أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - الأحزاب وصناعة الوعى والتغيير














المزيد.....

الأحزاب وصناعة الوعى والتغيير


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الوعى قرين المعرفة"، ولكل منا وعيه الخاص الذى هو واحد من الحقائق الأساسية للوجود الإنساني، وهو فطرى تلقائى يتكون مع الفرد منذ البداية وتتراكم خبراته عبر الإحساس بذاته، وحاجات الألم والجوع والمشاعر، الغضب، السعادة، الذكريات والتجارب وعلاقته بالآخرين والحياة من حوله، وبدونه فلن يكون لشئ فى حياتنا قيمة أو معنى. هذا هو "الوعى الخاص" أما تيار الوعى السياسى فهو أكثر التصاقاً بتجربة العقل والرؤية والإدراك، وهو بالضرورة قرين المعرفة والثقافة والخبرات العامة.
الوعى السياسى هو نظرة الفرد تجاه محيطه العام وقدرته على قراءة الأحداث حوله وتكوين رؤيته التى تتيح له إدراك أوضاع المجتمع وتوجهاته وتحليلها وتحديد موقفه منها وما يريد تحقيقه، ثم اختيار منظومة القيم والبدائل والسياسات التى تدفعه للإنخراط بالعمل العام من أجل ترسيخها والدفاع عنها، خصوصاً إذا ما مثلت فى جوهرها قضية وطنية. وبهذا تكون عملية البناء المعرفي جزءًا أصيلاً من عملية بناء الوعي.
وفى صياغة أخرى، فإن الوعى السياسى هو حالة من الإدراك اليقظ يجمع فيها الفرد بين تفعيل دور العقل ويقظة المشاعر لفهم وتنظيم علاقته بما يدور حوله، ويتم تنميتها بشكل مستمر من خلال تطوير الفرد - السياسى لقدراته الفكرية بالمعرفة والثقافة واكتساب الخبرات بالتفاعل والمشاركة. إذن فالمعرفة – الثقافة هى الأداة لخلق الوعى السياسى وتوجيهه وتطويره وتعميقه، وهى عملية تراكمية تفاعلية مستمرة.
ولعل مانكابده من ضعف وهزال حياتنا السياسية العامة مرده الأساس هو تغييب فكرة التثقيف والتربية السياسية والتعبئة الفكرية لأجيال هامت فى محيطنا العام على غير هدى. وهى مسئولية الدولة ومؤسسات التعليم والثقافة والإعلام، وهى أيضاً بسبب تقصير منظمات المجتمع المدنى والنقابات وكيانات الحركة الوطنية على مختلف توجهاتها السياسية والفكرية والحزبية عن تنمية مهارات منتسبيها بالوعي والمعرفة والتدريب، وصقل قدراتهم على المشاركة فى صنع القرار تنظيميا كان أو سياسيا، بما يمنحهم القدرة على عرض أفكارهم والدفاع عن رؤيتهم وعدالة و مشروعية نضالهم، أمام ما يواجهونه فى المجال العام من نكوص و اختزال ومراوغة، كانت من تداعياتها تفشى السطحية والارتجال وهشاشة المطروح من كيانات وكوادر وسياقات عامة، وركون البعض أحزاباً وأفراد للنفاق وركوب الموجة والموالاة على طول الخط للسياسات الحكومية، تطلعاً لما قد يتساقط عليهم من السلطة من مصالح ومواقع وجوائز سياسية هى بالضرورة غير مستحقة.
وفى تقديرى أن من يمارسون من المفكرين العرب والغربيين تقسيم الوعى إلى فروع مستقلة وشُعَب، كالوعى الأخلاقى، والوعى البيئى، والوعى القانونى، والوعى المعرفى والثقافى، والوعى الاقتصادى، والوعى التخصصى وغيرها، إنما يمارسون فصلاً تعسفياً بين مكونات تيار الوعى الشامل، وهو الوعى السياسى الذى يحتوى كل ذلك، ويحركه ويرسخه وينميه.
وإذا كانت مقاربتنا السابق نشرها مؤداها، أن الأحزاب تنظيمات وكيانات عمادها برامج وسياسات يضعها مفكرون، وتوجهات يحملها للشارع قيادات مؤهلون، وممارسات يعمقها فى المحيط العام كوادر قادرون، فإننا نسلم بأن الوعى السياسى الحزبى هو أكثر من ثقافة سياسية أو مجرد المشاركة أو تكوين رأي وحوار وانشغال بقضايا المجتمع. الوعي السياسي الحزبى، وفوق كل ماسبق هو إنتماء الفرد إلى مجموعة تشاركه المصلحة والرؤية ومنظومة القيم واللغة المشتركة، فى إطار تنظيم له أهداف محددة، يمتلك أدوات التأثير لمحاولة وضعها فى السياق السياسى العام للدولة، بخلق تيار وعى جماهيرى ضاغط تدعمه الأحزاب بالمعلومات والأفكار والتوجهات والسياسات البديلة، ليكون قادراً على الصمود والمناورة والتفاوض، ويقوم هذا التيار الجماهيرى الواعى بدوره بدعم هذه الأحزاب فى الاستحقاقات الانتخابية فى مستوياتها المختلفة. وهكذا تنتقل الأحزاب صعوداً من صناعة الوعى السياسى الفردى إلى مرحلة صناعة تيار الوعى الجمعى العام.
لقد تحولت الأحزاب السياسية فى العالم المتقدم من مرحلة التعبير عن مصالح طبقة، إلى مرحلة التنظيم فى إطار أيديولوجيا، وصولاً إلى صيغة المشاركة العامة و"الاستجابية الجماعية" فى أحزاب برامج وسياسات وتوجهات وأفكار وسلوك عام. هكذا تمكنت المجتمعات الغربية الديمقراطية المتقدمة وازدهرت حين تمكنت من تحويل الوعي الفردي لمفكريها إلى وعي وسلوك مجتمعي قاد التغيير في تلك المجتمعات. وعلينا جميعاً دولة ومؤسسات وكيانات ومجتمع وأحزاب أن نتعلم التجربة، وألا نحاول فى السياسة إجتراح كل غريب وشاذ وغير معقول، فصناعة الوعى أولى مراحل التغيير والتقدم.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضربة هيكلية أسقطت الهيبة الأمريكية
- السيد محافظ القاهرة: هل تسمعنا؟
- مساحة للأحزاب والسياسة
- باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً
- زهراء المعادى: هل من نهاية للفوضى والمخالفات؟
- الهيئة الإنجيلية: نحو مجتمع عابر للصيغ التقليدية
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- إيكهارت تول و-قوة اللحظة - الآن-
- إفتح صندوقك يغمرك النور
- أنت وحدك من يصنع الفارق
- الطموح وحده لا يصنع الفارق
- فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور
- الصيد والطموح: قصة مخاتلة
- صدمة الأفكار فى عالم الأعمال
- عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء
- ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
- لا تسرقوا فرحة أحد
- الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
- الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب


المزيد.....




- قاعدة العديد بقطر.. صورة أقمار صناعية تُظهرها شبه خالية قبل ...
- تحديث مباشر.. إيران تستهدف قاعدة العديد وقطر -تحتفظ بحق الرد ...
- صواريخ إيران باتجاه قطر والعراق.. إليكم ما صرح به مسؤولون
- غضبٌ بعد تفجير كنيسة في دمشق، والشرع يعِد بالـ-جزاء العادل- ...
- بريطانيا تتّجه لتصنيف -بالستاين أكشن- كمنظمة إرهابية.. وحراك ...
- الاحتفال بيوم الأب في لاهاي
- الحرب تتوسع... إيران تستهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر
- أسباب الالتفاف الإسرائيلي حول تأييد ضرب إيران
- ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون
- قطر تدين بشدة الهجوم الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - الأحزاب وصناعة الوعى والتغيير