أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء














المزيد.....

عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6314 - 2019 / 8 / 8 - 17:35
المحور: الادب والفن
    


هى ليست محاولة للكتابة عن سيرته، لكنها لمحات من أفكاره ورؤيته، فما أحوجنا اليوم لمثل هؤلاء الرجال الذين عرفوا دورهم فى التاريخ، فمشوا فيه يقلبون صفحاته ويتخيرون لنا من ماضيه الذى كنا فيه الفاعل الأوفر ، زاداً نقتات عليه فى رحلتنا لمستقبل أصبحنا فيه المتلقى والحلقة الأضعف، وربما لانزال. كاتبنا الذى أحادثك عنه اليوم كانت رحلته مع الفكر والأدب والنقد والفلسفة رحلة طويلة، وافرة العطاء، لكننا وكما عادة العقل العربى المراوغ، استعصى أكثرنا على الوعى والفهم، فسقطنا فى هوة، لازاوجنا فيها بين الأصالة والمعاصرة كما أراد وكما نبهنا، ولا جددنا فيها تراثنا الفكرى العربى الزاخر بالعطايا والهبات، ولا أحسنا فيه الفرز بين المعقول واللامعقول، بين ما يصلح لماض وما يمكن الاتكاء عليه تطلعاً لمستقبل، فوقفنا بين بين، وترددت بنا الخطى، وآثرنا أن نقطف من كل بستان زهرة، زينا بها حياتنا الثقافية إلى حين، وامتد بنا الأمد فى غربة فكرية وثقافية، ذبلت فيها زهورنا وما استطاعت إكمال الشوط لأفق تليد.
عرفته فى بواكير الصبا خلال مكتبة بيتنا التى أسسها عبد المعز السعدنى والدى رحمه الله، وترامت أطرافها فى الأدب والفكر وأعلام العرب والفلسفة وأعلام الفكر الغربى، وكتب التراث والفقه والتفسير والفلسفة والتاريخ. كنت أقرأ له وعنه فى مجلة الكاتب لمؤسسها أحمد عباس صالح، ومجلة الفكر المعاصر التى أسسها هو، وكتاب إقرأ، والمكتبة الثقافية، ورواد الفكر العربى، وقضايا معاصرة، وكلها من عطايا ثورة يوليو التى يتقول أصحاب الثأر عن قائدها جمال عبد الناصر بالافتراء والتلفيق، فمن حيث عمل جاهداً على نهضة ثقافية بهدف التنوير، يتحدث المرجفون بغير ما رصده التاريخ وعايشه المثقفون.
كنت أقرأ له بشغف مقاله الأسبوعى فى جريدة الأهرام، وهكذا كان كثيرون من جيلى وسابقيه ومعاصرينا. لكننى تعرفت إليه عن قرب، ذات يوم طالباً فى كلية العلوم جامعة الإسكندرية، حين أهدتنى زميلتى وزوجتى فيما بعد د. أمانى يوسف ثلاثة من كتبه: تجديد الفكر العربي، المعقول واللا معقول في تراثنا الفكري، وثقافتنا في مواجهة العصر. وكانت هى التى أدخلتنى قبلها إلى عالم الأدب الفرنسى وترجمت لنا منه إلى العربية حينما كنا نصدر "مجلة الرسالة الجديدة" ونحن طلاباً فى الجامعة، عن الهيئة العامة للإستعلامات ورئيسها د. مرسى سعد الدين رحمه الله. توالت بعدها قراءاتى لكتبه: خرافة الميتافيزيقا، جنة العبيط، شروق من الغرب، الكوميديا الأرضية، قصة نفس، قصة عقل، حصاد السنين، نحو فلسفة علمية، وقصة الحضارة، وغيرها.
أتذكر اليوم كلماته " الأصل في الفكر – إذا جرى مجراه الطبيعي المستقيم - هو أن يكون حواراً بين "لا" و "نعم" وما يتوسطهما من ظلال وأطياف، فلا الرفض المطلق الأعمى يعد فكراً ولا القبول المطلق الأعمى يعد فكراً، ففي الأول عناد الأطفال، وفي الثاني طاعة العبيد"، فأعرف أننا انحرفنا عن جادة الفكر والأصل فيه. وأتذكر كلماته: " قد انتقل إنسان هذا العصر من معرفة اللفظ إلى معرفة الأداء"، وأوقن أنه كان محقاً حين أرى شبابنا وكبارنا وحتى أطفالنا يتعاملون فى حرفية مع أدوات تكنولوجيا العصر ووسائطها، المحمول وشبكات التواصل الاجتماعى، بوعى حسير ولغة عربية كسيرة، ومفردات دخيلة لقيطة، لكأنهم علقوا فى فضاء سيبرانى خلو من العلم والفكر والمعرفة، إن هى إلا حرفية وتقليد. لكأنهم ليس فقط قاموا بالارتداد إلى ماضى "النقل" فيه مقدم على "العقل"، بل أيضاً غابت عنه مفردات اللغة الصحيحة كما غابت مفردات الوعى والعقل. إنها ثقافة الأداء، ولكن بلا روح ولارؤية ولا فكرة، ولا أصالة ولا معاصرة. إذا فقدت اللغة التى هى وعاء الفكر، فكيف لك أن تكون مشاركاً فى حضارة عالم سيار بكل إبداعه، حتماً ستكون كما دمية مسخاء من عقل عالمى واع، بينما أنت نسخة مقلدة منه لا تستطيع لنفسك جديداً أو رشيداً أو مستقبل.
من هنا أدق ناقوس الخطر، وأناشد الجميع العودة إلى أفكار واحد من كبار مفكرينا، بدأ حياته العلمية بعد عودته بالدكتوراة من لندن يرى مستقبل مصر فى أن تكون جزءاً من ثقافة أوروبا التى تشاطئها عبر المتوسط. وهكذا كانت رؤية طه حسين وتوفيق الحكيم ولويس عوض، وغيرهم. لكنه بعد أن توفر على دراسة تراثنا الفكرى العربى الإسلامى، ناشدنا بتجديد الفكر العربى. إنه د. زكى نجيب محمود ذلك الكاتب الفيلسوف الذى استعصى على الموت، فلازالت أفكاره تمثل لنا المخرج من السبات، إلى اليقظة والنور.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
- لا تسرقوا فرحة أحد
- الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
- الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب
- تفجيرات سيريلانكا ولعبة الأمم
- د.عثمان الخشت: عندما تسقط القيم الجامعية
- توماس فريدمان وقراءة خاطئة للشرق الأوسط
- فانتازيا السرد فى لاحكاية فتاة أحبها ولامسها
- ترامب وموسيقى الفك المفترس
- معلوماتكم خاطئة: بريتون تارانت لم يقتل المصلين فى نيوزيلاندا
- حوار مصرى أوروبى فى حزب المحافظين
- فنزويلا: غطرسة أمريكية وسفور أوروبى
- من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-
- رئيس تضع سياساته بلاده فى وجه العاصفة
- -شذوذ تاريخى- يعرض العالم للفوضى والخطر
- أنا النموذج ولاشئ غيرى
- الأسئلة وحدها هى المبصرة
- عالم مابين الحمار والفيل
- عمل حاجات معجزة .. وحاجات كتير خابت
- لسنا قردة .. لكننا نحب العدل والحرية


المزيد.....




- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء