أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح7















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح7


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 15:52
المحور: الادب والفن
    


عاد التوتر من جديد لشوارع بغداد بين من يقولون أنهم من اجل المتظاهرين وحمايتهم وبين المتظاهرين أنفسهم، الذين يتلقوا وحدهم الغضب على أرصفة وساحات التظاهر وكأنهم سبب مصائب العراق كلها، لم تكتفي بعض الجهات المتسترة خلف الأقنعة السوداء من سبعة عشر عاما من القهر والظلم والفساد حتى جاءت بثقلها لتقتص لفشلها من المتظاهرين، ها قد أشتعلت الحرب الكلامية على منصات التواصل بين الطرفين مع سقوط الكثير من الشباب بمختلف الأسباب، منهم من سقط أيضا بيد القوى الأمنية التي وظيفتها الأساس والمعلنة حمايتهم وحماية القانون، هناك لاعب غير منظور يحرك من وراء الستار هذه المهزلة الديمقراطية حيت يكون للكل حق ما يدعون ولا يحق للقانون ان يقول كلمته، تتابع ميمي كل الأحداث بدقة وتسجل المواقف أو تستنسخ ما تريده على ملف خاص مخزون في جهازها المحمول.
لا تدري ما سر اهتمامها بما يجري فهي ليست ممن يخرج للتظاهر ولا تربطها علاقة مع اي من الشباب أو الشابات المشاركين والمشاركات، لكنها تشعر بالتأكيد أنها تنتمي لهم بالرغم من أنها لا تعد حاليا من صنف الشباب فقد بلغت الأربعين عاما قبل أيام، بمناسبة عيد ميلادها هذا تذكر جورج أن فترة من الجفاء والبعد قد حصلت بينهما ولا بد من تصليح الأمور، خاصة وأن الأزمة التي كان يمر بها قد أنتهت على خير باقل الخسائر، طلب منها بعد أنتهاء اعمل أن لا تذهب للشقة ولتنتظره في السيارة حتى يوافيها، هناك أمر ما.
لم يخطر في بالها أن جورج سيكون رومانسيا حالما أو ربما عاشق عنيد لا يريد أن يبوح بولهه لأحد، فقد ذهب بها مباشرة إلى منطقة المنصور في أول بادره منه منذ أشهر، نزل مصطحبها كعاشقين إلى المول وهو يوزع إبتساماته على الجميع، كان الحقيقة في غاية الإناقة ومن يراه يرى فيه صورة الجنتلمان الإنكليزي بأحلى صورة، هي لا تعرف تماما ماذا يدور في عقله بل لم تتذكر ابدا أن هذا اليوم هو عيد ميلادها الأربعين، طلب منها أن تختار فستانا فضفاضا أحمرا تحديدا، لأنه كما يقول يناسب بشرتها البيضاء المائلة قليلا للخمريه، إنه ليس جورج...! ربما نزلت عليه آيات الكرم والرومانسية فجأة، نظرت بعينه كما تعمل حينما تريد مخاطبته عبر رسائل العيون .... وهو يعرف لغة عيونها وأبجديات السؤال... اليوم عيد ميلادك يا فتاة... فأنت تحتفلي به كل أربع سنوات مرة واحدة... يا للهول أنه التاسع والعشرين من شباط.
كعادته لا يترك مثل هذه المناسبة تمر دون أن يجعلها حمراء.... لقد عرفت ذلك حين أختار بنفسه الفستان الجميل، أعرف تماما أنه يقول لي سنكون أحمر على أحمر... هذا ما كان فعلا .. قلت ولكن اليوم هو أول أيام دورتي الشهرية وقد لا نجد فرصة حقيقية للإستمتاع بها... قال نعم هو أحمر أيضا... أبتسم كعادته بخبث وكأنه يريد ذلك فعلا... كان ذلك خبثا مني لعله يترك لكن منظر الدم يزيده شهوة.... أستسلمت له وأتمنى أن أخبره أني كاذبة ولا أطيق ما يفعله.... من عادته كلما أراد أن يفعل بي ما يريد لا يتركني إلا منهكا فيغط في نوم عميق وكأنه دب مرهق.
