أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4














المزيد.....

من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 14 - 20:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل تلك المقدمة نريد من خلالها التركيز على عوامل أستمرار الأزمة وديمومتها بهذا الشكل المرعب، الذي أصاب بالفعل مفاصل الحركة الأجتماعية السياسية في العراق وألقى بتأثيراته إنعكاسا ونكوصا في خيارات الشخصية العراقية عموما، أما الآن نبحث في ماهية الأزمة وجوهر ما تحمل من تداعيات وأثار مدمرة، منها ما هو نتيجة وسبب ومنها ما هو مقدمة تنتظر نتائج على المديات القصيرة والبعيدة.
الأزمة التي نتكلم عنها وببساطة هي إشكالية صنع الوعي اللازم للتغيير وتفعيل هذا الوعي ليكون خصيصة ذاتية في الشخصية العراقية، البعض يرى في الوعي متلازمة بالواقع وأحداثه بمعنى أن الوجود المحض هو المسؤول أولا وأخير بخلق وتصنيع الوعي كما يطرحه البعض بمقولة (كيفما تكونوا يولى عليكم)، البعض الأخر يرفض الإستسلام لهذه القاعدة ويرى أن الوعي هو نتاج عقلي متعلق بالمعرفة والتجربة وبالتالي فمن لا تجربة له لا وعي حقيقي له، وإنما ينخرط في دائرة الوعي الواقعي، وبذلك فهم يؤسسون مفهوم الوعي على الفعل الإرادي للفرد والمجتمع.
لا ننكر أن الواقع هو الحاضنة الطبيعية للوعي كما أنه المجال الحيوي لإظهارها فعليا، لكن بالمقابل الإنسان ليس عنصرا أفتراضيا متلقيا سلبيا فيه، فهو يملك الأدوات اللازمة لكل شيء بما فيها حالية التغيير والتحول، وبالتالي لا يمكن إعفاءه من التقصير والنكوص للخلف بحجة قوة الواقع وتجذر تأثيراته عليه، هذا يقود إلى مسخ الشخصية البشرية والإستهانة بدور العقل فيها وعليها.
من مشكلات الفكر البشري والتي عرقلت تطوره بنفس التعجيل الذي تتطور به الموضوعات الطبيعية هي الأنتماء له والتخندق الأعمى الغير واع لهذا الأنتماء، الفرض العقلي يقول أن الفكر الإنساني وليد عوامل ومعطيات صاغها الوجود الإنساني فهو مرتبط بنفس تلك القوانين التي يصوغها الزمن وبفرضها على الوجود، بالتالي فليس هناك خلود لفكرة معينة وليس هناك أنتماء حقيقي لزمن مضى وانتهى، الأنتماء الحقيقي هو الأنتماء لقانون التطور والتجديد المستمر الذي لا بد له أن يكون في فهم الوعي الإنساني المتمثل بصورة تخيلية تشبه قطار لا يتوقف أبدا إلا لتجديد السكة بأسرع منها، السلفية العقلية الفكرية هي العصا التي توضع في عجلات التطور الفكري نحو الغد، ومهما كانت هذه العصا متينه لا بد أننا سنشهد تكسرها وتشطي مكوناتها عندئذ نكون قد خسرنا كثيرا من الزمن الذي لا يمكن تعويضه أبدا إلا بنسبة ما يمكن لنا في تجاوز الأزمةومفاعلاتها .
الفكر البشري وإن كان فيه القلق من حالية التغير تؤثر عليه وقد تجرفه خارج ما هو غير طبيعي وحتمي لا يمكن أن يكون هو القانون الطاغي بقوة، دون أن تمهد له المعطيات الحقيقية للتحول والتطور بما يتناسب مع حالية الواقع مقارنة بتطور مفهوم الزمن وتأثيرات هذا التطور على العلاقات الفكرية بين أفراد المجتمع، وما ينتج من هذه العلاقات من معرفة متجددة بعيدا عن التقليدية والسلفية، فالتسليم بقوة الواقع وروابطه وقوانينه ومعطياته معها لا يمكن مع للعقل الإنساني أن يستمر متراجعا، أو يتخلى عن أسلحة الصراع الفكري على الساحة، وقد نشهد له إنزواءه وتقهقر بما قد تتحول إلى ردة فكرية تعزز الأنحياز للماضي وشروطه، مما يسبب نكسة حقيقية للمعرفة الإنسانية لأنه أعطى مفهوم خاطئ ومضلل عن أثر الزمن وبصمته في تطوير الكمال البشري.
التركيز على جوهرية فعل العقل وقدرته على صنع الوعي بالذات والوعي بوجوده المحض، هو الطريق الحقيقي لكل التحولات الكبرى والمتغيرات الكونية على حد سواء، وبدون هذا الوعي ومع إقرارنا بقوة الواقع وتأثيراته تبقى المعادلة منقوصة وبحاجة إلى التجديد الذي يعني الوعي بالزمن أيضا، فسر الأزمة الذاتية العراقية شخصية ومجتمعية هو إلتصاقها بالواقع أكثر من ملاحظة قوانين الوعي الثلاث، وهي قانون الحتمية وقانون أستحالة البقاء واقفا والقانون الثالث والأهم أن العقل وليس سواه هو القائد والرائد في نحت الوجود بالشكل الذي يجعله ممكنا وقابلا للتغيير.
الفكر الحداثوي والحامل لروح التجدد قادر أن يفهم ويستعلم عن مشاكل عصره وعن الإشكاليات التي تنتاب المجتمعات نتيجة أستحقاقات التطور، هذا بالطبع ليس أفتراضا خياليا ولكنه من صميم طبيعة الفكر الخارج من ربقة الزمان والمكان والمتحرر من التخندق الشخصي أو الأنتماء لمحدد أخر غير العقل والزمن وعلاقتهما الديالكتيكية، عندما تحرر الإنسان من علاقته بالمكان وأصبح على جرأة أن يكتشف الأفق الممتد من حوله تعرف على مساحة لم يألفها من قبل حملت له الكثير من المعطيات الفكرية، أولها أن الكون الوجودي أكبر من حدوده التي رسمها بوعيه أو بعقله الواعي، حتى جاءت المحاولة الثانية أن يسحب هذا الاكتشاف على كل وعيه الجديد فاتسعت الرؤية لديه وتنوعت ونقلته إلى ما هو أوسع من حدود التفكير السالف، فالحداثة الواعية أو الوعي بالحداثة بالمجمل هي نتاج القوانين الثلاثة السالفة ومن حصادها على الواقع، وحيث يفهم العقل البشري هذه المعادلة الأفقية يتحول وعيه الخاص من النمط الأفقي إلى نمط عمودي يرفعه عن مجاراة الواقع ويتغلب عليه.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الرب والكل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح3
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح2
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح1
- في حضرة ألهة العشق.... أنا
- الميزانية العامة للدولة العراقية وغياب العدالة في التوزيع
- أرقام أفتصادية حكومية مفزعة
- أنا وعصفورتي والرب
- من المسؤول عن ظاهرة الإرهاب وميلشيات الأحزاب؟ ح1
- حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2
- حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج1
- لا تتوقف الثورة ولن نتراجع
- العودة لمسارات الثورة وأنتظار الحل
- إيران وأمريكا والخيارات المتاحة
- قرار الحرب بين القوة والقدرة وميزان الصراع
- الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1
- عن السيادة وأشياء أخرى
- الفراغ الدستوري والفراع السياسي..
- الرئيس صالح لم يعد صالحا برأي البعض
- المنهج الوزاري لحكومة مصغرة أنتقالية.


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4