أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بيان المعتزلة الجدد ج1















المزيد.....

بيان المعتزلة الجدد ج1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 09:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حركة الأعتزال والتجديد المعاصرة تستمد مبرراتها ووجودها من واقع أزمة العقل الإسلامي وتحديات العصر، وليس إتكاء على تراث المعتزلة الفقهي والعقائدي بما فيه وما عليه وما جر من جدال عقلي وفقهي ومذهبي كانت مبرراته من أصل الصراع السياسي الناشئ في زمن لم يعد موجودا لا بالشكل والصورة ولا بالجوهر والمضمون، ولا تتبنى طروحات السف المعتزل في قضايا لم تعد مهمة في عالم اليوم وإشكالياته من باب التوحيد والمنزلة بين المنزلتين ومرتكب الكبيرة وغيرها، بل ينصب الاهتمام المعتزلي الجدد على إعادة بلورة مفاهيم إنسانية ذات صلة بمشاكل الإنسان المعاصر، وأعتبار الدين طريقا لتهذيب العقل أكثر والأعتبار الأساسي من كونه خالق لمفاهيم ورؤى لا تقدم إلا المهم في أصل قضية الإيمان، فالتوحيد مثلا الذي شغل وطرا كبيرا من أهتمام الفقهاء الإسلاميين ومنهم المعتزلة لا يمكن أن يكون أساسا صالحا اليوم لبناء عقيدة إيمانية، ويكفي العقل الإنساني ما يحفظ لله وحدته وأحديته بعيدا عن جدال لا يغني ولا يسمن، المسلم عموما والمتدين خصوصا اليوم أسير قضايا خلافية مذهبية أصلها وجوهرها كان سياسيا وفرقيا، معتمدا على تنازع وهمي في قضية تاريخية أنتهت ولكن خلفت ورائها إرثا ثقيلا شتت العقل الإسلامي وأشغله عن مشاكل العصر وتحدياته.
الاعتزال الجديد بمعنى أوضح هو إنقاذ المجتمع من حالات التفرق والتشتت والضياع والتيه والعودة به إلى عالم الوعي الحقيقي بقيمة الدين وأهميته التي نركز عليها، وهي علاقة التهذيب والدعوة للتأمل والتفكر والتحرر من عبودية النص وتاريخ الصراع الذي أحدثه التنازع بين أصحاب العقل والنقل، فلا عقل يستهدي بدون نصوص إرشادية تؤسس للفكرة وتحث على فهمها بما يعرف بالسياق المعرفي، ولا النقل قادرا إلى إدراك مراميه ومقاصده بدون عقل متفكر متدبر يملك أليات عمل واضحة وميسرة حتى يصل حيث أراد النص أن يصل بنا، فالصراع بين العقل والنقل هو صراع وهمي تجزيئي خال من أي معنى وليس له من هدف سوى تشتيت الرؤية وجرها لتكون أزمة بين جناحي المعرفة.
وظيفة المعتزلي المجدد اليوم هي الدعوة الملحة إلى نبذ نتائج الخلاف التاريخي وإبعاد التاريخية الفكرية المتجذرة في العقل الإنساني التقليدي، وأستبدالها بمنهجية أخرى قائمة على أسس الحرية في الخيار بدلا من فرض الوحدة العقيدية كرها وإجبارا، وأستبدال مناطق التوتر الفكرية بخيارات هدفية الدين الكلية المعنونة بالعمل الصالح والتعارف والوحدة الإنسانية التشاركية، فالدين ليس شرطيا في المجتمع يطبق قانونا أزليا ويحبس الناس في أسواره، بل جوهرية هدف الدين دعوة للتحرر من الصنمية والعبودية لفكر المعبد وألياته ومناهجه ورجاله، الدين قيمة معرفية وعلاقة عرضية وطولية ما بين الديان والإنسان تكشف عن شخصانية فردية قائمة على الخيار والأختيار والأشاءة، فما قيمة أن نختلف اليوم على مرتكب الكبيرة والأمر المتفق عليه عند كل المؤمنين أن الأمر لله من قبل ومن بعد، فلا موجب أن ندخل أنفسنا وندس خشومنا فيما لا إمكانية على الجزم به أو نكرانه ونحن لا نعرف عن الله إلا الرحمة التي وسعت كل شيء.
نحن في دعوتنا الإعتزالية المجددة نرى أن ما لا يبنى عليه أمر أعتقادي جازم مسنود برؤية محكمة لا داع بالأساس الخوض فيه، فمثلا لقد كانت مسألة رؤية الله تعالى في الآخرة من المسائل التي ثار حولها الخلاف بين المعتزلة النافين لها وبين خصومهم من المتكلمين المثبتين لها وهم الأشاعرة والماتريدية، على الرغم من أن الخلاف في هذه المسألة كما ذكر القاضي عبد الجبار لا يوجب تكفيراً ولا تفسيقاً، لأنه لا ينبني عليه مسائل اعتقادية واجبة الأتباع في الوقت الذي يشغل العالم اليوم عموما والفكر الإسلامي خصوصا قضايا أهم وأخطر، منها دور هذا الفكر في المنجر الحضاري العالمي وتأثيراته على البشرية جمعاء، ومنها إشكاليات الهوية وأزمة الوعي ومستقبل الفكر الإيماني في ظل تناقضات المجتمع والعقل الديني، هناك قضايا أشد وأخطر وأكثر مساسا بحياة الناس من هذه الأفكار الأعتباطية، منها حقوق الإنسان وحريته وبناء النموذج القادر على تناول العلم والمعرفة الضرورية لحياة تتطور وتتسارع خارج وعينا وإدراكنا الخاص والعام، أو ما بعرف اليوم بتخلف المجتمعات الإسلامية عن اللحاق بمنظمة القيم الحضارية والعلمية والمعرفية فائقة التطور.
