أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - صفقة القرن..أهم السياقات و الأهداف و المراحل















المزيد.....



صفقة القرن..أهم السياقات و الأهداف و المراحل


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة :

تختلف التعبيرات عن "صفقة القرن"، و تتباين ردود الفعل تجاهها، من طرف لآخر، بل داخل الطرف الواحد نفسه! و هي حالة "اسرائيل"، المعني بها و "الفاعل" الأول في إطارها. بينما يظل هناك، نوع من "الاجماع"، و إن كان شكليا في ظاهره، قهريا، في باطنه، حول الموقف المعلن من قبل باقي الأطراف، رغم الانقسام الجذري الذي ترسخ لدى الصف الفلسطيني على مدى السنوات الأخيرة و بدرجات مزمنة ! و هذه على الأقل، "حسنة" تحمد عليها "الصفقة"، أكثر من وساطات العرب و الأعراب العقيمة! التي لم تساهم الا في تعميق الصدع و توسيع دائرة الخلاف لتطال في بعض الأحيان "الثوابث"، التي يتبناها هذا الطرف أو ذاك !

سنقوم هنا عبر ثلاثة عناوين رئيسية(*)، متصلة سياقا و بنية، بجرد لابرز السياقات و المراحل التي مرت بها صفقة القرن، و كذا ظروف "اختمارها"، في اوساط الشرق الأوسط و العواصم الأوروبية، وصولا الى الطرف المعني الأول بالصفقة، بصفته الفاعل الأساس، بل و المهندس لأبرز "خطوطها العريضة"، أي الادارة الأمريكية في تماهيها، و منظومة الحكم و التحكم الفعليين، في "تل أبيب" .


عصفوران في اليد، خير من عشرة على الشجرة !!
منهجيا، لن نتوقف أو نبدأ من حيث بدأت ادارة "ترامب"، حيث أن السياسات اﻷ‌مريكية تظل نوعا ما مستقرة في خطوطها العريضة أو في خياراتها الكبرى، المحصورة بين خياري الحرب و الحرب الباردة، الحروب المباشرة و الحروب الغير مباشرة ! لكن هناك في هذا المبحث بالذات، ثابثا ﻻ‌ يتغير، و هو اﻻ‌سناد المباشر، الغير مشروط، لسياسات "تل أبيب"، باختﻼ‌ف الظروف و السياقات و اﻻ‌كراهات!
كثير من يهول من "عنجهية" ترامب، و من تهافته الغير مسبوق، على تقديم القربان تلو القربان، على مذبح "تل أبيب"، و بشكل سريالي أيقظ ربما، حتى قدماء العمﻼ‌ء الخامدين من فرط الخجل، أو من باب التبرئ من هنجهيات اﻻ‌دارة اﻷ‌مريكية الحالية، و سلوكاتها الفجة، السافرة !
هل اﻷ‌مور فعﻼ‌ بهذا الشكل، أو كما يراد لها أن تظهر، هكذا؟
يمكن الجزم، اعتمادا على الواقع الملموس، و على سير و تطور اﻷ‌حداث مؤخرا، أن "اسرائيل"، و عكس ما يراد تصويره من قبل جوقة الشحاذين و الطبالين و العمﻼ‌ء المأفونين، تعيش أحلك أيامها، مذ وصول ترامب الى رأس اﻻ‌دارة اﻷ‌مريكية ! بل انها، تكابد فقط، من أجل الحفاظ على هامش من اﻻ‌نتصاب، كانت قد راكمته طوال العقود اﻷ‌خيرة من وراء الدعم اﻷ‌مريكي و الغربي المنقطعي النظير، و الخادعين في نفس اﻵ‌ن .

نجد أنه، و ﻷ‌ول مرة ربما منذ حرب العدوان الثﻼ‌ثي، و المﻼ‌سنات الصدامية أيام الخدر العروبي البعثي القومجي، تستهدف اسرائيل مباشرة، و في عقر دارها من طرف درون "ايراني"، في تحدي غير مسبوق، للجيش الذي ﻻ‌ يقهر أوﻻ‌، و السماء التي ﻻ‌ تنتهك، على اﻷ‌قل بوسائل الحرب النظامية "الحديثة"،
أو بتعبير أدق، المملوكة لدولة قائمة بذاتها، و ليس لميليشيا أو حركة مقاومة ! 

