أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور














المزيد.....

فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6345 - 2019 / 9 / 8 - 12:50
المحور: الادب والفن
    


الطموح مصيدة، تتصور أنك تصطاده، فإذا بك أنت الصيد الثمين. فلا سقف للطموح فى هذه الدنيا، وعليك أن تختار مايكفيك منه ثم تقول نكتفى بهذا القدر. لكن من يستطيع أن يقول لا فى الوقت المناسب، ويقاوم الشهرة والأضواء والثروة والجاه والسلطان؟ فالنجاح الكافى صيحة أطلقها "لورا ناش" و "هوارد ستيفنسون" يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذى يفترس عمر الإنسان، فيظل متعطشاً للمزيد دون أن يشعر بارتواء. إن كنت لا تصدق، فإليك بهذه القصة من حكايا وحكم الصين القديمة، حين أراد ملكاً أن يكافئ أحد مواطنيه بأن يمتلك من الأرض كل المساحات التي يستطيع أن يقطعها سيرا على الأقدام. فرح الرجل وأسرع مهرولا في جنون. سار مسافات طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها، ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد، وكلما نال منه التعب وقرر العودة والاكتفاء نازعته نفسه وراح يعاود المسير، حتى وقع صريعاً من الاعياء، لكأنه المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، فقد ذهب ولم يعد ولم يمتلك شيئاً لأنه لم يعرف حد الكفاية ولم تأخذه القناعة إلى طريق قويم. مثل هذه الحكايا تتكرر كثيراً فى كتابات ومنتديات الفيس بوك والواتس آب المصرية والعربية على حد سواء، فتخلط ما لايخلط، وتجمع مالا يجمع، وتقيس المسافات أحياناً بالكيلوجرام.
للوهلة الأولى قد تبدوا لك الكلمات والحكاية مؤثرة أخاذة، لكنك بقليل من التفكر والتروى تكتشف ما فيها من خطأ القياس وفساد الاستدلال. فصاحبنا فى القصة لم يكن دافعه الطموح بقدر ما استغرقه الطمع، ولم يكن معنياً بالنجاح فى أمر يخصه كمهنة وحرفة وإبداع، إنما كان رغبة فى التحصيل والاستحواذ استغرقته حد الذهول عن جادة الهدف فلم يعرف فارقاً بين الخروج من حد الكفاف إلى حد الكفاية إلى حد الوفرة، فأخذته المغامرة إلى حد الخطر والضياع. وهو أمر لا علاقة له بالطموح الإنسانى فى الترقى والحداثة والتطور الذى تدعمه إمكانات وقدرات ورغبة فى تحقيق الذات والنجاح فى العمل والأداء والإنجاز.
المدهش فى الأمر هو رغبة العقل العربى فى المراوغة ولى عنق الحقيقة والإصرار على القراءة الخاطئة فيما يورده من أعمال وأقوال من يستشهد بهم من الكتاب الغربيين، فيأخذ عنهم القشور دون إعمال فكر فى المحتوى والمضمون. فعندما رجعت إلى أصل كتاب "لورا ناش وهوارد ستيفنسون" الأستاذين فى كلية هارفارد للأعمال والصادر عن مؤسسة جون ويلى للنشر 2004، وتصفحته عن طريق "أمازون" وجدت أنه يقدم نظرة كاشفة وقائمة على الأبحاث حول الطبيعة الحقيقية للنجاح المهني ذو المعنى وكيفية المضي قدماً في تحقيقه، ومساعدة الناس في كل مكان على العيش حياة مجزية ومرضية دون ضغوط أو هوس الطموح المتزايد، وبطريقة قوية وملهمة من القيم وتحقيق الذات، والأداء العالي والإرث الخاص توفر مورداً جديداً عميقاً للقيادة في كل مكان"، وهو أمر يختلف عما ورد فى قصتنا عن "النجاح الكافى" الذى يخاصم الطموح فى الترقى وجودة العمل والإنجاز. وهو لايقصد أنه يكفيك تحقيق نجاحاً لتتوقف عن الطموح، إنما يقصد ألا تصبح مهووساً بالطموح فتهمل حياتك الإنسانية. وهو لايربط الطموح بالطمع، إنما يربطه بما يدعمه من أسس وقدرات وإمكانات، حيث العديد من مشاكل النجاح اليوم يمكن إرجاعها إلى التوقعات والمفاهيم الخاطئة غير الواقعية حول ماهية النجاح وما الذي يشكله. وهذا واضح من عنوان الكتاب " “Just Enough: Tools for Creating Success in Your Work and Life
وأنا أترجمه بطريقتى: " فى مديح مايكفى – أدوات لتحقيق النجاح فى حياتك وعملك" بينما يترجمه الآخرون "النجاح الكافى" ويكرسونه ربما عن غفلة أو سوء قصد لضرب الطموح و "بارك الله فيما رزق" وهو أمر لايتمناه لنا إلا من بيت شراً أو ممن حسنت نيتهم من الحمقى والمغفلين. وفى تقديرى فإن الطموح لايكون مصيدة إلا فى مديح مايكفى، فلا تقرءوا القشور



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصيد والطموح: قصة مخاتلة
- صدمة الأفكار فى عالم الأعمال
- عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء
- ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
- لا تسرقوا فرحة أحد
- الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
- الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب
- تفجيرات سيريلانكا ولعبة الأمم
- د.عثمان الخشت: عندما تسقط القيم الجامعية
- توماس فريدمان وقراءة خاطئة للشرق الأوسط
- فانتازيا السرد فى لاحكاية فتاة أحبها ولامسها
- ترامب وموسيقى الفك المفترس
- معلوماتكم خاطئة: بريتون تارانت لم يقتل المصلين فى نيوزيلاندا
- حوار مصرى أوروبى فى حزب المحافظين
- فنزويلا: غطرسة أمريكية وسفور أوروبى
- من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-
- رئيس تضع سياساته بلاده فى وجه العاصفة
- -شذوذ تاريخى- يعرض العالم للفوضى والخطر
- أنا النموذج ولاشئ غيرى
- الأسئلة وحدها هى المبصرة


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور