أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأنثى في -مدينتنا- نزهة الرملاوي















المزيد.....

الأنثى في -مدينتنا- نزهة الرملاوي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 14:47
المحور: الادب والفن
    


الأنثى في
"مدينتنا"
نزهة الرملاوي

العنوان هو العنوان، هو الجسم/الشكل/الشيء الذي يعطي صورة خارجية شاملة عن الشيء/الحدث/المكان، ف"مدينتنا" جعلت الشاعرة متربطة بها، وربطتنا نحن المتلقين أيضا، فهي مدينتها ومدينتنا.
تكمن أهمية فاتحة القصيدة في أنها الباب الذي يدخل منه القارئ إلى متنها، ودائما مخاطبة الأنثى "مدينتنا" تثير القارئ، وهذا اسهم في جذبه إلى النص/القصيدة، واللافت أن الشاعرة لم تبدأ بالصراخ والصوت العالي:
"مدينتُنا قبلة الرّوح
ممنوعة من الأحلام
من التّكبيرات..
من السّجود من القيام
القمر في سمائها يبكي
وحقّها في شريعتهم حرام.."
بل تتحدث بألم (ناعم)، ألم الأنثى، أنثى الشاعرة وأنثى المدينة، التي تحسن كتم ألمها وأوجاعها، من هنا جاء ألمها يلسع كالجمر، فالممنوعات عن الأنثى/المدينة لم تكن مادية، بل روحية، جمالية، "الأحلام، التكبيرات، السجود، القيام" وعندما أقرنت "القمر الباكي" اعطي مدلول وكأنه طفل/أبنها، يبكي لحزنها ولحالها، وهذا يثير ويتوغل إلى أعماق القارئ/المتلقي، لينهض ويعمل عل ازالت الممنوعات عن الأنثى/المدينة وابنها "القمر".
"تمّوز يحرق الأرض غضبا"
بعد الحديث عن الأنثى تدخلنا الشاعرة إلى عالم الذكور "تموز" يحرق الأنثى "الأرض" وهنا أول فعل قاسي "يحرق" فالقسوة متعلقة بالذكور، لكن هنا الذكر "تموز" رمز لشهر تموز الحار، وليس للإله "تموزي" رمز الخصب، وهذه الولوج الذكوري سيكون بداية الوجع في القصيدة:
"والعرب في عروشهم نيام
مُذ كان النّبي السّاري لقلبها
تنادى أعداؤها أن لا إسلام
قطعوا أوصالها...ذبحوا أشبالها..
زيّنوا لأبنائها رايات السّلام"
المفارقة بين حال "نيام" وبين "قطعوا، ذبحوا"، فالعرب والأعداء هم لفظ مذكر، لهذا وجدنا أفعال دموية وحشية.
تحاول الأنثى/الشاعرة أن لا تكون (متطرفة) تجاه الذكور فجاء "النبي" بصورة إيجابية، لكنها تقرن ايجابية الذكر بالأنثى: " مُذ كان النّبي السّاري لقلبها " وكأنها تشير إلى العلاقة الطبيعية والسوية المتوازنة بين الذكر والأنثى، من هنا تكمل صورة هذه العلاقة بقولها:
" كيف للعشّاق أن يعيدوا
لسمائها الفرح.. بعد انهزام"
فالفرح "العشاق" يعني علاقة سوية بين الذكر والأنثى، لكن هناك حالة "انهزام" تمنع وجود هذه العلاقة، وهنا جاءت صوت عال ومرتفع:
مدينتنا تغتصب.. تهوّد..
تصرخ لا.. لا استسلام"
فهل لهذه ال"تصرخ" مبرر، خاصة إذا ما قارناها مع (الحزن الناعم) في فاتحة القصيدة؟، هذا هناك مرر، بل تأكيد وضرورة، بعد ان فقدت المدينة/الأنثى عشيقها/حبيبيها، وبعد أغتصبها العدو/المذكر، كان لا بد لها أن "تصرخ"، فألمها أصبح بشرفها/كرامتها وبجسدها معا، فكان "تصرخ" فعل منسجم تماما ويعطي صورة عن حجم الألم عند الأنثى/المدينة، الألم الجسدي/المادي، والألم المعنوي/الروحي.
تبدو وكأن الشاعرة/المدينة/الأنثى وهي "تصرخ" فعلت بصراخها ما أزعج وآلم القارئ/المتلقي، وما لم ينسجم مع طبيعتها التي تمتاز بالصبر والجلد، لهذا نجدها (تبرر) لنفسها ولنا سبب هذه "ال"تصرخ":
"كسروا مباهج عزّها.. شرفها
ألزموها الرّقص على الحطام
أعلنوها مغلقة "
واللافت أنها تناولت الوجع الجسدي/المادي "الرقص على الحطام"، والروحي/النفسي "عزها شرفها" من هنا يمكننا القول أن مسار القصيدة منسجم ومتزن، فالقصيدة لم تكتبها "نزهة الرملاوي" بل القصيدة هي من كتبت نزهة الرملاوي، فكانت كالجنين الذي اكتمل في رحمها وحان خروجه، فكانت قصيدة "مدينتنا".
"ممنوع على أدراجها اللعب..
في حاراتها...زرعوا انتقام"

