أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعادة هندسة النخبة والجماهير














المزيد.....

إعادة هندسة النخبة والجماهير


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"على الموتى القدامى أن يفسحوا مكاناً للموتى الجدد" عبارة لخصت مسرحية لكاتب تشيكى شهير، قرأتها منذ سنوات بعيدة، استدعتها ذاكرتى فى معرض الرد على بعض ما أثاره حوار مع مجموعة من المثقفين والأكاديميين حول ما طرحته من أفكار فى المقالات الثلاث الأخيرة هنا عن صناعة الوعى والتنوير ومؤسساتنا الثقافية الهزيلة والغائبة عن مشروع فكرى يؤسس للنهضة، ويعالج هذا الإفلاس الضارب فى حياتنا الفكرية والسياسية، ويلبى أشواق المرحلة للتحديث والعصرنة والتقدم.
طرحت فى هذا الحوار أفكار حول حاجتنا الماسة لنخبة ثقافية سياسية جديدة، ربما من خلال تدوير النخبة القائمة والجاثمة على مقاعد الصفوف الأولى، والتى رغم وجودهم الثقيل تبدو المقاعد خاوية. والموضوع فى ذاته لم يكن جديداً، وهو متداول ومكرور مع كل إنعطافة تاريخية واجهت حياتنا العامة، ومع كل تحولات الفكر والسياسة التى يواكبها عالم ينزع كل يوم لجديد قادم، بينما تعانى حياتنا العربية فى محيطها العام جمود وتخلف وركون واستنامة.
ناقش هذا د. طه حسين فى "مستقبل الثقافة فى مصر" ود. زكى نجيب محمود فى معظم مؤلفاته، و د. إدوارد سعيد فى كتابه "صور المثقف" وعلى حرب فى "أوهام النخبة" بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وتفكك الكتلة الشيوعية فى أوروبا الشرقية التى آذنت بموات الأيديولوجيا، وكذلك فعل عابد الجابرى ومحمد أركون ومالك بن نبى والطيب تيزينى وادونيس وجورج طرابيشى وغيرهم، حين عالجوا إشكاليات العقل العربى المراوغ والتراث ومشكلات النهضة، وأضاف عليها فرانسيس فوكوياما فى أطروحته "نهاية التاريخ والإنسان الجديد". وقد طرحنا هذه القضايا وناقشناها فى كثير من مقالاتنا عن غياب النخبة وحضور الجماهير ومشكلات الثقافة والإدراك ومشهد مأزوم وإنتلجنسيا حائرة، ومشروع فكرى للنهضة، والسياسة لا تتعلم من التاريخ، وعشرات المقالات الأخرى.
محصلة الأمر أن قضية النخبة لاتزال تشغل كل المهمومين بمستقبل هذا الوطن. وأذكر فى أعقاب ثورة يناير أن طرحت فكرة "صناعة نخبة جديدة" كانت غرابتها لا ينافسها إلا سذاجتها، بأن نأتى بالمصريين خريجى الجامعات الدولية المرموقة، من هارفارد وييل وأكسفورد وستانفورد وكاليفورنيا وغيرها لنصنع منهم نخبة جديدة، لكأن النخبة وصفة تصنع كما الوجبات الجاهزة أو من كتاب "أبلة نظيرة". لم تنجح الفكرة، وعادت نغمة تدوير النخبة، أى الإحلال والتجديد فى ترتيب الصفوف الفكرية والسياسية مع الإبقاء على الوجوه ذاتها بنفس الأفكار والرؤى والتوجهات على تهافتها وإفلاسها. وكان ردى "على الموتى القدامى أن يفسحوا مكاناً للموتى الجدد"، إذ فى هذه الحالة لا جديد، إن هى إلا خمر قديمة فى زجاجات جديدة. فالطلب الملح على تجديد النخبة هو ليس إعادة التموضع وترتيب الأدوار، بل هو طموح نحو معالجة القصور والخلل فى الفكر الذى لم يستطع مواكبة متغيرات العصر، ولم يستطع تلبية حاجة الجماهير لحلول ذات أفق جديد يلبى


مطالبها وتطلعاتها فى التغيير والحداثة والتقدم والنهضة. على أن مصطلح النخبة يشكل عنصرية وطبقية تشى بانفصال بين الجماهير وأشواقها وبين القيادة الفكرية والسياسية وانتماءاتها وانحيازاتها وأفكارها. لذا أفضل مصطلح "الطليعة" الفكرية والسياسية، باعتبارها عملية فرز لقدرات طبيعية هى مؤهلة بالأساس للقيام بدورها فى القيادة والتفكير والتخطيط ومهارة الإبداع والتنفيذ. طليعة تأتى من بين صفوف الجماهير مسلحة بالعلم والخبرة والمعرفة، ويفسح لها المجال وتعطى الفرصة لتقدم الصفوف وقيادة حركة النهضة. وهذا لايتم إلا بإزاحة الموجود تدريجياً والسماح للقادرين والمميزين والأكفاء، وهم كثيرون. وهذه عملية ينبغى أن تضطلع بها الجامعات والنقابات والأحزاب والإعلام والصحف ودور النشر، وكل المؤسسات والكيانات السياسية والتنفيذية العامة.
والأمر هنا أشبه ما يكون بما صنعه محمد على فى تأسيسه لمشروع النهضة وإعادة صياغة النخبة، ولا أقول صناعتها، فالنخبة "الطليعة: تفرز بقدراتها واستعداداتها ولا يمكن تصنيعها على غرار فكرة استيراد خريجى الجامعات الدولية من المصريين، فربما كانوا قد أثبتوا تفوقهم فى دراساتهم وتخصصاتهم، لكنهم يفتقدون رؤية القيادة وملكاتها والإنشغال بالشأن العام وتحدياتها ومسئولياتها.
وحتى يتم هندسة الجماهير لدور تقدمى جديد مواكب لدولة ديمقراطية طامحة حديثة، فإن ما نحتاجه هو إعادة هندسة " النخبة" الطليعة والتمكين لدورها، لا إعادة تدوير مابلى مع الأيام والممارسات وأفقد الناس الثقة والأمل.
وللحديث بقية.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن السفينة لا تجرى على اليبس
- التنوير ومؤسساتنا الثقافية الغائبة
- تناقضات عالم أضحى غابة: حكاية الدب الذى صار أرنباً
- صناعة الوعى فى مقابل التجريف الثقافى
- الأحزاب وصناعة الوعى والتغيير
- ضربة هيكلية أسقطت الهيبة الأمريكية
- السيد محافظ القاهرة: هل تسمعنا؟
- مساحة للأحزاب والسياسة
- باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً
- زهراء المعادى: هل من نهاية للفوضى والمخالفات؟
- الهيئة الإنجيلية: نحو مجتمع عابر للصيغ التقليدية
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- إيكهارت تول و-قوة اللحظة - الآن-
- إفتح صندوقك يغمرك النور
- أنت وحدك من يصنع الفارق
- الطموح وحده لا يصنع الفارق
- فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور
- الصيد والطموح: قصة مخاتلة
- صدمة الأفكار فى عالم الأعمال


المزيد.....




- روسيا تدّعي سيطرتها على بلدات أوكرانية استراتيجية.. والأخيرة ...
- المبعوث الأمريكي يوضح عدد الساعات التي قضاها في غزة والهدف م ...
- بين الخوف والحاجة: صراع على معبر زيكيم من أجل المساعدات في غ ...
- هل يكون إسقاط المساعدات في غزة بديلا عن الممرات البرية؟
- أبرز المواقف الدولية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين
- -كانابا- ملحمة هندية على الطريقة الهوليودية
- قصة يمني مع النزوح والجوع.. انتظار مؤلم لمساعدات غابت عامين ...
- الاتحاد الأوروبي يخفف قيود 100 ملليلتر على السوائل في المطار ...
- ترامب يفرض رسوما جمركية مرتفعة على عشرات الدول
- هل تعكس زيارة ويتكوف إلى غزة تغير في سياسة الإدارة الأمريكية ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعادة هندسة النخبة والجماهير