بداية الدراما في "سماء اسرائيل"، كانت قبل، و بالضبط بعيد وصول "محمد مرسي"، الى رئاسة مصر، و بداية انتعاش حركة "حماس" في غزة، كنتيجة مباشرة و ك "معطى صريح"، أثث خطابات "مرسي"، و جماعته،اﻻ‌خوانية، في تناسق منقطع النظير، مع الخطاب المتناثر آنذاك في أتون فوضى الشعارات و اﻻ‌يديولوجيات في ساحات "التغيير"، بخصوص "القضية الفلسطينية"، و بمختلف تﻼ‌وينه اﻻ‌يديولوجية التي شائت اللحظة التاريخية آنذاك، أن تجتمع لتدخل جبة اﻻ‌خوان و تظل فيها الى حين. و مرجع ذلك ﻻ‌سباب عدة، أولها اﻻ‌ستعداد القبلي، و الحضور الفعلي الوازن في الميدان، ثانيها تدفق المال القطري، و أوهام الصنم التركي الصاعد بقوة آنذاك، ثالثها و ليس آخرها و لكنه اﻷ‌هم، اﻷ‌جندة اﻻ‌مريكية التي رعت و مولت و زرعت و حصدت، مذ فترة اقتﻼ‌ع نظام "صدام حسين"، وصوﻻ‌ الى اسقاط آخر احجار "الدومينو"، في الشرق اﻷ‌وسط، أي آخر بيادق اللعبة في نسختها القديمة، و التي انتهت رسميا، باغتيال الرئيس اليمني المخلوع "عبد الﻼ‌ه صالح"، مباشرة بعد تصريحات له حول "صفقة القرن"، أو "صفقة القرن" التي كانت تطبخ بمعية اﻷ‌نظمة اﻵ‌فلة، قبيل أولى فصول "الخريف اليهودي"، في نسخه العربية !
منهجيا، و من منطق الجيوستراتيجيا، أو سياسات اﻷ‌من الخارجي، يمكن تشبيه التغاضي عن تفاقم المد اﻻ‌خواني في "مصر"، و العالم العربي بصفة عامة، بتغاضي اسرائيل عن الوجود اﻻ‌يراني في سوريا، لوقت طويل، و بتغاضي الوﻻ‌يات المتحدة نفسها، عن أنشطة "ايران"، و سياساتها "المارقة"، سواء في الداخل بأنشطتها النووية و التسلحية، أو في الخارج بدعمها و تمويلها لكل ما يمكن له تقويض السلم و اﻷ‌من في الشرق اﻷ‌وسط، 
أي حماية مصالح و رعاية أطماع دولة "مارقة". 
بعد أول فصل من فصول "الربيع العربي"، نﻼ‌حظ بغرابة، أن وصول اﻻ‌خوان الى مراكز السلطة، أو السلطة البديلة، كان قرار منزﻻ‌، تختلف التفسيرات و تتكاثر التحاليل كالفطر، عن الجذور التاريخية و اﻷ‌سباب الذاتية و الموضوعية و السياقات الداخلية و اﻻ‌قليمية و الدولية، لكنها تغفل عن واقع و حقيقة أن كل هذه الظروف و السياقات و اﻷ‌سباب، و ان كانت حاضرة، في تحليل الواقع و قراءة الوضع و سبر أغوار البنيات و التاريخ، فانها لم تكن يوما لتأخذ مكانها على أرضية الواقع، أي أن هناك دائما "فيتو" خفيا، ثقيل الظل، يلغي كل تراكم تاريخي أو حدث طارئ، في السير الطبيعي الذي يمكن أن يأخذه، سواء عن طريق اﻻ‌نقﻼ‌بات الدموية أو الناعمة، أو الحلقات الغير مفهومة في سيرورة الحكم و التحكم و نقائضها السياسية و اﻻ‌يديولوجية. من اﻻ‌نقﻼ‌ب على نظام السادات الى استنبات "عزبة" قطر، وصوﻻ‌ الى تفتيت دولة البعث و اشاعة العبث بلبنان و تفريخ حركة "حماس" في غزة و تحييد كافة النقائض اﻻ‌يديولوجية لجماعة اﻻ‌خوان الدولية، بما في ذلك "اليسار الناعم" و "الصف الليبرالي" !؟
يمكن قراءة المشهد في الشرق اﻷ‌وسط، على هذه اﻷ‌سس، و على ضوء نهاية نظام "أنور السادات"، بتلك الطريقة الدموية، و هو كما يقال عنه هنا و هناك، بطل الحرب و السﻼ‌م، و أول "المطبعين"، مع دولة اسرائيل! فمباشرة بعد نهاية نظام السادات، لوحظ بشكل واضح، تصاعد المد اﻻ‌خواني.. و الحديث هنا عن قطر، الحديقة السرية، أو "القادم/ الفاعل" الجديد في منطقة الشرق اﻷ‌وسط ! 
ﻻ‌شك في أن قطر، و أدواتها اﻻ‌يديولوجية التي عبثت بالوعي العربي و العقل اﻻ‌يديولوجي طوﻻ‌ و عرضا، على امتداد سنوات، تتبنى ما يبدو نقيضا ايديولوجيا،
للسياسات اﻻ‌مريكية أو اﻻ‌مبريالية أو الصهيونية، و بدرجات متقدمة من العنف الثوري و الراديكالية، لكنها، في اتجاه معين، تسير بنفس المنحنى و هذه التيمات أو اﻷ‌دلوجات، بمعنى أنها قد تناقض اﻻ‌متداد التاريخي لذلك اﻷ‌صل اﻻ‌يديولوجي أو ذاك الفرع التاريخي، لكنها تخدم بنيويا، نفس تلك اﻻ‌يديولوجيات أو اﻷ‌دلوجات، في أصلها المعرفي الثابث، و التاريخي المتجذر ! فاسرائيل مثﻼ‌ دولة "دينية"، أي أنها تتماهى و كل ما هو "يميني"، و تأخذ شرعيتها الوجودية من كل ما هو ديني، بما في ذلك اﻻ‌يديولوجيا الدينية اﻻ‌سﻼ‌مية، كأصل عقائدي ! بمعنى أن كل ما هو مؤدلج اسﻼ‌ميا، هو يهودي من ناحية البنية، أو اﻷ‌صل المعرفي، أو عبراني بتعبير أدق و أشمل !
و بمعنى أن تراكم موجات اﻻ‌دلجة المتأخرة، كفيل بمحو اﻷ‌دلجات السابقة و اﻻ‌بقاء على اﻷ‌صل الثابث، و هو في جميع الحاﻻ‌ت، لصالح النقيض اﻻ‌يديولوجي كما يراد له أن يظهر من خﻼ‌ل توظيفه، أو العلة من افشائه و تفشيه! أي أن ايديواوجيا اﻻ‌خوان المسلمين، تتطابق من حيث اﻷ‌صل المعرفي، و تيارات اليمين و اليمين المحافظ، و حتى اليمين الراديكالي، اﻷ‌كثر صهيونية من الصهيونية "الرسمية" !؟ و هذا منطق غريب ربما، و كﻼ‌م عجيب، لكنه واقع ! بل واقع ملموس مكرس على اﻷ‌رض و عند كافة أطراف النقيض! خصوصا عندما نسمع عن أقليات مثل "نارومي كارتا"، اليهودية الصهيونية الراديكالية المتطرفة، تتبادل الزيارات و المجامﻼ‌ت مع "حركة حماس"، اﻻ‌خوانية ! ليس من باب التوافق اﻻ‌يديولوجي ! أو التماهي اﻻ‌نساني، بل فقط، ﻻ‌ن كلتا الحركتين، على أقصى النقيضين، تشتركان نفس العقيدة، بخصوص عدم شرعية "دولة اسرائيل"، و وجوب ابادتها و التخلص من ساستها "الملحدين" !! و هذا ما تسوق له الجزيرة بخبث ضمن اطار وثائقياتها عن "اسرائيل"، 
أو "اسرائيل من الداخل" !!

بالعودة ﻻ‌ول مشاهد الدراما، فوق سماء اسرائيل، نجد أن أولى محاوﻻ‌ت تعكير السماء الصافية، و اﻷ‌جواء اﻵ‌منة، في اسرائيل، كانت سنة 2013، في الحرب مع غزة، حيث لوحظت أو رصدت محاوﻻ‌ت متواضعة، ﻻ‌ستعمال "درونز" بدائية، ﻷ‌غراض عبثية، بالموازاة مع أول الطفرات النوعية في مدى الصواريخ المستعملة في استهداف اسرائيل، و كلها، بتقنية ايرانية، و تمويﻼ‌ت تمتح من الظروف و السياقات التي أطلنا في شرحها قبﻼ‌، أي المثلث اﻻ‌خواني الناشئ، مصر/تركيا/قطر.

ايران، لم تكن بعيدة عن ساحة التطورات، فرغم الخﻼ‌ف العقائدي الشاسع، بين حماس، كحركة اخوانية، كما يظهر لدى جناحها المعتدل، أميل الى السلفية، كما يعبر عن ذلك "اسماعيل هنية"، و الفصائل الدائرة في فلكه.. و بين نظام المﻼ‌لي الشيعي، الداعم لمحور آخر عنوانه "الممانعة"، أي آل البيت "العلويون"، العلمان، في سوريا، و حزب الﻼ‌ه في لبنان، فان العﻼ‌قات مع حماس كانت دائما على ما يرام، بل ربما كانت العﻼ‌قة المثلى في المنطقة، بصفر خﻼ‌ف و صفر مشاكل، و كأنها عﻼ‌قة بين تاجرين أمينين، رغم موقف اﻷ‌ولى من النظام في سوريا، و موقف هذا اﻷ‌خير الشديد العنف من قطر، أي الحاضنة الجديدة ل"حماس"، و كأن اﻷ‌مور تسير في اتجاه رسم خريطة تحالفات مموهة، تبقي دائما على وسيط ثابث، بين اقصى أطراف التناقض ! من ايران الى تركيا الى قطر ! بين سوريا و لبنان و حماس، و "بورديل عباس" لكل كلب حبل يبقيه مربوطا الى اﻵ‌خر، قافزا على سياج اﻻ‌يديولوجيا ، و اسﻼ‌كه المكهربة!
"ايران"، هنا، و بعد استكمال هذه التوليفة العجيبة، و نضوج "طبخة البيت اﻷ‌بيض" للخراب الشامل، شرعت في التنفيذ بعد تلقي الضوء اﻷ‌خضر من وكﻼ‌ء "منظومة النخاسة العالمية" ..فكان أول استهداف ﻻ‌سرائيل صريح في شكله، مبهم في غاياته و اهدافه، بحكم أن اﻻ‌مور كانت هادئة بهذا اﻻ‌تجاه خصوصا، بارسال "درون"، الى سماء اسرائيل، مع أول ساعات يوم العطلة المقدس في اسرائيل، أي السبت، فيما يخالف حتى تصريحا سابقا للرئيس اﻻ‌يراني، " روحاني"، عن حرمة مهاجمة اسرائيل يوم السبت، في معرض كلمة تهنئة لليهود في ايران بأحد أعيادهم !
الدراما بدأت هنا، فقط بدأت، حيث ستقوم وسائط الدفاع الجوي الروسية باسقاط اول مقاتلة اف16، اسرائيلية ! تاركة الباب مفتوحا على العاب خطيرة، و بهلوانيات متعددة اﻷ‌قطاب و الجنسيات فوق سماء سوريا، و على حدود الجوﻻ‌ن، حيث سيتم، و ﻷ‌ول مرة، اطﻼ‌ق النار من داخل اﻷ‌راضي السورية على "ارض الجوﻻ‌ن"، قبل أشهر من اعتراف ترامب بها، اراض شرعية لدولة اسرائيل! و سيتم، اسقاط أو سقوط "ايليوشن"، الروسية، بطريقة خرافية ! لدرحة أن حتى وزارة الدفاع الروسية، لم تقتنع بما قالته بخصوص الواقعة،( و هو فقط نقل حرفي لبﻼ‌غ صادر عن "البانتاغون")، جاء بعد مجموعة بﻼ‌غات متضاربة و متخبطة لوزارة الدفاع الروسية .. واقعة فرضت مزيدا من القيود على تحركات "الطيران اﻻ‌سرائيلي"، في سوريا، و زادت من غل ايتام "سطالين" في هيئة اﻻ‌ركان الروسية لدرجة الدفع نحو مزيد من التقارب مع ايران و "خيمة" عباس .. ! و البقية معلومة للجميع !
ان استقالة "افيدور ليبرمان"، ﻻ‌ تفهم خارج هذا السياق، خصوصا و أن اﻷ‌مر لم يعد مقتصرا على هيبة "اسرائيل"، أو عربدة جيش الدفاع و ردوده الحازمة القاسية على اﻷ‌قل، بل إن الوهن الذي اصاب هياكل "الدولة"، و شرع في نخر مؤسسة "جيش الدفاع"، تحول الى سخط شعبي استيطاني في تطور غير مسبوق ! دفع بسكان المستوطنات المحاذية ل"غزة"، بالخروج في مظاهرات عنيفة للمطالبة برد حاسم على "هجمات حماس" ! و هو ما لم ينقله اﻻ‌عﻼ‌م السردابي العربي ! و قد كانت تلك المظاهرات التي شهدت اعمال تخريب و حرق لﻼ‌طارات، السبب المباشر في اسراع "ليبيرمان"، بالهروب من سفينة ب"ربان مشلول"، مكبل من جميع الجهات !! 
ان السبب الخفي وراء المﻼ‌حقات القضائية و الملفات التي تقيد كل حركات و سكنات "نتنياهو"، ليس مقتصرا فقط على حرب التحالفات في اﻻ‌نتخابات التي تعاد للمرة الثالثة، كما أن أي بديل لن يقوم بغير اعادة نفس "الشخص"، وفق الخطوط العريضة، بطرق قد تكون هزلية او بئيسة ! أي أن مقصلة القضاء هنا عديمة الجدوى، بحكم أن الرجل وصل مرحلة "الموت السياسي"، و التفسخ "الوجودي"، كأحد ايقونات حزب الليكود !
ان السبب الوجيه، الذي يجعل اﻷ‌مور تبدو على ما هو عليه من تعقيد و هﻼ‌مية و غموض، هو الموقف من "ايران"، ليس موقف الوﻻ‌يات المتحدة، أو موقف اسرائيل، بل موقف "نتنياهو"، من "الوﻻ‌يات المتحدة"، و اتفاقها النووي مع ايران، حيث كان منذ البداية من اشرس المعارضين له، و ﻻ‌دارة "اوباما"، لدرجة أن سمع العالم على المباشر، الرئيس اوباما يسب و يلعن "نتنياهو"، متناسيا أن الميكروفون مفتوح..، و ذلك في خضم اﻻ‌جتماعات التي سبقت اقرار اﻻ‌تفاق النووي مع ايران. 
موقف "نتنياهو" هنا، لم يكن فقط معارضا لرؤية "الرئيس"، أو ﻻ‌دارة الديمقراطيين فحسب، بل كان مناقضا لتوجه الوﻻ‌يات المتحدة عموما، علما أن القرارات الكبرى تتجاوز ارادة رئيس أو ادارة ! بل هي مرتبطة أساسا بتقارير "البنتاغون"، و باقي مؤسسات التخطيط و اﻻ‌ستشراف. "نتنياهو" هنا ركب الموجة الخطأ، أو لم يكن لديه ما يكفي من بعد النظر، لقرائة الفخ اﻷ‌مريكي كما يجب، فانساق وراء عقيدته اليمينية اﻻ‌ستئصالية بضمان مراكز النفوذ و الضغط التي غيرت جلدها بشكل دراماتيكي، بعد وصول "ترامب" الى السلطة، و معه آخر مراحل مخطط غير معلن اسمه "زفة التاريخ"، و آخر مراحله، "صفقة القرن".

ان انسحاب اﻻ‌دارة اﻻ‌مريكية في عهد "ترامب"، من اﻻ‌تفاق النووي، ليس كما يرى البعض، مكسبا ﻻ‌سرائيل، كما يصرخ "نتنياهو"، و هو الغريق الباحث عن أي لوح خشبي يعزز طفوه المؤقت ! انه آخر قيد تجردت منه "ايران"، أو كسرته الوﻻ‌يات المتحدة، الى جانب "تصفية سليماني"، و فرض عقوبات خانقة، بهدف ايقاظ "الوحش" اﻻ‌يراني، و دفعه الى مرحلة الﻼ‌عودة في أي وقت دعت الحاجة الى ذلك، و ذلك ﻻ‌رغام دول الجوار بما في ذلك "اسرائيل"، على القبول بمخرجات صفقة القرن، و مداخلها اﻷ‌ساسية، أي في المجمل، قبول الجميع بخطة السﻼ‌م المزعومة، أو "زفة التاريخ" ! وﻻ‌ يمكن أن يصدق عاقل، بأي حال من اﻷ‌حوال، أن أمريكا جادة في أي من تحركاتها اﻷ‌خيرة ضد "ايران"، كيف و رائحة الهزل و اﻻ‌ستغباء تفوح من جميع تفاصيلها، بما في ذلك تعليق ترامب على الرد اﻻ‌يراني بعد مقتل "سليماني"، و الذي خلف اصابات لم يعلن عنها اﻻ‌ مؤخرا.. ( كل شيئ على ما يرام) !! نعم، في عرف النخاسين الجدد، كل شيئ على مايرام .. دائما !
يمكن التأكيد على أن "اﻻ‌تفاق النووي" مع ايران، في عهد اﻻ‌دارة السابقة، كان مرحلة من سلسلة مخطط كبير، يستهدف لجم قوى و استعداء اخرى، و ابتزاز ما يمكن ابتزازه من آبار النفط! و اﻷ‌هم أنه كان مخططا رهيبا، من حيث طبقات التمويه المحيطة به، من استرضاء ايران، الى حلب الخليج، و خلخلة آخر بنيات التقليد و المحافظة داخله، الى اطﻼ‌ق العنان..،
لدولة مارقة، بنظام مأزوم، بعد أن استكملت في غفلة من الجميع، برنامجا آخر، هو زرع "مفاعﻼ‌ت" التخريب و الفوضى، في أكثر من مكان ! و اﻷ‌خطر هو تغاضي اﻻ‌دارة اﻷ‌مريكية، و دعم "الروس"، أو على اﻷ‌قل غضهم للبصر امام تغول ايران في سوريا، و تغول سوريا في روسيا نفسها، حيث صارت هذه اﻷ‌خيرة مجبرة على تحمل جثة نظام و بقايا دولة، ﻻ‌ أحد يريدهما ! ربما تطرحهما في مزاد علني آخر .. في صفقة أخرى، بعد اﻻ‌نتهاء من "صفقة ترامب".
هنا ﻻ‌ نستغرب، كون النزاع بقي مقتصرا على "اسرائيل"، أي أن صفقة القرن بكل ما تحمل من تفاصيل و وعود، فهي بعد جرف آخر تركات العبث "الليكودي" لما بعد "اوسلو"، ستشرع في مأسسة نوع أخطر من العبث، هو مشروع معتقل "نازي كبير"، لن يسلم من نيران خشبه الدنس احد، باستثناء مجمع القرود في اليسار اليهودي، و حثاﻻ‌ت اليمين المأجور لدى دوائر النخاسة العليا، في موسكو، و واشنطن على حد سواء !
كيف يهرول "نتنياهو"، و "بيني غانتس"، الى واشنطن للقاء ترامب، كل على حدة ؟ و كأنهما طرفا النزاع الفعليين، و هما كذلك فعﻼ‌ ؟!. 

اﻷ‌ول مﻼ‌حق من طرف "القضاء"، و الثاني يﻼ‌حقه "القدر".. و القدر هنا متأرجح بين .. مصير نتنياهو نفسه، رابين، أو شارون !


الموقف الأوروبي .

*
ماذا تعني خطة الوﻻ‌يات المتحدة المعنونة ب "صفقة القرن" لﻸ‌وروبيين ؟ 
يمكن اعتبار الموقف اﻷ‌وروبي، تحصيل حاصل، لسبب رئيس يتمثل في اﻻ‌نسحاب التدريجي الذي بدأته دول أوروبا الرئيسية من منطقة الشرق اﻷ‌وسط، و بالذات بعد فترة ما سمي ب "الربيع العربي". 
بل نجد في المجمل، أن الموقف اﻷ‌وروبي، و منذ عقود، لم يكن إﻻ‌ صدى خافتا للموقف اﻷ‌مريكي، و البريطاني حتى، في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، و الحرب الباردة، أي أنه كان خاضعا لﻼ‌ستقطاب الثنائي السائد منذ ذلك الحين، رغم بعض التباينات و اﻻ‌ختﻼ‌فات و التحفظات، و تلك التفاصيل "الدقيقة"، التي لم يكن المناخ السائد آنذاك يسمح بإثارتها، أو حتى تضمينها مع مواقف من أزمات كبرى، أو قضايا نزاع شائك بما يمكن له أن يترك فراغا يخل بمعادلة "القطبين المتنافرين"، و التي كانت شبه متعادلة اﻷ‌طراف.
نجد أنه في غمرة الصعود "الناصري"، و بالضبط لحظة هزيمة 67، و ما تﻼ‌ها، كانت المواقف من "الحرب" بين مصر و اسرائيل، في اتجاه واضح ﻻ‌ غبار عليه، أﻻ‌ و هو اﻻ‌صطفاف الكامل الى جانب اسرائيل و الوﻻ‌يات المتحدة، ضد مصر المدعومة لوجيستيكيا و عسكريا من قبل "الروس"، و بما يمثل أيضا، ذلك الدعم، اﻻ‌متداد "اﻻ‌يديولوجي"، لﻼ‌تحاد السوفياتي..، و منفذا صريحا، فسيحا، لتوسيع ذلك النفوذ السياسي و اﻻ‌قتصادي، فيما يشبه بل يطابق الدعم الروسي اﻵ‌ن، للنظام في سوريا، و قبله نظام "القذافي" في ليبيا ، بكيفية أقل إن لم نقل باهتة جدا.
يمكننا اعتمادا على هذا المنطلق "الجيوستراتيجي"، فهم الخطوط العريضة للموقف اﻷ‌وروبي، بخصوص أزمات الشرق اﻷ‌وسط و صراعاته التي ﻻ‌ تنتهي، حيث يمكننا تحديد المعيار اﻷ‌برز الذي ميز هذا التعاطي، بعيدا عن مطبات "التحالفات" الواهمة،
أو المصالح المتغيرة.
هل يمكن اعتبار الموقف اﻷ‌وروبي، نتاج اجماع "مصلحي"، في تقاطعه مع مصالح الوﻻ‌يات المتحدة و بريطانيا، أم خاضعا للتبعية، لصالح القوة العظمى المتكاملة مصلحيا، معخ هذا اﻻ‌تحاد ؟
هنا بالضبط نصل لضرورة اعادة رسم "خريطة اﻻ‌ستقطابات"، وفق منهج آخر، ﻻ‌ يلغي كليا، "الثنائية القطبية"، التي قيل بأن التاريخ دفنها في سيره الحثيث نحو "العولمة الشاملة"، و تفتيت البنى القديمة التي تولدت عن الحرب العالمية الثانية في تفرعاتها، اﻻ‌يديولوجية و السياسية و اﻻ‌قتصادية، و حتى الجيوستراتيجية! و أيضا، منهج يلجم قليﻼ‌، اكذوبة "القطب الوحيد"، في ظل تصاعد نوع آخر من "الثنائية القطبية"، نستطيع تسميته "القطبية المعولمة"، و هي شكل آخر من أشكال التناقض و التضارب بين المصالح الكبرى لقوى اﻻ‌ستحواذ و اﻻ‌ستغﻼ‌ل، يتشكل و يتطور بشكل يصعب على الرصد، و التفكيك ! و هو ما سماه ربما، ذ."طيب تيزيني"، بنطاق "اﻻ‌ستباحة الشاملة"، أو مرحلة "ما بعد العولمة"، و القوة العظمى الوحيدة التي ستشرع في تفكيك و اعادة توزيع أطيافها، على مدى أوسع من البؤر ! لضمان اﻻ‌ستمرارية و الفعالية.

أوروبا، أو دول اﻻ‌تحاد اﻻ‌وروبي، تجد نفسها وسط هذا الزخم العولمي، شبه متجاوزة، بل تائهة بين منطق اﻻ‌ستقطاب القديم، و اﻻ‌ستقطاب الناشئ، و طفرات عصر ما بعد العولمة! فإذا كان لنهاية اﻻ‌ستقطاب القديم، دور في تعزيز الحضور اﻷ‌وروبي، ضمن معادﻻ‌ت اﻻ‌قتصاد اﻻ‌مبريالي العالمي باعتباره رديفا للوﻻ‌يات المتحدة، أو قمرها الهجين "ساتيﻼ‌يت"، فإن تردي بنيات اﻻ‌ستقطاب الجديد لما بعد نهاية الحرب الباردة، سيكون له القدر اﻻ‌كبر من اﻻ‌نعكاس عليه لسببين رئيسيين ! 
أولهما عدم مركزة القرار و النفوذ، في بؤرة واحدة، باعتبار أننا نتحدث عن مجموعة من الدول،
رغم اقرار العملة الموحدة و مجموعة من القوانين و البروتوكوﻻ‌ت الموحدة لهذا التكتل!
و ثاني هذه اﻷ‌سباب، عدم استقرار القرار السياسي و اﻻ‌قتصادي داخل القطر الواحد، حيث تتداخل المتغيرات الخارجية و تتفاعل لفرض معادﻻ‌ت جديدة في اﻻ‌قتصاد، و تفريخ تيارات سياسية جديدة بالتوازي مع المناخ العام السائد.
و استنادا الى هذا الواقع، فقد كان لﻼ‌تحاد اﻷ‌وروبي أن يتحمل النصيب اﻷ‌كبر من تبعات و أضرار التحوﻻ‌ت العالمية الكبرى، خصوصا خﻼ‌ل العقود الثﻼ‌ثة اﻷ‌خيرة،عكس الوﻻ‌يات المتحدة التي تستطيع اعادة توزيع أزماتها، بفعل بنياتها اﻻ‌قتصادية الصلبة و المتماسكة.
هنا نﻼ‌حظ، كيف أن اﻷ‌زمة التي ترخي بظﻼ‌لها على اﻻ‌تحاد اﻷ‌وروبي، لم تقف عند تقلص و تراجع فعله على الساحة اﻻ‌قتصادية العالمية فحسب، أو على حضوره، الفعلي و الفاعل، في دائرة الصراعات و اﻷ‌زمات الخارجية، بامتداداتها "المصلحية"،.الهزيلة، أو البعيدة المدى من حيث المردود، بل طالت حتى الجانب اﻻ‌جتماعي، و بعنف ملحوظ في بعض الحاﻻ‌ت المستجدة، أي أن تبعات اﻷ‌زمة البنيوية امتدت الى آخر "قﻼ‌ع المقاومة"، في بنى اﻻ‌تحاد اﻻ‌وروبي، أو الثقافة الغربية التي تولي اﻷ‌همية القصوى ل "المواطن"، أو ترفع شعار "المواطن أوﻻ‌" !
هنا نفهم، الى جانب الدوافع اﻻ‌قتصادية، الجانب اﻵ‌خر من "البريكسيت"،.أي تلك الرغبة في اﻻ‌نسﻼ‌خ عن جلد مهترئ، و اﻻ‌بتعاد عن جسد عليل، يصنعان صورة اﻻ‌تحاد اﻻ‌وروبي، في وضعه المأزوم داخليا، و الضعيف خارجيا.
يمكن من خﻼ‌ل الواقع نفسه، فهم التصريحات اﻷ‌خيرة، للرئيس الفرنسي، بخصوص حلف "الناتو"، و "موته الدماغي"، بمنطق اﻻ‌سقاط، أو اﻻ‌سقاط المباشر في هذه الحالة، و كذا الهرولة الفرنسية نحو الصين، باتفاقيات و شراكات اقتصادية غير مسبوقة، الى جانب الغزل مع الروس، و الذي يظل في اتجاه معين ذا أبعاد رمزية و جيوستراتيجية، أكثر منه توجها نحو بديل اقتصادي فعال و ناجع. و يمكن في هذا الباب ايضا، اتخاذ الحالة الفرنسية كنموذج للقياس، بخصوص باقي دول اﻻ‌تحاد اﻷ‌وروبي، و ان بدرجات مختلفة من التأثر و التفاعل مع الواقع العالمي الجديد لمنظومة "الميغا امبريالية". دائما وفق اﻻ‌ستقطاب القائم، بين روسيا و الصين من جهة، و الوﻻ‌يات المتحدة من جهة أخرى ! 

إن الموقف اﻻ‌وروبي على هذه اﻷ‌سس، لن يأخذ كثيرا بعين اﻻ‌عتبار "أوهام" التجييش المضاد، لصالح "الفلسطينيين"، كما يحاول كثير من المحللين و المراقبين تمرير هذه المغالطة السياسوية المؤدلجة السافرة، كما أن "أبواق الدعاية" الجديدة الناشئة، و الملحوظة فعﻼ‌ بشكل مريب، في هذا الباب، ليس مردها بالقطع صحوة ضمير فجائية تمخضت عن وعي انساني أو ثقافي ناشئ عبر سيرورة أو مراحل، بل إنه نتاج مباشر لحمﻼ‌ت "ايديولوجية"، تنتشر بشكل متصاعد مطرد و تصاعد منحى اﻷ‌زمة البنيوية، و بين أوساط الفكر و الفن و الثقافة نفسها التي سئمت "الصهيونية" نفسها من خدماتها على مدى السنوات و العقود اﻷ‌خيرة .. أي أننا لسنا بصدد نمط من الوعي الذي ينتج ايديولوجيا معينة، بل بصدد اﻷ‌زمة التي تنتج نمط وعي معين، يفرض أو يحبذ تبني تلك اﻻ‌يديولوجيا، و هو ما يعرف ب "ايديولوجيا اﻷ‌زمة" ! و هي تجارة مربحة أكثر من اﻷ‌ولى، خصوصا في بلدان لها وزن و حضور يشارك الفرد في صناعتهما .. أي متلقي اﻻ‌يديولوجيا .
إن الموقف الغربي، و إن كان خارجا عن المألوف في تماهيه مع التوجه اﻷ‌مريكي، و الطاعة العمياء لساسة تل أبيب، و مجموعات الضغط، سواء في واشنطن او موسكو أو أوروبا نفسها، فلن يكون إﻻ‌ تطبيقا حرفيا لمقتضيات "الصفقة" نفسها !! ذلك أن الصفقة تحتاج من حين ﻵ‌خر، لصب قليل من الزيت على النار..

بينما، تحتاج دول اﻻ‌تحاد اﻷ‌وروبي، ﻻ‌ستعادة شيئ من "المعنى الوجودي"، الذي بدونه ﻻ‌ يتم تفعيل أي سياسة كبرى، أو احداث تلك الحركة العنيفة في التاريخ، للخروج من اﻷ‌زمة البنيوية الخانقة، و حالة الركود و الﻼ‌جدوى المطبقتين على أرداف القارة العجوز .. ولو بفقدان آخر معنى "وجداني"، أو "وجودي" في معناه المثالي السامي ! 


ختاما ..
"أوروبا، في جميع الحاﻻ‌ت، عائدة الى اﻻ‌نحطاط" !! .. كما توقع "هيجل"
*

الموقف العربي ..
*
عندما نتحدث عن الموقف العربي مما صار يعرف على أرض الواقع ب"صفقة القرن"، فنحن بصدد الحديث عما يشبه "جسدا شبه ميت"، يتفاعل من حين ﻵ‌خر مع صدمات التاريخ القوية فقط، من باب ما يسمى في علم التشريح ب "اﻻ‌نعكاس العصبي الحسي"، و هو بالضبط ما يحدث عندما يتم صعق قطعة معزولة، أو جسم ميت بأكمله، لفأر تجارب أو أي عينة تجريبية أخرى بالكهرباء !

فاﻻ‌نعكاس "العصبي الحسي" هنا، يمثل "ردود اﻻ‌فعال" المتأخرة، و ليس المواقف بكافة أشكالها، قارة كانت أم متحولة ! 
ردود اﻷ‌فعال هذه، التي تتواصل بشكل مكرور و مكروه، باهت، بصيغة موحدة منزلة و هامش ابتداع ضيق جدا، يراد لها أن تعيد صياغة شيئ سيسمى اعﻼ‌ميا و سياسيا و ديبلوماسيا، ب "الموقف" العربي، من صفقة القرن !

ما يسمى بالموقف العربي، من صفقة القرن، كما تعبر عنه، البيانات الرسمية، التصريحات المسؤولة، القرارات و اﻻ‌جرائات و التدابير ( افتراضا) ، هو في أصله "رد فعل"، و ليس "موقفا" !
أي أنه موقف من "اﻻ‌عﻼ‌ن عن الصفقة"، وليس موقفا من "الصفقة"، و هذه مغالطة يتم الترويج لها بدهاء و خبث شديدين، في خضم أجواء اليأس و الحنق و الغضب السائدة ! 

فيما يخص المفاضلة، بين "رد الفعل" كطارئ أو مستجد، و "الموقف" كأصل ثابث قابل للتغير بطبيعة الحال ، فﻼ‌ وجود لفارق اجرائي كبير، أو "مردود" معين يفيد في التمييز بين المستويين، سواء من حيث القيمة على أرض الواقع، أو من حيث القيمة السياسية، كمدخل نحو سياسة الواقع ، و التأثير على أرض الواقع، نحن نتحدث في كلتا الحالتين عن "كﻼ‌م"، ﻻ‌ يلزم حتى قائليه، باعتبارهم مجرد أدوات منتهية الصﻼ‌حية ! أو عروشا على كف عفريت .
لكن، بالعودة ل"ردود اﻷ‌فعال"، التي يراد لها أن تظهر كمواقف، سنﻼ‌حظ أنها جائت في صيغة شبه موحدة، 

مذيلة بجملة أو اثنتين تعكسان نوعا من "التمايز" بين ذلك النظام أو ذاك، بما في ذلك البيان الرسمي القطري الذي جاء "صادما"، للبعض، حيث تبنى نفس الصيغة الشبه موحدة، مع اضافات بﻼ‌غية غير مقنعة حتى في هذا الباب، أي استهﻼ‌ك الكﻼ‌م !

نجد أن مصر، السعودية، البحرين و اﻻ‌مارات، أي الدول المشاركة فعليا في تشكيل الهياكل التفعيلية اﻻ‌فتراضية لهذه الصفقة، و بالتالي صياغة بنودها و تفاصيلها على الورق، اكتفت بنفس الكﻼ‌م تقريبا، بل و ابتعدت عن كل ما يمكن أن يفهم ك "رد فعل" على خطة معينة، على حساب "الموقف"، منها، و من أطرافها الثﻼ‌ث الواضحة ! و هنا تكمن "الحبكة" اﻷ‌مريكية، أو التخطيط على مستوى آخر جد متقدم، يستهدف أنماط الوعي و تمثﻼ‌ت العامل السيكولوجي لدى الكائن العربي في حالة الخدر و الهزيمة و اﻻ‌نبطاح، و اﻷ‌نظمة في حالة اﻻ‌فﻼ‌س و التخبط الشديدين .. 

أي أن "رد الفعل" العربي الرسمي، ﻻ‌ يجب أن يرى كموقف يعبر عنه -لحظيا- نظام أو أكثر- من حدث طارئ، بل كموقف متجذر متأصل في صيغته الفضفاضة التي دأبت اﻻ‌نظمة على اخراجها و اجترارها .. لدرئ الحرج !

و هنا نتحدث عن الجانب اﻻ‌جرائي، أو التنفيذي، حيث يظل لزاما على هذه اﻷ‌نظمة، و مؤسساتها الرسمية المباشرة و الغير مباشرة، الحفاظ على قليل من "الموقف/الﻼ‌موقف" .. بعيدا عن "ردود اﻻ‌فعال" التي لن تكون اﻻ‌ تجسيدا لواقع "الجثة" العربية، في وضعها المهين، المهزوم، و منظرها و هي تتجاوب مع الصدمات وفق والمبدأ العلمي الذي عرجنا عليه في البداية، وهو
"اﻻ‌نعكاس العصبي الحسي"..*



كخلاصة تركيبية،
صفقة القرن"، هنا، ﻻ‌ تعني اﻻ‌، كنس بقايا سلطتي فتح و حماس، و الشروع في تصفية الدولة اليهودية، ليحل مكانها الخراب الشامل ! و حكم "النخاسين الجدد" !!_____________________




(*)
_ العناوين الثلاث الرئيسية، هي لمواضيع سبق نشرها هنا بشكل متفرق ، و هي موجودة على "الموقع الفرعي"، بالتسلسل الذي وردت عليه هنا .



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة القرن .. الموقف العربي
- تراجيديا -عبرانية -
- صفقة القرن .. الموقف الأوروبي
- صفقة القرن .. عصفوران في اليد، خير من عشرة فوق الشجرة !!
- صفقة القرن و ترامب .. عصفوران في اليد ، خير من عشرة فوق الشج ...
- كورونا .. بين البيولوجيا و الايديولوجيا ..
- -صفقة القرن- من جديد
- فرنسا ، الكنيسة، و -النخاسون الجدد-
- العدل، بين الغاية .. و القيمة !
- كلمة مختصرة لابد منها، بخصوص ما يسمى ب -لجنة النموذج التنموي ...
- العالم العربي .. بين التوغل في التيه و تغول الأزمة البنيوية ...
- عن -الزواج - .. و الزواج مع الأتراك
- فارغ / احاطة عاجلة !
- وزير الدفاع السعودي يلتقي العميد طارق محمد صالح
- ماذا بعد مقتل -قاسم سليماني- ؟
- بين -رهاب الذات-، و -اغتراب الواقع- ..
- حول تصريحات الشيخ -الفيزازي- الأخيرة ..
- ايران و قطر .. غلمان و غلمان ..
- على هامش اقالة/ استقالة -جون بولتون-
- -حسن و اسرائيل .. تأملات جينيالوجية ..


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - صفقة القرن..أهم السياقات و الأهداف و المراحل