تقدمنا الشاعرة مرة أخرى من موقفها/توحدها مع الأنثى/المدينة، "أدراجها اللعب، حارتها انتقام" وهذا يأخذنا مرة أخرى إلى العلاقة السوية بين المذكر والمؤنث، فالممنوع جاء على جزء مذكر "أدراجها" وآخر مؤنث "حاراتها" فبدا للقارئ أن هناك ذكر ظالم/شرير يحول دون وجود الحياة الطبيعية والسوية، وهذا الإيحاء كاف لإثارة المتلقي وجعله يعرف أن هناك خلل في حياة الأنثى/المدينة، مما سيدفعه إلى فعل شيء يزيل المنع، وتستعاد الأنثى/المدينة الحياة الطبيعية والسوية.
""وذاك الذي استباحها
يتجوّل في قداسة عينيها
يُداعب تاريخ خدّيها
يُلقي على طهارتها الآثام
يجوب الأنجاس أقصانا..
حاراتنا.. "
تحاول الشاعر أن تخاطب عقل المتلقي بالطريقة التي يفهمها، بالطريقة التي تؤثر فيه، من هنا نجدها (تستفزه) بالحديث عن "استباحها، يتجول، يداعب، يلقي، يجوب" وكأنها بهذه الأفعال تقول له: أين رجولتك أيها الذكر؟ ها هي المدينة الأنثى يُفعل بها، فتقدم أن كنت رجلا، واللافت في هذا المقطع أن الشاعرة ألصقت أفعال قذرة وقعت على الأنثى، "استباحها، عينيها، خديها، طهارتها" وهنا يكمن ذكاء الشاعرة، معرفة كيف تؤثر على المتلقي، وتجعله يتقدم من الحدث، معرفيا ثم عمليا.
النقلة النوعية في القصيدة جاءت من خلال هذا المقطع:
"قباب عشقنا.. سُبل الغمام
وساحات الوغى فارغة من الأبطال..
من الأنصار.. من الأحرار...من الأنام
تعارك الإخوان والدّسائس حولهم
وباتت القضية في عرفهم أوهام..
تسامر الأغراب في مضارب الأعراب
دقّوا للخيام أوتاد انقسام
تكالب أعداء الله عليها..
فغاب عن فجرها هُدل الحمام
لم يعد بيننا عمر يتفقّدنا..
ونحن رعيّة نلوم لا نلام
فكيف نستنجد بالأنذال بعده..
وقد أخرس في فيهم الكلام"
حيث جمعت الشاعرة بين الأنثى/المدينة وسكانها، وهي تعطي صورة شاملة للواقع العربي والفلسطيني معا، لكن تستوقفنا افعال: "تعارك، وباتت، تسامر، دقوا، تكالب، فغاب، أخرس" وكلها افعال ماضية، وهنا يطرح سؤال: لماذا لم تستخدم الشاعرة الفعل المضارع، بما أن الواقع ما زال على حاله؟، اعتقد أن الفعل الماضي غالبا ما يشير استخدامه لفعل قاسي/أسود، فلم ترد الشاعرة أن يكون لهذه القسوة والسواد استمرارية في المستقبل، وكتفت بأن تناولتها بصيغة الماضي، لهذا جاءت خاتمة القصيدة:
"هبّوا أبناءها المخلصين وذودوا
عن شرف مدينة تحلم بالسّلام
ضاعت قبلة روحنا الحسناء..
بين المُقامر والمُطبّع وأولاد الحرام!"
لم تتم دعوة (الآخرين)، من هم خارج القدس للمشاركة في "هبوا، وذودوا" وخصت "أبناء" المدينة المخلصين، فهل هذا منطقي؟ وهل يحق للشاعرة ان تلغي بقية الفلسطينيين أو العرب من هذه المشاركة؟، بكل تأكيد هي لم تلغي أحدا، بل جعلت الشرارة/رأس الحربة أهل المدينة المخلصين، والذين سيفتحون الأبواب أمام الآخرين ليتقدموا وليحقوا بأهلها المخلصين، وهذا منطقي، فالبداية تأتي من داخل المدينة، من أبنائها، وليس من الخرج.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية والدين
- الشاعر والمرأة والواقع كميل أبو حنيش -صفا فؤادي-
- التقديم الناعم في رواية -قلب الذئب- ماجد أبو غوش
- ياسين محمد الباكي -أين هم-
- مناقشة رواية أوراق خريفة
- رمال على الطريق مفيد نحلة
- جريمة الشرف في الرواية -شرفة العار- إبراهيم نصر الله
- قصائد الأندلس
- مجلة شذى الكرم السنة الخامسة،
- ديوان زفير سعادة أبو عراق
- ومضة -هكذا هم الفقراء أحمد خلف نشمي
- المعتقل الفلسطيني في كتاب -الصدور العارية- خالد رشيد الزبدة
- مناقشة كتاب اقتفاء اثر الفرشة
- رحلة إلى جوهانسبرغ بيفيرلي نايدو
- حازم يعود هذا المساء نبيل عودة
- حنان طه -لعلك تدري-
- اقتفاء أثر الفراشة نبيل طنوس
- الواقعية الفلسطينية في رواية -العناب المر- أسامة المغربي
- قراءة في ديوان -على ضفاف الأيام -لنائلة أبو طاحون
- العشق المتقد في قصيدة فتاة البرتقال كميل أبو حنيش


المزيد.....




- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...
- طريق الحرير.. القصة الكاملة لأروع فصل في تاريخ الثقافة العال ...
- جواد غلوم: ابنة أوروك
- مظاهرة بإقليم الباسك شمالي إسبانيا تزامنا مع عرض فيلم -صوت ه ...
- ابتكار غير مسبوق في عالم الفن.. قناع يرمّم اللوحات المتضررة ...
- طبيبة تمنح مسنة لحظة حنين بنغمةٍ عربية، فهل تُكمل الموسيقى م ...
- عبد الكريم البليخ في -بكاء الحقل الأخير-... ثلاثون قصة عن ال ...
- استقالة مفاجئة لأشرف زكي من نقابة المهن التمثيلية استعدادا ل ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأنثى في -مدينتنا- نزهة الرملاوي