أيضا مضت مدة طويله منذ أن فعل فعلته المقززة معي ليلة الأحتفال بعيد الميلاد وأنا أتهرب منه في كل مرة، تمنيت أني أعلم بما خطط لي لكنت أعددت له في هذه الليلة ما كنت أرغب به... حساء الوطواط اللذيذ.... لكن صلاح تأخر كثيرا في جلبها وفي كل مرة يأتي بعذر... المهم ليس كافيا وحده أن يتناول ما لذ وطاب بل لا بد من أن يشاركه (الحجي) بذلك....
الغريب في هذه الليلة لم يكن عاديا بالمرة فلا ويسكي ولا أي مراسيم تعود عليها في كل ليلة... أرتدى بيجامته الشتوية وفتح جهاز اللا بتوب وبدأ يبحث عن شيء فيه، دخلت الحمام وأنا أفكر هل حقا كان راغبا بي الليلة أن أنه يحمل كالعادة في كيسه أمرا ما ليفاجئني به، ليس من المعقول أن يترك هذه الليلة دون أن يمارس سفالته وشذوذه، لكن... وليس أمامي من خيار أرتديت الفستان الأحمر كما أراد وتعطرت كعروس في ليلة زفافها.. لعلي أفهم ما يريد.... مضت أكثر من ساعة وقد جهزت له العشاء وتعمدت أن أجلب قنينة الويسكي وأعددت له ما يحب عادة... لكنه ما زال منشغلا حتى قارب الساعة منتصف الليل... يا (جي جي) الآن نحن في الأول من أذار وقد أنتهى عيد الميلاد... نهض وأعاد المشروب إلى البار الصغير وذهب إلى غرفته وأغلق الباب.
لا أشعر بشيء طبيعي نحوه أو قد عرف أني لا أرغبه أو تعمد أن يكون ما أراد فقط أن يلفت أنتباهي بأنه الكنغ لم يعد كما كان، فهو يبدو أحيانا بليد جدا في مشاعره وأحيانا يقتله الشعور بالنقص حين يتذكر أنه عقيم وأن لا فائدة من كل ما يفعله، مشاعر قد تكون خاطئة أو غير حقيقية ولكن ما أسعدني حقا أني أشعر بتحرري منه ومن رغباته، هذا جيد ولكن خوفي كله من وراء هذا الصمت الغريب وهذا التفريط في حماسته التي أظهرها أول المساء... أحيانا يختلط الكره بالشفقة وكأن المشاعر تضطرب حينما نتذكر نهايتنا الطبيعية وحتى وجودنا الطبيعي، العشرات بل المئات يموتون بسبب وباء الكورونا في الصين والآن في إيران وقد وصلنا المدد، يا إلهي لماذا هذا الكره الذي يعترينا ونحن نموت بلا ثمن.
أه أشعر بدوار وكأن رأسي يحمل الآم الكون كلها... الأخبار ما زالت تتوالى أن العراق مقبل على كارثة حقيقية فقد ظهرت الكثير من الإصابات هنا وهناك، الباب مفتوح على وسعه لدخول الوباء، البعض يحبذ أن ينتشر المرض ليتخلصوا من وجع الرأس الذي سبب لهم صداع مزمن مع صيحات الشباب وإصرارهم على الوصول لخط النهاية، منهم من يتصور أن إنشغال المجتمع بالمرض سيفتك بكل ما كسبه الشباب في ثورتهم، والبعض يظن أن سيستفيد من الحالة لو تأزمت الأمور أكثر، فلا حكومة لدينا ولا سلطة قادرة عل ترتيب البيت العراقي وبالتالي الوقت مناسب لتصفية الحساب دون جزاء... علي الذهاب لسريري وأحتفل بأحلامي ولو لمرة واحدة.... فقد تعودت الإهمال ممن هم حولي...لا بأس مضت الليلة ولكن لم يمضي حلمي بعيدا.
نهضت ميمي من سريرها على صوت المنبه تتثاقل بخطواتها فقد عاشت ليلة طويلة وهي تنسج أحلامها مع ذاتها، تقلب الأمور تقترح الحلول ترتب العالم على مزاجها.... لا تعرف كم من الوقت مر ولكنها تتذكر أنها سمعت خطوات الكنغ أكثر من مرة في الشقة، قد يكون هو الأخر لم يستطع النوم أو لديه أحلامه الخاصة وربما قلق من نوع أخر... ذهبت للحمام مباشرة لتنعم بماء ساخن ينشط لها ما تلف من عزيمتها نتيجة السهر والقلق من القادم الآتي.
كانت باب غرفة الكنغ مفتوحة تقريبا هذا يعني أنه ما زال لم يتهيأ للخروج، اليوم هو الأحد أول الأسبوع المالي وأول الشهر وكل شيء من المفترض أن يكون نشطا، لماذا لم يخرج كعادته، أحيانا يتأخر عن الموعد ولكن يبقى مرتديا ملابسه الرسمية ويجلس في الصالة يبحث في جهازه المحمول، قد يكون الرجل يشعر بوعكة صحية.... ذهبت إلى الغرفة فهي لا تدخلها حتى يأذن لها وحتى تنظيفها وترتيبها لا يكون إلا بحضوره، طرقت الباب مرة... أخرى .... ثالثة... من جواب يأت من الداخل... أنتظرت قليلا وحاولت أن تستكشف الأمر من خلال الفتحة المتاحة، إنه يتقلب في فراشة... لا يبدو أن هناك خطب ... ربما كسل وربما ... هناك شيء لا يريد البوح به.... رجعت إلى المطبخ لتعد له الفطور فقد يصحو ويذهب للعمل... واقفة على الموقد وتشعر بيد على كتفها أفزعها الموقف ولكنها أستعادت توازنها لتنظر في عينه إنه يبكي... هل هناك من صنف الرجال كجورج يمكنه أن يبكي؟... ولماذا؟ وممن؟ ...
كانت رغبتها أن تضمه إلى صدرها لتواسيه أو على الأقل تجعله يحس بشيء من التضامن، في لحظتها نسيت كل شيء كل المرارة التي ذاقتها منه وكل القهر والأستعباد... وأخبرته... ماذا جرى فقد أفزعتني.. بادر هو إلى أحتضنها ودموعه ساخنة تنزل من عينيه... إنها شقيقتي التي لم أرها منذ سنين ولم أعرف ماذا حل بها... حلت غريبة..... رحلت ليلة أمس وهي تعاني شظف العيش والفقر في إيران مصابة بالكورونا... لم يستطع زوجها أن يوفر لها علاجا، ولم تنفع معها أموال أبيها التي حرصت أن لا تنال منها شيئا....
لقد كنت أكره زوجها ذلك المتملق الغبي... كثيرا ما حرض أبي على إيذائي... لقد كان قاسيا ومدمرا لا يرحم... ترك أمي تموت بدون دواء نكاية بها لأنها كانت مثلي لا تحب كلب أبي... ماتت وأنا بجنبها تعاني... بكيت بلا دموع ومن يومها لم يعد الموت عندي حكاية مؤلمة... إنه قدر يأت حتما ننتظره أو نتجاهله... وعندما مرض أبي وأصابته جلطة الدماغ تركته بدون دواء حتى رحل... حينها عرفت أن الموت يمكن أن يكون سلاح للضعفاء والأقوياء.. صار صديقي لا أخشاه ولا أتبارى معه أشجعه دوما على ان يختار فريسته بمزاجي انا... هو في طريق وأنا في طريق ولكن أحيانا تجمعنا الصدف لمصلحة أو لقضية نسعى لها معا.... نعم معا.
توقف عن البكاء وذهب ليغتسل وأرتدى ثيابه بسرعة ونزل من الشقة وكأن ما كان قبل قليل مجرد خاطرة مرت سريعا وأنتهت، جلست ميمي مذهولة وكادت في لحظة أن تسأله عن سلام..... هل كان جزأ من الصفقة التي بينه وبين الموت، بالتأكيد فمن يقتل أبيه ويحرم شقيقته من حقها في إرث أبيها وفي الحياة ليست له علاقة حتى بالعطف على نفسه، .... من المؤكد أنه سيبتلعها كما أبتلع غيرها... الحجر أحيا يرق لكن قلب الأموات لا يعرف الرقة... حسنا فعلت أيها البدين المقرف.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (حساء الوطواط) ح6
- رواية (حساء الوطواط) ح5
- رواية (حساء الوطواط) ح4
- رواية (حساء الوطواط) ح3
- رواية (حساء الوطواط) ح2
- رواية (حساء الوطواط) ح1
- عالم ما بعد الكورنالية الراهنة. تحولات كبرى وأزمات متجددة.
- العراق .... بعين العاصفة.ح2
- العراق .... بعين العاصفة.ح1
- حسابات الوهم وحسابات الدم
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح11
- كتابات يتيمة قبل الرحيل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح10
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح9
- بيان المعتزلة الجدد ج2
- بيان المعتزلة الجدد ج1
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح8
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح7
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح6
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح5


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح7