على شاشات التلفاز.... إنها الكورونا يا حبيبتي.
أخبار المال على المنصات الإليكترونية وعبر الشاشات شكلت واحدا من أهم طقوس جورج اليومية في كل صباع، ينهض مبكرا كل يوم ودون أن يفعل شيء يفتح جهاز اللاب توب الشخصي ويتابع نشرات الأخبار الأقتصادية على التوالي حتى الثامنة صباحا عندها يبدأ يومه من على المغسلة ثم الفطور الصباحي والتأنق جيدا أستعدادا لرحلة اليوم المعتادة، أخبار التظاهرات والاعتصامات وما يجري في الساحات والشوارع في بغداد لا تعنيه بشيء، إنها مرحلة وتنتهي ولا بد أن تنتهي بشكل ما، المهم أنها لا تقترب من دائرة العمل خاصة وأن من مصلحة رجال الأعمال الآن أن تتبدل معادلات السياسة في البلد، ما يقوم به الشباب عمل جيد فقط بحاجة إلى ضربة قوية حتى تطيح بما تبقى مما يسميه (الجرذان المخيفة) التي تخرق سفينة العمل يوميا.
ما زالت الليلة المشؤومة تلك ترعب بذكرياتها المرة ماريانا كلما فكرت كيف سمح هذا البدين أن يفعل بها كأنها جارية من حريم السلطان؟ لا تفهم كيف تجرأ الضيوف على فعل كل ذلك؟ بل كيف سمحت هي لنفسها أن تكون سلعة رخيصة بيده؟ هل أنها أرضت غروره المتعجرف حين رضخت لتلك النزوات بلية أرادتها أن تحمل شيئا من الحب والسلام والأمل؟ أم أنها قدمت كل ذلك بداعي حبها له؟ ذلك الحب المقموع الذي لم يسمح به مطلقا أن يولد وكأنه مثل الوباء الذي يتكلم عنه... مخفي ولا يدرك لكنه يشكل جيشا لا قبل لأحد به، جنووووووووووووووون.
أعتادت السيدة ماريانا في كل مساء وقبل العودة للشقة أن تمر بالقرب من ساحة التحرير وسط بغداد، بحذر شديد وأحيانا يعتريها الخوف من أصوات الرصاص وإنفلاق القنابل الدخانية، مع الأيام أعتادت الأمر وأصبحت أكثر شجاعة من أن تدخل في وسط التجمعات والحشود، تدخل الساحة صامتة وتخرج كما دخلت ليس لديها معارف ولا أشخاص محددين لتلتقي بهم، تربطها بساحة التحرير ذكريات قديمة أيام كانت شابة صغيرة بدأت حياتها في العمل في أحد أهم مكتبات بغداد التي تبدأ تواجدها من ساحة التحرير وامتدادا إلى ساحة النصر، لم تقرأ كثيرا ولكنها عشقت عالم الكتب والكتاب، مر عليها الكثير من المشاهير من رجال السياسة والفن والأدب، لكنها وقعت أخيرا في غرام جارها في العمل وبتشجيع من والدتها التي كانت ترى فيه أمان لها وضمان لمستقبلها.
لا جورج هو الاسم الحقيقي له ولا ماريانا كانت تعرف أنه أسم مستعار لأغراض العمل، حتى أوراقه الرسمية ما زالت باسم والده المتوفي من سنوات رغم أن ذلك مخالف للقانون إلا أنه يعمل كل ما يتطلب الأمر لتمشية الأمور على النحو الذي لا يسبب له إحراج أو مسائلة قانونية، هي تعرف أن هذا الوضع أصبح عاديا جدا وأكثر لذا أشترطت معه عندما أقترح عليها العمل معه أن لا يناديها باسمها الحقيقي وأختار لها هو أسم ماريانا.
حاولت مرة أن تختبر علاقتها معه عندما عادا من سفرة أربيل قبل أشهر من أنها حامل وقد راجعت الطبيبة جارتهم في الشقة المجاورة وقد أخبرتها بالنتيجة (إيجابي)، ضحك بشكل هستيري ساخرا منها أما أن طبيبتك لا تفهم وهي كاذبة، أو أن ما أعرفه أنا عن (صاحبي) كاذب فهو معبأ بالعتاد (الخلب).... وأجزم أن لا أحد لامسك غيري..... إنهضي أيتها الكاذبة فبندقية الكلاشنكوف بعتاد الخلب تستعمل فقط للتدريب أما المحشوة بالعتاد الحقيقي فلا تستخدم إلا بالحروب، أنا أكره الحروب وما زلت أتدرب وأتدرب لأني أصلا غير مسلح.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم ما بعد الكورنالية الراهنة. تحولات كبرى وأزمات متجددة.
- العراق .... بعين العاصفة.ح2
- العراق .... بعين العاصفة.ح1
- حسابات الوهم وحسابات الدم
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح11
- كتابات يتيمة قبل الرحيل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح10
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح9
- بيان المعتزلة الجدد ج2
- بيان المعتزلة الجدد ج1
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح8
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح7
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح6
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح5
- نصوص من دفتر خدمتي الضائع
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4
- حكاية الرب والكل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح3
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح2
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح1


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح1