أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام محمد جميل مروة - أزقة الفقراء الضيقة شاهدة على تسكُع و سُخرية --محمد شُكري-- في رواية الخبز الحافي..















المزيد.....

أزقة الفقراء الضيقة شاهدة على تسكُع و سُخرية --محمد شُكري-- في رواية الخبز الحافي..


عصام محمد جميل مروة

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 16 - 17:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


من كثرة التشابه ما بين ابناء فقراء العالم الذي تحدث عنهم الكتاب واصحاب الروايات الواقعية وليست الخيالية منها حتى حصلت على رواية الكاتب المغربي الكبير الذي عاش دهراً فقيراً متسكعاً بين شوارع الظلمة في اشد حلكتها وبين رائحة القتاد المنبعث من بيوت ومطاعم وسكن الأغنياء الذي يُفطرون ويتغدون ويتعشون وذلك كانت حسرة داخل طفولة محمد شكري وامثالهِ وهم كثر مهما تم تغطية المقولة الشهيرة التي دائماً يتعلل بها من يبحث عن الحلول للقضاء على" أفة الجوع".
في مطلع الرواية التي نالت انتشاراً واسعاً ليس من خلال عنوانها المميز والرنان والخطير ""الخبز الحافي "" بل للأهوال والمطبات السخرية والمتهالكة التي واجهها كاتب الرواية منذ بداية نشوئه ووعيه على تقبل الحياة في كامل صعوبتها وفي مقدمتها الجوع المستمر الذي كان يُعانيه مع بعض افراداً من عائلتهِ المكونة من اب ظالم وبطاش وتائه وبالحقيقة يعيش على بقايا ما يستطيع ان يتنازع عليه مع ندمائهِ السكارى المتسكعين في شوارع طنجة المغربية مما تركت اثراً سيئاً في سلوك وحياة ابناء التعاسة المستمرة التي اعتمدها اساساً في روايتهِ.
كانت العائلة تتقاسم غرفة اقرب من تسميتها زريبة لا تكاد تصلح للحيوانات الأليفة مما تركت الطفل محمد شكري يمشي وحيداً ليس في افكاره المأخوذة من الروايات التي قرئها لاحقاً بل من خياله المتمادي في العودة الى ايام الفقر والمرض والجوع الذي عاشهُ وتعايش معهُ منذ الليلة الحزينة والقاسية عندما دخل والده بكل شراستهِ وعنفهِ الغير انساني ومارس ذلك بكل قساوة على شقيقهِ المريض والعليل الذي يحتاج الى رعاية صحية دقيقة وليس هذا فحسب بل الأنكى والاتعس من كل ذلك كان جائعاً وعطشاناً ويكاد يتلوى من شدة الالم . لكن محمد شكري يصف لنا تلك اللحظات الهدامة التي حملها إلينا في حقيقة الواقع الاليم وليس في الرواية عندما إنقض ذلك الوحش بصورة انسان على طفل صغير أراد الماء والطعام فقط لكي يبقى على قيد الحياة لكن الوالد المزعوج والمتذمر دائماً من حياتهِ الصعبة في قتامة لياليها وأيامها هي هي لا تتغير تذهب من فقر الى اقل مستوى من الحياة بلا عمل بلا امل بلا خبز حافي.
حتى مد يدهُ الاب على صغيره الملتوى محاولا إسكاته مما ادى ذلك الى إغماء الطفل العليل امام والدتهِ الشاحبة وامام الأخ الذي تفاجأ بهذا الفعل المشين. وجرب وحاول كثيراً ان ينتقم من ابيه رداً لثأرهِ حسرةً على مقتل شقيقه والسير بجنازتهِ مجبر" أخاك لا بطل ".
عندما استشفيتُ معاني أغراض ومغازي محمد شكري فقد تألمت وتوجعتُ كثيراً ليس حزناً على الطفل الذي مات متأثراً من الجوع او من ضربة ما . بل من تشابه وتساوى المآسي التي يتعرض " الشوارعيون" من تأثير يومياتهم الحزينة بكامل دقتها أينما كان في أحزمة البؤس وفي ضواحي المدن العتيقة الملتفة حول العالم .ومن البديهي ان فقراء الزنوج في شيكاغو وفقراء البرازيل في بيوت الدعارة وفقراء المغرب في طنجة وبيوت الصفيح فيها هي كما هي تتلازم وتتشارك القصص الليلية والنهارية لكن كلُ من تلك المدن لها التعامل حسب مزاج ابناء الفقراء في خنادق وشوارع ومخيمات الفقر المدقع.
صوّر لنا محمد شكري روايته كأنها مسرحاً يتعلل كل ممثل من ابطال تلك الحياة حسب مقدرته في الإشهار وفي إبراز اخر مبتكرات المسرحيات والسرديات التي وإن إختلف الممثلون في ادوارهم إلا ان وجه البؤس والجوع والمماطلة في إستحضار الخبز الحافي ليس مقدور عليه حتى في احسن الظروف وان كانت مصادر وحكايات المآسي كلها ممتدة من قديم الزمان او على الاقل منذ ان وصلت إلينا كتابة فن الرواية بأسلوبها الأدبي او بخيالها المرتبط بالواقع او حتى عند نسج الخيال والتوسع في إعطاء الأمثلة لكى تكون الرواية اقرب الى القراء في تقبلها والعمل على إلتهام مضامينها بكل لهف وشوق وحرفة ودقة .
ان اهمية محمد شكري في كتاباته ورواياته ليست حديثة على قراء اللغة العربية لكننا هنا نحن مُلزمون في تتبع ما لاقت تلك الكتابات والخبز الحافي خاصة من رعايتها وترجمتها الى أعداد كثيرة للغات الأجنبية الاخرى الكبيرة كالأنحليزية والفرنسية والإسبانية وذلك يعنى دلالة التحول في وضع دوائر المراقبة في العالم عن التعرف لبلاغة أصول وفن واختيار ما هو مطلوب وما هو مرغوب لشرح الأدب الروائي للقصص العربية وان تكن مكامنها في الواقع اصدق من الخيال الفكري وإلا لم تكن تتكامل الروايات مع بعضها الاخر واختيار منها المطلوب او وضعها خلف كواليس التجهيل او التناسي.
سوف اسرد بعضاً مما جاء حرفياً في كلمة محمد شكري للقراء نصاً يلزمني ان انقلهُ بكل حرف.
""فيا ايها الليليون والنهاريون .ايها المتشائمون والمتفائلون .ايها المتمردون .ايها المراهقون.ايها العقلاء ...، : لا تنسوا ان ""لعبةً الزمن"" أقوى منا.لعبة مُميتة هي، لا يمكن ان نواجهها إلا بأن نعيش الموت السابق لموتانا، لإماتتنا: ان نرقص على حبال المخاطر نشداناً للحياة .
اقول : يُخرج الحّى من الميت.
يخرج الحىّ من النتن ومن المتحلل.يُخرجهُ من المتخم والمنهار...
يُخرجه من بطون الجائعين ومن صُلب المتعيشين على (( الخبز الحافي)).انتهي الإقتباس.
ما اروع تلك الكلمات الخالدة التي تعتريني وتجعلني قريبًا جداً جداً من محمد شكري الذي صاغ أصول لغة الفقراء عندما ينهر زوجتهِ بعد توبيخها او رفسها او ضربها عندما ينتهي من ""إستهلاكها"" اي من شدة الفقر والعدم ان تحضر له شرابا. ام طعاماً كأنها مسؤولة عن "كمال بسطهِ" بعد الجنس المؤكد وهو الوحيد المتوفر في خيم فقراء الفقراء .
نعم اسهل ما ينعت بهِ الرجل الخائب والعاطل عن كل شيئ ان تصل به اللفظات النائبة لزوجتهِ "ايتها القحبة او المومس او الشرموطة" عليك بالذهاب الى الجحيم ما دمتِ لا تستطيعين تأمين كافة جوانب إسعادي بعد نيلُكِ مني .
شاهدنا جوانب تتعلق في البذائة وفي التخلف وفي ادنى مستويات ما يُمارسهُ النهاريون من تسكعهم في الشوارع ومفارق الأزقة التي تفح منها رائحة العفن الناتج عن عدم اي شيئ يشبه الحياة العادية او المعتادة في مدن تتعدى الملايين من سكانها .
كما شاهدنا الليليون عندما يُحاولون الدخول الى المواخير التي تسكنها داعرات وعاهرات اخر الليالي عندما تسعين ان تحصل على يوميتها او راتبها من مدخولها الأول والأخير "بعد فتح فخذيها".
ان الرواية تقع في ما بين سخط محمد شكري على الحياة وتحميل من هم مسؤولون عن تفقيرنا او تهميشنا اي الأغنياء .
لكن القيم في الرواية موضوعة على جوانب الرفوف التي يُرادُ للغبار ان يغطيها منعاً للفضائح.

عصام محمد جميل مروة ..
اوسلو في /16/شباط/2020/..



#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحبر الأعظم و الإمام الأكبر ..على اطلال خيمةً حكيم العرب .. ...
- تعاليم الماسونية والقّوة الخفية.. تتحقق واقعياً ليس في الأحل ...
- مقاطعة الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل معاً وفوراً..
- الإنجازات المنتظرة للحكومة العرجاء في لبنان تتأرجح بين غضب ا ...
- الثوريون لا يموتون ابداً.. المناضلون يتشابهون عندما لا ينهزم ...
- منتدى دافوس الدورى عبارة عن تمكن فروقات طبقية بين الفقراء وا ...
- نار وغضب داخل البيت الأبيض .. أعنف بكثير من فضيحة ووتر غيت . ...
- ظلامات ما بعد سقوط بغداد..غزوة الكويت وأوهام حماية أمن النفط ...
- صدارة المشروع الصهيوني عُقب تفتيت وحدة الموقف العربي إتجاه ف ...
- ترويج للباطل الإيراني ..وإشاعة الخُبث الأمريكي..
- حِصار ايران سوف يُعِيدُ عقارب الساعة إلى الصفر..
- الوجه القبيح لرأس المال..مقابل عزيمة الطبقات الفقيرة الثائرة ...
- الوعي الثقافي المقصود في فكر -سمير أمين - و-حنا مينه -.. قبل ...
- وقتُ مُدمِرٌ وقاتل ..حِراك مدنى..في وجه حكومة حسان دياب..لن ...
- ثورة شعب..ثورة شباب..إنتفاضة الإصلاح التي لا يُرادُ لها أن ت ...
- عندما يعتذرُ الإستعمار من الصغار ..ماكرون صادقاً ام مجاملاً ...
- صِدام الحضارات وأدلجة الثقافة..تحت تأثير النظرية والتطبيق في ...
- هل الدين أفيوناً حقيقياً للشعوب يُقلِلُ من اهميةً الثورات ..
- نجيب محفوظ يعود من جديد..اليقظة والأحلام معاً..
- حقوق الطبقات المسحوقة في المجتمع وإعادة إحياء دور الإنسان كك ...


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام محمد جميل مروة - أزقة الفقراء الضيقة شاهدة على تسكُع و سُخرية --محمد شُكري-- في رواية الخبز الحافي..