أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - مقهى بيكادللي النص والمكان - عن مقهى الدلفين














المزيد.....

مقهى بيكادللي النص والمكان - عن مقهى الدلفين


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


كانت بغداد مقهى المصادفة الدائمة .
مدينة الوجوه الحضرية الجوّالة ، وهي تحمل سمات التطلّع والبحث عبرمسافات المدينة وشوارعها ومقاهيها .
كانت مقهى بيكاديللي الصغيرة مثل عاشقة تنتظر ، تجلس في منتصف شارع الرشيد كمحطّة مواعيد .
وبالرغم من ان موقعها يقابل ستوديو بابل للتصوير اقدم ستوديوهات المدينة ، مايجعلها في متناول الجميع ، الاّ انها بقيت وحيدة وانطوائية ، تحاول ان تنآى بنفسها وبخصوصيتها عن مقاهي المدينة المعروفة : الحيدرخانة ، الزهاوي ، البلدية ، البرازيلية ، الشابندر وغيرها من المقاهي البغدادية الشهيرة شعبيا وثقافيا ..
كانت بيكاديللي ملاذا صغيرا بعدد طاولاته المحدودة ورائحة القهوة ، و الكرواسان الذي يعدّة الرجل الحميم ( اوانيس ) ندل المقهى وصاحبها الوحيد ، بملامحه الأرمنية وندرة ابتسامته المعبرة عن حنو خاص وعاطفة لاتنمحي .
وكنا في اواسط الستينات ، اصدقاء تجمعنا الكلمة وحلم الدراسة الجامعية ، وتلمّنا بغداد بخصائصها الكوزموبوليتانية قبل ان تحولها السياسة وهجرة العوام التي حملتها الأنقلابات الأشتراكية الى قرية بلهاء دون سمات او معان ..
كانت بيكاديللي مكانا حضريا بكل معنى عميق يمكن ان توفره مدينة لسكانها من حماية وخصوصية ، ولذلك لم تكن لقاءاتنا تخلو من وجوه نساء ورجال وفتيات تجمعهم احلام شتى ونصوص هاربة من دفاتر المجلات الأدبية والصفحات الثقافية : مجلة الكلمة وملحق الجمهورية الأدبي وصفحات ادبية لجرائد صباحية ومسائية تمثل سيرة المدينة وسكانها سياسيا واجتماعيا وثقافيا ..
كانت المقهى دخان سجائرنا وقلقنا ، كلما انبعثت موجة النمط السياسي المُهدِد لكل مبتغى حديث في الأدب والفن والعمارة والحياة ..وكنا نهرب الى لحظة النبيذ ، نغتسل من مخاوف فكرية وطبقية كانت مهددة بالزوال كل يوم منذ منتصف الستينات حيث وضعت حرب حزيران ونهاياتها الفاجعة منطقتنا وبلادنا امام خيارات النكوص السياسي المتواصل حتى يومنا هذا ..
كان النص في المقهى رائحة . هاجسا او . وَهَمْا . وكانت المواعيد العاطفية تؤطرة بعطرالمغامرة في الحوار الثنائي وكانت اللقاءات الأجتماعية المتناغمة تمنحه خصوصية الحضور ..
وقد انقطعت عن المقاهي البغدادية منذ وقت مبكر من السبعينات ، حين اصبحت المقهى هدفا للمخبر السري وكاتب التقارير السياسية الكيدية .. سقط المكان .. وسقط النص .. وسقطت المدينة ..
اليوم في مقهى الدلفينالسويدي : اواجه غجر الهجرات واكتب

Cafee Delfinen
عواصف الله رمتنا
بحارة ً ونبلاء ..
ابناء زنا وقوادين
تجار اوطان قتيلة
ورواد بورصة الفلس الصديء
امتزجنا بهم مثل ابناء عاهرة ماجنه
رماهم الرب لصوصا
ًونساء طيبات
ورجالاً كتومين
عبوسين
وسفلة مجهولين
قتلة ومحترفي طوائف
محترفي وديانات
ولحى موغلة في الطقوس البائرة
هاربين من فضاعات اوطاننا
وجوهنا بسمرة كلاب البحر
وافدين .. من الأقاصي
بقدر رائحة السمك في المرسى
نكسر قدح الرب بخلافاتنا
ونسكر ُ
بفتوى الدعاة
الشرسين..
*
سوَ قـَةٌ وكلاب وحمّالون
من اسواق الشرق الجائر
كذّابون و مشوهون
يجلسون قبالة الشاعر
في مقهى الدلفين السويدي
وجوههم
خلاصة اللحظات العصيبة
لحياتي
يقذفون سجائرهم من النافذة
ويبصقون في كل مكان
يطقطقون بكل شيء كجراد
يأكلون شجرة روحي
يملأون قلبي باليأس من العودة
و حلم التنوير
لولا تلك الفتاة الفنلندية
النادلة (يانينا )
بضحكتها الدائمة
وهي ترسم فضاء الشاعر
في مقهى الدلفين السويدي
وحين قلت لها احب ضحكتك ..
اضاء فمها
بسلك مقوّم الأسنان الفضي
وقالت لماذا
قلت لأنها تذكرني بحبيبتي البغدادية
وهي تضع سلك مقوم الأسنان هناك
لكنها لاتضحك.



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزلة اجبارية - الجزع
- ارتجالات
- تنويعات النهار
- هروب مبكر
- يوميات الشاعر - 23
- يوميات الشاعر- 22
- يوميات الشاعر - 21
- يوميات الشاعر - 20
- يوميات الشاعر - 19
- تذكر لتنسى
- يوميات الشاعر 18
- إلـهٌ عاطل
- يوميات الشاعر - 17
- يوميات الشاعر- 16
- حياة مكثفة
- يوميات الشاعر - 15
- يوميات الشاعر - 14
- يوميات الشاعر - 13
- يوميات الشاعر - 12
- يوميات الشاعر - 11


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - مقهى بيكادللي النص والمكان - عن مقهى الدلفين