الفكر الإسلامي خاصة والديني عامة بحاجة إلى تجديد في المقدمات والمنهج والغايات الكلية، ليكون عامل رافع للإنسان الفرد والإنسان مجتمع ويحرره من أوهام الفكرة الكهنوتية أيا كان مصدرها وأو مبعثها خارج المقاصد الكلية للدين، فالمنهجية الدينية الرسالية لا يمكن التعامل معها بعيدا عن زمنتيها وأرتباط الزمن بالبيئة ومدارك الإنسان وإشكالاته اليومية، فلو كان هدف الدين أن يضع الإنسان في دائرة العبودية والعبادة لله دون أن يمنحه حق التعبير عن وجوده لما كان الله يرسل الرسل ويحث على التفكر والتدبر والعقلنة الواعية لوجوده، ولما جدد إرسال الرسل والأنبياء كلما تعثر الإنسان في مسيرته وسيرورته، ولما أمرهم أن يدرسوا عبر الأوليين وقصصهم وما فيها من دروس تجدد فيهم المعرفة بأنفسهم أو معرفتهم بالخالق الذي لا يهمه من كل قضية الإيمان إلا الإصلاح والعمل الحسن.
عندما نريد أن نبني رؤية إسلامية جديدة ليس من الضروري والمحتم علينا أن نلغي كامل لهوية الفكر الإسلامي عامة، فهناك محاولات كثيرة وجادة نحو عقلنة ومنطقة هذا الفكر بالرغم من كونها أصوات قليلة ونادرة، ولا يعني أيضا إنكارا لكل الأثر التاريخي بشكل مطلق، فدراسة تاريخ الفكر الإسلامي بعين الناقد وبأدوات الباحث المهني يمكنها أن تساهم في الإستدلال على مناطق التشويش والخلط والشبهات الفكرية، إيماننا أن الإرث التاريخي هو قاعدة معلومات يمكنها أن تغنينا وتزيد من قدرتنا على البحث والتطوير وأنها كانت صدى لعصرها وأثر ما جرى في العصور السابقة فهي بالتالي حقيقة تلك الأزمان وإنعكاس واقعي لطرائق ومناهج التفكير المعتمدة، نحترمها لأنها جزء من واقع وجزء من حقيقة مرحلة لكنها لا تلزمنا اليوم بنتائجها ولا بأليات ومناهج تفكيرها الخاصة، اليوم العقل الإنساني أكثر نضجا ولديه من الإمكانيات العملية والأسلوبية ما لم تتوفر سابقا لأولئك الذين عاشوا من قبلنا وخاضوا في مسائل من صلب واقعهم السياسي والثقافي والأجتماعي.
المعتزلة المجددون يحملون اليوم مشروع التغيير والتجديد والتطور الفكري الضروري لبناء عقلية دينية أكثر قدرة على لتفاعل مع حاجات العصر وحاجات الإنسان، دون المساس بأصل العقيدة التي جاء بها القرآن الكريم وبلغها الرسول الأعظم ص، هذا يعني أن مشروع التجديد منفتح على الفهم والإدراك العقلي وليس على تغيير أو أستبدال النصوص أو إلغاء جزء منها، فالكثير منها يمكن فهمه بطريقة مغايرة تماما على ما درج عليه المسلمون من تسليمات تخريجية أرتبطت براهنية العقل منسوبا للزمان والمكان، كذلك هناك الكثير من تلك التفسيرات والتأويلات تبدو اليوم خالية من حقيقتها التي تسالمت عليها الناس ولم يعد بالإمكان قبولها مما حدى بالبعض طلب إلغاء النص دون أن يحاول إعادة تفكيك النص وفهمه من جديد، رؤيتنا مبنية على أن النص الديني كنص معرفي يمكنه أن يقرأ بشكل أخر في كل مرة تثبت الوقائع أن لم يعد كافيا للإقتناع به ولا بد من تجديد ماهية القراءة لا ماهية النص.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح8
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح7
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح6
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح5
- نصوص من دفتر خدمتي الضائع
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4
- حكاية الرب والكل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح3
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح2
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح1
- في حضرة ألهة العشق.... أنا
- الميزانية العامة للدولة العراقية وغياب العدالة في التوزيع
- أرقام أفتصادية حكومية مفزعة
- أنا وعصفورتي والرب
- من المسؤول عن ظاهرة الإرهاب وميلشيات الأحزاب؟ ح1
- حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2
- حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج1
- لا تتوقف الثورة ولن نتراجع
- العودة لمسارات الثورة وأنتظار الحل
- إيران وأمريكا والخيارات المتاحة


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بيان المعتزلة الجدد ج1