أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - محمود درويش: وكم نمشى إلى المعنى .. ولا نصلُ














المزيد.....

محمود درويش: وكم نمشى إلى المعنى .. ولا نصلُ


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 15:36
المحور: الادب والفن
    


كم البعيدُ بعيدٌ؟ كم هي السُبُلُ؟
نمشي، ونمشي إلى المعنى، ولا نَصِلُ
هُوَ السرابُ دليلُ الحائرين إلى الـماء البعيدِ
هو البُطْلاَن، والبَطَلُ
لكنَّ حكمتنا تحتاجُ أُغنيةً خفيفةَ الوزن،
كي لا يتعب الأَمَلُ
كم البعيد بعيدٌ؟ كم هِيَ السُبُلُ؟
شعر محمود درويش -

وهكذا مر فى حياتنا ذات يوم ولايزال فى حضرة الغياب على أوراق الزيتون يغنى، ويهش العصافير التى بلا أجنحة، عاشق من فلسطين لم يترك الحصان وحيداً وقدم لنا آخر الليل بطاقة هوية: سجل ..أنا عربي، ورقم بطاقتي خمسون الف، وأطفالي ثمانية، وتاسعهم سيأتي بعد صيف، فهل تغضب، سجل، أنا عربي، وأعمل مع رفاق الكدح في محجر، ولا أتوسل الصدقات من بابك ولا أصغر أمام بلاط أعتابك فهل تغضب. هو لم يترك العصافير تموت فى الجليل، ولم يقدم لنا ورداً أقل، ولا أعتذر عما فعل الحصار والاحتلال بببنى وطنه حين قال: يادامى العينين والكفين، إن الليل زائل، لاغرفة التوقيف باقية، ولازرد السلاسل، وحبوب سنبلة تجف، ستملأ الدنيا سنابل.
كان محمود درويش من أهم زهور سلة خبزنا اليومى فى الشعر مع مجايليه سميح القاسم والفيتورى ونازك الملائكة وملك عبد العزيز وصلاح عبد الصبور وعبدالوهاب البياتى وأدونيس، وكان على الضفة الأخرى من النهر صلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودى وفؤاد حداد وغيرهم ممن مثلت أشعارهم بالنسبة لجيلى رؤية ونافذة وتحريض. كنا نقوم بمسرحة شعر المقاومة فى مدرسة الإسكندرية الثانوية وقصر الحرية وبعدها فى جامعة الإسكندرية، حيث كبرت معنا الأشعار والأفكار وتعقدت الدنيا ولايزال محمود درويش يغنى فى غزة والجليل وبيت حانون والشجاعية وخان يونس، ولانزال معه نمشى ونمشى إلى المعنى ولا نصل.
عرفت وجيلى محمود درويش أكثر عندما تلقفنا بلهفة كتاب الراحل الكبير رجاء النقاش "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة"، وأدعوا دار الهلال أن تقدم لأبنائنا الشبان طبعة جديدة منه، ثم تابعنا دوواوينه عصافير بلا أجنحة وأوراق الزيتون وعاشق من فلسطين وآخر الليل والعصافير تموت فى الجليل، وبقية أعماله التى ازدادت مع الزمن تعقيداً ولفتها غلالة من الفلسفة والشجن خصمت من غنائية محمود درويش لتضيف إلى غناه ثراء فكرياً جسد أزمة المثقف والمفكر وتوقه للإنعتاق والخلاص والحرية فى عذابات الإغتراب واللاوطن، وراح يحن لخبز أمه، فالأم وطن، والأم سكن والأم تاريخ وذكريات لاتعرف النسيان: أحن إلى خبز أمى، وقهوة أمى، ولمسة أمى، وتكبر فى الطفولة يوماً على صدر يوم، وأعشق عمرى لأنى، إذا مت، أخجل من دمع أمى.
كما مواطنه المفكر إدوارد سعيد، مارس درويش السياسة، أصاب وأخطأ، لكن خطيئته الكبرى لم تكن سوى اجتهاده لفهم العالم وتصاريف الدنيا ومصير الإنسان. عانى كما إدوارد سعيد عذابات مابعد الكولونيالية و"خارج المكان" حيث المنفى والغربة حتى على أرض الوطن. توالت دوواوينه: لاتعتذر عما فعلت، الحصار، فى حضرة الغياب، كزهر اللوز أو أبعد، حيث كتب:
لا موسوعةُ الأزهارِ تسعفني،
ولا القاموسُ يسعفني...
سيخطفني الكلامُ إلى أحابيلِ البلاغةِ، ..
فكيفَ يشعُّ زهرُ اللوز في لغتي أنا؟
وأنا الصدى وهو الشفيفُ كضحكةٍ مائيةٍ نبتتْ،
على الأغصانِ من خفرِ النَّدى...
وهو الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيةٍ...
وهو الضعيفُ كلمحِ خاطرةٍ تطلُّ على أصابِعنا،
ونكتبها سدى.
نذكره اليوم فى ذكرى ميلاده التاسع والسبعون، فنراه توحد مع ذاته وأفكاره ومشواره، صار كما شجرة اللوز يخطفه الكلام إلى أحابيل البلاغة، ولم نزل معه نمشى إلى المعنى ولا نصل.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة سد النهضة: رؤية الأحزاب والخبراء
- المجتمع المصرى والسياسة: مشاهد تنذر بالخطر
- إعادة هندسة النخبة والجماهير
- إن السفينة لا تجرى على اليبس
- التنوير ومؤسساتنا الثقافية الغائبة
- تناقضات عالم أضحى غابة: حكاية الدب الذى صار أرنباً
- صناعة الوعى فى مقابل التجريف الثقافى
- الأحزاب وصناعة الوعى والتغيير
- ضربة هيكلية أسقطت الهيبة الأمريكية
- السيد محافظ القاهرة: هل تسمعنا؟
- مساحة للأحزاب والسياسة
- باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً
- زهراء المعادى: هل من نهاية للفوضى والمخالفات؟
- الهيئة الإنجيلية: نحو مجتمع عابر للصيغ التقليدية
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- إيكهارت تول و-قوة اللحظة - الآن-
- إفتح صندوقك يغمرك النور
- أنت وحدك من يصنع الفارق
- الطموح وحده لا يصنع الفارق


المزيد.....




- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...
- النجمات يتألقن في حفل جوائز -جوثام- السينمائية بنيويورك
- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إب ...
- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة
- صَرَخَاتٌ تَرْتَدِيهَا أسْئِلَةْ 
- فيلم -خلف أشجار النخيل- يثير جدلا بالمغرب بسبب -مشاهد حميمية ...
- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - محمود درويش: وكم نمشى إلى المعنى .. ولا نصلُ